الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


العنف والحق الطبيعي (2)

عصام عبدالله

2007 / 9 / 17
مواضيع وابحاث سياسية


تلك هي حالة الطبيعة كما يتصورها هوبز ، كل انسان فيها لا يضع في اعتباره الا مصلحته الخاصة ومنفعته الشخصية فحسب ولو كان هذا علي حساب الآخرين . ولأن طبيعة الانسان ثابتة لا تتغير عنده ، والروح العدوانية كامنة في أعماقه وان ظهر علي السطح شيئا آخرفإن حالة الحرب تكون خفية مستترة وليست علنية ظاهرة ، أو قل انها موجودة بالقوة بلغة أرسطو ، تتحين الفرصة لتكون بالفعل ، وهوبز يشبهها بالطبيعة والظواهر الطبيعية ، يقول : " كما ان طبيعة الجو الردئ لا تتمثل في نزول المطر مرة أو مرتين بل في استمرار تلبد الغيوم لعدة أيام علي التوالي ، كذلك لا تنحصر طبيعة الحرب في قيام معارك فعلية وانما في استمرار الروح العدائية التي تقضي علي كل ثقة في إمكان قيام حالة السلم " .
لكن ما هي أسباب الصراع أو الحرب في حالة الطبيعة ؟ .. تدشن إجابة هوبز عن هذا السؤال فكرة جديدة سيتم أستخدامها وتدويلها وتطويرها مع معظم الفلاسفة الذين جاءوا بعده ، من روسو وكانط ونيتشه إلي رينيه جيرار وإريك جانس وبيير بورديو مرورا ببول ريكور وحنه أرندت وفرانز فانون وغيرهم ، هذه الفكرة بإختصار هي : " المساواة " في القدرة الطبيعية ، وفي توقع إشباع الرغبات ، أوالمساواة في الأمل في الوقت نفسه .
طالما ان الكل يتساوي في القدرة الطبيعية علي تحصيل القوة ، وفي ممارسة حقه الطبيعي ، وطالما ان لدي الكل نفس الأمل في تحقيق الأهداف ، ولديه نفس الرغبات ، سيحدث الصراع لا محالة .
يقول : " المساواة في القدرة تنشأ المساواة في الأمل ، في بلوغ الأهداف ، ومن ثم فاذا رغب شخصان في شئ واحد وليس في الامكان ان يحصلا عليه معا ، فانهما يتحولان بالضرورة الي عدوين .."
غير انه توجد أسباب أخري تؤدي الي الصراع و ( العنف ) : " السبب الأول هو المنافسة – competition وتكون من أجل الكسب ، والثاني هو انعدام الثقة – Diffidence ويكون من أجل الأمن ، والسبب الثالث هو المجد – Glory ويكون من أجل الشهرة أو المكانة "
ويبدو أن هوبز هو أول من صك مفهوم " الأستباق " سواء في الصراع أو في الحرب .... ذلك لانه : " بسبب انعدام الثقة بين كل فرد وآخر ، فلا توجد طريقة يضمن بها حياته أو يحمي نفسه سوي الاستباق ، أي أن يحاول كل فرد السيطرة علي الآخرين بقدر ما يستطيع ، إما بالقوة أو بالخديعة ، طالما لا توجد هناك قوة كافية تبث الرعب في قلوب الجميع وتقوم بحمايته "
ويشير هوبز الي غياب العدل والظلم في حالة الحرب الطبيعية ، أو قل انه حيثما لايوجد قانون ، فانه ينتفي معني الظلم والعدل معا : " في حالة حرب كل انسان ضد كل انسان آخر هناك أيضا نتيجة أخري هي انه لا وجود للظلم ، إذ لا مجال هنا لأفكار الصواب والخظأ ، أو العدل والظلم ، فحيثما لا توجد قوة عامة لا يوجد قانون ، وحيثما لا يوجد قانون لا يوجد ظلم ، وإنما تكون القوة والخديعة هما الفضيلتان الرئيسيتان ."
السؤال هو : كيف يخرج الانسان من حالة الحرب الطبيعية ؟
يقول : " تتمثل إمكانية الخروج من الحالة الطبيعية المحضة ، في العواطف من ناحية والعقل من ناحية أخري . أما العواطف التي تحث الناس علي السلام فهي الخوف من الموت ، والرغبة في تلك الأشياء التي هي ضرورية للحياة والأمل في الحصول عليها . أما العقل فانه يقترح تصورات ملائمة للسلام يمكن للناس ان يتفقوا بشأنها وهذه التصورات يمكن تسميتها بقوانين الطبيعة – Lwa of nature .
وقانون الطبيعة عنده هو " فكرة أو قاعدة عامة يكشفها العقل ليمنع بها المرء من أن يعمل ما فيه دمار لحياته ، أو ما ينتزع وسائل المحافظة علي الحياة وان يستبعد ما يعتقد انه في الامكان عمله من أجل هذه المحافظة علي أكما وجه . "
ان الخوف المشترك بين الجميع هو أساس التعاقد ، فالخضوع للعقد يرجع الي خوف الناس بعضهم من بعض .
بيد ان "الحق الطبيعي"، يختلف عن قانون الطبيعة أو "القانون الطبيعي" عنده ، من هنا سعي " هوبز " الي التمييز بينهما بدقة ، يقول : أنا لا أعني بكلمة "الحق" Right - ، شيئاً آخر سوى الحرية الممنوحة لكل إنسان لكي يستخدم قدراته الطبيعية طبقاً للعقل السليم. ومن ثم فإن الأساس الذي يرتكز عليه الحق الطبيعي هو التالي: كل إنسان لديه القدرة والجهد لحماية حياته وأعضائه. وما دام لكل إنسان الحق في البقاء فلابد أن يمنح أيضاً حق استخدام الوسائل، أعني أن يفعل أي شيء، بدونه لا يمكن أن يبقى.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. النموذج الأولي لأودي -إي ترون جي تي- تحت المجهر | عالم السرع


.. صانعة المحتوى إيمان صبحي: أنا استخدم قناتي للتوعية الاجتماعي




.. #متداول ..للحظة فقدان سائقة السيطرة على شاحنة بعد نشر لقطات


.. مراسل الجزيرة: قوات الاحتلال الإسرائيلي تكثف غاراتها على مخي




.. -راحوا الغوالي يما-.. أم مصابة تودع نجليها الشهيدين في قطاع