الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الأصبع و الذباب قصة قصيرة

خالد ساحلي

2007 / 9 / 26
الادب والفن


سلخ له الموس الحاد أصبعه حين كان منهمكا في قطع الشريط الفولاذي الملفوفة به بالة السراويل،

أعتاد أن يسلخ أصابعه كما أعتاد على الجروح وما صحبها من ألم ينفذ لقلبه كالسم، سال دمه حينها بغزارة كنبع ماء، أدار عليه قطعة قماش و صبر محتسبا كفاحه لأجل لقمة الخبز.




عاد من السوق بعدما باع و أشترى، استلقى على الكنبة دون مضيعة للوقت، أغمض عينييه علّه يظفر بسنة من نوم، الذباب يزعجه ويرفع له ضغط الدم، يتجمع يجتمع على أصبعه المعطوب . يضع يده اليمنى تحت رأسه ويستجمع قليلا من الماضي ، يتذكر يوم قرر المتاجرة بالألبسة القديمة الوافدة من العالم الأول، لقد أوصلته تجارته لنظرية اجتماعية أكدت أدلة من سبقوه، الشعب في بلاده يعشق القديم الوافد من هناك، ينفر من الجديد ويفنى في حب المستعمل ، العقلية راسخة في حب الرث لكن الرث الآتي من هناك أحسن من الجديد المنتج هنا، لطالما سمع هذه العبارة من الناس .




تأسف حين تذكر السنين الفاصلة عالمه عن العالم الأول لا شك هي سنين غير عادية، ثم ما لبث أن أنفجر ضاحكا حتى البكاء حين توافق التشبيه في ذاته منعكسا على عصره و راهنه، يكلم نفسه بمعادلته :


" المتغير" هو الأصبع المجروح .


" الثابت " هو ذباب يلدغ يقرص.


رفض النتيجة ثم أصر، كان يجب أن تكون النتيجة هكذا :


"المتغير ذباب مزعج ."


" المجتمع النائم هو أصبع مجروح صاحبه المتعب نفسيا وعقليا."




يجذب يده من تحت رأسه يهش بها على الذباب، يقف مضطربا مشوش الفكر خائف، ربما سمعه أحد، متأكد لا أحد سمعه، وبالمرة ظله تركه بالخارج . قرر رفض كل النتائج المتحصل عليها ، عوّضها بتلخيص ولعن وسوسة إبليس والدور الذي يلعبه في مسلسل الذباب " ذباب ضعيف لا يتركك ترتاح فما بالك بملايين البشر من لهم السطوة و القوة و الجبروت، الأبالسة " . استلقى على الكنبة من جديد، راح يغط في نوم عميق بفعل حبة الدواء المنوّمة التي تناولها، عبث الذباب على أصبعه بعدما استراح من اليد اللعينة التي ضايقت عليه رزقه في دم فاسد متعفن . كان في نومه متثاقلة عليه حواسه كأنه صارع ثيرانا ودببة، شخيره دلالة تعب، في نومه أتاه كابوس، رسول في صورة ذبابة، كان عليه تغيير نظريته ومعادلته علّه يفلح في الخروج من الدائرة التي وضعه فيها الرسول الذبابة، كان الرسول بصورة الذبابة يهاتفه" معادلة جائرة ـ جائرة، انتقام ـ انتقام" بدأ المسكين في تغيير المعادلة بسرعة ضوئية .


"الأصبع المعطوب هو المجتمع المريض ."


"الذباب هو الفعل المنشّط للذات المتعبة الخاملة، الفاعل الإيجابي الدال على موقع الجرح و المرض ، الدافع للإنقاذ للمشارك الثالث ضميره هو الغير متقد و الغير فطن الذي عرّضه للجرح دون التفكير في موضع النظر قبل اللمس ودون التعديل في خبرة مهنته ."


كان لا يزال يرتجف من الرسول بصورة الذبابة، وهو يقدّم النتائج والمعادلات إلى ان توصل إلى معادلة فكّت عنه حصارا لرسول بصورة الذبابة، كانت أطرافه تشبه المشط و كلاّب التعذيب إلا أنها كانت تتواءم مع الصورة .


المعادلة التي تنجيه بكل بساطة : "الذباب هو مخلوق لطيف يؤشر للناس المكان غير النظيف ليعالج الوسخ . "


ابتسم، تقلب على جنبه الأيمن فرحا بانفكاكه من كلاّب و مشط الرسول بصورة الذبابة، مفتخرا بانتصار عبقريته في زهو، كان لا زال يغط في نوم عميق وحرارة الحمى تدفعه للهذيان أكثر، لم يستيقظ إلا في المساء ليجد أصبعه صار بحجم العصا، هذه المرة رفض التشبيه بصق على أصبعه ثم لعقه، تراه أخطأ ثم صحح الخطأ، قال: " من ذا الذي يستطيع البصق على العصا، ليحفظ الله أصبعي ليكون دليل الخير لكل فاقد وجهته ." قال هذا بعدما تأكد بأن الدواء لا يزال أثره يدعوه للنوم.
خالد ساحلي








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. أحمد فهمى و أوس أوس وأحمد فهيم يحتفلون بالعرض الخاص لفيلم -ع


.. أحمد عز الفيلم المصري اسمه الفيلم العربي يعني لكل العرب وا




.. انطلاق فيلم عصابة الماكس رسميًا الخميس في جميع دور العرض


.. أوس أوس: هتشوفونا بشكل مختلف في فيلم عصابة الماكس وكل المشاه




.. مؤلفين عصابة الماكس: الفيلم قائم على العائلة وأهميتها.. ومشا