الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


رسالة أخيرة

هشام بن الشاوي

2007 / 9 / 24
الادب والفن


ملاكي الحارس :
أكتب إليك يا سيدة القلب والأحزان.. مفعما بالحنين والنشيج .. "منتظرا انكساري التالي" .
بالأمس ، كنت منهارا نفسانيا حين أبلغني أحد الأصدقاء الأصفياء رفض ترشيح ديواني لإحدى الجوائز العربية .. كنت أحلم بحفنة دولارات لأرمم أطلال دواخلي وأرتق أسمال أيامي .. أعرف أني صرت أفكر - لا شعوريا - في الماديات . لعل حبي للحياة بطريقتي الخاصة يجعل الجانب الإنساني في داخلي يموت ببطء .. ببطء.

أحسست بقلقك ولكن ...
كنت أحتاج إلى أن اكون وحيدا . لم أتحمل حتى نفسي وأنت تلحين في السؤال علي ..
هي لحظات انكسار لاغير.
بعد أن غادرت وصديقي الحانة ، لمحت فتية يقيسون بنظراتهم خلفيات العابرات المتهاديات أمامهم على الكورنيش، مصرحات بمفاتنهن ، سمعت أحدهم ينوه بعجيزة التي غادرت الشاطئ للتو .. لم يعنني ذلك أبدا ، رغم أنها كانت مدوخة .. كنت محطما ، أحاول أن أتمالك أعصابي حتى لا أغرق في بحر دموعي ... وكل شيء من حولي بهيج وضاج بالحياة ، و الشباب يتباهون بسياراتهم الفارهة ذات الترقيم الأوربي ...
لم يكن يعيني في شيء أني أهمل أناقة ملبسي ، و لا أحلق شوك وجهي إلا كل أسبوع ... مذ بلغت سن الثلاثين لم يعد هناك ما يشدني إلى هذا الموت المجاني ،البطئ ،المسمى مجازا: حياة ...
لم تهمني في شيء دردشتك عن الشاب المعطل الذي يتوق إلى العمل ك"زبال" بشهاداته العليا !!
سألتني شابة جميلة ، أثناء انتظارنا للحافلة ، عن الساعة . لم أبال بالرد عليها .. فقط كنت أصغي إلى ضجيج رجل قريب منا ...
تقولين :إني أقصيك من تفكيري في لحظات توتري. لكني لا أحب أن ترينني منكسرا .. دامع القلب والعين ، هو درس قديم تعلمته منذ زمن بعيد ،عن الخيط الرفيع ما بين الحب أو الحنان و الشفقة ... ليتك تتصورين طعم المرارة حين أجالس أصدقاء شعراء ،ويؤدون ثمن مشروبي .. ياااااه !!
قد أكون حالما أكثر مما ينبغي أن أطمح . و غير راض على حياة أحتملها ولا أعيشها.
تحت مطر الحزن ، وممتلئا بالنشيج .. انهمرأول الغيث ، فأخرجت قلمي ، ودونت على قصاصة ورق :
" أيتها الحياة :امنحيني بعض الفرح
أستعيره لخراب دواخلي
حتى أحبك وأعدك بقصائد غزل لم تكتب بعد ! " .
هذا الصباح ،انتشلت رسالتك الرائعة من مخبئها ،حيث أخفيها عن الجميع ،
تلمست غلاف الرواية ، كما لو كان خد امرأة مثيرة .. رواية مجرد قراءة ثمنها ... يرعبني من باولو كويلو!!
تفحصت منديلك ، تشممت بكل مودة عطرك الباريسي الفاخر ، وبكيت بلا دموع ، وأنت بعيدة قريبة .
في مكتب البريد ، لمحوا القبلة التي طبعتها بأحمر شفاهك .. وأحسست بالمهانة وهو يخاطبني أو يخاطب زميله : " فلتأخذك معها " .
قبل أيام ، التقيت وصديقين مبدعين ..
كنا ثلاثة بؤساء نتسكع في شارع الحب مثل غجر .
وبكثير من الأسى، تحدثنا عن زمن البدايات وألقها ، تحسرنا على عمر ضاع في الهباء ، وجدنا " التعاسة تنتظرنا في آخر المطاف " ..
اقتنعنا بضرورة البحث عن مستقبلنا بعيدا عن هراء الكتابة .

صرت أحب الليل من أجلك ، فقط لأننا نختلي بأنفسنا بعيدا عن الأعين والمنغصات ، ونحلم بتحطيم كل الحواجز التاريخية والجغرافية و.. و...
تعرفين تلك ال....
والتي كنت تغضبين كلما قرأت إميلاتها ومسجاتها ..
وهي تطاردني
هنا وهناك .
كنت الوحيد الذي انتقد - بشدة - هشاشة تجربتها الإبداعية ونفاق من يتوددون إليها .
قد تكون غنية ، وربما رائعة الجمال .. لكني لم أفكر في يوم أن ....
كنت الوحيد الفظ معها .
لعل هذا سبب ملاحقتها لي ...
كان صوتها يتدفق فرحا وهي تكلمني ،وكأن لا شيء حدث بيننا ..
كما لو كنت حبيبا غيبته سنوات الشوق والبعد .
حددت لها الملتقى ، وأغلقت الخط ، وبكيت كما لم أبك من قبل ..
أحسست بالمهانة وأن لا جدوى من وجودي .. وصوتك حلو النبرات، يغمر رأسي المخمورة ، وأنت تجهشين في البكاء ذات شجن : " أنا أحبك ،ومجرد التفكير في أنك قد تهجرني - ذات نزوة - يقتلني كمدا ..." .
استدرت بسرعة ، حين أقبلت سيارتها .. كفكفت دمعي الحار، بادرتها بقبلة ، وأنا ألف ذراعي حول كتفها ...
عندما غادرت الحمام ،
وجدت ظرفا فوق ثيابي ...
اندفعت إلى الخارج ، هائما على وجهي ، وقلبي ينوح ..
تحاشيت أن أنظر إلى وجهها بمجرد الانتهاء منها ، كما تعودت أن أفعل مع بائعات الهوى .
لن تصدقي أني رميت رزمة المال في إحدى البالوعات ...
و...
وها أنذا أكتب إليك هذه الرسالة الأخيرة ..
وحيدا ... مع كأسي ،
حزني الخرافي
وقلبك البكر المخضب
بحبك الجنوني
الذي لا يستحقه رجل قذر مثلي ..
وداعااااا








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. إبداع المخرجة نانسي كمال وتكريم من وزير الثقافة لمدرسة ويصا


.. المهندس حسام صالح : المتحدة تنقل فعاليات مهرجان الموسيقى الع




.. الفنان لطفي بوشناق :شرف لى المشاركة في مهرجان الموسيقى العر


.. خالد داغر يوجه الشكر للشركة المتحدة في حفل افتتاح مهرجان الم




.. هبة مجدى تدعم زوجها محمد محسن قبل تكريمه فى مهرجان الموسيقى