الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


أسئلة حول وظيفة المحامي في الشريعة الإسلامية

سامر أحمد موسى

2007 / 9 / 19
دراسات وابحاث قانونية



في معرض اطلاعي على بعض المنتديات التي لها علاقة بأمر القانون والشريعة الإسلامية وجدت شخص يسأل بعض الأسئلة المحيرة له ، ومن هذه الأسئلة:-
أولا :هل هناك مجال لوظيفة المحامي المتعارف عليها في ظل تحكيم الشريعة الإسلامية؟ وإذا كان كذلك فهناك فرع في علوم الشريعة يهتم بتدريس هذا المجال وفق الضوابط الشرعية ؟ وهنا لا خلاف إذا كان الجواب بنعم.
ثانيا : إذا لم يكن كذلك فان البعض من أئمة الإسلام يتجاهلوا كون وظيفة المحاماة - التي يتخرَّج صاحبها بعد دراسة القوانين الوضعية من الجامعة - ومن ثم فهي تتحاكم إلى القوانين الوضعية، والقضايا المتَّصلة بها بالمحاكم يتم التعامل معها وفق الدستور والقوانين القضائية للدولة التي لا تستند إلى الشريعة الإسلامية، فضلاً عن إقصائها لها، إلا ما حصر في شيء من القوانين المدنية أو المحاكم الأسرية إذا صحّ الاصطلاح، وغير ذلك في الدوائر المختلفة بالمحاكم ، ووفق ذلك فالأساس الشرعي لهذه الوظيفة يكون ساقطاً شرعاً لتحاكمه للطاغوت واعتماده عليه؟
وبعد بحث للإجابة على هذه الأسئلة فقد وضعت إجابة أتمنى إن تكون صائبة ، وما أكد لي صواب رأي بعض التعليقات المؤيدة لجوهر إجابتي والتي كانت كما يلي:
إن وظيفة المحاماة المشهورة في العصر الحاضر لا يمكن إطلاق القول فيها بأنها حلال أو حرام لأنه ليس لها حكم في ذاتها ، ولكن حكمها يتبع الأمر الذي يقوم المحامي بالدفاع عنه ، فإن كان أمراً واجباً أو جائزاً فإن المحاماة حينئذٍ تكون مشروعة، وإن كان الأمر الذي يقوم المحامي بالدفاع عنه محرماً فإن المحاماة حينئذٍ تكون غير مشروعة ،ولذلك فإنه إذا طلب أحدٌ من المحامي الدخول في أي قضية ، فإن عليه أن ينظر ، فإن كان الحق معه دخل فيها ، وإلا فإنه يحرم عليه أن يدافع عن باطل ، بل ويجب عليه أن ينصحه ويبين له بطلان دعواه .
ومن خلال ما سبق يتبين أن المحاماة عن الحق والدفاع عنه له أصل في الشريعة ، وذلك داخل في أمر الشريعة بمساعدة المظلوم والانتصار له ، كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " انصر أخاك ظالماً أو مظلوماً" رواه البخاري ، وفي هذا العمل ردٌ للأمانات لأهلها، والله سبحانه وتعالى يقول: "إن الله يأمركم أن تؤدوا الأمانات إلى أهلها" ، وفي العموم فإن في المحاماة عن الحق والدفاع عنه تعاوناً على البر والتقوى، والله سبحانه وتعالى يقول :" وتعاونوا على البر والتقوى".
ويذهب بعض المنظرين لمهنة المحاماة إلى تأصيل وباحة العمل بالمهنة بالقول بان المحامي عند عملة في قضية ما يتأكد بان صاحبها لا يحوز الحق أو انه فعلا مجرما بجرم ما ، ويعمل المحامي جاهدا لإيجاد حلا ما لهذا الشخص ، فان المحامي هنا وفي العادة يبحث عن بعض الأخطاء الشكلية التي تسمى " ثغرات في القضية" والتي في العادة تكون موجودة بفعل أخطاء القائمين على تنفيذ القانون وخاصة أعضاء النيابة العامة والشرطة ، فالمحامي وبصفة مساعدا قضائيا ومن خلال عملة الجاد لإخراج المجرم من أزمته فأنة يعمل على جبر أخطاء هؤلاء الأعوان الذين كلفهم المجتمع ليسهروا على تطبيق وتنفيذ القانون، وبذلك يكون المحامي قد ساعد المجتمع بصورة أو بأخرى حينما وضع هؤلاء الأعوان والشرطة في صورة بعض تصرفاتهم المخطئة .
أما ما سأل عنه حول وجود فرع في علوم الشريعة يهتم بتدريس هذا المجال وفق الضوابط الشرعية فالجواب : نعم ، وذلك من خلال معرفة الأحكام الشرعية للأمور التي يُحَامَى عنها، وما هو حلالٌ منها وما هو حرامٌ ، ومن خلال معرفة الأصول والقواعد العامة التي تراعيها الشريعة وتأمر بها ، وكذلك فإن المحامي يستفيد مما كتبه العلماء فيما يتعلق بدلالات الألفاظ والتراكيب ، ليعرف ما تدل عليه الألفاظ الدائرة بين الناس ، وكذلك ما كتبه العلماء فيما يتعلق بالتعارض والترجيح بين الأدلة الشرعية ومدلولاتها ، ونحو ذلك ، وكل ما سبق ذكره يجده الإنسان في المؤلفات التي كتبها العلماء في مجالات : الفقه ، وأصول الفقه ، والقواعد الفقهية .
وكذلك من الكتب المهمة في هذا الجانب ما كتبه العلماء في الطرق الشرعية للقضاء ، ومن ذلك : كتاب الطرق الحكمية في السياسة الشرعية لابن القيم (ت:751) ، وكتاب : تبصره الحكام في أصول الأقضية ومناهج الأحكام لابن فرحون المالكي (ت:799هـ) ، وكتاب : معين الحكام فيما يتردد بين الخصمين من الأحكام للطرابلسي الحنفي (ت:844هـ) ، وغيرهم .
أما إذا كان الإنسان يعيش في بلد يُتحاكم فيه إلى القوانين الوضعية ، فإنه يجب عليه ألاّ يدخل في أي قضيةٍ إلا بشرط أن يعرف أن الحكم الذي يطالب بة لا يتعارض مع أحكام الشريعة الإسلامية ، وذلك لأنه لا تعارض بين جميع القوانين الوضعية وأحكام الشريعة الإسلامية ، فما كان منها موافقاً جاز للمحامي المطالبة بة ، وما كان منها مخالفاً حرم عليه المطالبة بة، عملاً بما دل عليه الكتاب والسنة من وجوب التحاكم إلى ما شرعه الله ورسوله عليه الصلاة والسلام.

للمقال : مجموعه متخصصة من المراجع والمصادر.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مفوض الأونروا: إسرائيل رفضت دخولي لغزة للمرة الثانية خلال أس


.. أخبار الساعة | غضب واحتجاجات في تونس بسبب تدفق المهاجرين على




.. الوضع الا?نساني في رفح.. مخاوف متجددة ولا آمل في الحل


.. غزة.. ماذا بعد؟| القادة العسكريون يراكمون الضغوط على نتنياهو




.. احتجاجات متنافسة في الجامعات الأميركية..طلاب مؤيدون لفلسطين