الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


من تاريخ الحركة الشيوعية في العراق(الماضي وآفاق المستقبل

عبد الحسن حسين يوسف

2007 / 9 / 24
مواضيع وابحاث سياسية


المـقــدمة

بداية اود ان انوه بأن الهدف من هذه الدراسة ليست التقليل من قيمة الحركة الشيوعية في العراق فشهدائها وتاريخها النضالي البطولي وآلاف السجناء والجوع الحرمان الذي تعرض له ابناء هذه الحركة هو اكبر من أي محاولة لطمسه ولكني واعتقد ان معي الكثيرين ان تشخيص اخطار الماضي هي دروس للحاضر والمستقبل. وحتى لاتذهب تضحيات الشيوعيين الذين سبقونا سداً علينا ان نضع اصبعنا على الجرح و نحاول مثل ما حاول رفاقنا القدماء ان نضع لبنة صغيرة في هذا البناء فهي خير من السكوت وهي محاولة لغلق ماخور الهزيمة فعذراً لكل من ورد اسمه بالنقد ومجداً لكل شهداء حركتنا الابطال (الكاتب(.

* ****** *

انضجت من بين ما انضجته على صعيد الواقع ثورة 14 تموز عوامل واسباب الصراع داخل حركة الطبقة العاملة العراقية. فبفعل ظروف الثورة نفسها امكن تبين ملامح التيار اليميني الاصلاحي المهيمن على قيادة الحزب الشيوعي العراقي ولقد كان موقف الحزب من سلطة البرجوازية ابان الثورة الدور الاكبر في تجسيد ملامح هذا التيار وجرى ذلك في الميدان وعلى ارض الواقع والتجربة العملية للجماهير. لقد تمخضت ثورة تموز عن حالة واضحة من ازدواجية السلطة تمثلت من جهة بالسلطة الديمقراطية الثورية التي كان يمثلها تحالف العمال و الفلاحين و جنود وبقية شرائح المجتمع، وراحت تقيم سلطتها (دكتاتوريتها) في المدينة والريف، فقد تهدم جهاز الدولة القديم وشل جهاز القمع وقد اغلقت مراكز الشرطة ابوابها لاشهر وفي الريف صادر الفلاحين الارض وممتلكات الاقطاعيين، وفي المدن قامت سلطة شعبية(سوفيتية) تتحمل هي مسؤلية الادارة وتشكلت قوات الجيش الشعب (المقاومة الشعبية). وظهرت الاتحادات المهنية (العمال، الطلبة) ومارست عملها دون ترخيص رسمي. كذلك ظهرت لجان ثورية في الجيش من الجنود والضباط وضباط الصف، خرقت القوانين البرجوازية ومزقتها دون ان تفقد التزامها الثوري العالي وانضباطها وبيّن سلطة البرجوازية المعزولة والخائفة والعاجزة عن ممارسة السلطة حتى بادنى اشكالها. لقد انتهت الحالة الازدواجية هذه على يد قيادة الحزب الشيوعي التي قررت تسليمها طوعاً، للاعداء وعمدت علنا على الاشتراك في جوقة البرجوازية وفي تقريرها الصادر عن اللجنة المركزية في اواسط سنة (1959)، اتهمت سلطة الشعب الثورية بالجهل والغوغائية وعدم معرفة الظرف السياسي في البلد. ان هذا الموقف الخاطىء ناتج عن منظومة فكرية كاملة هي تجسيد النظرية الاصلاحية الداعية الى عبادة المراحل التاريخية والاصرار الجامد على اجبار الحياة على الرضوخ للنصوص الجامدة وهي في النتيجة وعلى الصعيد الواقع العملي والحس الجماهيري موقف تخل عن قيادة الثورة وخيانتها قوبل بما يستحقه من الرفض وخلق حالة من الاحتجاج داخل صفوف الحزب في قواعده القريبة من الجماهير وولد ايضاحاً له من الاحباط لدى قطاعات واسعة من الجماهير الثورية واسلمتها للبؤس والوقوع تحت سيطرة ونفوذ الطبقات الاخرى. وقد كان من الغريب على الفرسان الخط الاصلاحي ان يتهموا الشعب بالجهل والغوغائية في حين لم يمض اعترافهم بجهلهم ثلاث سنوات فقد اصدروا وبتأثير مؤتمر العشرين للحزب الشيوعي السوفيتي سنة 1956 شعار (اسقاط الحكومة الملكية سلمياً) حتى حدث عدوان عام 1956 على مصر واشتعلت الانتفاضة في العراق لتجرهم على مراجعة موقفهم والاعتراف (بتدني مستواهم النظري) أي الاعتراف بجهلهم هم وليس الشعب. ان جذور الاصلاحية الانتهازية موجودة بقوة في تاريخ الحزب ولكن انهيار سلطة الاقطاع وصعود البرجوازية هي التي عرتها وكشفتها اكثر. ولقد جاءت الظروف والاحداث اللاحقة وخصوصاً بعد انقلاب 8 شباط 1963 البعثي الفاشي ليزيد في بلورة الصراع داخل الحزب وتعمقه، فتحت وطاءة الهزيمة ازدادت حركة الرفض وفي غمرة التسلط الارهابي للأنقلابيين ظهرت اولى بوادر التمرد هذه على يد مجموعة من ضباط الصف والجنود الثوريين، لقد ثارت آخر بقايا سلطة الديمقراطية الثورية المهزومة لنفسها بأنتفاضتها الباسلة في 3تموز 1963، واثبتت شجاعة قادتها وموقفهم البطولي اثناء محاكمتهم وموقفهم البطولي اثناء اعدامهم. وفي الوقت الذي يتم بعد جفاف دماء (حسن سريع) ورفاقه قام التيار الاصلاحي بمحاولة حل الحزب الشيوعي العراقي في اتحاد الاشتراكي العربي وهو تنظيم مسخ صنعه عبدالسلام عارف سنة 1964 هذه الخطوة التي اشتهرت باسم (خط آب) وكانت عنصر تفجير الاول للصراع داخل الحزب اذ قوبل الخط المذكور بمعارضة واسعة من لدن كوادر وقاعدة الحزب في حين لجأ قسم من الشيوعيين الى الانشقاق وتكوين حزب مستقل قاد الضابط الشيوعي المعروف (سليم الفخري) وعمل تحت اسم (الحزب الشيوعي العراقي ـــــ اللجنة الثورية). لقد كانت الانتفاضة المذكورة اول ظاهرة انشقاقية ثورية عبرت بضرورة قيام حزب ثوري للشيوعيين بعيدا عن هيمنة القيادة الاصلاحية التصفوية الا ان هذه المبادرة حملت معها نواقص وثغرات الولادة المبكرة غير الناضجة، فمن جهة لم تكن عناصر الانشقاق قد وصلت الى امكانية نظرية عالية تؤهلها لبناء حزب شيوعي ثوري بديل، ومن الجهة الثانية ان اغلب كوادر الحزب الشيوعي في التيار الاصلاحي(ل. م) فضلوا العمل من داخل الحزب لتغيره. فلقد تميز الانشقاق المذكور بتدني المستوى النظري وبأفتقار هذا الجانب من العملية الثورية لان الانشقاق بالاساس هو تعارض رؤيتين ونظريتين ولأن(اللجنة الثورية) لم تكن قادرة على تكوين نظرتها المستقلة والمتكاملة، فقد وقفت تحت تأثير التكتيك العسكري البرجوازي الذي كان مغريا وشائعاً آنذاك (تكتيك الانقلاب العسكري) وانطلاقا من هذه النظرة راحت اللجنة الثورية تعمل على تنظيم نفسها ومحاولة شن هجوم عنصره الاساسي هو الجيش، ولكن سرعان ما تبين ان التكتيك المذكور لايصلح لحزب ثوري ماركسي لينيني، وان مهمة بناء الحزب الثوري مهمة اشمل و اعمق واكثر سعة من حصره في (انقلاب عسكري). لقد افرزت عملية الرفض داخل الحزب الاصلاحي (القيادة اليمينية) على تغير سياستها وقامت برفع شعار اسقاط السلطة وبهذا العمل زالت معظم الاسباب التي دعت لقيام(اللجنة الثورية). بعدها تمكنت السلطة العارفية من توجيه ضربة قاسية لقيادة وقواعد (ل. ث)، بما فيها الامين العام (سليم الفخري) ليعود الصراع بعد ذلك الى داخل تنظيم (ل. م) فقد تشكك الكوادر وقواعد الحزب بجدية رفع شعار اسقاط السلطة وان رفعه كان مناورة لاسقاط صوت المعارضة وامتصاص نقمتها. وقد ثبت ان رأي القواعد كان في محله فلم تضع قيادة(ل. م) تكتيك مناسب مع شعار يؤمن تحقيقه، بل رفع شعار ثوري في حين ظل الاسلوب اصلاحياً لايتعدى وسائل العمل الجماهيري السلمي( كتابة الشعارات على الجدران وتوزيع البيانات والعرائض بعدها تفتقت عبقرية الاصلاحيين عن الدعوة الى دراسة التجربة منذ 1946 واعادة طبعة جديدة من انتفاضة 1948. اثناء ذلك كانت الظروف الموضوعية تنضج بسرعة، والمشكلات الاقتصادية والسياسية والاجتماهية تتفاقم وعزلة نظام العسكري الدكتاتوري العارفي تزداد الامر الذي شكل عامل انضاج وتعمق الصراع داخل الحزب وادى الى دفعها لاتخاذ اشكال اكثر تنظيماً فظهرت تكتلات ثورية داخل الحزب كان ابرزها: 1- تكتل لجنة منطقة بغداد الذي اشتهر تقريرها الموقع باسم (مصباح) والذي وزع على القاعدة خلافاً لرأي القيادة. 2)تكتل فريق من الكادر اللينيني التي اعلن تبنيه لكفاح المسلح. 3)تكتل وحدة اليسار الذي كان يقوده امين حسين الخيون وتبنى خط الكفاح المسلح. ان الكادر و وحدة اليسار توصلا الى حد الاندماج في حين كان هناك تنسيق بينهما مع تكتل منطقة بغداد الذي يقوده (عزيز الحاج). وفي ظل هذه الاجواء انفجر الانشقاق الذي بادرت اليه منطقة بغداد واعلن في ايلول عام 1967 ظهور ( الحزب الشيوعي العراقي ــــ القيادة المركزية). لقد كان لهذا الحدث اكبر عمل يعبر عن رفض قواعد الحزب وكوادره وجماهيره للقيادة الاصلاحية اليمينية. فلقد اثار الانشقاق في حينه دوياً هائلاً لا في العراق فحسب بل في عموم الحركة الشيوعية العالمية خارج مايسما آنذاك (بالمعسكر الاشتراكي) وقد التحق بالتنظيم الجديد الغالبية العظمى من كوادر الحزب واعضائه وتصاعدت استعدادات الجماهير والطبقات الثورية للنضال وللاول مرة في تاريخ الحركة الشيوعية العراقية والعربية وعموم المنطقة واجهت الاصلاحية اليمينية حملة تشهير وتعرية واسعة مترافقة مع عملية الانشقاق الواسعة.

الا ان ظاهرة القيادة المركزية و على الرغم من أهميتها في تاريخ الحزب قد اكتسبت قيمة اكبر من قيمتها الحقيقية واختلط في تقيمها الرغبة والطموح الثوري الجامح و الذي كللته الجماهير و قواعد الحزب بالحقائق الملموسة و بهذا أضاعت و انطمست امكانية تقييم الظاهرة و وضعها في الحجم الطبيعي الذي تمثله و قد لعبت اسباب عديدة بدورها في ذلك.

1/ كون الانشقاق حدث في ظروف امتازت بتصاعد النضالات الجماهيرية والعمالية ، الطلابية ، الفلاحية والتي صعدتها ظروف تردي الاوضاع العامة وضعف النظام وهزاله ورجعيته و عزلته القاتلة مقابل سعيه لأضطهاد الجماهير و الارتداد عن منجزات ثورة تموز البرجوازية وعقد صفقاته المشبوهة مع احتكارات النفط و شركاتها مثل شركة (أيراب الفرنسية) لاستثمار النفط في جنوب العراق ومواصلة حربه ضد الشعب الكردي و محاربته للقوى الوطنية والتقدمية و كافة مصالح الطبقات الثورية.

2/ حدث الانشقاق في ظروف هزيمة برجوازية الدولة (الكولنيالية) أثر حرب حزيران العربية الاسرائيلية (1967) الامر الذي انعكس في الواقع السياسي بصورة هزيمة للدعاوى الاشتراكية المزيفة التي طرحتها هذ الانظمة وقد تجلى ذلك بانحياز كثير من الاحزاب البرجوازية الصغيرة بأتجاه الماركسية.

3. ترافق هذا كله مع ظروف تألق الثورة الكوبية وثورة أمريكا اللاتينية وبزوغ نجم (جيفارا) الاسطوري بأعتباره صون ثورة في البلدان المتخلفة والمستعمرة وعنه انتشرت اسطورة الكفاح المسلح كوسيلة ماضية في النضال ضد الامبريالية.

بهذه العوامل يعود الفضل في اكتساب (القيادة المركزية) المكانة التي اكتسبتها بهذه في ضمير مناضلي الحزب وفي صفوف الجماهير العراقية والى هذه الاسباب بالذات تعود الهزيمة وفشل هذه التجربة اذ بفعل العوامل الانفة الذكر جرى

1/ التغاضي عن اهمية وضرورة النظرية الثورية والخطة الثورية التكتيكية والاستراتيجية لتحل محلها الارادة العفوية من تقديس (السلاح) دون نقده وتصويبه، الامر الذي انعكس بصورة فوضى فكرية داخل الحزب ضمن افكار (الجيفارية ، الدوبرية، الماوية . . الخ) الى نبذ فكرة السلاح والكفاح المسلح لأن القيادة المركزية كانت مجموعة من الكتل المتصارعة فكرياً وتنظيمياً لايجمعها الا رفضها سلوك (اللجنة المركزية).

2/ بنيت في غمرة أجواء الانشقاقات فقدان الوحدة الفكرية التي قام عليها التنظيم والتي كانت واضحة في الفترة السابقة على قيامه كدليل على ذلك يمكن ايراد مثال ترك حسين جواد الكمر(وليد) الذي يعتبر الشخص الثاني بعد عزيز الحاج، الحزب احتجاجاً على اتجاه الحزب للاقتراب من طروحات (فريق من كوادر الحزب) حول تبني خط الكفاح المسلح اذ كان يرى من جهته بأن المطلوب هو (انتفاضة عسكرية شعبية) وهو الامر الذي قام على اساسه بالتحالف مع عزيز الحاج في حينه. من جهة اخرى فقد ضمت القيادة المركزية العناصر المعروفة بتأيدها العتيد لاتجاه خط آب 1964 مثل (بيتر يوسف حميد صافي) وكثيراً من القياديين كانت خلافاتهم ثانوية لاتتعدى خلافات على المنصب الحزبي ومخصصات التفرغ الحزبي و اسباب ذاتية اخرى.

3/ أن اكبر دليل على عدم اتفاق (القيادة المركزية) النظري والسياسي هو تبنيها لبرنامج (اللجنة المركزية) حتى بعد انشقاقها واستقلالها تنظيميا وابقائها عليه بأعتباره برنامجها. ان الحدث الاكبر والاهم من بين الاحداث التي رافقت ظهور (القيادة المركزية) واكسبها سمعة واسعة هو حدث انتفاضة الاهوار المسلحة الذي تفجر في حزيران 1968. لقد كتب شيء كثير عنه وبالذات من (اللجنة المركزية) نفسها خاصة وان التيار الذي كان وراء الانتفاضة قد صفيَ أما استشهاداً او سجناً وجرى شيء ذاته على يد (القيادة المركزية) بعد الضربة الاولى التي وجهت لها في 1969 وبعد ان توفرت لها فرصة إعادة تقييم و دراسة الانتفاضة كرس مرة اخرى ومن جديد تزوير تاريخي فاضح وأغفلت الحقائق وطمس دور الرفاق و القوى ذات العلاقة بالأنتفاضة لتنسب كلها ل (ق. م)، وتتطلب الضرورة الان ان تجري اعادة ترتيب الحقائق وكما هي.

المعروف كما سبق ذكره انه كانت هناك ثلاث تنظيمات تمثل اتجاه المعارضة داخل الحزب الشيوعي أكبرها تكتل (لجنة منطقة بغداد) الذي بادر في ايلول 1967 الى اعلان (القيادة المركزية) وما ان ظهر التنظيم الجديد حتى بادر التنظيمين الآخرين تنظيم وحدة اليسار، تنظيم وفريق من الكادر الذي يقودها أمين حسين الخيون و ابراهيم علاوي (نجم محمود) الى توحيد نفسيهما والعمل تحت اسم (فريق من كوادر الحزب) وصدر التكتل الجديد مذكرة تحت عنوان (من اجل اعادة توحيد حزبنا على اسس مبدئية) وزعت بصورة واسعة وظهر واضحاً في حينه ان الحزب منقسم الى ثلاث تيارات وظل الامر على هذا الحال حتى كانون الثاني ــ شباط 1968 حيث تم عقد كونفرنس منظمة (فريق من كوادر الحزب) تقرر في حينه الاندماج بالقيادة المركزية. رغم ان التهيئة للكفاح المسلح أبتدأ في الاهوار من قبل التنظيم المذكور قبل ظهور القيادة المركزية وقد ظلت (ق. م) ترفض فكرة الكفاح المسلح وحرب العصابات وحتى كانون الثاني 1968 وجه عزيز الحاج رسالة الى تنظيم الكادر ابتدأ بالقول (أني اشارككم الرأي أيها الرفاق ان مهمة الثوري هي ليس انتظار الظروف بل خلقها أيضاً) وكان هذا اول تغيير يطرأ على (ق. م) ازاء قضية العمل المسلح وحرب العصابات. رغم ذلك فأن منظمة (ف. م. ك. ح) لم تتفق كلها بمسألة الاندماج غدت ملحة بل على العكس كان هناك رأي واضح يقول بأن عملية الاندماج قد تعني تحايلاً جديداً على شعار الكفاح المسلح و مناورة من اجل تعطيله والدليل على ذلك أن أغلبية القياديين في القيادة المركزية ومنهم عزيز الحاج لم يغادروا مدنهم واماكن تواجدهم المعروفة لتنظيم (ل. م) مما سهل القاء القبض عليهم الا ان (نجم) الذي كان مكلفاً بالتفاوض وعقد الصلة مع (ق. م) وجد ان تأجيل الاندماج لامعنى لها وأن الضرورة تدعو الى الاسراع في تحقيقه واستطاع في حينه أجتذاب كل من شهيد خالد احمد زكي والشهيد نوري كمال الى صفه، في حين بقي امين حسين الخيون مصراً على رفض مبدأ الاندماج وقرر ان يشكل تنظيمه تحت اسم (منظمة الكفاح المسلح)في حين راح نجم و انصاره يعدون لـ(كونفرنس) المنظمة وقرروا دمجها بالقيادة المركزية بشرط ان تلتزم القيادة المركزية بالكفاح المسلح في الجنوب وهكذا قام الرفاق من (تنظيم كادر الحزب) بتشكيل قاعدة عسكرية في اهوار الجنوب بقيادة خالد احمد زكي استطاعت القيادة المركزية فرض شخصين منها داخل القاعدة هم (حسين ياسين) و (عقيل حبش)، ترك الاول المعركة وهرب وفقد الثاني سيطرته على نفسه أثناء القتال مما أجبر رفاقه الى ربط يديه وفمه حتى لايسمع الجيش صياحه الهستيري وقد اقام الشهيد خالد المعركة بعد ان يأس من وعود القيادة المركزية فأعلن انفصاله عنها وغير موقعه في الاهوار، واعلن تنظيمه الجديد تحت اسم (جبهة الكفاح المسلح في العراق) هكذا فقد بدأت التهيئة للكفاح المسلح في جنوب العراق دون ان يكون لتيار عزيز الحاج أي دور او صلة فعلية فيه، ان الصلة الفعلية لهذا التيار في انتفاضة الاهوار هو صلة الدعاية والتطبيل وأصدار البيانات العسكرية في بغداد وخوفاً من النتائج بادر عزيز الحاج الى منح الرفيق الشهيد خالد احمد زكي عضوية القيادة المركزية التي تخلى عنها قبل اعلان القتال وأن كثيراً من الدكاكين السياسية لاتزال تستعمل اسم الشهيد خالد بأعتبارها وريثته الشرعية لتحوله الى أيقونة يتصدر أسمه كل ورقة صفراء تصدرها. هذه الوقائع وغيرها وبالاخص الاحداث اللاحقة على انقلاب 17 تموز 1968 الفاشي أثبت بأن (ق. م) ماهي الا تجربة غير مكتملة وغير ناضجة لأن نضج التفكير عن الضرورة الداعية لقيام الحزب الشيوعي الثوري خامر الانقلاب المذكور وظهر بالمقابل تخبط (ق. م) وعجزها عن فهم ابعاد الانقلاب وحجم المخاطر التي يمثلها والاساليب و الوسائل الكفيلة بمجابهته انطلاقاً من تأمين وصيانة الحزب و الحفاظ عليه. وفي حين كانت المسؤولية تفرض على الحزب وقفة يجري من خلالها تحليل المتغيرات الحاصلة بعد الانقلاب، ظلت (ق. م) ترفع شعارات الكفاح المسلح وحرب العصابات في حين ساهمت بأهمال الانتفاضة وقت حدوثها و تجاهلت طلبات قادتها.

هناك نقطة اخرى هامة هي نقطة تنفيذ الانشقاق و بغض النظر عن الطريقة التي نفذ فيها، فهناك رأي يطرحه (ف. م. ك. ح) يقول ينبغي ان يجري النضال لغرض عقد مؤتمر وطني للحزب وأن التيار الثوري حتماً له الغلبة فيحصل التيار الثوري أثناء المؤتمر على الشرعية الثورية و الشرعية الدستورية وقد ثبت الواقع صحة هذا الرأي فقد انحاز مع (ق. م)80% من اعضاء الحزب وكوادره العمالية مما اثار استغراب الكثيرين وهو كيف تختار الاكثرية الانشقاق عن الاقلية وقد اثارت خطوة الانشقاق هذه كثيراً من الفوضى وعدم الانضباط الحزبي أستطاعت بعدها الاقلية ان تملك زمام الامور و تعيد كيانها بعد ان سجلت ضربة 1969 الموجهة ل(ق. م) هزيمة لا للحركة الشيوعية الثورية في العراق بل هزيمة وطنية كبرى انغرست عميقاً في ضمير جماهير ومناضلي الحزب والحركة الشيوعية في المنطقة. أما المحاولات التي بذلت بعد ذلك لأحياء القيادة المكزية فقد اتجهت ذات الاتجاه الانعزالي، اذ بقيت القيادة منحصر نشاطها في كوردستان والخارج وتتصرف بروح رد الفعل على الارهاب البعثي، واستطاع (نجم) ومجموعته تصفية كل من لم يوافقهم الرأي، ابتداً بطرد (مصلح مصطفى) الامين العام للقيادة المكزية بعد عزيز الحاج و انتهاءً بقتل (ابو جعفر) القائد العمالي البارز والمنفذ الرئيسي للانشقاق في بغداد سنة 1967. ثم قامت مجموعة نجم بتصفية البقية الباقية من كوادر الحزب عن طريق عدم اختيار الاعضاء القياديين ونقل كثير من المندسين الى اماكن خطرة في بغداد والجنوب وعلى رأسهم الخائن سعد الحديثي(منصور) الذي استطاع تدمير منظمة الناصرية ومنطقة بغداد وظهر قيما بعد انه احد ضباط الامن. واستمرت شلة(ابراهيم علاوي)(نجم محمود)في كوردستان وعندما انهارت الحركة القومية الكوردية سنة 1975 بعد اتفاق الجزائر بين صدام حسين وشاه ايران انهارت معه وغادرت العراق لينقلب اكثرهم الى تجار بعد ان وزعوا مالية الحزب حسب المسؤولية والكفاءة!

الحزب الشيوعي العراقي (القيادة المركزية) بين نارين

المتابع لما كتب عن القيادة المركزية يشعر ان ماكتب عنها ينقسم الى قسمين الاول مناصر لها يعتبرها ولدت بلا نواقص متكامل ولكن القوى المعادية لها هي التي تكالبت عليها واجهضتها ورأي آخر معاد لها يعتقد انها ساهمت في تأخير انتصار الحركة الشيوعية في العراق, وان عملية 17 ايلول 1967 استطاعت ان تسحب الثوريين العراقيين في صراع غير متكافئ مع السلطة البرجوازية واستفزتها قبل الاوان, الامر الذي سمح للبرجوازية الكولونيالية المسيطرة ان تجمع قواها بمساعدة الامبريالية لتغيير النظام العراقي الضعيف والاتيان بالبعث صاحب التجربة الفاشية الطويلة وصاحب الخبرة في معاداة الحركة الثورية في العراق بدءا من 1958 و 1963. وقد حاول اصحاب هذين الرأيين ان يسوق حجج وبراهين ليثبت رأيه دون محاولة قراءة الرأي الاخر وقد اضاع علينا الطرفين قراءة هذه التجربة قراءة نقدية جادة وتقييم صحيح واستخلاص الدروس منها لتكون خزين للثورين اللاحقين للاستفادة منه. ورغم اني كنت مع الرأي الاول بحكم انتمائي لهذا التنظيم وقد عرفت الشيوعية عن طريقه فأني احاول الان ان اخرج من هذه الشرنقة لاتنكرا لهذا التاريخ المجيد الذي لازلت اعتز به وقد تحملت مع غيري ماتحملت من اذى واعتقال بسبب التزامي هذا ولكني اريد ان اساهم وهي بالتأكيد مساهمة متواضعة بكتابة تاريخه بعيدا عن التزمت التنظيمي السابق ليكون هذا بسلبياته وايجابياته تاريخ لنا وللاجيال القادمة.

القيادة المركزية والكفاح المسلح

ان اغلب الاحزاب الشيوعية في العالم التي استلمت السلطة عن طريق الكفاح المسلح كانت منذ بدايتها احزاب مسلحة تشكلت وقد اخذت على عاتقها استلام السلطة السياسية منذ تكوينها ولو اخذنا تجارب الكفاح المسلح في اهم بلدين تم استلام السلطة عن طريقه هما الصين وفيتنام لوجدنا ان هذين الحزبين ولدا مسلحين وقد ساهمت البعثة العسكرية السوفيتية مثلا في الصين بتدريب اعضاء الحزب الشيوعي الصيني عندما كان هذا الحزب المتحالف مع الكومنتانغ وكان هناك تحالف فلاحي واسع مع الحزب قبل ممارسته للكفاح المسلح وبعد انفصاله عن الكومنتانغ كانت كافة الاطر المسلحة متكاملة.

والحزب الفيتنامي تشكل بنفس الطريقة تقريبا وقد تكون من خلال النضال في محاربة القوات اليابانية ثم الفرنسية وبعدها الامريكية ولهذا, فقد كان مسلحا منذ بداية تكوينه وجذوره في الريف مهيئة للكفاح المسلح بحكم الممارسة العملية ولهذا فان القياديين في هذين الحزبين وكل الاحزاب المشابهة لهما لم يخرجا من غرف المؤتمرات كما يقول (ريجس دوبريه): (ليس المهمة تصنع حامل المهمة ولكن على العكس من ذلك فان الشخصيات التاريخية هي التي تصنع التاريخ).

ولو اخذنا الحزب الشيوعي العراقي منذ نشأته لوجدنا انه حزب اصلاحي لم يحاول الاستيلاء عى السلطة ولم يضع في برنامجه يوما مسألة بناء الشيوعية في العراق وان كل ماكان يقوم به هو فيض من الصراعات والمؤتمرات وكتابة البرامج الطويلة وتبادل قيادييه الادوار بين الاصلاحية والثورية اللفظية. وعندما ظهرت (القيادة المركزية) اخذت معها كل امراض الحزب القديم بما فيها انتقال اغلب القيايدين السابقين الى التنظيم الجديد حاملين معهم سلبياتهم القديمة وحتى قواعد الحزب رغم ثوريتها واستعدادها للتضحية لم تستطع في ليلة وضحاها فهم شعار الكفاح المسلح.

ان مواجهة عدو منظم ومسلح تسليحا جيدا يتطلب رجالا من نوع خاص (لا رجال يتمزقون في السجون دون البوح بكلمة ولكن رجلا يستطيع الاستيلاء على مدفع رشاش. ان عليكم استبدال شجاعة بشجاعة وليس جبنا بشجاعة.. جيفارا). ان الكفاح المسلح له شروط قاسية جدا لاتتوفر من خلال رفع الشعار فقط وان قساوة الشروط لاتسمح بالشيوخ ان يكونوا هم القادة كما حدث في تجربة القيادة المركزية وان يكون العمل في وسط صديق وليس معادي او على الاقل سلبي. فان من اهم فشل تجربة الشهيد خالد احمد زكي (ظافر) هي عدم وجود شخص من اهالي المنطقة يرشد الثوار على طريق الانسحاب من الطوق المعادي. ان من ضمن الاسباب الاخرى للفشل هو وجود مقدمة بدون خلفية أي وجود بؤرة ثورية مسلحة دون وجود مساندة جماهيرية في منطقة العمليات.

ان ولادة القيادة المركزية من رحم تيار اصلاحي لم يتعود دمج النظرية الثورية بالممارسة الثورية ولم يسبق هذا العمل عمل آخر هو (الدعاية المسلحة) أي تهيئة منطقة العمليات لهذا العمل.

الحزب الشيوعي العراقي (ق.م) والموقف من الحركة الشيوعية العالمية

لقد تكلمنا عن الاخطاء القاتلة التي اجهضت تجربة القيادة المركزية وقد آن لنا الان التكلم عن ما تركته القيادة المركزية من اثر ايجابي وموقفها من الاحداث العالمية في ذلك الوقت، ان موقفها كان آنذاك موقفا رياديا سبقت فيه كثير من الاحزاب الشيوعية التي كان لها تجارب نضالية طويلة ففي سنة 1971 اصدرت القيادة المركزية وثيقة بعنوان (الحزب الشيوعي العراقي والتحريفية العالمية المعاصرة) شخصت فيه اخطاء الحزب الشيوعي العراقي ولكن اعتبرته انعكاسا لانحراف اكبر هو ظهور التحريفية في الاتحاد السوفيتي ورغم ان كثيرا مما كتب في هذه الوثيقة اصبح الان من المسلمات المعروفة الا ان سنة 1971 كان الاتحاد السوفيتي يسوق بضاعته الفكرية وتتنافس الاحزاب الشيوعية في العالم على الدعاية لها والتهليل والتسبيح بحمدها وتصديرها الى قواعد هذه الاحزاب على انها الماركسية الحقة مثل موضوعة (المباراة الاشتراكية) و(التطور الرأسمالي) و(الانتقال السلمي للاشتراكية) وغيرها من الطروحات المعادية للماركسية, ان هذه الوثيقة التي بدأت بتحليل ثورة اكتوبر معتمدة على كراس لينين (الوصايا الاخيرة) والذي صدر بعد وفاة ستالين.

ولقد شخص فيه لينين بطريقة عبقرية كعادته في اغلب الاحوال الجهاز الاداري للدولة الفتية حين قال (ان الجهاز الاداري السوفيتي جهاز قيصري مصبوغ بالمورفين السوفيتي) تم عندما كتب عن زعماء ثورة اكتوبر مبتدأ بستالين قال (ان ستالين شيوعي جيد ولكنه قاسي حتى مع نفسه واوصي بتغييره وقد استطاع ستالين والمجموعة المحيط فيه عدم نشر هذه الوصايا حتى لاتعرف القيادة البلشفية رأي لينين به وقد استمرت وثيقة الـ(ق.م) بشرح الاحداث معتمدة على وثيقة لينين لتصل الى الاستنتاج التالي: "عندما سيطر ستالين على جهاز الحزب والدولة استعمل القسوة البالغة كما توقع لينين ذلك الامر الذي جعل الجهاز القيصري المصبوع بالمورفين السوفيتي ينحني امام هذه القسوة واخذ مداهنة الوضع الجديد وبدأ ينجز التجربة الفتية من الداخل وعندما مات ستالين كانت جميع الاجندة القيصرية جاهزة فأنقضت على ماتبقى من هذه التجربة وكان المؤتمر العشرين خاتمة هذه التنظيرات".

وقد كانت الحركة الشيوعية العالمية التي استطاع ستالين تحويلها الى لجان محلية تابعة للحزب الشيوعي السوفيتي قد استمرت في عملها كلجان محلية تابعة لخليفته (خرشوف) ومنها الحزب الشيوعي العراقي.

ان هذا التحليل الرائع لـ(ق.م) تحليل غير مسبوق من جميع الاحزاب الشيوعية على الاقل في المنطقة العربية وقد شكل ظهور القيادة المركزية وخصوصا بعد صدور هذه الوثيقة بداية لظهور منظمات ماركسية عربية اعتمدت على هذا النهج. وان بعض المنظمات الفلسطينية جعلت منه بداية لانسلاخها من التيار اليميني التي كانت معه وعلى رأس هذه المنظمات الجهبة الديموقراطية لتحرير فلسطين التي كان كثير من شيوعيي القيادة المركزية دور فاعل فيها وخصوصا في مجال العمل النظري.

الحزب الشيوعي العراقي (القيادة المركزية) والقضية الفلسطينية

نشرت مجلة الحرية اللبنانية وثيقة صادرة من القيادة المركزية بعنوان (الحزب الشيوعي العراقي والمسألة الفلسطينية) ثم صدرت الوثيقة في كراس منفصل من منشورات القيادة المركزية.

ابتدأت هذه الوثيقة باستعراض عن المسألة الفلسطينية والمؤامرة الصهيونية الامبريالية على المنطقة. ان اهم نقطة فندتها هذه الوثيقة هي انها اوقفت القضية على ارجلها بعد ان كانت واقفة على رأسها, فقد كانت النظرية السائدة تقول ان الصهيونية قد سيطرت على العالم الغربي والامريكي وان الامبريالية قد اصبحت اداة بيد الصهيونية توجهها حسب مقتضيات مصالحها, ولكن هذه الوثيقة اثبتت ان الصهيونية اداة بيد الامبريالية وليس العكس وان الامبريالية زرعت الصهيونية في المنطقة لاهميتها وغناها وموقعها الجغرافي وان ارتباط الحركة الصهيونية بالامبريالية ليس عفويا بل ان الرأسماليين اليهود استثمروا الاوضاع التي مرَّ بها اليهود في اوروبا لمصالحهم التي توافقت مع مصالح الامبريالية الاوربية وقد تنقلت الصهيونية في احضان الامبرياليات الاوربية حتى استقر بها المقام في حضن الامبريالية البريطانية دون ان تفقد علاقتها بالامبرياليات الاخرى. وهكذا وجدت اسرائيل دولة عنصرية مدججة بالسلاح وجسم غريب مزروع في المنطقة ولها اهداف توسعية خاصة بها تجعلها غير متعايشة مع السكان الاصليين وقد شمل تـآمرها لا المنطقة العربية فقط بل كل منطقة ساخنة ترغب الامبريالية التدخل فيها.

ان اسرائيل كما تقول الوثيقة هي مخلب قط امبريالي هدفها اجهاض النهوض الثوري والمساهمة في التآمر الامبريالي على كادحي العالم اجمع, وقد ادانت الوثيقة موقف الحزب الشيوعي العراقي السابق حول المسالة الفلسطينية عندما ايد التقسيم في سنة 1948 لان الاتحاد السوفيتي أيَد التقسيم وكانت الدولة الثانية التي اعترفت باسرائيل.

وطالبت القيادة المركزية في وثيقتها من شعوب العالم وحركاتها الثورية تعزيز اواصرها وتحالفها مع الحركة الثورية الفلسطينية من اجل دحر الصهيونية واسيادها الامبرياليين. ان موقف (ق.م) هذا, ومساهمات كثيرا من الشيوعيين العراقيين في العمل المسلح الفلسطيني وتضحياتهم كان تاريخا مجيدا ترك بصماته الواضحة على كثير من التحليلات المتأخرة.

رغم ان القيادة المركزية كانت اهم تنظيم ظهر في سبعينيات القرن الماضي الا ان منظمات ماركسية اخرى ظهرت على الساحة العراقية بعد افول نجم القيادة المركزية ولم تستطع الصمود ايضا بفعل عوامل عديدة نتطرق لها في الجزء الثالث من هذه الدراسة, واتمنى لمن هم اكثر خبرة مني في هذا المجال الكتابة لصحيفة (بلاغ الشيوعية) لكي نكتب تاريخ حركتنا بعيدا عن دهاقنة ((الحزب الشيوعي العراقي)

المنظمات والاحزاب الماركسية التي ظهرت بعد القيادة المركزية

كان لانهيار الحزب الشيوعي العراقي (ق.م) دوي يشبه الانفجار لاداخل العراق فقط بل في عموم المنطقة وذلك بسبب الامال التي بنيت على هذا التنظيم من خلال طرحه الجديد وتحليلاته الرائعة، الامر الذي انعكس سلبا على الحركة الشيوعية العراقية. فبدل تنظيم صفوفها لجأت الى تشرذم ظهرت على اثرها تنظيمات شيوعية عراقية عديدة، منها من حاول بناء تنظيمات باسم القيادة المركزية نفسها، ومنها من حاول تجميع من تخلص من براثن الموت البعثية ليبني تنظيم شيوعي جديد. وكان اول تنظيم ظهر بعد ندوة عزيز الحاج التلفزيونية الشهيرة هو تنظيم (الجيش العراقي الثوري) او كما اسمته احد رموزه الباقين على قيد الحياة (الجيش الشعبي لتحرير العراق) وقد استعمل هذا التنظيم الاسلوب الجيفاري في النضال والاسلوب الخيطي في التنظيم, ولم يعتمد على الكتابة واصدار البيانات الامر الذي جعل المتابعين لايعرفون الكثير عن برنامجه وحياته الداخلية وقد حاول التنظيم جاهدا عدم معرفة الاسماء الحقيقية لقيادته واعضائه وكان ضمن شروط الملتحقين فيه ان يكونوا مدربين تدريبا عسكريا جيداً ويملك كل واحد منهم قطعة سلاح، وقد اعتمد التنظيم ساحة العمل الفدائي الفلسطيني ميدانا لتدريب اعضائه واخفاءهم عن عين السلطة العراقية الفاشية، وايضا لايمان التنظيم ان ساحة النضال واحدة اينما كانت لان الانتصار على الامبريالية في أي موقع هو مسمار في نعشها الابدي, ولكن بسبب معارك ايلول في الاردن سنة 1970 اضطر التنظيم الى سحب معظم عناصره الى داخل العراق مما شكل عبئاً مالياً على التنظيم لكون معظم اعضائه كانوا مطلوبين من السلطة البعثية, اقلها مطلوب للخدمة العسكرية الامر الذي دفعه للتسرع في التخطيط لعمليات من اجل الحصول الى المال لتغطية النفقات، وقد فشلت هذه العمليات بفعل التسرع او اسباب اخرى، اعضاء التنظيم الباقين على قيد الحياة هم افضل من يكتب عنها, لقد حصلت الضربة القاضية ليلة (21/ايار/1971) حيث القي القبض على معظم اعضاء القيادة وعلى رأسهم قائده الشهيد ]معين النهر (خالد)[ في مدينة الحرية بـ(بغداد) حيث كان مريضا في بيت اخته وقد دل عليه احد المنهارين في قيادة التنظيم المدعو (أياد جواد الانصاري) وقد قاوم الشهيد معين النهر قوات الامن بصلابة شيوعية عالية واستشهد بعد ان قتل احد رجال الامن وجرح اثين اخرين, وقد اعتقل من قياديي التنظيم كل من يحيى سرحان وفاضل حسن العكام والشاعر الشيوعي المعروف محمود الريفي.

وقد استلم قيادة التنظيم بعد ذلك (ظافر النهر), الذي استمر في قيادة التنظيم حتى سنة 1982 حيث تم القاء القبض عليه مع بضعة من رفاقه في منطقة كردستان وسلموا الى السلطة البعثية واعدموا جميعا واستمر التنظيم يعمل في خارج العراق لمدة طويلة وكان من ضمن القياديين البارزيين فيه هاني النهر (احمد) وعبدالله شهواز والشهيد عبدالامير.

وكان لدى التنظيم علاقات واسعة مع كثير من الرموز امثال (ابو الفهود, مطر لازم) والشاعر مظفر النواب, ولقد التحق بالتنظيم كثيراً من الشيوعيين الذي طردتهم جامعة كادحي الشرق السوفيتية لنشاطهم المخالف للنهج السوفيتي واهمهم (بولا البرزنجي وفؤاد محمد علي وعماد النهر).

لقد كان اغلب الدعم المادي يأتي عن طريق الراحل حسن النهر والد الشهداء معين وظافر وعماد. لاشك بان الرفاق اعضاء هذا التنظيم هم الذين يستطيعون تصحيح ماورد وكتابة تاريخهم بطريقة افضل.



2- الحزب الماركسي اللينيني العراقي

تأسس الحزب الماركسي اللينيني العراقي في سنة 1976 من مجموعة من الشيوعيين القياديين الذين تركوا العمل بعد تحالف الحزب الشيوعي العراقي مع حزب البعث وتكونت بدايته ليس على طريقة القيادة المركزية أي طريقة الانشقاق العمودي في التنظيم ولكن بطريقة تجمع الكوادر الرافضة للجبهة مع البعث وبعض الشيوعيين السابقين من القيادة المركزية ومن بقايا جبهة الكفاح المسلح التي كان يقودها الشهيد (امين حسين الجنون) وقد تكونت لجنته التأسيسية من:-

1- رحيم ابو جري الساعدي

2- هاشم العبود (ابو سلام).

3- عبدالجبار عبدالله

4- عبدالامير الركابي.

5- لفتة طارش العبيدي.

6- كاظم الحميري.

7- كامل الزبيدي (ابو الخلاص).

8- عبدالله الركابي.

9- محسن جعفر (ابوس سعدون) ....وآخرين

وتم توزيع بيانه التأسيسي واصدار برنامجه ونظامه الداخلي وقد جاء في برنامجه بعد المقدمة وبعنوان (في سبيل حياة افضل لطبقتنا العاملة العراقية (ص15 من البرنامج) مايلي:

((على مدى تطور الطبقة العاملة سياسياً واجتماعياً تعتمد مهمة التحول الاشتراكي وتتوقف مجمل المسيرة التأريخية نحو الشيوعية, ولهذا فإن حزبنا يخص الطبقة العاملة بانجاز المهمات الملحة التي تضمن تطوير حياتها من خلال الغاء قانون العمل البرجوازي الحالي واستبداله بقانون عمل اشتراكي).

ومن خلال رفضه لاطروحات الحزب الشيوعي السوفيتي مثل المباراة الاشتراكية والطريق اللارأسمالي وغيرها من الطروحات التحريفية، قال البرنامج مايلي:-

(ان هذه الاطروحات جعلت قيادة الحزب الشيوعي السوفيتي ينظرون الى التطور الجاري في بعض بلدان اسيا وافريقيا وامريكا اللاتينية بقيادة البرجوازية الصغيرة على انه ((توجهاً اشتراكيا))، ان حزبنا في الوقت الذي يرفض فيه هذه المفاهيم الغريبة عن اسس الشيوعية العلمية يقف ضد ردود الفعل والمعالجات الخاطئة التي سلكها قيادة الحزب الشيوعي الصيني ازاء تلك الاطروحات حيث انهم بالغوا فيها الى درجة شوهت النقد العلمي لتلك الاطروحات (ص38-39 من البرنامج).

وفيمايخص القضية الكردية جاء في برنامج الحزب وتحت عنوان (موقفنا من القضية الكردية) مايلي:-

(ان حزبنا الماركسي اللينيني العراقي يرى من خلال نظرته العلمية المستخلصة من تاريخ الثورة الكردية ومن خلال نظرته للظروف الموضوعية والذاتية التي يمر بها مجمل النضال الثوري في العراق عامة وفي كردستان خاصة انه يستحيل حل القضية القومية للشعب الكوردي في ظل الحكم البرجوازي، اذ لايمكن فصل هذه القضية عن قضية مجموع الشعب العراقي والمصلحة الجذرية للطبقة العاملة وسائر الكادحين في العراق. ان الثورة التي تقودها الطبقة العاملة وحلفائها والتي تؤمن بحق الشعب الكوردي في تقرير مصيره بنفسه هي وحدها القادرة على حل القضية القومية والوطنية للشعب الكوردي (ص32 من البرنامج).

وقد استطاع الامن البعثي خرق هذا التنظيم من الداخل الامر الذي اجبر قيادته على ترك العراق واللجوء الى سوريا وقد اصدر من هناك صحيفته المسماة (الانتفاضة).

ولانعرف كم عدد صدر منها وقد انتهى التنظيم بعد تبادل قياديه الاتهام فيما بينهم بالعمالة للنظام البعثي السوري والعراقي وتم اغتيال الشهيد هاشم عبود (ابو سلام) والشهيد عبدالجبار عبدالله في لبنان واعتقل رحيم الساعدي ومحسن جعفر وعبدالله الركابي وكاظم الحميري وابنه مناضل وتم اعدام الشهيد كاظم الحميري وابنه مناضل من قبل البعث فيما اطلق سراح الباقين، وقد وجهت اصابع الاتهام الى كامل الزبيدي بأنه هو الذي يوصل معلومات التنظيم الى الامن العراقي.



3- الحركة الديمقراطية العراقية الثورية

في بدية عام 1980 بدأ عدد من الشيوعيين القدامى السابقين وبعض العناصر الشابة التي ليست لها تنظيمات سابقة بتشكيل تنظيم تحت اسم (الحركة الديمقراطية العراقية الثورية) وكان من ابرز اعضاء التنظيم هم كامل مدحت, فاضل حسن العكام, كاظم محمد دخل. واستطاعوا تكوين وجود لهم في البصرة وديالى وكردستان وقد استطاعوا اصدار عدة اعداد من صحيفة خطية أسموها ((وحدة العمال)).

وفي عام 1982 غيروا اسم جريدتهم الى (31 اذار) وقد جاء في العدد الاول من صحيفة (31 اذار) مقالا افتتاحيا بعنوان (اسقاط النظام الاستبدادي البعثي الحاكم مهمة عاجلة امام القوى الثورية والوطنية)، جاء فيه: "يمر الشعب العراقي بأسوء ازمة اجتماعية وسياسية خانقة ورهيبة عرفها على امتداد التاريخ المعاصر.. ان اكثر من ثلاث عشر عاما من تسلط وبطش النظام البعثي الحاكم قد احدثت تغيرات هائلة في واقع وسيرورة النضال الجماهيري باتجاه التحرر الاقتصادي والسياسي الجذري الشامل. وعكست مجريات الحكم البعثي نشاطا فاشيا رهيبا اعاد شعبنا الى عهود العبودية وهدر الكرامات والتخلي عن ابسط القيم والمبادئ الانسانية والحضارية. ولم يعد هناك قناع يتستر به شخوص النظام كبيرهم وصغيرهم واصبحوا حلفاء واضحين وطبيعيين لمجموعة الطبقات والفئات المعادية للجماهير الكادحة وانهم عملاء سريين للامبريالية واداة تنفيذ لمخططاتها العدوانية في المنطقة والتي تخدم بالتحليل الاخير الاتجاه اليميني والرجعي الحاكم في الوطن العربي وعلى رأسه حكام النظام السعودي والاردني وعمان والمغرب ومن طرف اخر الصهيونية المستفيد الاكبر من كامل السلوك الاجرامي المشبوه للنظام.

لقد بينت سنوات السلطة السوداء ان البعث معاد للديمقراطية ولايعترف بابسط حقوق الانسان من اجل كل هذه فان الجماهير بقيادة طلائعها الثورية والديمقراطية واعية لدورها التاريخي الحاسم في وضع نهاية سريعة لخطر البعث وسلطته الفاشية المجرمة. انها مهمات آنية ملحة ليست على قوة سياسية محددة بل معلقة بأعناق كل القوى والتيارات والشخصيات العراقية الوطنية والتقدمية والديمقراطية الثورية والعمل من اجل ازالة مظاهر الارهاب والفاشية من على ارض وطننا المناضل وقبرها الى الابد).

وكان التنظيم يعتمد اصدار البيانات وخصوصا بالمناسبات الوطنية والاممية كذلك بخصوص الحرب العراقية الايرانية, وبعد ترهل العمل بالنظر للموقف الحرج من الحرب حيث التنظيم يدعو الى رفض الخدمة العسكرية وليس لديه القدرة على حماية واحتواء الهاربين من الحرب تم حله دون ان يصدر بيان بذلك.



4- التجمع الثوري لشغيلة العراق

ظهر هذا التنظيم في عام 1985 واصدر جريدته (الشغيلة) واعتمد التنظيم اسلوب الكاسيت حيث البرنامج الوطني مسجل على شريط تسجيل ويتداوله الاعضاء، وفي 1/6/1985 القي القبض على قيادته وأحيلو الى محكمة (الثورة) وحكم عليهم بالمؤبد.

وقد تكونت تنظيمات ماركسية عراقية عديدة خارج العراق، قسم منها انشق من الحزب الشيوعي العراقي واغلب اعضائه وقياديه كانوا من عتاة اليمينيين تم طردهم من الحزب من خلال صراع زعامات وليس صراعات مبدئية مثل (منظمة العمل الشيوعي في العراق التي تكونت في 1983 ويقودها اليميني المخضرم (يوسف حمدان) مدير دار الرواد ايام تحالف الحزب الشيوعي العراقي مع البعث ثم وصل هذا (المناضل) بأن تحالف مرة اخرى مع صدام حسين واصبح عضوا في المجلس الوطني الصدامي، وقد شكل (بهاءالدين نوري) بعد طرده (الحزب الشيوعي العراقي (القاعدة)) في سنة 1983 وقد اصدر جريدته (صوت القاعدة) وقد توقفت الجريدة اواسط التسعينيات من القرن الماضي وقد تعاون هذا التنظيم مع المجاميع اليمينية التي افلست مثله امثال (لجنة التنسيق) التي يقودها (باقر ابراهيم الموسوي) (ونوري عبدالرزاق).

وهناك تنظيمات ثورية تكونت ايضا خارج العراق وكان يقودها شيوعيون معروفون بالتزامهم المبدئي العالي ولكن الظروف الذاتية والموضوعية لم يسمح لها بالتطور امثال (المنظمة الماركسية اللينينية العراقية) التي يقودها الراحل المناضل سعيد جواد الرهيمي، وتنظيم (الشيوعين الثوريين العراقيين) التي يقودها الشهيد (تحسين علي الشيخلي الملقب بـ"يحيى العراقي" وقد اغتيل في بيروت بتاريخ 24/3/1984، ومنظمة (فهد الثورية) التي يقودها النقابي المعروف (حكمت كوتاني) الملقب ابو حاسمة وهو شخصية نقابية معروفة انتمى بعد حل منظمته الى الحزب الشيوعي العمالي العراقي وتوفى في كندا في اواسط التسعينيات من القرن الماضي.

لقد حاولت جاهدا ان اذكر اغلب التنظيمات الشيوعية التي ظهرت بعد الانشقاق الكبير في الحزب الشيوعي العراقي في 17/ايلول/1967.

و هنا يطرح سؤال تقليدي هو (ماالعمل) هل نستمر في زيادة اعداد هذه المنظمات؟ أم نعمل جاهدين لبناء حزب ثوري ماركسي يقضي على هذا التشرذم؟ وماهي اسس هذا التنظيم المطلوب؟

اتمنى ان اجيب عليه قدر امكانياتي المتواضعة في القسم الرابع من هذه الدراسة, كما اتمنى من الذين لديهم خبرة اكثر تزويد (بلاغ الشيوعية) بما لديهم من اجل تصحيح أي معلومة خاطئة وردت..



إن إطلاق صفة الماركسية اللينينية على أي حزب لا يعني إنها وصفة سحرية لحل المشاكل بل يتطلب العمل على فهم الماركسية اللينينية فهم صحيحا (لا حركة ثورية بدون نظرية ثورية - لينين) وليس الاعتماد صيغ ثورية تقي من الوقوع في الانحرافات اليسارية واليمينية فقد واجه لينين في صراعه لبناء الحزب البلشفي ماركسيات عديدة مثل ماركسية كاوتسكي وماركسية يرنشتاين وقد استطاع لينين بعبقريته المعروفة من فهم ماركسية ماركس فقد اشتبك في صراعات نظرية عديدة حتى بعد انتصار ثورة أكتوبر مع رفاق عديدين مثل روزى لكسمبورغ وغرامشي وآخرين ,ألان بعد رحيل ما يسمى المعسكر الاشتراكي وتحول لينين إلى هدف يرمي عليه كل من هب ودب ,أي طريق نختار؟ هل نعتبر لينين ظاهرة روسية فاشلة ونبحث عن شخصية معاصرة نجعل اسمها مرادف لاسم ماركسي حتى يطلق علينا صفة (مجددين) أم نختار لينينية لينين مثل ما اختار لينين ماركسية ماركس تلك هي المهمة الكبرى التي لا يستطيع تحقيقها إلا تجمع كل الثوريين الحقيقيين . لقد ظهرت منظمات وأحزاب ماركسية عديدة وتوجد ألان الكثير من هذه المنظمات والأحزاب ولكني أتسائل هل استطاعت تلك المنظمات أن تميز نفسها ببرنامج واضح يختلف الواحد عن الآخر وهل استطاعت إن تسيد العمل الثوري على العمل العفوي ؟وهل استطاعت أن تبني مركزية ديمقراطية أو ديمقراطية مركزية حسب الظروف ؟ وهل استطاعت كبح جماح عفوية العمال الاقتصادية لصالح العمل الثوري العام ؟ وهل استطاعت القضاء على استعلائية المثقفين وار هابهم الفكري ؟وهل استطاعت إيجاد قيادات ثورية حقيقية (لا يستطيع القيام بدور مناضل الطليعة إلا حزب يسترشد بنظرية الطليعة - لينين) ؟وهل استطاعت هذه المنظمات والأحزاب أن تثبت أقدامها في صفوف العمال والغوص في همومهم؟؟ إن الجواب على هذه الأسئلة (جوابا علميا)شرط بناء الحزب الثوري وان مهمة الجواب لا يمكن أن يكون جوابا فرديا إطلاقا بل مهمة كل الكتل والمنظمات والأحزاب التي تعمل صادقة لبناء هذا الحزب بعيدا عن الشللية وادعاء امتلاك ناصية الحقيقة وتكفير الآخرين!! على الطريقة السلفية الإسلامية

الأسس اللينينية لبناء الحزب

1/ إن على الحزب اللينيني أن يكون على انسجام تام مع مسلماته النظرية وان يكون طليعيا وحزبا طبقيا وأداة اشتباك ثورية يتسم بالوحدة والأنباط الثوري .إن العمل من اجل بناء هذا الحزب وتوحيد المنظمات الماركسية المتناثرة هو ليس إيجاد قاسم مشترك لا رضاء هذه المنظمات الأمر الذي يدفعه لإيجاد حلول تنظيمية انتهازية ويكون تجمعا كميا معرض للخرق من الطبقات الأخرى المعادية فتحوله إلى تحالف هش بين تيارات متباينة ويكون بعد ذلك مرتع للأفكار والخطوط الغير واضحة المعالم وبالنتيجة تشتت تنظيمي يتجه بالضد من طموحات الطبقة العاملة والجماهير الكادحة وان على كافة الرفاق الذين يعملون من اجل بناء الحزب الشيوعي الحقيقي أن يستغلوا الفترة الحالية لم فيها من حريات نسبية ليجعلوا من اللحظة الديمقراطية في العمل التنظيمي هي السائدة واللحظة المركزية هي التي تتبعها مع عدم نسيان إن قوات الاحتلال والبرجوازية القومية العراقية الكولنيالية لا تريد لهذا الحزب أن يرى النور أبدا الأمر الذي يجعلهم في حذر مستمر منها .وان يكونوا مستعدين إلى الانتقال للعمل السري في أي لحظة يشعرون فيها إن الهجمة الإمبريالية والبرجوازية الكولنيالية قد بدأت .

2/ إن على الحزب الجديد في بداية تكوينه أن يكون حزب كوادر متخصصة بمستوى كبير من الوعي ولكن عليها أن تعمل جاهدة من اجل تحويله إلى حزب جماهيري عمالي على أن تتحاشى الذوبان في الجماهير فيفقد الحزب طليعته .إن الموازنة بين بين حزب الكوادر وقيادته للجماهير الواسعة يقطع الطريق أمام الفردية والبورقراطية .إن الحزب الثوري هو دمج النظرية الثورية مع الحركة الجماهيرية العمالية لان كل منهما ينبع من مصدر مختلف ,فالنظرية الماركسية هي علم كسائر العلوم وهذا العلم أول ما يتطلب هو الدراسة والتفرغ والإمكانية الأكاديمية وهذا لا يملكه إلا المثقفين في حين الحركة الجماهيرية العمالية تنبع من الاستغلال البرجوازي المباشر للعمال وهذه الحركة لا تستطيع أن تتجاوز المطالب الاقتصادية وكما يقول لينين إن النظرية الثورية والحركة الجماهيرية تظهر إحداهما مع الأخرى وليس إحداهما من الأخرى .فعلى كافة المنظمات والأفراد الذين يحملون هم بناء الحزب الشيوعي العراقي أن يحاولوا دمج هذين التيارين في تيار واحد ليكون الحزب المنشود

3/ أن بناء حزب شيوعي عمالي عراقي يتطلب أن تكون له جريدة مركزية تنطق باسمه وتسمح لكل الآراء أن تتفاعل وان تكون هذه الجريدة (جزء من منفاخ حداد هائل ينفخ في كل شرارة من شرارات النضال الطبقي والسخط الشعبي ويجعل منها حريق عام وحول هذا العمل الذي يبدو بريئا جدا وصغيرا جدا بحد ذاته ولكنه منظم وعام بكل معنى الكلمة ,يتعبا بصورة منظمة ويعمل جيشا دائم من مناضلين مجربين - لينين) لان الجريدة (داعية جماعية ومحرضة جماعية ومنظمة جماعية وهي تعمل لإيجاد الصلة الفعلية بين المناضلين على أساس العمل المشترك المنظم - لينين) وان تكون هيئة تحرير هذه الجريدة هي مثل هيئة أركان جيش في حالة حرب كبيرة وان ننظر لكل منظمة أو حزب يريد المساهمة ببناء الحزب الثوري على انه جزء من تاريخ عام هو تاريخ نضال شعبنا وشيوعيه وكادحيه كافة

4/ إن البرجوازية الكولنيالية العراقية بكافة تلاوينها علمانية أو سلفية متفقة من حيث الأساس في نقاط مشتركة عديدة على رأسها الحفاظ على الواقع الطبقي الراهن والعمل على إيجاد صيغ ((ديمقراطية))تحفظ لها امتيازاتها ,ولكن مع ذلك هناك نقاط مهمة تجعلنا لا نقاطعها بشكل مطلق أهمها أن اغلب قواعد هذه الأحزاب هي من الجماهير الكادحة المظللة من هذه الأحزاب وهي جماهير علينا مخاطبتها وتوعيتها وسحب البساط من تحت أقدام قيادات هذه الأحزاب قدر الإمكان .

5/ النضال ضد الإصلاحيين شرط أساسي من شروط بناء الحزب الثوري فلا يمكن بناء الحزب دون دحضها ووضع الخطوط الفاصلة بين الحزب الجديد وبينها وفق برنامج ثوري يكشف كل مساوئ البرنامج الإصلاحي الذي يطرحه هؤلاء . إن فتح النار باتجاه هذا التيار أمر واجب لان الإصلاحية والأفكار الدخيلة على الفكر الماركسي لا تموت من تلقاء نفسها نل تقتل ( لان البرجوازية لا تموت ما لم يتم الإطاحة بها فان التيار الانتهازي الذي ترشوه البرجوازية وتسانده هو أيضا لا يموت إذا لم يقتل .إذا لم تتم الإطاحة به وحرمانه من كل نفوذ بين البرولتاريا .ولهذا من الضروري شن نضال لا هوادة فيه ضد هذا التيار - لينين) إن على جميع الشيوعيين الحقيقيين أن يعملوا لإعادة بناء حزبهم بلا شروط مسبقة عدا الالتزام بالنظرية الماركسية اللينينية أيدلوجيا وتنظيميا .إن الخطوة الأولى عليها أن تبدأها الآن ولا مجال لتأخيرها ويجب أن يكون الباب مفتوح لخطوات لاحقة .ونحن من جانبنا نعلن أن صحيفة بلاغ الشيوعية مفتوحة لكل الأقلام الماركسية حتى التي تخالفنا .إن على الثوريين العراقيين أن لا يفوتوا الفرصة عليهم فالفرص لا تتكرر دائما ,وأننا لا نريد للذين حكمت عليهم الحياة والتجربة بالخطأ أن يعودوا إلى الميدان مرة أخرى فالقد فاتتهم الفرصة وعليهم أن يعوا هذه الحقيقة جيدا .ومرة أخرى اكرر إن المعلومات التي كتبتها هي معلومات متواضعة ,أتمنى لمن هم اكثر خبرة مني أن يدلوا بدلوهم وان بلاغ الشيوعية مفتوحة لهم جميعا.



-------------------

المصادر
1. كتبت في القسم الأول من الدراسة إن مجموعة إبراهيم علاوي (نجم عبود)قامت بتصفية خضير سلمان شوت (أبو جعفر) عضو القيادة المركزية في الحزب الشيوعي العراقي(ق . م) وقد وصلني من الصديق العزيز سالم عبيد (أبو صلاح) كتاب صادر من مديرية الأمن العامة في زمن النظام البائد يثبت إن القتيل يعمل لصالح الأمن العراقي وقمت بتصوير هذا الكتاب لفائدة القراء وتصحيح خطئي.

2. لينين - ما العمل

3. لينين - بم نبدأ

4. الماركسية اللينينية ونظرية الحزب الثوري - منير شفيق

5. الحزب الشيوعي العراقي والقضية الفلسطينية - من منشورات القيادة المركزية.

6. الحزب الشيوعي العراقي والتحريفية العالمية المعاصرة - من منشورات القيادة المركزية

7. البرنامج والنظام الداخلي - الحزب الماركسي اللينيني العراقي 1977.

8. صحيفة (31) آذار - صحيفة الحركة الديمقراطية العراقية الثورية - 1982

9. معلومات من الصديق العزيز (فاضل الحكام) أحد مؤسسي الجيش الشعبي الثوري العراقي

10. معلومات من الرفيق فؤاد محمد علي أحد أعضاء الجيش الشعبي الثوري العراقي

11. معلومات من إبراهيم علاوي (نجم عبود)في اجتماع عام ظم (32)كادر من الحزب الشيوعي العراقي (القيادة المركزية) في بغداد سنة (2003) بعد سقوط النظام الصدامي وكان الكاتب ضمن الحاضرين

12. وليمة لإعشاب البحر - رواية للكاتب السوري حيدر حيدر.

13. معلومات ميدانية للكاتب عندما كان في مقر الحزب الشيوعي العراقي في منطقة (ناوجلكان) في كردستان

14. مذكرات باقر إبراهيم

15. نقاشات كثيرة مع كثير من الأصدقاء الشيوعيين من مختلف التنظيمات الشيوعية.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الخارجية الروسية: أي جنود فرنسيين يتم إرسالهم لأوكرانيا سنعت


.. تأجيل محاكمة ترامب في قضية الوثائق السرية | #أميركا_اليوم




.. دبابة إسرائيلية تفجّر محطة غاز في منطقة الشوكة شرق رفح


.. بايدن: لن تحصل إسرائيل على دعمنا إذا دخلت المناطق السكانية ف




.. وصول عدد من جثامين القصف الإسرائيلي على حي التفاح إلى المستش