الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


اسماك ( فؤاد مرزا ) التي طارت !..(10)

بولس ادم

2007 / 9 / 26
الادب والفن


اخبار السارد حول زوجة العم ( الغريبة ) :-

( .. زوجة عمي لم تكن تخلو من أثار جمال قديم غارب,غير أن عينيها وكفيها خلتا من وشم وزينة نساء الجنوب مما يؤكد أصلها الأجنبي. صحيح أنها كانت تتكلم الفيلية والعربية بطلاقة, غير أنها كانت تخاطب بناتها المحببات حينما تجتمع بهن في الليل بعبارات غريبة لم أكن أفهمها. قالَ أبي أن زوجة عمي توركمانية الأصل. )

...

واحد من اكثر اسرار السرد اهمية ، امكانيات السارد في نقل المعلومات الى القارئ عما هو فيه في كل لحظة تبني .. امكانية جعل القارئ مكتشفا ومتشوقا لتفاصيل تخص الشخصية هي لذته السرية في الأستمرار المتدفق مع مستويات المنتوج الذهني للقاص / دعم التراسل / .. التراسل المرتكز على وقائع ووجهات نظر وخيال وتوترات لاتقترب من حالة الشخصية في حرها وبردها ، انغلاقها وانفتاحها/ الا لتقول لنا بوضوح ومهما اختلفت اساليب الكتاب :-

- انا هنا .. فترقبوني !

يرسخ القاص والفنان التشكيلي العراقي ( فؤاد مرزا) هذه القناعة لدينا ..
ما هي دلالات مبضعه اللغوي في جمل تتلاحق لاهثة لتعريفنا بزوجة العم .. الغريبة ؟!
لايمكننا الوصول الى الأعماق دون اسئلة نضعها لأنفسنا اولا قبل
ان يسرع القاص في تقديم اجابة مباغتة .. لكانه قرر المراهنة على الحقيقة دون توريات وتلغيم يستر الصميم والصادق في حقيقة الشخصية .. كما فعل الروائي والقاص ( فؤاد التكرلي ) في رسم شخصية (الخالة) في روايته ( الرجع البعيد )

في ( رحلة لصيد الأسود ) يظهر القاص متحررا جريئا وصادما, لولاه / لما صمدت هذه القصة الجميلة الى يومنا هذا/ !
ولما اعتمدنا واثقين على افعال تدفعنا بقوة الى الأنقلاب الدرامي الذي سيضعنا القاص ( فؤاد) وجها لوجه معه ( قتل الأسد هو واقع صيد ارنب ) مثلا ! القصة فيها ( حبكة درامية) وتقديم تقرير قصصي عن (الغريبة ) كان مهما جدا فعلا .. لم اغادر القصة دون وساوس ناتجة عن اغتراب عميق تمتلئ به . ليس خوافي النسق الأنساني للشخصية وادائها بل كل شبر من ازقة القرية والبيئة المحيطة وفضاءات الموروث الشعبي وخلاصات الخرافة .... دوما, لازمت الوساوس حول الكائن خارجنا في شخصيتنا العراقية . لماذا ؟!
- لأن الشر تنبانا به وتكلمنا حوله بدقة وبالتفصيل ، ثم عشناه يحدث لنا ويهدد جمالياتنا الشعبية وثقافاتنا المحلية على مر القرون / تلك ماساتنا / .
ماتحليلك لقولة الأم العراقية لطفلها الواقف على عتبة باب البيت الى يومنا الرقمي هذا :-

- استعجل وليدي فوت جواالبيت، لاتاخذك مني الجنية !

في عام 76 كتب ( فؤاد) عن (الغريبة ) عن بيئة قروية مركبة في بداية الستينات العراقية الجنوبية كما نكتب كعراقيين اليوم جراحا دون تخلف رمزي لحفظ العورات الأجتماعية المقدسة !
بل بكامل حريتنا .. من يكتب بجبن يطلق الرصاص على مستقبله ككاتب .. !
ليست المسالة محدودة محليا بنا ..
عندما بدات بقراءة ترجمات ( باولو كويلهو ) الألمانية كان هناك من يروج الى انه من صنع (دور النشر ) ولايرقى الى اهلية تقنية سرد محكمةوبارزة بين اساتذة ( البيست سيللرز ) الذين تجاوزهم في مبيعاته !
اعتبروه بائع نزوات وطموحات خيالية ..
سمعت منه شخصيا في امسية له هنا في معرض الترويج لكتابه الفذ (السيميائي / ساحر الصحراء ) مايلي :-

( بعد كلامي المتواصل عن خصائل القرابي وعائلتي وبيئتي وطموحاتي اعتقد والداي بانني مجنون ، هكذا فهموا تمردي .. ادخلوني المصحة
النفسية وتعرضت لصدمات كهربية وهكذا كان الحال الى لحظة اعتراض شخص نبيل قال لهم بانني لست مريضا بل اديب ! )

يقدم لنا ( كويلهو ) خلاصات بلغة واضحة عن اشراقة الأنسان تمردا على كوابح البيئة .

.. احد فناني السامبا قال لي بان خرافات العقود الماضية في نواحي/ سلفادور البرازيل / خلقت تمردا لكشف التابوات فيما يخصنا ، ظهر جيل جديد من فناني السامبا بسامبا جديدة قالت بصوت عال :-

- امهاتنا لأجل الخبز في المبغى ، لكن طبولنا تقرع لكم ، فارقصوا!

مع مراعات الأسلوب المقارن بين ثقافات كل بيئة في العالم انثربولوجيا قبل غيره .. كل بعد نقدي اجتماعي ابداعيا عليه ان لايغفل المعاني السامية لجوانب انسانية عظيمة لن تعثر عليها بنفس الخصوصية وفي اي مكان من العالم ! وكما قلت سابقا,(العراق ) فيه عدد لا محدود من القصص ,, تكاد تكون الأغنى مخزونا سردا وبموازاة ذهبها الأسود في باطن الأرض !

لو كان لفؤاد يومها فرصة طبع كاملة وانتشار كاملة ضمن بيئة عراقية سليمة ، للعيش كريما والأستمرار بطقس كتابة يومي لأصدار كتب اخرى كما هو حظوظ الآخرين في العالم ليس هو فقط بل كلنا ؟! لكن وكما يقول الشارع العراقي :-
- زرعنا كلمة ( لو) ولم نحصد ..
حسنا .. مجاميعه القصصية , متى ستطبع ؟!

اي كاتب في عالمنا هذا مثل الكاتب العراقي ارملا مع مخطوطاته !
تحية لكل اديب عراقي في الداخل يفطر مع حبيباته المخطوطات وينام
مهدهدا لها باغنية سمعها من امه على امل زوال الغبار ..
ونحن في خارج العراق فرصتنا افضل ، اقصد فرصة قرصنتهم لحقوقنا
لو مددنا رزمنا المخطوطة على شريط الطبع والنشر .. كابة ونحس !
لااحد من الكتاب العراقيين يعيش ككاتب متفرغ تماما مطمئنا من وارد كتبه .. لكن على الأقل استطيع القول اليوم بكل صراخ قبل ان اتهم الغرباء :

- وزاراتنا الثقافية منذ التوزير الثقافي الأول للدولة العراقية الحديثة كانت تهمش الأهم لتعتني بخطط رافقها الهراء .


المعاني ملقاة على قارعة الطريق ، كماكان الجاحظ يردد..

غير ان الأمر وصل بنا فيما يخص ( الغريبة ) في قصة ( رحلة لصيد الأسود ) الى وطر اخر ،

قضية وضعها كشخصية لابد منها في خطاب القصة ، كيفية سرد الشئ وليس محتوى الشئ ..


( يتبع )








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. إصابة الفنانة سمية الألفى بحالة اختناق فى حريق شقتها بالجيزة


.. تفاصيل إصابة الفنانة سمية الألفى بحالة اختناق فى حريق شقتها




.. الممثلة ستورمي دانييلز تدعو إلى تحويل ترمب لـ-كيس ملاكمة-


.. عاجل.. تفاصيل إصابة الفنانة سمية الألفى بحالة اختناق فى حريق




.. لطلاب الثانوية العامة.. المراجعة النهائية لمادة اللغة الإسبا