الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


جائزة نوبل للسلام ام للاسلام؟!!

سمير نوري
كاتب

(Samir Noory)

2003 / 10 / 21
اليسار , التحرر , والقوى الانسانية في العالم



منحت اللجنة النرويجية جائزة النوبل للسلام لسنة 2003 الى السيدة شرين عبادي الأيرانية الأصل، بأعتبارها الناشطة في مجال حقوق المرأة والطفل في ايران. وكان المرشحين الآخرين البابا يوحنا بولس الثاني والرئيس التشيكي فاكلاف هافل الذين قد رشحا لهذه الجائزة .
اذا كان القصد من اعطاء  جائزة نوبل هو تشجيع المساعي البشرية للسلام لمنع حدوث الحروب والويلات، فقد كان من المفروض ان تعطى هذا الجائزة الى ملايين البشر الذين خرجوا ضد الحروب الأمريكية وحلفائها خلال السنة الماضية أو الى الشخصية الأولى في هذه المجال وليس الأشخاص الذين وقع عليهم الأختيار، علما بان لم يكن لهم اي دور يذكر في هذا المجال .
ومع أن اختيار شرين عبادي التي تعتبر نفسها ناشطة لحقوق المرأة والطفل ولو في نطاق ألأسلام، هو اهون قياسا  الى أختيار البابا الذي يعادي كل المساعي التحررية والأنسانية ويقف ضد كل مكتسبات التطور العلمي لصالح البشرية، وهو الذي يرأس الكنيسة التي   تتقزز نفوس المواطنين العاديين من فضائح رهبانها الجنسية والتي كشفت العام الماضي في أمريكا وهو أصم وأبكم ولم ينطق بكلمة، كما كانت محارقهم في القرون الوسطى المظلمة .
ولكن لماذا اختيرت السيدة عبادي  في هذه المرحلة بالذات؟ هل صحيح أن عبادي         تمثل النضال الدؤوب لتحرر المرأة الأيرانية في ظل  الظلم الصارخ الواقع على المرأة ؟ هل وقفت ضد الرجم بالحجارة؟ هل وقفت ضد الحجاب الأجباري رمز عبودية المرأة ليس في أيران وحدها بل على صعيد العالم ككل؟ هل هي مع حق الطلاق للمرأة؟ ومع المساواة الكاملة  للمرأة مع الرجل  في القضاء في الأرث في التعليم في كل ميادين الحياة الأجتماعية والسياسية والثقافية؟ الجواب النفي بالمطلق.  بأعلان السيدة عبادي في الموتمر الصحفي التي عقدته في باريس بعد حصولها على الجائزة، بأن (الأسلام لا يناقض حقوق البشر) وأنما قد أسيء أستعماله ( اي أستعمال ألأسلام)، فقد وقفت ضد حركة المرأة التحررية في ايران والتى ما تزال تناضل من اجل رفع ابشع المظالم ضدها وضد الابرتايد الجنسي خلال اكثر من عقدين .
ان أختيار السيدة عبادي هواختيار سياسي واضح من قبل لجنة او مؤسسة تدعي انها لجنة لدعم مساعي السلام، ولكن لم تكن هذه اللجنة محايدة لا اليوم ولا الامس. فاختيارهم للسيدة عبادي تم بنفس الطريقة التي اختير بها سابقا جيمي كارتر ومناحيم بيغن.
أختيرت السيدة عبادي لمساعدة احد أجنحة الحكم ألأسلامية في أيران وهو التيار الأصلاحي (الأصلاحي بين قوسين)، بعد أن فلتت زمام الأمور من يد هذا التيار وفشل خاتمي بلعب دورالمصلح في المجتمع الايراني وتياره الديني_القومي بكل أطيافه وقشوره. وهي محاولة للحفاظ على ماء الوجه بالنسة للاوروبيين الذين وقفوا مع خاتمي وتياره بكل طاقاتهم لأنقاذ الجمهورية الأسلامية في أيران ومنع حدوث أي تغيير ثوري .
ان اختيار السيدة شرين عبادي هو اختيار سياسي من قبل مهندسي الأفكار ألاوروبية ومحاولة خلق شخصية لكي تتخندق ضد اليسار في المجتمع ألأيراني والثورة الأيرانية، وللخروج من ألازمة بأقل الخسائر ولاحداث تغير تدريجي في أوضاع أيران السياسية وفي اطار أسلامي وجمهورية أسلامية. والا لم لم يتم اختيار واحدة من بين المناضلات الايرانيات من امثال مينا أحدي ، او آذر ماجدي،او أعظم كم كويان وغيرهن من الناشطات اللواتي شغل تحرير المرأة من مظالم الجمهورية الأسلامية والقوانين الاسلامية كل حياتهن خلال العقدين المنصرمين.
بعد أكثر من عقدين من القمع والأرهاب والأعدامات ومنع أبسط الحريات وحتى البسمة على شفاه الجماهير عامة والنساء  خاصة، بدأت الجمهورية الاسلامية بالانهيار داخليا . فأزمة الحكم برزت للعيان، والجماهير لا تريد هذه السلطة المشتتة والمتأزمة بعمق والغير موحدة حتى في القمة . ان نزول الجماهير الى الشارع السياسي بكل طبقاته وفئآته، العمال، ألطلبة ، المعلمين، الكادحين، النساء الواقعات تحت أقسى المظالم والأبرتايد ألجنسي، قد اعلنوا جميعاً عن رغبتهم بتغيير النظام السياسي، وكلمتهم الأخيرة هي:" لا للجمهورية الأسلامية و بكلا جناحيها المحافظ والأصلاحي، ونعم للحرية والمساواة.
تعيش ايران اليوم حالة ثورة وأنتفاضة، وهي منقسمة الى يمين ويسار بأحزابها وبرامجها وشعارتها وشخصياتها. اليمين يحاول ان يغير من القمة وعدم مشاركة القاعدة اوالجماهير الواسعة عن طريق ألأصلاحات التدريجية وعن طريق تهدئة الجماهير وعدم اللجوء الى العنف والثورة، وما أختيار السيدة عبادي لجائزة نوبل الا خدمة واضحة وفاضحة تصب في خدمة هذه التيار وسعي لاجراء اصلاحات طفيفة داخل أطار الأسلام والجمهورية ألأسلامية. ويوماً بعد يوم تصطبغ هذه الثورة باليساروية وتدفع اليمين تدريجياً الى التقهقر والأنعزالية. أن ازاحة الأسلام السياسي في مركزه الأصلى (أيران) وكنسه ، بات قاب قوسين أو ادنى من التحقق، واصبح اجراء اي تغييرات اصلاحية على هذه النظام عديمة الجدوى ليس للناظر الخارجي فحسب بل لرؤوس النظام ايضا. لقد اصبح واضحا انهم يعبرون عن هذه الحقيقة بين تارة وأخرى .
أن منح جائزة نوبل للسيدة عبادي هو في الحقيقة أهداء للأسلام السياسي والحجاب الأجباري والقوانين الاسلامية ومحاولة لاطالة عمر واحدة من أكثر الحكومات المستبدة في التاريخ المعاصر. ليس هذا فقط، بل ان هذا المنح سيدفع قضية المرأة، على صعيد المنطقة ككل، الى الوراء ويقوي الرجعية السياسية والتيار الأسلامي.
ولكن الى أي مدى ساهم الدعم المادي والمعنوي من قبل اوروبا لمساعدة خاتمي للوقوف على قدميه ضد الثورة المتنامية يوما بعد يوم؟ بتصوري ان "خلق" شخصية جديدة للعب نفس الدور اتى متاخراً جدًا وقد قطعت الثورة اشواطاً لا رجعة فيها. أن الازمة السياسية والأقتصادية التي تعاني منها الجمهورية الأسلامية في ايران لهي أعمق من ان تعالجها هذه المسكنات الموضعية.ان تطور المد الثوري وتثبيت اليسار فيها ممثلاً بالحزب الشيوعي العمالي الأيراني في حالة متصاعدة لا يمكن أيقافها بهذه الخطوات الرجعية والتخندق ضدها. ان ازالة الجمهورية ألاسلامية وقوانينها المعادية للأنسانية عامة والمرأة خاصة، وبناء الجمهورية ألأشتراكية، اصبح أمراً واقعاً؛ اليوم او غداً .

 








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. ماذا وراء سجن المحامية التونسية سنية الدهماني؟ | هاشتاغات مع


.. ا?كثر شيء تحبه بيسان إسماعيل في خطيبها محمود ماهر ????




.. غزة : هل توترت العلاقة بين مصر وإسرائيل ؟ • فرانس 24 / FRANC


.. الأسلحةُ الأميركية إلى إسرائيل.. تَخبّطٌ في العلن ودعمٌ مؤكد




.. غزة.. ماذا بعد؟ | معارك ومواجهات ضارية تخوضها المقاومة ضد قو