الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الأيزيدية .. طائفة مضطهدة مركباً..!

كريم جاسم الشريفي

2007 / 9 / 25
القومية , المسالة القومية , حقوق الاقليات و حق تقرير المصير



تتحصّن الأقليات في الشرق بجملة موانع ، منها الطبيعي ومنها الديني ، ومنها الغيبّي ،الفضيلة والصبر على المكاره . الموانع الطبيعية التي تحمي الأقليات ، الجبال وكهوفها، المستنقعات المائية وبطاحها ، الهضاب المعزولة ورمالها، الوديان السحيقة ومغاراتها. أما التحصين الديني والفكري للأقليات يأتي من خلال علمائها ومفكريها ونوابغها بإنتاجهم وغزارة علمهم يزدادون منعةً وتحصيناً من سطوة الأكثرية واتقاء شرور الاضطهاد والبطش من التسلط المركزي. أما التحصّين بالفضيلة والصبر بالحقيقة هو تحصين عدمي لا يقلل قهراً ولايقي من بطش، وهو نوع من تفويض للحواس والفكر لقوة غيبيّة وبالتالي تفويض الأمر الى تلك القوة للانتقام نيابةً بدلاً من المقاومة.
الأيزيدية .. في العراق لهم خصوصية بل أكثر من خصوصية منها الدينية ، والاجتماعية ، والجغرافية .كذلك لهم طقوس هي الأخرى تثير وتحفز فضول الآخرين لغرابتها وصياغتها. يزعم البعض إن تاريخ هذه الطائفة غير موثق ولا مدوّن ،لكن يعتمدون التواتر بالنقل وهذه طريقة معتمدة حتى عند الإسلام ،والتواتر يأتي بالنقل من الشفاه ومن جيل الى جيل. الطقوس لدى الأيزيديين هي منع تعلم القرأة والكتابة ،ما عدا بعض أبناء الشيوخ يتعلمون ذلك لغرض قراءة الأدعية والصلوات وتعليمها للجيل الجديد والجيل الذي يلي وهكذا .. لكي يحافظوا على ارثهم الاجتماعي والديني .ليس الطائفة الأيزيدية تنفرد بغرابة الطقوس بدليل لدى المسلمين طقوس هي أغرب من الخيال .بصعيد مصر والصومال وجزء من جيبوتي ،وبعض دول المغرب يطبقون طقس شديد الغرابة والإسلام نهى عنه وهو (ختان البنات) . رغم تجذر تعاليم الإسلام وقوتها في تلك الدول لكن العادات الغريبة لازالت قائمة ومعمول بها . أيهما أغرب منع تعليم الناس عن القرأة والكتابة أم ختان البنات؟ طبعاً كلا الطقسين غير صحيح لكن العادة أقوى حتى من الدين. فالطقوس عند الأيزيدية محدودة في أماكن تواجدهم الجغرافي وهم فعلاً أقلية يقطنون مساحات محدودة من الأرض-وادي لاش- وجبل سنجار- التابع لمحافظة نينوى . يحيط بهذه الطائفة الأكراد من جهة والعرب من جهة أخرى وكلا القوميتين مسلمتين ، وكما هو معلوم ان للمسلمين آراء غريبة بالديانة الايزيدية ، وتوجد هناك فتاوى غريبة أيظاً تبخس حقوقهم كطائفة وكأقلية دينية، رغم تقيتّهم . لأنهم يزعمون انهم مثل اليهود شعب الله المختار ،لكن لا يعلنون ذلك خشية البطش والحال أن اليهود المتّدينين يصرحون ليل نهار بذلك وفي حواضر المسلمين . لو ان طائفة الأيزيديين أعلنوا هذا الزعم أمام المسلمين لأصبحوا خبر كان ، خصوصاً لو أظهروا نسبهم المدون طبقاً الى ديانتهم بأنهم من نسب شريف وهم أصل الخليقة لأن امهم الاولى هي (غادةً بنت حواء) ومنها جاء نسل اليزيدية .هذه الأسطورة مدونة في كتاباتهم مثل كل الأساطير التي يؤمنون بها الآخرين حيث الأساطير موجودة في كل الديانات. أنهم يدعون أصحاب رسالة وكتاب مقدس اسمه (مصحف رشت) أي الكتاب الأسود . ولو أعلنوا كل هذه الادعاءات الى العلن لتعرضوا الى مشّاق لا حصر لها ، وتشويه لا حدود له ،وملاحقات لا تتوقف. أن أصحاب الديانات الآخرى ومنها الإسلام يزعمون إن هذه الطائفة منحرفة وضّالة ، وعلى المسلمين إعادتها الى جادة الصواب . أما نسب الأيزيدية الى يزيد إبن معاوية يقول المؤرخين والباحثين هي غير صحيحة . وفي كتاب الملل والنحل (للشهرستاني) ينسب الأيزيدية الى أتباع (يزيد إبن أنيسة الخارجي ) وهي فرقة منشقة عن الأباظية ،لكن المسلمين يتهمونهم بعبادة الشيطان وهذا يفسد عقائد المسلمين .لانهم يسكنون بجوارهم ويخشون انتشار مثل هذه العقائد الملحدة حسب زعم البعض منهم. الحقيقة باتهامهم عبادة الشيطان لها رواية فلسفية مفادها أن (عزرائيل) الذي رفض السجود الى آدم هو أحد ملائكتهم السبعة وهو رئيس الملائكة أجمعين ، والصحيح أن الأيزيديون يعتقدون بالله الواحد رب السموات والأرض ويسمونه (خدا) أي (الله) (الكرمي). تعرض الأيزيديون الى محن قاسية جعلتهم يستسلمون الى حقائق الواقع وقبول الافتراءات ضدهم .. من أبرز هذه الادعاءات عبادة إبليس . والحقيقة المتعلقة بهذا الاتهام هي إن الوزير العثماني (سليمان باشا) العثماني أطلق عليهم هذا الافتراء لإقصائهم . فتوالت على هذه الأقلية المصائب ، ولحقهم الظلم ، رغم انهم مكون أساسي من الواقع العراقي . إن عزل الأقليات مهما كان اعتقادها الديني والفكري هي غرضها ابعاد وحرمان هذه الأقلية من المشاركة بالكم والثروة . لماذا يتعرضون الأيزيدين بما لا يعلنوا عنه ويصرحون به... ويدانون عليه وهو عبادة الشيطان ؟ ألم تجد هذه الدعوات مناصرين ومؤيدين لها في عاصمة أكبر دولة عربية إسلامية - جمهورية مصر العربية- وهم في عقر الأزهر أكبر مؤسسة إسلامية في العالم يمارسون عبادة الشيطان علناً. ماذا يواجهون هؤلاء اللذين يصرخون قولاً ويعملون فعلاً بأنهم عبّادة الشيطان ، ويوجد أتباع لهؤلاء في أمريكا وبريطانيا والغرب أجمع تجد هذه المجاميع. لماذا يصحْ هنا ولا يصحْ هناك انه النفاق بعينه!
الطائفة الأيزيدية تعرضت الى أقسى حملة إبادة لها في الشهر الماضي بتفجير مُعدّ سلفاً لغرض طمس وإزالة معالم مدينة وأرواح بشر ، ومحو طائفة على أيدي الإرهاب والإرهابيين . التفجير كان مُعد ومخطط له سلفاً ومن أكثر من جهة ، حيث شدة التفجير وقوته التي أبادت القرى والمناطق التي يسكنها الأيزيديون كانت مناطق لها شواهد على الأرض أصابها المحو بفعل الحقد فتحولت هذه الشواهد الى أطلال بلمحة بصر وصارت أثراً بعد عين . إن هذه الإبادة الجماعية لطائفة الأيزيديين هي عمل شيطاني يفصم عرى الأمة العراقية .. لذلك نحن ندين المخططين ،والمساهمين ،والمشاركين ،والمنفذين بهذه الأبادة ضد هذه الأقلية المسالمة ونطالب الحكومة العراقية التحقيق والتأكد من الفاعلين وتقديمهم للعدالة لينالوا جزاءهم لما اقترفت أيديهم ، أيّ كان الفاعل لا نستثني أي جهة .
نستنكر هذه المذبحة الرهيبة ونطالب بالتعويض المجزي لهؤلاء الضّحايا وأسرهم ، ونطالب الأحرار التضامن مع هذا المكون الجميل لمكونات العراق .
كريم جاسم الشريفي








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. إسرائيل مستعدة لتوسيع عملياتها العسكرية في غزة إذا فشلت المف


.. واشنطن متفائلة وإسرائيل تبدي تشاؤما بشأن محادثات هدنة غزة




.. التصعيد العسكري الإسرائيلي مستمر في رفح .. فماذا ستفعل واشنط


.. الصفدي: نتنياهو يتجاهل حتى داعمه الأول.. ومواصلة اجتياح رفح




.. الجيش الأميركي: الحوثيون أطلقوا 3 مسيرات من اليمن دون خسائر