الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


فصائل المقاومة الفلسطينية تتبني المصطلحات الأمريكية

سامي الاخرس

2007 / 9 / 25
القضية الفلسطينية


عشرات المصطلحات التي اقتحمت مفاهيمنا الثقافية والسياسية ، بل وحياتنا عامة وأصبحت تعتبر منهجية ونمط يسترشد به ، وقدوة يقتدي بها سواء على الصعيد الرسمي أو الصعيد الأهلي والشعبي .
فمنذ أن بدأت الولايات المتحدة الأمريكية حملتها الاستعمارية تحت غطاء ما يسمي " الحرب ضد الإرهاب " والتي بدأت ملامحها بعد هجمات سبتمبر ، والتي أنتجت لنا مفاهيم ومصطلحات جديدة تتوافق مع أهداف وغايات هذه الحملة الاستعمارية التي جاءت لتتوافق وتتلاءم مع حجم التطورات المفاهيمية ودرجة الوعي العام للشعوب ، ومفاهيم القرن الحادي والعشرون ، أي استعمار يتزامن ومفاهيم الحضارة والتمدن يتم تلقينها للشعوب والأمم المستهدفة ، وتمرر بغلاف الحرية والديمقراطية ، وتخليص الشعوب من الديكتاتوريات ...الخ من منتجات الاستعمار الفكري الذي سيطر على معظم الشعوب وعلي وجه الخصوص أمتنا العربية .
ومن أهم هذه المنتجات إعداد قوائم لحظر العديد من منظمات المقاومة ، والمؤسسات الخيرية بدواعي دعم الإرهاب وتهديد السلم العالمي ، وأصبحت معظم الفصائل والمنظمات التي تغرد خارج السرب الأمريكي توضع علي القائمة السوداء ، وتلاحق سياسياً ، وعسكرياً، ومالياً بما يتوافق وتصنيف أجهزة الاستخبارات الأمريكية لمفاهيم الإرهاب والسلم العالمي .
ورغم أن المفهوم الأمريكي الجديد أتخذ أشكالاً متعددة وقدم للعالم نماذج متطورة وحديثة مثلما قدم لجنة اجتثاث حزب البعث العراقي وملاحقة قادته وعناصره ، وتدمير المؤسسة والمنظومة الشاملة لدولة العراق الواحد القوي ، حيث أصدرت أول قرار تفكيك الجيش العراقي وتسريحه والاستعاضة عنه بمليشيات وعصابات وشركات أمنية جعلت من العراق مرتعاً خصباً للموت والقتل ، والنهب ، والاختطاف ، والاغتصاب .
هذا النموذج العراقي الذي ابتدعته الولايات المتحدة الأمريكية وعملائها أرتد بنتائجه علي نحورهم حيث بدأت الحكومة المالكية تتخبط وتبحث عن مخرج من المأزق الأمني الذي وقعت هي تحت مرماه ، وغابت شخصية وملامح الدولة العراقية التي انهارت تحت الطائفية والمليشيات ومرتزقة الأمريكيين ومن احترفوا عمل العصابات ، فانقلب السحر علي الساحر وبدأ صناع لجنة اجتثاث حزب البعث ، ومن فككوا الجيش العراقي أول من عضوا بنان الندم علي هذا النموذج الذي حول المواطن العراقي لجثة هامدة في ثلاجات الموتى بمستشفيات بغداد . وتحول هذا النموذج لشيطان يسكن الجسد العراقي ويسلبه إراداته وكرامته وشرفه.
فإن كان النموذج العراقي نتاج فعلي ، وجنين طبيعي للمنتوج الأمريكي ، وُلد وأُنتج تحت إشراف الطباخ الأمريكي وتم إِعداده بالمطبخ الخاص وبأدواته الخاصة ليقدمه بطبق شهي لحلفائه من أبناء العراق الذين سال لعابهم لتذوقه ، والنهم من نعيمه ، دون أن يدركوا أن هذا الطبق يحوي من السموم القاتلة ما لا ينفع معها أي نوع من المضادات الشافية .
ومن تقاليع ومنتجات ما يسمي الحرب ضد الإرهاب هناك نموذج أخر ظهر علي السطح الفلسطيني الذي سجل ماركة خاصة تعود ملكيتها الحصرية للفصائل الفلسطينية ، التي ابتدعت سلوك وأسلوب حديث جداً ، لم يسبقها إليه أي فصائل ثورية من الفصائل التي ذكرها التاريخ الحديث أو القديم ، وهي تقليعة الحظر والملاحقة ، حيث يقوم فصيل مقاوم ويَدعى المقاومة بحظر فصيل مقاوم أخر كما يحدث في غزة والضفة الغربية.
الحظر السياسي مفهوم متداول منذ القدم ، وتداوله ليس غريبا أو عجيبا ، ولكنه يتم تداوله من سلطة ضد حزب ما ، أو من قوة احتلالية ضد حركة مقاومة مثلا ، لكن فصيل مقاوم ضد فصيل مقاوم هنا تكمن خصوصية النموذج الفلسطيني .
نظرياً وإعلاميا يتنكر الفصيلان فتح وحماس لمفهوم الحظر السياسي ، بل ويتم نفي ذلك بشكل مطلق ، ويدعي كل فصيل بأنه يسمح للأخر بممارسة نشاطاته السياسية والكفاحية والاجتماعية بحرية ومرونة ، ويترك له مساحة غير محدودة للحركة .
أما عمليا فالقارئ والمتتبع للأحداث بتفصيلياتها يدرك أن حركة حماس تمارس كل أنواع الحظر ضد حركة فتح في قطاع غزة ، وهذا ما تؤكده حملات الاعتقالات ، والخطف ، والاستجواب ، ومداهمة المنازل ومكاتب فتح ، وحظر الحفلات والأغاني والأناشيد ، ورفع الرايات وصور الشهداء ، ومهاجمة المؤسسات الخاصة بفتح .
وعلي الضفة الأخرى من شطر الوطن في الضفة تقوم الأجهزة الأمنية بنفس الدور حيث هناك الاعتقالات السياسية ومهاجمة المسيرات الاحتجاجية ، ومهاجمة المؤسسات الخاصة بحركة حماس ، ومداهمة منازل عناصر حماس .
هذه الممارسات من الطرفين تؤكد قطعاً أن كلا الحركتان تمارسا الحظر كلا ضد الأخرى تحت مناطق نفوذها وسيطرتها وقوتها . وهناك من يبرر ذلك بالأمن والحفاظ علي الأمن وإنهاء الفلتان الأمني ، والحفاظ علي المصالح العليا للوطن ، مما يعني أن هناك إقليمين بسلطتين ، وكل سلطة تقوم بالحفاظ على مناطق نفوذها وسيطرتها وحدودها ، فإن كان هذا فعلا ما هو موجود فلماذا لا تقوم حركة حماس بالإعلان عن غزة إقليم مستقل منفصل عن إقليم الضفة الغربية وتسن له قوانين خاصة ودستور خاص ومجلس نيابي خاص ، لكي يستطيع أبناء فتح التمييز ما بين المحظور والغير محظور في قانون إقليم غزة وتجنب الاعتقال والخروج عن القانون ، وكذلك الحال بفتح في الضفة الغربية .
أصبحت الحالة الفلسطينية تعيش احتضار حقيقي ، وتتجه صوب منحدر خطير بدأ بحملات إعلامية وتشهير ، وتكفير ، وتخوين ، بدأتها حركة حماس بالمساجد ، وردت عليها فتح عبر وسائلها الإعلامية بنفس الوتيرة ، وتأججت حالة الصراع من خلال إطلاق لغة الرصاص من فوهات البنادق التي مزقت الأحشاء الوطنية ودمرت المؤسسات ، وحرقت البيوت ، واستمرت كرة الثلج بالتدحرج حتى قدمت لنا نموذجاً فلسطينياً بنكهة أمريكية ألا وهو حظر فصيل مقاوم لفصيل مقاوم أخر .
ومع استمرارية هذه الحالة وعدم وجود ما يلوح في الأفق علي اقتراب إنتهائها والعودة للخلف، بل ما يمارس على الأرض يؤكد الذهاب إلي الانفصال تدريجيا بين غزة والضفة .
لا تستغربوا إن قامت راعية السلام العالمي الولايات المتحدة الأمريكية بتقديم مشروع لهيئة الأمم المتحدة يدعو الأطراف المتنازعة لعقد مؤتمر سلام فلسطيني – فلسطيني يخرج بتوصيات ضرورة عقد اتحاد كونفدرالي بين إقليم غزة وإقليم الضفة الغربية يتمتع من خلاله كل إقليم بحكومة محلية وقوانين محلية مع تشكيل حكومة تكنوقراط مركزية أقصي ما تمارسه الاجتماع أمام كاميرات الفضائيات العالمية .
فهل فعلا سنشهد دعوة لإقامة اتحاد كونفدرالي فلسطيني – فلسطيني ؟!
سامي الأخرس
24/9/2007








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. ترقب نتائج الجولة الثانية من الانتخابات التشريعية المبكرة..


.. مفاوضات الهدنة.. ضغوط متزايدة على نتنياهو لقبول الاتفاق




.. الناخبون الفرنسيون يصوتون في الجولة الثانية من الانتخابات ال


.. اعتراض صواريخ في سماء جبل ميرون أطلقت من لبنان




.. قوات الاحتلال تقصف مدرسة العائلة المقدسة في غزة