الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الذات الرئاسية : حسني مبارك نموذجاَ

عبد اللطيف المنيّر

2007 / 9 / 17
كتابات ساخرة


لم تعد صحة الريّس حسني مبارك أو مرضه هي المشكلة في إدراجها ضمن الأخبار اليومية، إنما المشكلة لها بعد ثالث، وهي تنحصر اليوم في مفهومنا للذات الرئاسية والتحريم الرسمي بالمسّ بألوهيتها.

ليس على الريّس بالطبع حرج في اعتقال وسجن رؤساء تحرير صحف عُرفت بالنزاهة وصحوة الضمير المهني – ضمير الصحافي الذي لا يباع ولا يشترى!. ذنب هؤلاء الصحافيين الأوحد هو أنهم كتبوا عن مرض رئيسهم، متناسين أن رؤساءنا لا يمرضون " ما بيعيوش" ، وأن لهم خاصية أنصاف الآلهة، فهم خالدون، ولهم ملكوت الأرض، ولا يكبرون ولا يهرمون، ولهم الولاء، وكلنا بالأرواح نفديهم، وإن غيبتهم الطبيعة، فهم أحياء عند شعبهم يرزقون.

أربعة من رؤساء التحرير المصريين ممن يغرّدون خارج سرب المدّاحين والمنتفعين والمرتزقة، لم تشفع لهم سمعتهم الصحافية الشفيفة ونزاهتهم الإعلامية، فكان مصيرهم غياهب السجون!. فالويل والسبور لمن تلفّظ أو كتب أو حتى خط سطرا عن حالة الريّس الصحية، فهم بذلك ينزلون الريّس إلى المراتب البشرية الدنيا، ويضعونه بمنزلة توازي منزلة المستضعفين من رعيته، ويجردونه من خواص الألوهية التي يتمتع دون العالمين بها، ويخرجونه من هالة كهنوت الرئاسة، ويدخلونه دائرة الخبر العادي في صحفهم اليومية.

كيف يجرؤون وهوالريّس ليس كمثله بشر، ولا ينطق عن الهوى، ولولا أنه يلد وله ولد لكان
أوزيروس بعينه متبخترا على أرض مصر القرن العشرين! هوإله الخصب، الأول في الدخول على عروس النيل قبل عريسها، وهوالذي يهب أولاده فداءاٌ للأمة ليكونوا رؤساء من بعده، و يطلق العنان لذريّته في جني المال، سرا وعلانية، من أجل بناء هذا البلد العتيد وتأمين الرفاه لشعبه الذي اختاره ليكون ولي أمره ورئيسه وسيد قراره إلى أبد الآبدين.

الشعب، الصحافة والإعلام المرئي والمسموع، الأسواق والمتاجر، المزارع وكل الأراضي الأخضر منها واليابس، مياه الأنهار والجداول، وكل ما على الأرض وما بباطنها كان قد تيسّر له من إرث أبيه المسجل في أوراق رسمية!.

هو الريس الذي يحي ويميت، اللهم رضّه عنا ورضّنا به، وأكمم أفواه من يطالونه بالكلام الباطل عن وضعه الصحي، ومرّضنا واشفيه، وخذ من عمرنا وضعه في عمر الريّس.

اللهم خفف من غضبه علينا ولا تجعلنا من الجاحدين لنعمه، وانصره على الصحافة والصحافين ورؤساء التحرير، يا قدير!.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. فلاشلايت... ما الفرق بين المسرح والسينما والستاند أب؟


.. -بيروت اند بيوند- : مشروع تجاوز حدود لبنان في دعم الموسيقى ا




.. صباح العربية | الفنان السعودي سعود أحمد يكشف سر حبه للراحل ط


.. فيلم تسجيلي عن مجمع هاير مصر للصناعات الإلكترونية




.. جبهة الخلاص الوطني تصف الانتخابات الرئاسية بالمسرحية في تونس