الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


في القشور والخديعة

نور الدين بدران

2007 / 9 / 21
الادب والفن


في القشور والخديعة
قف بزاوية اعتزالك وانظرن ألعاب دهرك نظرة المتفرّجِ
عمر الخيّام

أكثر من النجوم...من أوراق الشجر...من حبات الرمل... الأكاذيب لا تقل عن هذه وتلك..وكونها صناعة بشرية فهي مثال أكثر بلاغة...
أما تجنب الاجتماعي وتغطيته بالطبيعي فهي مراوغة ..وفي نظر أصحابها حنكة..في النتيجة هي من قواعد اللعبة.. البنت الأكثر شبهاً بالأم ..فن متأصل الجذور في ثقافة التواطؤ..
الخصوم الذين يبدون أنهم الأشد عداوة..يتجاذبون الكذبة نفسها.
تكتمل الدائرة حين تتعانق البداية والنهاية.
كان الكذابون سابقا يعتمدون على ذاكرتهم القوية....
اليوم يعتمدون على ضعف ذاكرة الآخر بل على احتقارها واعتبارها غير موجودة...هكذا تدخل الوقاحة كعضو جديد ودائم في النادي الموصوف ...تؤسس لنفسها مكانا في الصدارة بناء على فرضية يتم التعامل معها كحقيقة مطلقة..
الأكاذيب كالبشر..لا تمشي عارية في الشوارع... لها حساباتها المادية وميزانياتها الخاصة والمدروسة..بعضها يفني العمر كله في جلباب قديم أكله العث وسلح فيه الزمان ...بعضها ينافج في أزياء مستعملة ومستوردة ورخيصة الثمن(بالة)..وثمة أشكال وألوان نادرة تقتصر على القبعات وربطات العنق أو المجوهرات والإكسسوارات ولاسيما الأقلام والقداحات وحقوق الإنسان وغيرها.
المخازن ممتلئة بشتى الماركات المسجلة وغير المسجلة.
بعض الأكاذيب واع وفاهم دوره وقصده ومآله...بعضها صدى أو منديل ورقي أو قشور ثمرة.
في جميع الأحوال لا تسير هذه العربة بلا وقود ..أولئك البسطاء والسذج ..أصواتهم في الانتخاب وعرقهم في الحقول والمصانع ودمهم في ساحات الوغى...
بدل أن يذهب الأطفال إلى المدارس يلقى بهم في الشوارع...بدل أن يحملوا الحقائب المدرسية يجمعون الحجارة أو يدحرجون الإطارات المشتعلة..بدل أن يمضي الشباب إلى الجامعات والمعامل والمزارع ومواعيد الغرام يتزنرون بالأحزمة الناسفة.
الهدف كل شيء غير ما يعلنه كبار اللاعبين..
لا قيمة لعقيدة لا تحترم الحياة..ولا لدين يفرق بين الناس ويبعثر الشباب في دروب العبث والانتحار..
لا أوطان تبنى بغير العلم وأدمغة وسواعد أبنائها إناثاً وذكوراً على قدم المساواة...ولا دولة حديثة مستقلة وذات سيادة تولد إلا من رحم مجتمعها.
حبل الكذب قصير ...لكنه مسلسل يومي ...يعمل طرفا الأكذوبة على عدم انقطاعه..أكثر المعارك ضراوة تفضح الهدف الحقيقي ..إنه تقاسم الجبنة أو المفاوضة على ما بعد دفن الجثث ومن ضمنها العقيدة والمبادئ.
ضمن هذه المأساة /المهزلة تجري الأكذوبة/ اللعبة/عبر ثنائيات أصبحت مفضوحة ومعروفة ....هنا وهناك وهنالك..
كل طرف في اللعبة يبدأ بتعليق عجزه وإخفاقه على الطرف الآخر وتبرئة نفسه....شيئاً فشيئا يصفو إلى درجة الكمال ويغدو الطرف الآخر شراً مطلقاً.. ثم يصدق اللاعب/ الكاذب أكاذيبه عبر التكرار..إنها ثقافة الخديعة .. خديعة النفس أولا وأخيراً.
يمكن لأتفه الأكاذيب أن تؤدي إلى حروب حقيقية.. ما ينفق على أصغرها وأضيقها في أي مجتمع كاف لتنمية مستدامة أو لإرساء قواعد راسخة لبناء ذلك المجتمع واستقراره..

الذين يقودون الزمان في الأرض والفضاء..علموا أولادهم الفيزياء والرياضيات والكومبيوتر والآداب والاقتصاد والفلسفة والحقوق والفنون...فعلوا الحرية في الحب والبحث والتأريخ..صنعوا للرأي أجنحة من نور ومخالب من فولاذ ..وقفوا أمام أنفسهم وتاريخهم برباطة جأش وعيون صاحية وفكر نقدي..أسسوا ومازالوا يبنون ثقافة احترام الذات والآخر..مازالوا يتعثرون هنا وهناك..مازال بعضهم يرتكب جرائم..أحيانا كبيرة..لكنهم سائرون في طرقهم بلا خوف ولا تردد بحكم ما أعدوا لأنفسهم من المناعة الاقتصادية والعلمية والوحدة القائمة على أساس المواطنة المنفتحة على الإنسانية والعصر..
لم نأخذ من تلك الثقافة سوى الأكاذيب و..بعض القشور.









التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. حكايتي على العربية | ألمانية تعزف العود وتغني لأم كلثوم وفير


.. نشرة الرابعة | ترقب لتشكيل الحكومة في الكويت.. وفنان العرب ي




.. عوام في بحر الكلام - الشاعر جمال بخيب: أول قصيدة غنتها أم كل


.. عوام في بحر الكلام - الشاعر جمال بخيت: أول من أطلق إسم سوما




.. عوام في بحر الكلام - الشاعر جمال بخيت: أغنية ياليلة العيد ال