الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


مجداً لك يا عازف الساكسيفون

خليل زينل

2003 / 10 / 20
الادب والفن


 

      من شقاء الفقر و الحرمان ولد بكراً .. كلحنً شاردً في ليل الشجن ولد في حي العدامة بين أطلالاً  تضللها بالكاد سعف النخيل .. في يوماً قائضاً  جداً وحيث تفتقد سُبل الحياة و كسرة الخبز عسيرة المنال ولد .
      في طفولته كان يغفو في الليالي المقمرات بجلد بطنة الخاوي ، يؤرقه هذ الليل الطويل ..  ليل الاستعمار و الاستغلال حيث لا يغفو ..  ختم القرآن الكريم و أجاد التجويد ، درس في مدرسة القضيبية و تخرج بأمتياز الأول مكرر .. ألف أول منلوج غنائي و هو في سنين الصبا الأولى ليبدأ برعم الموسيقى ينمو و يحفر في روحه الوثابة .. من مدرسة بابكو للتدريب المهني " الإبرنتيس " حيث تحتضن الموهوبين دراسياً إلى قوانين الصراع الإجتماعي و صراع الطبقات حيث الصورة ضبابية ومشوه  لكن ألم الواقع  و الإستغلال ملموس بحدة تشجعه سياسات الشركة الاستعمارية  و الحكم الإستعماري ..
      الهرمونيكيا .. الساكسيفون .. النوتة الموسيقية وسلمه .. الفرق الفنية تختلط  و تتزاوج  لديه مع أدوات الصراع الطبقي قبل أن يكتشف قوانينه "  و أهفو و أماني القلب كدخان ذرته الريح في  و أحمل ثقل أيامي .."  بدأ يقرأ لجورج حنا و سلامة موسى وبدأ  يقارع الإستغلال و الأستعمار في ذات الوقت ، إلى أن اكتشفه المناضل علي حسن المحرقي و ضمة عام 1961م  بلا تردد و لا ندم إلى أول و أقدم تنظيم سياسي يمثل فكر الطبقة العاملة الثوري و الاممي ( جبهة التحرير الوطني البحرانية ) .. " و حباً كان ..  كل الزاد في صحوي و أحلامي  و كان الطل يوقضني ، و رؤيا الفجر أنسامي و لكنني رأيتها .. "
      النضال السياسي  و الموسيقي  كأداة نضالية و فنية ، أيهما يسبق الآخر ؟ الإجابة غير مهمة ، بل المهم أنهما توأمان يجتمعان بين أضلاع المناضل مجيد مرهون ..
      حمل الساكسيفون كأول مدني بحريني لينشد لحن إنتفاضة مارس 65م المجيدة
"  لم تمت ذكراك آذارنا و لكن أينعت في الصبح وردة " الجماهير المنظمة .
حينما رفعت " الجماهير " في وجه المستعمر و أدواتة القمعية " لا يفل الحديد الا الحديد " كان فجر مجيد مرهون يفجر الجهاز الأمني للمستعمر و يحولة إلى قطع خردة  في شتاء 66م  بين مثلث القضيبية و الحورة و العوضية  لينشد أول نشيد و لحن وطني عام 67م  ( طريقنا أنت تدري شوك و وعر عسير..موت على  جانبيه لكننا سنسير )  نحو الحرية و السلم و التطور الإجتماعي .
      فبراير 68م  كان على موعد مع تأبيد الإغلال  و الإحكام حيث ظلت السلاسل الحديدية تصفد يديه و رجليه  و تربطهما بالخاصرة كجرح نازف طوال ليالي جزيرة جدا بسنواتها الطوال و طقوسها الحادة .. برودة و حرارة مضاعفة و أذ يكون السجين في لحظة نوم عزيزة تلسعة السلاسل ببرودتها الشديدة شتاءً لتقلع قلبه من عز النوم مفزوعاً مكملة - السلاسل -  مشوار التعذيب النهاري الآدمي ..
      طوال سنوات سجنه الـ22 لم يتسرب له اليأس أبداً و لم تهتز قناعته بصحة وصواب طريقه .. طوال سنوات تأبيده ظل السجين رقم 8  السياسي الخطر و الذي ضرب الجهاز الإستعماري في صميم مقتله .. طوال سنواته ال 22  ظلت الموسيقى تخرج من بين القضبان و من خلفها و النضال السياسي و عراك الإستعمار و أعوانه المحليين  يخرج من بين أضلاعه . .  بدأ حلم حياته في الموسيقى يتحقق  في المرة الرابعة بعد إخفاقات ثلاث ، بدأت المقطوعات الموسيقية تتوالى رغم أنه  قبر حوالي مائة نوتة موسيقية  في حالة ندم ..  فبعد لحن الذكريات توالت مقطوعاته و مؤلفاته الموسيقية كالسبحة و كرقصة الليوه  ذات الجذور الإفريقية حيث فاقت شهرته الحدود المحلية لتصل العالمية بشهادة ألاكاديمية الملكية السويدية للموسيقى لتبدأ موسكو بطباعة مقطوعاته الموسيقية على شكل أسطوانات و لتذاع من الإذاعات التي تتذوق الموسيقى الراقية .
      "  الليل يغمرني ، تلفت .. تسّموت ، تجاسرت بأن أخطو " ..
بعد حملة تضامن دولية عديدة و لمساهماته الوطنية العديدة من سجنه في دراسة مشروع الجسر الذي يربط البحرين و السعودية بمشاركة الفريق الدنماركي و لدوره– الكبير في صيانة مرافق السجن من كهرباء و ماء أطلق سارح مانديلا البحرين بعد أن قضى خلف القضبان 22 عاماً و22 زهرةً من عمر شبابه .
       
       كالفراشة الندية أو كفيلم الفراشة كان البحر بألوانه و أمواجه يحاصره  عدى الإغلال و قوانين السجن حتى بعد خروجه المشرف .. في سجن جزيرة جدا أسس و أشرف على مدرسة جدا الفنية ، كلاً في أختصاصه .. اللحدان شاعراً و السرحان خطاطاً و عبدالله حسين نحاتاً و كثيرين غيرهم تخرجوا من هذة المدرسة الرائعة و من جزيرة الأحلام بأسلوب الحقيقة و المصارحة المنتمية إلى مدرسة نيلسون مانديلا ..
" ترى للتداعي الحب ..
تداعيت ! و لكن في أئتلاف الضوء يا حبي
تجد أنفاس أنغامي .. "
    
        تحايا عاطرة في ذكرى حب مجيد مرهون  و الذي شارك كغيره في إستقلال التراب الوطني من الحلم إلى الواقع بفضل تضحياته الجسام .

خليل زينل
15/9/2003م
البحرين
 








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. برنار بيفو أيقونة الأدب الفرنسي رحل تاركًا بصمة ثقافية في لب


.. فيلم سينمائي عن قصة القرصان الجزائري حمزة بن دلاج




.. هدف عالمي من رضا سليم وجمهور الأهلي لا يتوقف عن الغناء وصمت


.. اختيار الناقدة علا الشافعى فى عضوية اللجنة العليا لمهرجان ال




.. صباح العربية | نجوم الفن والجماهير يدعمون فنان العرب محمد عب