الحوار المتمدن
- موبايل
الموقع
الرئيسي
ما بين اعادة الأراضي ...والأصلاح ! مسيرة أستبداد وضياع للأوطان
فريد حداد
2003 / 10 / 23اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي
وعلى الصعيد البشري فقد سُرح , أو أعُتقل , أو شُرد , أكفأ ضباط الجيش العربي السوري , بسبب ان ولائهم الأول كان للوطن , ورفضوا الدخول في محاور سياسية داخل الجيش الواحد , مما سيقوده الى التفكك والضعف . وتم الحفاظ على , وجلب المزيد من , َمن قدم فروض الولاء والطاعة للرأس الحاكم . وهكذا فقد تم تغيير البنية الأساسية للجيش , فتحّول من مؤسسة وطنية , مهمتها حماية الوطن وتحرير الأجزاء المحتلة منه , الى مؤسسة خاصة تعمل بأشراف الأجهزة الأمنية , ومهمتها , حماية النظام الحاكم أولاً , وتطويع أفراده المجندين الذين سيعودون الى الحياة المدنية قريباً وتدجينهم ثانياً , والمساعدة في ضبط حركة المجتمع وقمعه ثالثاً . ذلك ما أثبتته أحداث المدن السورية في أوائل الثمانينات من القرن المنصرم , وأحداث الحرب الأهلية اللبنانية والأداة التي شارك " الأشقاء " العرب فيها . وفي خضم التحول ذاك ومن شروطه وضروراته , اتُخمت جيوب المتنفذين المتربعين على رأس الهرم العسكري , بعمولات صفقات شراء خردة الأسلحة من اي مكان من العالم , كلما كان ذلك متوفراً . كما نُهبت مخصصات الطعام للجنود , من قِبل الفاسدين في مختلف الرتب العسكرية , ان عن طريق رفع قيمة العمولة على مشتريات المواد الغذائية على حساب جودة الطعام وكميته , واما عن طريق نهب الطعام بحد ذاته وتحويله الى البيوت التي أُتخمت على حساب حرمان الجنود الشرفاء . ولم يكتفِ الفساد بالأعتداء على حقوق الجنود التي أقرتها اللوائح العسكرية , من مأكل , وملبس , وخدمة , بل تم تحويل الجندي من مقاتل , الى مصدر ارتزاق " للمعلم " . وكما يقال . فبمقدار ما يكون عظم الجندي مليء , يُعفى من الخدمة المطلوبة منه , وُترمى على صاحب العظم الهش . ومع الأمعان في الأبتزاز , اصبح الأزلال والتعذيب لازمة لكل من لا يدفع المعلوم . هكذا تم استبدال الجيش الوطني بالجيش العقائدي . وفي داخل الجيش الجديد , تم العمل على تدمير وتدجين شخصية الشاب السوري , المدنية , والحضارية . فقد حُظّر التساؤل , وساد التسليم مكانه , بحسب نصف المبدأ القائل " نفذ ثم اعترض " بعد أقفال أبواب الأعتراض . ومُنع التفكير والنقاش , لأنه دليل اثبات على الأنتماء الى معسكر " الأعداء " الداخليين . وساد التسطيح , والتلقي , والأحاديث المبتذلة المثيرة للغرائز . وحُظّر التضامن , لأنه تعبير عن نضوج " المؤامرة " على " الثورة " وقيادتها , ودُعّم الشعور الفردي الأناني , وشُجّع على انتهاك القوانين تحت مقولة " عسكري دبر راسك " . وعُمم هدر الكرامة , وكأن تحرير الأرض لا يتم الا بفقر الدم الناجم عن سوء التغذية , وقضاء الحاجة في العراء , وحكة الجلد الناجمة عن اتساخ كل ما يُستعمل , وعدم توفر شروط النظافة اللائقة بالأنسان . ومن ضمن ثقافة الجيش العقائدي , تلك النزعة الجامحة لأحتقار الأنسان المدني , ومن ضمن عبارات الشتم والأستخفاف بمظاهر الضعف الأنساني كأن يقال للفرد " أنت مدني سخيف ولست عسكري , العسكري لايخاف أو لا يبكي أو....كن عسكرياً رجلاً وكف عن هذا " بالأضافة الى تحقير كل مظاهر الحياة المدنية والحضارية فالقاء تحية الصباح أو المساء هو سبب كافي لأثارة السخرية , كما ان اظهار المشاعر الأنسانية الأيجابية من ود وأحترام وحب تُعتبر من مظاهر" التخنث " المرفوضة المثيرة " للغثيان " . وهذا كله في النهاية , لخلق الحالة النفسية عند المواطن ان العسكري هو الأكفأ , وهو من يستحق ان يمسك بزمام الأمور . ان النظام السياسي , الُمنبعث من سلطة مُغتَصَبة بالقوة العسكرية , ومستمرة باستفتاءات من فئة ال 99.99% , لايمكن له ان يبني أداة " تحرير الأرض " الا على هذه الشاكلة من العلاقات الداخلية المتخلفة و القاهرة للأنسان , ولا بد له ايضاً من ان ينحدر بطموحه من مستوى تحرير الأرض الى مستوى ضبط النفس وكبح فرامل عدم الأنجرار الى معركة تحدد اسرائيل زمانها ومكانها . ؟ أليس هذا بكافياً لمعرفة سبب حقد هذا النظام على صندوق الأقتراع ؟ ولماذا لاتناسب الديمقراطية " الغربية " مجتمعاتنا ؟ . ألا يكفي هذا لنعرف لماذا أحاط " قائد الأصلاح " واقع جيشنا هذا وواقع الأجهزة الأمنية المبنية بنفس الطريقة , بالخطوط الحمراء ؟ بالتأكيد فان تجاوز تلك الخطوط سيساهم في ذوبان ثلوج القهر, والأستعباد , والتخريب , والتضليل . واظهار الحقيقة . ذاك الظهور الذي سيحطم هالات القداسة الزائفة , التي وُضع البعض ضمنها , وستحين عندها ساعة الحق . فريد حداد
الحديث الرسمي المتداول عن الأصلاح اليوم , يندرج في نفس منحى الحديث عن تحرير الأراضي المحتلة الذي كان متداولاً بالأمس . فكلاهما استُعمل , ويُستعمل , ليعطي مبرر وجود السلطة السياسية , وبالتالي المهام المترتب عليها انجازه فيما هو قادم من الأيام , أو الشهور , أو حتى السنوات القادمة . وهذا بدوره يحتم وجود برنامج سياسي لدى السلطة , تحدد فيه بالأضافة الى الهدف المنشود , طريقة وصولها اليه , وأدواتها التي ستستعملها لذلك .
خلف يافطة السرية العسكرية في الأعداد لمعركة التحرير , أختفت البرامج , وأختفت معها امكانية حساب المسئوليين عن أخفاقهم في الوصول الى الهدف خلال أمدٍ منظور يُفترض ان يكون محدداً ومعروفاً . كما اسٌتعملت تلك السرية من قبل السلطات الحاكمة , لفعل ما لا يُفعل . فقد تم الأستيلاء رويداً رويداً على مصادر الدخل القومي , وعلى الرغم من عمومية الأهداف المعلنة للموازنات المتتابعة منذ عام 1963 فقد تم أخفاء الجزء الأعظم من ميزانية البلاد تحت يافطة " ميزانية الدفاع "وتصرف بها أفراد قليلون , دون أن يكون للشعب الحق حتى في الأطلاع على جهة صرف تلك الأموال . ونّصب أولئك القليلون أنفسهم كبديل عن الشعب , أو أوصياء عليه , واحتكروا حتى الوطنية , وخونّوا كل من لم يسير بركبهم , وكان كل نقد لفرديتهم وأخطاءهم , يوصف بأنه أرتباط بالمخططات الأستعمارية , كما أعتبروا أنفسهم الوحيدين المؤهلين للأئتمان على الأموال العامة , ومصالح البلاد .
17102003
|
التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي
.. تشييع الرئيس ابراهيم رئيسي بعد مقتله في حادث تحطم مروحية | ا
.. الضفة الغربية تشتعل.. مقتل 7 فلسطينيين بنيران الجيش الإسرائي
.. هل ستتمكن إيران من ملئ الفراغ الرئاسي ؟ وما هي توجهاتها بعد
.. إل جي إلكترونيكس تطلق حملة Life’s Good لتقديم أجهزة عصرية في
.. ما -إعلان نيروبي-؟ وهل يحل أزمة السودان؟