الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


قصص قصيرة جدا 7

جمال بوطيب

2007 / 9 / 18
الادب والفن


كـتـابـة
في الصحراء، وقرب مدخل خيمته ، جلس " نبيه " يدخن سيجارة شقراء مهربة، وقد انتشرت السهام حوله . كان بعضها مكسرا، وبعضها الآخر عليه آثار دم مراق حديثا. قال له الرجل النحيف العاري الصدر والأعزل والذي كان اسمه "جميلا":
- "نبيه" ، من أذن لك بالزواج من بثينة؟
- ومن أذن لك بالتشبيب بها بالرغم من زواجنا؟
رد "نبيه" وقد صار واقفا:
- أنا أولى منك بها. قال جميل بصوت متهدج.
- زواجك منها لن يكون غير ستر لعارها.
- هي تحبني يا نذل.
ثم إن نبيها همّ بصفع جميل ، إلا ان الثاني كان هزيلا، فخشي الأول ان يقتله. بصق على الأرض ودخل خيمته.
ونظم جميل القصيدة تلو الأخرى في بثينة. ولم تبالي هي به بعد أن كانت تدبر له أمر زيارته لها خفية من زوجها. فأرسل لحيته حتى صرّتَه وباع النوق والغنم والسمن والخيمة وهاجر إلى أوروبا.
وفي حانة في " سيرجي بونطواز " بباريس، لاقاه "عروة" و"قيس" وهما
يتأبطان دواوين شعرية أصدروها على نفقتهما وكتبا على صفحة الغلاف
الداخلية :
- كل الحقوق محفوظة للمحبوبة .
سألاه عن حاله وسألهما عن الأهل والصحراء، وعلى وجهيهما بدت له ملامح حزن فاضح.
قال قيس :
- ليلى، يا جميل، صارت لغيري.
قال كثير :
- اكتفيت بالصلاة حيث صلت عزة.
بقي جميل صامتا، مسح قيس دمعة مكابرة انفلتت منه. أخرج الديوان من سجن إبطه، مده الى جميل :
- هذا ديواني الأخير وعليه ختمي.
- ختم بثينة في قلبي، يا قيس، وقلبها مناي.
تدخل كثير مسايرا :
- كم كتبت عنها من قصيدة؟
- ...
- كم كتبت عنها من قصيدة يا جميل ؟
رد جميل وذكرى لقائه مع نبيه في الصحراء ماثلة بين عينيه :
- تسع قنينات يا كثير.

أضـــاحـي

يوم وصل إبراهيم، البناء الماهر، إلى الورشة في إقامة " سوماكوترا "،هناك في " بييرفيت " بباريس ،قادما من " عين الصفا" سأله رئيس الورش :
- هل معك شهادة تثبت خبرتك في البناء؟
أشار إلى ساعده الأيسر قائلا :
- هذه شهادتي.
اقتنع رئيس الورش بجوابه المفحم، وشغّله.
ظل إبراهيم يصبر على الجوع ويقهر شهواته، وإلى أسرته يبعث بالحوالة تلو الأخرى.
انتهت الأشغال بالورش. تعطل إبراهيم. صبر على كل شيء إلا أضحية العيد لأبنائه في " لبلاد " . ويوم العيد لم تغادره المرارة. وفي " لبلاد " ضحت ابنته بدم العذرة مع إسباني عجوز عشاها " بيتزا " وسلمها أوراقا مالية كثيرة وملونة. وضحت زوجته ببعض من أثاث البيت واشترت حملا قريبا من الأرض.


لــغــــو

قبل أن يرافق الصغير أباه إلى المسجد لصلاة الجمعة لأول مرة، علمه أبوه كل شيء : الوضوء والركوع والسجود و... أصر الابن على أن يستظهر أمام أبيه التشهد كاملا. لكن أباه ظل ينبهه إلى ضرورة ألا ينس أمرين اثنين فقط، هما : ركعتا التحية حرمة للمكان ،والصمت عندما يكون الإمام يخطب.
دخلا المسجد، صليا الركعتين. بدأ الإمام يخطب. تكلم عن الماء الكهرباء والهاتف والأنترنت و ... و ...
كان الصغير يعبث بقصب حصير" الدوم" الذي يجلس عليه، وبين فينة وأخرى يسأل أباه :
- متى سنعود إلى المنزل ؟
لم يجبه الأب. كتم سخطه وصبر. لما خرج من المسجد شده من ياقة عباءته الصغيرة بعنف. هزّه وقال له :
- ألم أقل لك لا تلغ عندما يكون الإمام يخطب؟؟
رد الصغير ببراءة :
- ولكن الإمام كان يلغو.

عـجـــزة

في دار العجزة، يقاسم "مارك توين" زهيرا بن أبي سلمى الغرفة الضيقة والمتسخة. يلعبان الورق. يعبئان شبكة الكلمات المسهمة . يتحدثان عن الإبداع وهمومه. شعارهما " العجوز للعجوز نسيب".
كان زهيرا مكلفا بالسقاية ،والزجاجة بينهما تحتضر. فاجأه "مارك" قائلا:
- من غير شك ان الحياة كانت ستبدو اجمل وأروع لو كنا نولد في الثمانين ،ومع مرور الأعوام نقترب من سن الثامنة عشرة.
- ولماذا الثامنة عشرة؟
- لأن في هذا السن تصنع بنا أيدينا كل شيء جميل ورائع.
- ونموت عندما نبلغه؟
تساءل "زهير" باستغراب. فرد "مارك "وهو يحاول أن يكون عادلا في صب آخر جرعات تعطلت في الزجاجة:
- ليس في الكون ما يستحق البقاء بعد.
شرد زهير وعبثا حاول أن ينظم قصيدة.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. وفاة والدة الفنان كريم عبد العزيز وتشييع الجنازة الخميس


.. مغني الراب الأمريكي ماكليمور يساند غزة بأغنية -قاعة هند-




.. مونيا بن فغول: لماذا تراجعت الممثلة الجزائرية عن دفاعها عن ت


.. عاجل.. وفاة والدة الفنان كريم عبد العزيز وتشييع الجنازة غداً




.. سكرين شوت | إنتاج العربية| الذكاء الاصطناعي يهدد التراث المو