الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


للقدس... وعلى القدس... وفي القدس....

يونس العموري

2007 / 9 / 26
القضية الفلسطينية


هي المهمة الأصعب في الكتابة، وهي الفعل الذي يكاد ان يقارب المستحيل لنقل وقائع وحيثيات وهموم القدس التي تأن تحت وطأة التخريب والتدمير الممنهج لكل ما هو مقدسي عروبي يتمنطق بلغة الضاد في ملامسة ما يسمى بالمحرمات والخطوط الحمراء...
فحينما يكون الحديث عن القدس لابد لك وان تهم بفعل صناعة المقال بحياكة الحروف من ان تتذكر انك تكتب عن العتيقة بكل ما تحمله من معاني ورموز لها الكثير من الدلالات... ولابد وانت تمارس فعلك الكتابي ان تتذكر ان لا مجاملة والقدس وان للقدس عليك حق كشف المستور ومحاولة وضع النقاط على الحروف ... والمشكلة تكمن انك وانت تمارس هذا النوع من التقريع وهذا الشيء من الفعل وهذا الضجيج جراء قرع جدران الخزان سيغضب منك الكثيرين ولربما لن يكون للنص ان يرى النور... لذلك لابد من ان تنتقي الكلمات وان تبحر ما بين الحروف محاولا الإيماء ومن الممكن ان ترمز بالرموز وحتما لابد ان تلجأ لنوافل الكلام حتى تكتب عن القدس وبكل الإتجاهات ستجد نفسك مبحرا بالكثير من الشجن والحزن والهم...
فمرة اخرى نجد انفسنا امام الفراغ في القدس، وأمام استعراضات وفبركات تتدعي حرصها على القدس وعلى عروبتها، وفعل الأسرلة والتهويد واستباحة كل القدس بات العنوان الأعرض والأشمل في المشهد المقدسي السريالي الفسيفسائي المعقد، جراء زحمة قضايا القدس، وتراجعها من اولويات اولويات الإهتمامات العملية والفعلية في الأجندة الوطنية الفلسطينية الرسمية وتللك العربية الحاكمة... لدرجة اضحى فيها المواطن بالقدس لا هم له الا بإبتداع كل السبل والوسائل الممكنة وتلك غير الممكنة او المتاحة ليبقى قابعا ببيت المقدس او بأكناف بيت المقدس... وهذا الفعل لابد له من مقومات ولابد له من اسباب من الضروري توافرها وتوفيرها وتحقيقها حتى يستوي فعل الصمود ليقبع المقدسي ببيت المقدس... إلا ان ان كل المؤشرات تؤكد تراجع البرامج التي من شأنها تعزيز المفهوم الوطني العربي بالتفاصيل اليومية في القدس...
لا شك ان خلق وقائع وطنية في القدس من شأنها الإسهام في الإبقاء على جذوة الصراع على القدس وفي القدس وأخشى في هذا السياق ان الوقائع الإسرائيلية المفروضة قصرا قد كسبت جولات عديدة بهذا الشأن سيما ما بعد اقامة جدار الفصل العنصري الذي اصبح التعامل والتعاطي معه كجزء من سياسة الأمر الواقع... تلك السياسة التي اعتمدتها كافة الداوائر الإسرائيلية في مسلسل اطباق سيطرتها بالكامل على القدس.. وهو الأمر الأخطر الذي يقودنا الى ان فرض الأمر الواقع اسرائيليا وعدم مجابهته بسياسات الأمر الواقع فلسطينيا ايضا قد بات طريقا ذا اتجاه واحد يؤدي الى القدس الإسرائيلية ذات المعالم اليهودية التي يعيش بأطرافها أقلية عربية من الضروري الإبقاء عليها وفقا للفهم الإسرائيلي حتى يكون بالإمكان ان تتدعي اسرائيل انها تحترم الأديان والتعددية في القدس.... وهذا ما عملت وتعمل عليه الحكومات الإسرائيلية المتعاقبة بمعنى انها كانت قد امتلكت الرؤية الإستراتيجية للمُراد من القدس وباشرت بالفعل التنفيذي منذ اليوم الأول لإحتلال القدس.. وكانت ان استغلت حالة الفراغ الوطني والعروبي وغياب الخطط الوطنية ذات الأبعاد العلمية والعملية والمرتبطة بالأجندة الفلسطينية الرسمية وتحديدا خطط ومخططات السلطة الوطنية وغياب وتغيب الهم المقدسي عن دائرة الإهتمام حتى فيما يخص فعل الإستثمار الإقتصادي المرتبط بالفهم الوطني للفعل الإستثماري الذي من شأنه ان يساهم في معركة الوجود العربي في القدس.... مع الأخذ بعين الإعتبار تعقيدات الإستثمار ووقائع العملية الإقتصادية ذاتها في القدس جراء السياسات الإسرائيلية بهذا الشأن....
كل هذا ومع العلم المسبق لدى الكل الفلسطيني الرسمي وغير الرسمي نجد اننا لا نعمل سوى القليل القليل من حالات اعلان اليومي بالصحف عن مشاريع اعلامية اعلانية لما يسمى بمسؤولي المدينة والمتربعين على عرش تصريحاتهم والمحذرين بالتهديد والعويل الإعلاني الإعلامي بهدف تمظهرهم بمنطق الحضور الكثيف من على صفحات الشؤون المحلية بالصحف الفلسطينية ومن يتابع ويقرأ تصريحات هؤلاء يعتقد انه امام حركة دائبة ودؤوبة في القدس تقض مضاجع الاحتلال وبرامجه مع ان الواقع المقدسي مخالف تمام لما يبدو بخلفية المشهد الإعلاني الإعلامي هذا... فمرة اخرى ننتظر فسحة الأمل التي قد تحملها الأيام السائرة دون حسابات في القدس علها تحمل في طياتها الشيء الجديد، واقصد هنا الجديد فيما يخص انبعاث الحياة بحواري وشوارع القدس من خلال الشعور بالفعل الفعلي للقدس وإنطلاق اليسير من فعاليات ما يسمى مشروع القدس عاصمة الثقافة العربية للعام 2009.. على سبيل المثال... ولا جديد ولا تغير بالمعنى او المضمون.. وكنا ان انتظرنا حلول شهر رمضان الذي من خلاله قد تكون هناك بعض الفعاليات التي تسهم في إعمار القدس وجعلها قبلة ثقافية بالفعل تتناسب وحجم الإعلان العربي للثقافة للعام 2009 ...
تشكلت اللجنة الوطنية العليا وبالمرسوم الرئاسي وجاءت هذه اللجنة وبصرف النظر عن اراءنا ونقدنا لتكوينها وتشكيلها الا اننا انتظرنا ان تعلن عن اليسير من تدشين الفعل الثقافي على الأرض المقدسية ولكن لا حياة لمن تنادي اذا ما ناديت حيا... وجديرا ذكره بهذا السياق ان سلطات الاحتلال الإسرائيلية وقبل فترة عمدت الى الفعل المضاد حيث باشرت تلك السلطات بتوظيف الفعل الثقافي كأداة من أدوات الصراع في السيطرة على المكان والزمان للإمعان بيهودية القدس وأسرلة المكان ومن هنا جاءت الخطوة الإسرائيلية حينما أقدمت بلدية الإحتلال على تعليق اللافتات الشعرية في شوارع أساسية كشارع صلاح الدين والسلطان سليمان، حيث زجّت بجماليات الشعر وسماواته في مستنقع الاحتلال الآسن. قصائد لأفضل الشعراء الإسرائيليين مترجمة جيداً إلى العربية تستنفد ما بقي من القدرة على الاحتمال. قصيدة لكل شاعر مكتوبة بالعربية على لافتة، وفي القدس الغربية القصائد كلّها بالعبرية، وقد توزعت على محطات الباص والمقاهي وأعمدة الكهرباء. معظم اللافتات جيدة كقصائد شعرية. لكن السياق الذي وضعت فيه دفعها إلى خانة الكوابيس التي يخترعها لنا الاحتلال في كل يوم. وبالمقابل لا يؤلوا جهدا كل من يدعي حرصه على القدس او ممن يتمنطقون بمسؤوليتها على محاولة إبداعية ثقافية وطنية من هذا القبيل....
ومن باب سخرية الموقف السائد الأن في الشارع الثقافي المقدسي التعليق السائد الأن...( يبدو أنّ البلدية الإسرائيلية عضو في لجنة احتفالية القدس عاصمة للثقافة العربية لعام 2009) ...
حيث ان الأمر لا يقف عند الشعر.. فالمسألة ليست مجرد قصائد عبرية مترجمة إلى العربية مع بعض القصائد لشعراء فلسطينيين، يحلو لبعض الجهات الإسرائيلية اعتبارها من (الشعر العربي الذي يكتب في إسرائيل).. فمشروع كهذا حافل بالدلالات والإسقاطات، إذ ينطوي من جهة على خلفيات تتعلق بالهيمنة الثقافية الإسرائيلية على المدينة العربية المحتلة، ويحيل من جهة أخرى إلى مفهوم (القدس الكبرى الموحّدة)....
وكنا ان حاولنا ان نقرع جدران الخزان مرارا وتكرارا بأن القدس قد باتت جزء من حالة تصارعية ما بين امراءها ان كان لها امراء وما بين سادتها ان بقي فيها سادة... وان شعبها وساكنيها قد باتوا على هامش اهتمامات السادة واولي الأمر... وهكذا اذن وفي ظل هكذا وقائع فما زال الأحتلال يسجل المزيد من النقاط في حلبة التصارع والصراع على القدس وفي القدس ...








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. فلسطينيون يرحبون بخطة السداسية العربية لإقامة الدولة الفلسطي


.. الخارجية الأميركية: الرياض مستعدة للتطبيع إذا وافقت إسرائيل




.. بعد توقف قلبه.. فريق طبي ينقذ حياة مصاب في العراق


.. الاتحاد الأوروبي.. مليار يورو لدعم لبنان | #غرفة_الأخبار




.. هل تقف أوروبا أمام حقبة جديدة في العلاقات مع الصين؟