الحوار المتمدن
- موبايل
الموقع
الرئيسي
تيتانك والجوقة !
يحيى علوان
2007 / 9 / 25الادب والفن
الى الصديق الفنان فيصل لعيبي
بات من المعروف أن سفينة تيتانك الشهيرة ضمت على متنها ، من بين أمور كثيرة ، فرقة للآلات النحاسية ( يعرفها العراقيون بلهجتهم الدارجة بـ الصنّاجَة ) هدفها الترويح عن المسافرين من عناء رحلة بحرية طويلة ومرهقة ـ في حينها 1913 ـ وإمتصاص جزء من التوتر ، الذي قد يصيب بعض المسافرين .
أستمرت الفرقة في أداء واجبها ضمن جدولٍ محددٍ لها ، حتى بدأت الكارثة ! حينها تلقّت أمراَ سريعاَ من قبطان السفينة يقضي بأن تستمرّ في العزف حتى إشعارٍ آخر ! لابُدَّ أن القبطان أراد
بذلك الحؤول أو تقليص الذعر ، الذي دبَّ بين المسافرين ، لاسيما في الطوابق ما تحت الدرجة الأولى . بيد أن الكارثة راحت تتضح بصورة لايمكن إخفاؤها ببيانات من القبطان ومساعديه !!
أخذت المياه تجتاح باطن السفينة ... و" الصنّاجة " يعزفون ! إجتاحت عنبر الأمتعة وغرفَ المحركات.... و" الصنّاجة" يعزفون !
... وصلت المياه الى الدرجة الثالثة... والجوقة مستمرة في العزف ! " ماكو قرار!"
أندفع مسافرو الدرجة الثالثة ، مجتازين كل الحواجز، التي أقامها طاقم السفينة لمنعهم من الصعود الى الطوابق العليا في محاولة لأنقاذ أنفسهم ، أو بعض ذويهم من الموت المحقق .
كانت الأوامر تقضي بأنقاذ مسافري الدرجة الأولى أولاَ !
.... تسرّبت الناس رغماَ عن أرادة القبطان وطاقمه عبر السلالم الى الطوابق الفوقية !
... و" الصنّاجة" يعزفون !
.... وكلما أرتفع منسوب المياه داخل السفينة، وغاصت مقدمتها وأرتفعت "عجيزتها" في الهواء ، أزداد التدافع بالمناكب، وأتخذ أشكالاَ فجائعية... لكن الجوقة أستمرت في العزف دون أكتراثٍ ، ظاهريّ على الأقل!! " ماكو أوامر!"
... الطاقم مشغول بتأمين " أنسحاب" أفراد الدرجة الأولى ، الذين لم يكترثوا لعزف الجوقة .
فقوارب النجاة لم تكن تكفي لكل مَن على ظهر السفينة ! ذلك أن مصممي السفينة والشركة المالكة كانوا راسخي الأعتقاد بأنها لايمكن أن تغرق !!
....المياه ترتفع داخل السفينة ...وتغوص مقدمتها ، وتظهر " عجيزتها" أكثر فأكثر، لكن
" الصنّاجة" مستمرون في العزف !
... حتى وصلت المياه الدرجة الأولى ، حيث مكان الجوقة ، والفرقة تعزف ! لمن؟ ليس مهما !
" ماكو أوامر"!!
.... السفينة تُسارع في الغرق و "الجماعة" يعزفون !
... الناس تموت ... و"الصنّاجة" يعزفون !
...وصلت المياه عند "الصنّاجة" الى الرُكَب ثم الى الحزام ،لكنهم لم يفتأوا... الى الصدر.. ولم ...الخ .. ولم يفكروا أبداً بمغادرة السفينة !!
يقال أن الفئران تغادر السفينة ، الجانحة للغرق ، غريزياً ! لكن يبدو أن الجوقة إياها لم تكن تمتلك حتى تلك الغريزة ، والعياذ بالله !!
إنهم منضبطون ! إنضباطاً حديدياً .. لا فَكاكَ منه..!
...هكذا يكون الأنضباط وإلا فلا !!!
.... ولله في خلقه شؤووووون...!!
يحيى علوان
|
التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي
.. مخرجا فيلم -رفعت عينى للسما- المشارك في -كان- يكشفان كواليس
.. كلمة أخيرة - الزمالك كان في زنقة وربنا سترها مع جوميز.. النا
.. المراجعة النهائية لطلاب الثانوية العامة خلاصة منهج اللغة الإ
.. غياب ظافر العابدين.. 7 تونسيين بقائمة الأكثر تأثيرا في السين
.. عظة الأحد - القس حبيب جرجس: كلمة تذكار في اللغة اليونانية يخ