الحوار المتمدن
- موبايل
الموقع
الرئيسي
تهديد سوريا سيناريو يتكرر
محمد بن سعيد الفطيسي
2007 / 9 / 25مواضيع وابحاث سياسية
لقد بات واضحاً للجميع بأن الولايات المتحدة الأميركية قد وجدت ضالتها في سيناريو مكافحة الإرهاب , وذلك بهدف إعادة رسم خارطة الشرق الأوسط الجديد , بحسب الرؤية الصهيواميريكية لهذه المنطقة الحساسة والمهمة من العالم , تلك الرؤية الظلامية التي تتطلع إلى احتواء كل ما شانه تقويض المصالح والهينة الاميريكية على القارة الأسيوية بشكل عام والمنطقة العربية على وجه الخصوص , وترسيخ جذور المستعمرة الصهيونية على الأرض العربية الفلسطينية , ومنها إلى سائر أرجاء الوطن العربي , وبالطبع فان ذلك يأتي من منطلق عالمي اكبر واشمل , وهو تأسيس إمبراطورية أميركية عالمية متفردة , وقد سبق أن أشير إلى هذه الفكرة بشكل علني وواضح في وثيقة أعدها نائب الرئيس الاميريكي الحالي ديك تشيني , عندما كان يشغل منصب وزير الدفاع في عهد جورج بوش الأب , إذ نصت الوثيقة الصادرة في عام 1990 م , على وجوب أن تظل الولايات المتحدة الاميريكية القوة العظمى الوحيدة في العالم , وان تمنع صعود أي قوة أخرى , سواء كانت دولة , أو مجموعة من الدول 0
وبالطبع فان لأحداث الحادي عشر من سبتمبر من العام 2001 م , الفضل الأكبر في وضع حجر الأساس لتلك الفكرة المعدة سلفا , ومنها كان المنطلق الرئيسي لما سمي فيما بعد بإستراتيجية الأمن القومي العالمي للولايات المتحدة الاميريكية , - أي- انطلاق مفهوم الاستقرار والأمن الداخلي للولايات المتحدة الأميركية من الخارج , وعليه فقد وضعت هذه الأخيرة , لائحة بالأنظمة والمنظمات والأفراد الذين يدعمون الإرهاب ويساعدون على انتشاره في مختلف أرجاء الأرض – بحسب الرؤية الأميركية لمفهوم الإرهاب – , وأطلق عليها فيما بعد بالقائمة السوداء أو قائمة الشر, ووضع على رأسها كل من الجمهورية الإسلامية الإيرانية وعدد من الأنظمة العربية وكوريا الشمالية 0
وقد نقلت الــ CNN عن لوس انجلوس تايمز أن جيمس وولزي , رئيس المخابرات المركزية الأميركية الأسبق , ألقى محاضرة أمام مجموعة من الدارسين قال فيها :- ( إن الولايات المتحدة الأميركية تخوض الآن الحرب العالمية الرابعة , وهذه الحرب قد تستمر لعدة سنوات , والأعداء فيها ثلاثة هم ,:- الملالي الذين يحكمون إيران , والفاشيت في العراق وسوريا , والمتطرفون الإسلاميون مثل تنظيم القاعدة ), والملاحظ هنا أن ساحة هذه الحرب التي ستخوضها الولايات المتحدة الأميركية هي العالم الإسلامي , وهدفها إسقاط واحتواء بعض الأنظمة العربية والإسلامية كإيران والعراق وسوريا والسودان على سبيل المثال لا الحصر , وغالبيتها أنظمة تعارض الوجود الاميريكي في المنطقة , وترفض الرؤية الأميركية المستقبلية للشرق الأوسط , لذا تجد فيها الولايات المتحدة الأميركية أنظمة تهدد مصالحها الإقليمية , وتحد من هيمنتها وسيادتها في منطقة الشرق الأوسط , وهنا يكمن مربط الفرس , وخط التماس الأميركي الذي ترفض الإمبراطورية الأمريكية المساس به 0
فبداية من أفغانستان , البلد الذي وقع ضحية لقرون من التدخلات المأساوية التي قامت بها قوى عالمية عظمى , بدءا من الإمبراطورية الانجليزية , مرورا بالاتحاد السوفيتي , وانتهاء بالنسر الجمهوري الأميركي الذي انطلق لتطبيق محتوى ذلك السيناريو الامبريالي التوسعي سالف الذكر , وبالطبع فقد كانت الأعذار معدة لذلك , انه الإرهاب وتنظيم القاعدة , وتهديد الأمن القومي الاميريكي من جبال تورا بورا , ليستمر القصف الأميركي على الشعب الأفغاني الأعزل لمدة شهرين ونصف بعد أحداث أيلول الأسود , ليخلف ذلك القصف من الضحايا ما لا يتصوره احد , - وللأسف – فقد كان الرد الأخلاقي والإنساني تجاه ذلك القصف والاحتلال الأميركي اشد قسوة من أطنان المتفجرات , فلم تكن هناك دقائق صمت وحداد على الضحايا الأفغان , ولم تكن هناك مراسم تخليد لذكراهم , بل كان هناك من اللامبالاة والامتهان ما يندي له الجبين , وواحدة من الأمثلة على ذلك , هو ما حدث بعدما قصفت المقاتلات الأميركية قرية " شوكار قارض" النائية لعدة أيام متتالية خلال شهر أكتوبر, مسببة سقوط أكثر من 93 مدنيا , وحسب النيويورك تايمز بتاريخ 28 / 10 / 2001 , الصفحة B1 , لم يتوان احد موظفي البنتاغون عن التعليق قائلا : ( مات الناس هناك لأننا أردناهم أن يموتوا , فيما اكتفى رئيسه وزير الدفاع السابق دونالد رامسفيلد , بالقول :- لا أعير هذا الأمر ادني اهتمام ) 0
وليستمر بعد ذلك مسلسل الهيمنة والاستعمار الصهيواميريكي العالمي , ليستقر في الوطن العربي العراقي الغالي , وتحت نفس الأعذار الأميركية الواهية السابقة , بالإضافة إلى فرية سعي النظام العراقي إلى امتلاك الأسلحة المحرمة - النووية والكيميائية والبيولوجية - والتي ثبت بعد ذلك , وبإقرار من الساسة الأميركيون أنفسهم , بأنها كانت مجرد رواية خاطئة وغير دقيقة , ولكن بعد ماذا ؟ لقد اُسقط النظام العراقي السابق , لأنه نظام ديكتاتوري وقمعي – بحسب الرؤية الأميركية – واحتلت القوات الأميركية الوطن العربي العراقي , ودمرت فيه جميع أشكال الحضارة والأمن والاستقرار , وسنوات من البناء والتمدن والعمران , وهكذا وجدت بعض الحسابات فرصتها للتصفية , فكان العراق الحبيب وشعبه العربي العظيم , وحضارته الخالدة ساحة لتلك الحرب , وأحد ضحايا الصهيواميريكية العالمية في المنطقة العربية , وواحد من أحجار الدومينو التي لابد أن تتهاوى وتسقط , لتتمكن بعدها الإمبراطورية الأميركية من تحقيق أهدافها الامبريالية التوسعية في منطقة الشرق الأوسط 0
نعم 000 إن الحرب على أفغانستان و العراق لم تكن سوى البداية لأجندة أميركية طويلة , يصار إلى تطويرها كل يوم , ( ونحن ما نفتاُ نسمع عن تهديدات مضمرة أو معلنه , تستهدف أنظمة إسلامية مثل الجمهورية الإسلامية الإيرانية – احد محاور الشر في التصور الأميركي – وكذلك بعض الأنظمة العربية الأخرى مثل السودان , وسوريا التي وضعتها بعض التحليلات في قمة الأولويات الأميركية بعد العراق , وذلك بحجة أن سوريا تدعم أو تؤوي بعض الفصائل الفلسطينية المتشددة – مثل الجهاد الإسلامي وحماس – وتقدم أيضا الدعم العسكري والسياسي لحزب الله , والذي يحتل هو من جهته , رأس قائمة التنظيمات الإرهابية في المنطقة , والتي تعد من الأهداف الواضحة للحرب الاميريكية على الإرهاب ) , وهي كذلك – أي سوريا – تسعى لامتلاك الأسلحة المحرمة كالأسلحة الكيميائية والبيولوجية , والأسلحة النووية كما جاء في الاتهام الأميركي الأخير للوطن السوري , وغيرها الكثير من التهم الجزاف 0
وهكذا يتكرر السيناريو نفسه الذي اختلقته نسور البيت الأبيض قبل احتلال العراق , وذلك مع النظام العربي السوري هذه الأيام , من خلال اتهام الجمهورية العربية السورية بالسعي لامتلاك الأسلحة النووية , وذلك بالتعاون مع احد أهم محاور الشر – بحسب القائمة الأميركية للإرهاب – وهي كوريا الشمالية , بالرغم من نفي القيادة السورية وتأكيدها كذب تلك الرواية على لسان نائب وزير الخارجية السوري فيصل مقداد , والذي أكد أن المزاعم الصهيواميريكية ( ليست صحيحة على الإطلاق وان ذلك لا يدل إلا على عدوانية هذه الأطراف وإفلاسها في التعامل مع مشاكل المنطقة والتحديات التي تواجهها نتيجة للسياسات الأميركية والإسرائيلية التي تتناقض والشرعية الدولية وقرارات الأمم المتحدة ذات الصلة ) 0
والغريب في الأمر هذه المرة , هو تجنيد القوات الجوية الإسرائيلية لهذه المهمة , وذلك من خلال ما قامت به طائرات العدو الإسرائيلي من استفزاز واعتداء سافر على السيادة السورية بتاريخ6 / 9 / 2007 م , وبحسب الرواية الأميركية فقد استهدفت الغارة الإسرائيلية الجوية مركز أبحاث زراعياً على نهر الفرات قرب الحدود التركية يعتقد المسؤولون في تل أبيب أن سورية تستخدمه لاستخراج اليورانيوم بمساعدة كوريا الشمالية , ونقلت صحيفة "واشنطن بوست" بتاريخ 15 / 9 / 2007عن الخبير الذي قابل عدداً من الذين شاركوا في الغارة الغامضة على سورية قوله "يبدو أن الهدف من الهجوم كان منشأة على نهر الفرات شمال سورية مصنفة على أنها مركز أبحاث زراعياً، وتقع قرب الحدود التركية ، وتعرف باسم مركز للأبحاث الزراعية , وأضاف الخبير الذي طلب عدم الكشف عن اسمه حتى لا يعرض مصادره للخطر، أن إسرائيل راقبت هذه المنشأة عن كثب ، مشيراً إلى أن الاعتقاد السائد في إسرائيل أن سورية استخدمتها – أي – المنشأة , من أجل استخراج اليورانيوم من الفوسفات ورأى أن الهجوم الجوي الإسرائيلي يبدو مرتبطاً بوصول شحنة من المواد من كوريا الشمالية قبل ذلك (الغارة) بثلاثة أيام وصنفت على أنها (شحنة من) الإسمنت 0
ومن هنا تبدأ اللعبة القديمة المتجددة , وتنطلق المؤامرات والدسائس , وتوضع السيناريوهات والخطط العسكرية والسياسية من قبل الصهيواميريكية العالمية , وتحت شعارات جوفاء خاوية , كالديمقراطية وحماية حقوق الإنسان , واحتواء الأنظمة الديكتاتورية المستبدة التي تختارها بحسب رغبتها وإرادتها , وكل ذلك ينطلق من نفس الأهداف الامبريالية التوسعية المعروفة , والسياسات الخارجية ذاتها , وعلى رأسها العمل على كبح جماح أي قوة يمكن لها أن تعرقل طموحات الولايات المتحدة الأميركية أو حليفتها المستعمرة الإسرائيلية الكبرى , وبالطبع فان الجمهورية العربية السورية - في الإستراتيجية الأميركية القادمة للشرق الأوسط الجديد - قد تكون هي المستهدفة , حيث أن الإمبراطورية الأميركية – وللأسف – لا زالت تتباهى بتجربتها الديمقراطية في العراق , وتؤكد جهارا نهارا وبكل افتخار , بأنها أهدت للعراقيين الحرية والعدالة والديمقراطية , متناسيتا ما يعيشه الشعب العراقي اليوم من الم وحرب وفوضى لا نهاية لها , كانت هي وتجربتها المؤسفة السبب الرئيسي فيها , وبالتالي فإنها تطمح وتسعى إلى نشر تلك التجربة , وذلك النموذج المميز للديمقراطية وتعميمها على مختلف الدول التي تعاني من الظلم والاستبداد , على حد تعبيرها 0
وختاما فإننا نؤكد على ضرورة تلاحم ووقوف الدول الإسلامية والعربية , شعوب وحكومات في وجه الاستعمار الصهيواميريكي للمنطقة العربية , ورفض أي نوع من التدخل في شؤون المنطقة وسيادة دولها , والوقوف مع الجمهورية العربية السورية في مواجهة المخاطر والتهديدات الموجهة إلى شعبها وحضارتها ومدنيتها , والتنبه إلى خطورة الدسائس والمكائد التي تحاك تجاه دول المنطقة وشعوبها , تحت شعارات مستهلكة ومعروف نهايتها بشكل مسبق , كالديمقراطية والعدالة والمساواة وغيرها من الشعارات الخاوية , واخذ التجربة الأميركية للحرية في العراق وقبلها العديد من التجارب التي أثبتت فشلها وسوء طالعها على شعوب المنطقة , كدليل واضح على تلك المقاصد والأهداف الظلامية , التي تسعى إليها الولايات المتحدة الأميركية , ومن وراءها المستعمرة الإسرائيلية الكبرى تجاه المنطقة العربية وشعوبها وثرواتها وخيراتها0
كاتب وباحث في الشؤون السياسية والعلاقات الدولية
سلطنة عمان
|
التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي
.. ماذا وراء استئناف الخطوط الجوية الجزائرية رحلاتها الجوية من
.. مجلس الامن يدعو في قرار جديد إلى فرض عقوبات ضد من يهدّدون ال
.. إيران تضع الخطط.. هذا موعد الضربة على إسرائيل | #رادار
.. مراسل الجزيرة: 4 شهداء بينهم طفل في قصف إسرائيلي استهدف منزل
.. محمود يزبك: نتنياهو يريد القضاء على حماس وتفريغ شمال قطاع غز