الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


كل يوم في العراق هو 11 سبتمبر

حميد كشكولي
(Hamid Kashkoli)

2007 / 9 / 18
الارهاب, الحرب والسلام


الأهداف الشريفة لا تتحقق إلّا بالوسائل الشريفة""
كارل ماركس
مرت الذكرى السادسة لعملية 11 سبتمبر الإرهابية، التي راح ضحيتها ما يقرب من 3 آلاف مواطن بريء في أمريكا. لكن الكارثة لم تتوقف هناك، بل أن 11 سبتمبر بنى أساسا محكما لسياسات إمبريالية و إرهابية هوجاء لا تزال تحصد أرواح الملايين، وتجلب المصائب والمآسي لملايين آخرين من البشر ألأبرياء.

والحقيقة أن خطورة 11 سبتمبر لم تكمن في سقوط الأرواح البريئة والخسائر التي لحقت ببرجي التجارة و الخسائر الاقتصادية الأخرى، بل أنها دشنت عهدا جديدا على أساس النظام العالمي الجديد،لتستمر تداعيات الجريمة فتغير وجه العالم المعاصر.
بعد انهيار الإتحاد السوفييتي ، وانتهاء الحرب الباردة أعن الرأسمالية العالمية بقيادة أمريكا بوش الأب النظام العالمي الجديد على أساس القطبية الواحدة ، أناط لأمريكا دور الشرطي العالمي. تحقيق هذا المذهب الجديد كان يستلزم تهيئة أكثر، وإنضاج الظروف. في حرب عاصفة الصحراء التي شنتها أمريكا و حلفاؤها على العراق لإخراج الجيش العراقي من الكويت ، دخلت القوات الأمريكية ملاحقة القوات العراقية داخل الأراضي العراقية ، لكنها خرجت من العراق و تركت الناس المنتفضين ضد النظام البعثي السابق ، بعد تشجيعهم على الانتفاضة، تركتهم يُقتلون ويذبحون.
لكن أمريكا جورج بوش الابن المدعوم من المحافظين الجدد استقبلوا جريمة 11 سبتمبر كنعمة إلهية ساعدتهم على تحقيق أحلامهم في تحقيق أهداف نظامهم العالمي الجديد، و تحويل أمريكا إلى إمبراطورية عالمية . لكن تحقيق هذه الأهداف لا يمكن بدون حروب ومآسي، والذرائع كانت متوفرة لشنها على أفغانستان والعراق. تلك الحروب أوقعت ولا تزال توقع ضحايا من الأبرياء يقدرون بآلاف ألأضعاف لضحايا 11 سبتمبر عام 2001. وقد رافقت ولا تزال هذه الحروب سلسلة من العمليات الإرهابية والانتحارية في العالم ضحاياها على الأغلب من الأبرياء من أهالي البلدين المحتلين.
كما يجري منذ 11 سبتمبر 2001 التضييق على حريات المهاجرين و انتهاك حقوقهم الإنسانية في البلدان الغربية بذرائع حماية المجتمع من أعمال الإسلاميين الإرهابية.
ومن المفارقات الطريفة أن الحركات الإرهابية للإسلام السياسي رغم تبنيها لأيديولوجية ظلامية وأفكار متفسخة بالية وخرافات دينية تمد جذورها إلى عصور العبودية والإقطاع، إلا أنها من الوجهة السياسية يمكن اعتبارها حركات حديثة وعصرية ، لكونها ذلت صلات عضوية بالسياسة الامبريالية للعصر الحديث . فلولا تطوير وسائل الاستغلال و القتل والأسلحة و خلق أنظمة رجعية في الشرق الأوسط ، ولولا الطفرة النفطية في الجزيرة العربية والخليج ، ولولا حالات الشعور بالتذمر والإحباط عند الشباب العرب لما تمكنت هذه الحركات من بناء مليشيات مسلحة و تنظيمات و مؤسسات إعلامية .

فهذا الإرهاب للقطبين عملية فرانكشتاينية تنتج وتعيد إنتاجه من تلاقح السلفية الإسلامية و النزعات التوسعية الإستراتيجية للامبريالية الأمريكية . ولا يمكن تسمية هذه العملية بلقاح اصطناعي ، فأن محل تلاقح تكوين هذا الجنين ليس المختبر ، بل أن المختبر الحقيقي لخلق هذا الجنين الإرهابي هو الحياة المعيشية للناس الأبرياء.
لقد قدم إرهابيو القاعدة والإسلام السياسي بدورهم خدمة جلى للمحافظين الجدد و مهندسي الإستراتيجية الامبريالية . منذ 1990 يخططون لبسط هيمنتهم العسكرية و السياسية على العالم ، و يخططون لاحتلال الشرق الأوسط .
فقبل 11 سبتمبر 2001 بعام واحد اصدر مجموعة من المحافظين الجدد ، من بينهم وجوه معروفة مثل ديك جيني، و رامسافيلد، و بول ولفوتز ، و اليوت ابرامز، و لويس ليبي، وزلماي خليل زاد وغيرهم ، أصدروا تقريرا يؤكدون فيه أن كارثة كبرى ، بحجم بيرل هاربر يمكنها تعبيد الدرب لإعادة بناء القوات الدفاعية الأمريكية، إذ أن إعادة بناء القوات الدفاعية بمعني بسط الهيمنة العسكرية على العالم ، لم يعد مقبولا ولا منطقيا بعد انهيار العدو الرئيسي ، أي الاتحاد السوفييتي و أقماره .
إن اليسار الماركسي والاشتراكي و العلماني هو القوة الوحيدة التي يمكنها الوقوف بوجه العدوان الإمبريالي على العالم. هذا اليسار الذي يربط كفاحه ضد العدوان الامبريالي بالنضال الطبقي ضد الرأسمالية من أجل عالم خال ٍ من كل أنواع الاضطهاد والاستغلال ، سواء طبقيا وقوميا وجنسيا و دينيا... عالمٍ مبني على الحرية والمساواة الشاملة على ركام عالم الظلم والاضطهاد و ركام الحروب الصليبية للمرتزقة الإسلاميين و المسيحيين الدجالين للنظام الرأسمالي.
فما أعظم مقولة ماركس: الأهداف الشريفة لن تتحقق إلا بالوسائل الشريفة".. هذه الوسائل غير الشريفة التي تلجأ إليها قوى قطبي الإرهاب ، الامبريالي الدولي و القاعدة و مشتقاها لم ولن تكون إلا لتحقيق أهداف غير شريفة .

إن صراع القاعدة والسلفية مع الامبريالية وخاصة أمريكا وبريطانيا و حليفاتها من الحكومات العربية والإسلامية حقيقة لا يمكن نكرانها . فالقاعدة و مشتقاتها ليست بنت اليوم ، بل أنها من إفرازات السياسات العدوانية و نزعة الهيمنة والسلب والنهب والقمع التي مارستها وتمارسها القوى الرأسمالية ألكبرى بقيادة أمريكا.. القاعدة و الإسلام المليتانت المتصارع مع الامبريالية في هذه الفترة ظهرت كرد فعل على العدوان الامبريالي ، رد فعل رجعي إرهابي منحرف أرعن معادي ، مثل المحافظين الجدد و الامبرياليين لمصالح الجماهير المحرومة في بلدان الشرق الأوسط و العالم العربي. ورد الفعل هذا أدى إلى تقوية الحركات الفاشية و اليمينية المتطرفة العدوانية في الغرب. وقد ركبت الحركات المتطرفة للإسلام السياسي موجات التذمر عند الشباب وشعورهم باليأس والإحباط والاحتقار من النماذج الرأسمالية والقومية الحاكمة، في أجواء غياب يسار اشتراكي ماركسي تقدمي مؤثر في الساحة السياسية.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. حسين وفريدة.. قصة حب وتفاصيل مضحكة بسبب فروق عادات الجزائر و


.. التصق جلده بعظمه.. والدة طفل يعاني من الجوع في غزة: أفقد ابن




.. إسرائيل وإيران.. حلقات التوتر


.. تقارير: إسرائيل ستبقي جيشها في قطاع غزة لأشهر حتى العثور على




.. احتدام المعارك في ولاية -سنار- بين الجيش السوداني و-قوات الد