الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


نحو حوار وطني شامل

جاسم الحلفي

2007 / 9 / 21
مواضيع وابحاث سياسية


توقعنا كغيرنا من السياسيين، الذين يتابعون ويعيشون تفاصيل الوضع الميداني في العراق، وقبل موعد قراءة تقريري الجنرال باتريوس، والسفير كروكر، أمام الكونغرس الأمريكي، بان التقريرين قد يقتربان كثيرا او قليلا من هذه القضية او تلك، لكن بكل الأحوال سوف لا يحملان أمرا استثنائيا قد يحصل، يمكن له أن يقلب موازين القوى في العراق.
فكما هو واضح لم يشر التقريران إلى نصر مبين قد تحقق، ولا الى انهيار وشيك متوقع، بل ان هناك نجاحات شملت عددا من الجوانب، فيما التراجع في جوانب أخرى، او بقيت على حالها في أحسن الأحوال. ومع ان الوضع الأمني قد شهد تحسنا نسبيا، لكن الوضع السياسي بقي مشحونا ومتوترا، والبيانات السياسية التي صدرت عن لقاءات القوى الأساسية المساهمة في الحكومة، تضمنت أفكارا واقعية للخروج من الأزمة كما جاء في البيان الخماسي على سبيل الحصر، لكن مقابل ذلك شهدت التكتلات السياسية، انسحابات كبيرة، ستلقي بظلالها على وضع الحكومة، واستمرار بقائها، متماسكة.
وهناك حقيقة أخرى ينبغي الاشارة إليها، هي ان بعض القيادات السياسية توقعت من التقريرين شيئا أخر، وتمنت استنتاجات مختلفة عن تلك التي احتواها التقريران، عسى ان ترجع الأمور الى المربع الأول، ويعاد ترتيب الحكم، بطريقة ما، تحمل هذا الزعيم او ذاك الى موقع الحكم، ورغم استحالة رؤية هذا الحلم على ارض الواقع، لكن هناك من كان يحلم، وهو أمر مفهوم لمن لا يرى أية إمكانية للتغيير إلا عبر العامل الأمريكي، وبطرق استثنائية، غير شرعية، لا تنسجم مع الدستور، دع عنك عدم إمكانية تحقيقها، واستخف منها الأمريكان ذاتهم.
يغفل هؤلاء الساسة ويتعالون عن دور العامل الداخلي، ويتناسون أهميته المقررة في الأوضاع الجديدة في العراق، وهذا لا يعني عدم رؤية الدور الأمريكي وإمكانياته في التدخل والتأثير على الأوضاع، وكذلك الأمر بالنسبة للعامل الإقليمي وضغطه وتدخلاته المريبة.
إن التغيير النوعي والايجابي يأتي عند استتباب الأمن، واستقرار الأوضاع، وانتعاش الاقتصاد، وتحسين الخدمات، وإشاعة الأجواء الطبيعية بعيدا عن كل إشكال الإرهاب، وعبر التنمية الشاملة والإعمار، وتحقيق الانفراج السياسي، وضمن الآليات الديمقراطية، وفي مقدمتها الانتخابات النزيهة التي تتنافس فيها البرامج وليس الطوائف والأعراق، وهذا ما غاب عن هؤلاء السياسيين، مما ضيع عليهم فرص العمل بين جماهير الشعب، وغيبهم عن الإنصات لمطاليبها والوقوف أمام احتياجاتها، والعمل على تلبيتها.
من جانب آخر على الحكومة أن لا تتوهم بان التقرير جاء لتزكية أدائها، ودعما لها، وصكا لبقائها، إذ عليها ان لا تنسى الواقع وتعقيداته المتشابكة، والأزمة المستفحلة والمتفاقمة. عليها ان تضع الاستحقاقات نصب أعينها، فهناك ملفات ساخنة ينبغي معالجتها، وخاصة تلك التي تقع في أولويات الجدل السياسي، ومنها المصالحة الوطنية، التي تعثرت الى حد كبير، كما تعثر تنفيذ نقاط جوهرية أخرى من البرنامج الحكومي، ويمكن الاشارة هنا الى تراجع الخدمات وتدهورها، والبطالة وتفاقمها، والهجرة وتداعياتها، حتى النجاحات الأمنية التي تحدث عنا تقرير الجنرال باتريوس، تقف على أرضية هشة، سرعان ما تتحول الى إخفاقات، ان لم يتم تعضيدها بإجراءات شاملة سياسية وخدمية وعمرانية، والحادثة المؤسفة في كربلاء مؤشر خطير، يولد شعورا بعدم الثقة بالحكومة، ويزيد من حجم الآراء التي لا ترى ضرورة لبقائها، ويزيد من حالات الإحباط واليأس.
يتطلب الوضع فيما يتطلب إشراك كل القوى الخيرة في تحمل مسؤولياتها الوطنية، لإخراج العراق من محنته، عبر برنامج وطني لحكومة وحدة وطنية حقيقية منشودة.
فهل نشهد انفتاحا على شركاء العملية السياسية، والبدء الجدي في إجراء حوار وطني شامل؟








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. وسط إقبال مكثف.. فرنسا تجري انتخابات تشريعية -مختلفة-، لماذا


.. بعد أدائه غير المقنع.. بايدن يجتمع مع عائلته لمناقشة مستقبل




.. المعارضة الكردية الإيرانية تصف الانتخابات في إيران بـ-عملية


.. قراءة عسكرية.. القسام تبث مشاهد جديدة من تجهيز عبوات -العمل




.. -مش احنا الي نرفع الراية البيضاء -.. فلسطيني من غزة