الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


( شراع لمركب الخريف ) وتعميق الاثر التراجيدي

امجد نجم الزيدي

2007 / 9 / 26
الادب والفن


نص (شراع لمركب الخريف) للقاص محمود يعقوب، يقوم على بناء زمني متقابل ومتجانس مع المستوى الكنائي الذي اراد به القاص ان يعمق الاثر التراجيدي للنص من خلال المجاورة بين بنيتين مكانيتين تعتمدان على المقابلة الصورية، حيث ومنذ ابتدأ النص /من اول ساعة اكتحلت عيوني بها/ تسير الثيمة القصصية بمستوى افقي في ثلاث مقاطع قائمة على مجموعة من المشاهد المتجاورة افقيا، الاول هو مقطع المدخل الذي يتناول تعرف (انا النص) الى زميلته في المدرسة /كانت معلمة كبيرة السن مرت بضع سنين على وجودها هنا قبل مجيئي/، ويقتصر هذا المقطع على وصف العلاقة التي تربط (انا النص) بزميلته (البطريقة) كما يسميها، وينتهي هذا المقطع عندما تحال هذه البطريقة على التقاعد، ان النقطة المحورية التي تربط المقاطع الثلاثة هي لفظة البطريقة، بتمثلات البيئة التي توحيها هذه اللفظة بالمقابل مع النص الذي يظهر تلك المجاورة الكنائية، حيث حاول القاص ان يؤسس لها منذ المقطع الاول / لم تكن غمامة من تراب التي رمت بي الى باحة المدرسة تدري انها افضت بي الى حافة الجليد / وهذا المقطع عبارة عن مقدمة تمهيدية اراد بها القاص ان تكون بوابة لأكتشاف عوالم النص، حيث نرى بأنه قد قابل بين المعطيات التي افرزها المقطع مع ما اظهره المقطع الثاني الذي هو مركز النص، اذ يمثل عودة البطريقة الى حياة ( انا النص) ولكن بصورة مغايرة، لتعميق الاثر الذي اسس له المقطع الاول، ولتقود الى المقطع الثالث الذي كشف المبنى الكنائي ، ولكشف هذه المغايرة يجب المقابلة مابين المقطعين/ شدتني اليها تلك الابتسامة الملائكية الغامضة/ = / ابحث بأستغراب عن تلك الابتسامة/ ، / لم تكن غمامة التراب التي رمت بي الى باحة المدرسة تدري انها افضت بي الى حافة الجليد / = /اثارت غمامة تراب كثيفة مسرعة نحو بوابة المدرسة انتباهي (...) ولم اصدق عيناي حين فتح باب السيارة وترجلت منه البطريقة بصعوبة(...) وجدتها امراة ذاوية كمساء شتوي قارص ووحيد /، ثم هذا الاستخدام للسيارة التي قادت (انا النص) في المقطع الاول /الى اجمل بطريقة في الدنيا كلها/ ظهرت ايضا لتقود ( البطريقة) في المقطع الثاني، لتعود الى المدرسة، ولكن بصورة اخرى / حالها رثا، غام بريق عيونها تحت سحاب رمادي خفيف وكئيب/ نلاحظ ان القاص قد عمد في المقطع الثاني الى زحزحة وتهشيم كل الصفات التي اوجدها في المقطع الاول ليرينا عمق التناقض والفرق المفجع بين هذين المقطعين او الزمنيين / كنت ارقبها كثيرا وهي تمضي الى قاعات الحصص الدراسية، سمينة وقصيرة تنزلق ببطئ شديد امامي في حركة تشبه الى حد كبير حركة البطريق/ ، / صارت تسير ببطئ اثقل، لقد عادت بشكل او اخر انثى بطريق ميت مفردة في صحاري الثلج/ ، وايضا المفارقة التي يصنعها هذا التقابل بين المقطعين / طلبا تلتمس فيه احالتها الى المعاش /، /طلبا لأحالتي على المعاش/ ، / ودعتني البطريقة /، / ودعت البطريقة /، وهذين المقطعين بتراتبيتهما الافقية يقودان الى المقطع الثالث والذي يحمل المستوى الكنائي للنص، حيث تظهرالزروعات التي غرسها القاص في المقطع الاول والثاني، هذه التكنية التي رافقت النص منذ البدء ( البطريقة وحياتها الجليدية ) تظهر في مستوى اخر في المقطع الثالث، حيث قدم ماتم تأسيسه في المقطعين السابقين بأستخدام اسلوب الكناية بدل التصريح حيث بدى هذا المقطع كأضاءة تنير ما حاول القاص توصيله والذي بدى واضحا بالمقابلة السابقة بين المقطعين، ومابقعة الزيت التي لوثت طيور البطريق ومنها البطريقة العجوز، الا ماصرح به المقطع الثاني / غابت هذه الابتسامة بعد كر الايام عليها واثقلت روحها واسكتت قلب زوجها وتركتها وحيدة.. كانت مجللة بالسواد في حين لفت راسها ومعظم وجهها بفوطة بيضاء /.
ان المقطع الثالث والذي ابتدأ بمشاهدة ( انا النص ) للتلفزيون ورؤيته للفلم التسجيلي عن السفينة الجانحة وما الى ذلك، ابتعد عن الموضوعة الرئيسية للقصة، حيث ان التكنية اختلت في هذا الموضع، الى ان يعيدها القاص الى صلب دورة خطابه / في خضم هذه اللوحة الثلجية الكئيبة يهيئ لي انني أرى بطريقتي العجوز تدب بخطى مترنحة مخلفة على الجليد اثرا بالنفط الاسود /.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. -بيروت اند بيوند- : مشروع تجاوز حدود لبنان في دعم الموسيقى ا


.. صباح العربية | الفنان السعودي سعود أحمد يكشف سر حبه للراحل ط




.. فيلم تسجيلي عن مجمع هاير مصر للصناعات الإلكترونية


.. جبهة الخلاص الوطني تصف الانتخابات الرئاسية بالمسرحية في تونس




.. عام على رحيل مصطفى درويش.. آخر ما قاله الفنان الراحل