الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الحلم المستحيل

فدوى أحمد التكموتي
شاعرة و كاتبة

2007 / 9 / 25
الادب والفن


لحظة هدوء ، ونباح الكلاب ، في ليلة مقمرة من أيام ليالي أيلول، وهبيب ريح تنعش الروح قبل الجسد، أرجحت جسدي بقشعريرة لطيفة ، كأنها تهمس لي بصوت خافت، لا تحزني كل شيء سيأتي عما قريب. أخذني فكري وانا أنظر إلى السماء وأتأمل النجوم والقمر يشع منه نور كأنه وهج الله على الأرض، يا لروعة هذا المنظر، صورة جمالية كونية لا يمكن أن يرسمها أي مخلوق على وجه البسيطة. ذهبت بفكري إلى أبعد الأفق، رغم أني أعيش واقعا مملا ومريرا، كأنه سواد النهار وسواد الليل، حتى صرت أعشق هذا اللون بكل شيء فيه، تأرجحني أفكاري بين الأمس واليوم والغد.



الغد هذا الشيء المبهم الذي لا يملكه أحد من بني البشر، مرعوبة منه أكثر من أي رعب في الوجود، لا أدري كيف أصفه، أهو شبح أم شيطان أم طيف أم عدم ... لست أدري؟ كأنني أتساءل مع إيليا عن هذا الوجود ، وعن سر هذا الوجود ، ولماذا هذا الوجود ... أسئلة حيرت الفلاسفة وحيرتني معها ...

هناك بين النجوم يشع النور، أطمح الوصول إليه، تنتابني غفلة من الأحلام، أعيش فيها أحلى التصورات وأبدأ ألوح في الفضاء وأبني وأبني قصورا من الأحجار والأفكار.

أشتري قطعا أثرية من متاحف روما، وأختار تماثيل لممياء من متحف الكرنك بمصر ، وأضع الكراسي في بهو اشتريته من باريس، وبهو آخر فيه زخرفة الأندلس وأنقرة أضعه في الجانب الأيسر من البهو الكبير، أما في البهو الأوسط ، فأضع شكلا هندسيا بالنجم الطارق يهزني هزا، خيمة عربية أصيلة، وعليها أفرشة على الأرض من اللحاف العربي، في الركن الأيمن وضعت سيفا، وفي الركن الأيسر وضعت قدحا من الطين صنعته أنامل الباسوس اشتريته من بلاد الحجاز ، وفي الوسط هناك دمية لشيخ القبيلة وحكيمها "زهير بن أبي سلمى" ، نقبت عنه في قبور المتاحف الغربية ودفعت فيه كل ثروتي، ذهبت نحوه ناظرة إليه بشوق كأنني أريد أن يتكلم.

فقالت لي نفسي، يا حكيم البشر آه ليتك تسمعني وتصب لي كأس القهوة العربية المقطرة المفضلة لدي، ضحكت على نفسي بل على خرافتي وانحنيت فجأة رأسي، وبعدها سمعت صوتا هرما يقول لي، تفضلي بنيتي هذا طلبك، رفعت رأسي وجدت الدمية تنطق، يا إلهي، تتكلم ، ماذا أرى؟

يمد لي فنجان القهوة ، أخذتني رعشة هزت جسدي كله وأوقعتني في دهشة وصمت رهيب، ناظرة إليه كأنني مغشى علي ، آخذة فنجان القهوة منه ، واحتسيتها ، يا لروعتها ما ذاق لساني هذا المذاق مطلقا ما حييت ، وبدون أن أدري ، رفعت له يدي طالبة منه المزيد ، فزادني جرعة أخرى ، أخذتها بلهفة، يا إلهي ماذا يجري؟ ماذا أرى ؟ شربتها وأنا انظر إليه كأنني في زمن ما ، غير هذا الزمان.

أحسست أنني أتصبب عرقا، وكأن جسدي في مياه البحر الهائج يقطر ماءً ، بقيت للحظات وأنا كاللات أو العزى أو أو حتى مناف، مجرد أصنام أتحسسها في جسدي، ... في ذاتي .. ، في فؤادي...

فجأة سمعت مناديا ينادي علي ويقول: فدوى أين أنت؟ العشاء جاهز ؟ تكرر هذا الصوت أكثر من مرة، ولكني كنت أسمع وأنظر فقط لما أنا عليه، وفجأة جاءني شخص وقال لي: يا إلهي أنت هنا يا فدوى حسبناك في غرفتك تقرأين أو تكتبين ، انزلي من فوق هذا السطوح، فكل أفراد الأسرة ينتظرونك على العشاء ، فهيا ... استغربت ولم أنطق ولو بكلمة واحدة، كأنني خرساء، وكأن أحدا صفعني وقال لي، انهضي من هذا، هذا مجرد حلم...

فضحكت كثيرا ، ضحكة امتزجت بين الضحك والسخرية، والآهات، عرفت حينها أنني حتى الحلم هو ليس ملك لي، إذن فلا داعي للأحلام ، فنزلت وعلى أدراج السلم سمعت قصيدة "الأطلال" ، فبدأت أردد مع أم كلثوم بعض مقاطعها.

نزلت وذهبت إلى غرفتي، وأغلقت بابي علي ، وأخذت قرطاسي الأسود ، وكتبت ... ولكن ما جدوى الكتابة وأنا محظور علي كل شيء جميل في الحياة حتى الأحلام ؟ .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. وفاة زوجة الفنان أحمد عدوية


.. طارق الشناوي يحسم جدل عن أم كلثوم.. بشهادة عمه مأمون الشناوي




.. إزاي عبد الوهاب قدر يقنع أم كلثوم تغني بالطريقة اللي بتظهر ب


.. طارق الشناوي بيحكي أول أغنية تقولها أم كلثوم كلمات مش غنا ?




.. قصة غريبة عن أغنية أنساك لأم كلثوم.. لحنها محمد فوزي ولا بلي