الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


قَواربُ المليكة

كمال سبتي

2007 / 9 / 26
الادب والفن


-1-
روحٌ من الفخاّرِ تهبطُ ، والتلولُ تنامُ فوقَ الريحِ مثل قواربٍ ، لا يسمعُ الحطّابُ أغنيةَ الخريفِ ،ولا أنينَ الغابةِ الليليَّ ، تهبطُ ، والمليكةُ –بعدُ- نائمة على الأوقاتِ ، قربَ سريرها شيخٌ يردّدُ سرَّهُ اليوميَّ " كانَ هناكَ.. "..، والكلماتُ لم تهدأْ.. ولم يهدأْ حنينُ الغابةِ الليليّ ، أهبطُ من جنوني ، يهبطُ الفخّارُ قربَ سريرِها فأردُّ عن صحوي تُلولَ الريحِ ، أدفعُها بعيداً عن مليكتِنا التي رسمتْ قواربَ في المنامِ..وتمتمتْ : مُدُني ، سيوقظُها الخريفُ لتسمعَ الحطّابَ منهمكاً بشقِّ طريقِهِ والشيخَ لفَّ سوادُهُ أفقاً وأغنيةً عن الإسراءِ والمعراجِ ، أهبطُ من جنوني ، يهبطُ الفخّارُ قربَ تلولِها فألمُّ عن قلبي الصراخَ ورحلةَ الخيباتِ ، هل تدري المليكةُ : كنتُ إذّاكَ التقيتُ مجرّةَ الإسراءِ والمعراجِ ، لم أفهمْ طريقي ، خفتُ ، لم أعلُ : ارتجفتُ ، أنا صراخُ الميتينَ ، - تعبتُ من موتي – على جبلٍ أنكّسُ حيْرتي كي أستظلَّ بما يُكرَّسُ لي ، سأسألُ : منْ تُرى خلفَ المدينةِ يوقظُ الكلماتِ والمعنى المكرّسُ لي : جحيمٌ أخرسٌ ؟ ما عدتُ أعرفُ : هل سمَّيْتُ ما يشقى به الفهمُ ، المسالكُ لا أراها ، والسماءُ عواءُ ذئبٍ ، والمليكةُ : دميةُ الطينِ ، احترقْ يا فهمُ في القُبَلِ اليتيمةِ ، واحترقْ في جُثَّةٍ عزلاءَ تمطرُ ذكرياتٍ، واحترقْ فيَّ ، احترقْ ، كنتُ اصطحبتُكَ صولجاناً فانحنيتُ وصخرةَ المنفى أسائلُ غابةً : ما كلُّ هذا الليلِ..فانشَطرتْ إلى شطرينِ..لم أسألْكَ شيئاً غيرَ أنَّ الليلَ عمَّدَ دارتي بالشكِّ..ما المعنى ؟ سألتُكَ ، أعرفُ ، اِنْشَطرَتْ إلى شطرينِ ، أعرفُ ، والنهايةُ ؟ حدِّثِ الشعراءَ عنها ، حدِّث الطرقَ الكثيرةَ والمطاراتِ ، الحقائبَ والجوازاتِ..النهاياتُ ، النهاياتُ ، انطلقنَ عشيّةَ انهارَ الربيعُ على الربيعِ وغيَّرتْ سحبُ الدخانِ أُنوثةَ الأنهارِ كي تنسى أخاءَ الطينِ..، حدِّثْ كلَّ شيءٍ ، كلَّ ما يربو على العينينِ والأبوابِ..حدِّثْ بئرَ زمزمَ.."هل نسيتَ ؟ "..وكيفَ أنسى ؟.. قلْ لهم ما كنتُ أُدركُ كلَّ هذا الليل.
* * *

-2-

من أينَ يأتي كلُّ هذا الليلِ ، كانَ الطفلُ يُدرِكُ جنَّةَ الأمراءِ بالذكرى ، و يُدركُ جنةَ الذكرى بحكمةِ صوتِهِ المذبوحِ ، هل نيرونَ يدركُ جنةَ الذكرى ؟ تساءَلَ : كان حبلُ النارِ أقصَرَ من طريقٍ ، هذه مُدُني..تعالوا..هذه الأضواءُ أضوائي..تعالوا : سوفَ أُسْمِعُكُم صراخَ النسوةِ : احتشدوا هنا حولَ المجانينَ..اِدخلوا بيتاً..فبيتاً واحرقوا نارَ التميمةِ ،..
هذه مُدُني تناساها الأميرُ وغرَّبَ الشعراءُ كلَّ حجارةٍ فيها..فقادتْني إلى الذكرى لتسألَ : أينَ أنت ؟ أنا القريبُ : إليكَ أمضي كلَّ حين..لا أراني غيرَ مطرودٍ من الجنّاتِ ، تعرفني البدايَةُ ، والنهايَةُ أطفأتْ قمري الوحيدَ ، أنا البعيدُ : إليكِ أمضي كلَّ حينٍ..لا أراني غيرَ مهجورٍ من الحاناتِ ، ضيَّعني إله الخمرِ في الطرقاتِ فاحتشَدَ الدخانُ يُكلِّمُ الأحجارَ : أنْ مُدّي إليهِ اللفظَ كي ينأى بما هوَ فيهِ عن طِلَّسْمِ ماضيهِ ، اِحتَرقْ يا فَهمُ..فالذكرى : الأرومةُ ، والأرومةُ : نفيُنا القدسيُّ.. ولتهنأْ بموتِكَ يا كلامُ ، ليَ الدخانُ يكلِّمُ الأحجارَ في منآهُ،لي صوتٌ حزينٌ من ليالي الأُنسِ يأتي من قريشَ : " خذ الكتابَ بقوَّةٍ "..
كنتُ استمعتُ إليكَ تسرقُ من جنوني حَيْرَةَ الإنشاءِ، لم أسألْكَ شيئاً، غيرَ أنّ الليلَ عمَّدََّ دارتي بالشّكِّ،هل تدري : حفظتُكَ قبلَ نومي، قبلَ تسميتي بما هيأتَ لي من سورةِ الأسماءِ لم أعهَدْكَ إلاّ فارسَ الفرسانِ! مالَكَ قد رُكْنتَ..
ولي نسائي : كوكبٌ عارٍ من الأزمانِ يسألُ وقتَكَ المكيَّ : هل أدمْنتَ غيبَتَنا ، وهلْ غُيِّبْتَ ؟ ماذا بعدُ ؟ كان الكوكبُ العاري من الأزمان يستلُّ احتضارَ بنيهِ من صحراءِ بطنِ الحوتِ، كان يقولُ : في هذا اِحتراقُ الإرثِ ، لستم وارثينَ نساءَكم، والحوتُ يضحكُ ،طفلةٌ سألتْ قواربَ في المنامِ: أهذه أحلاميَ ؟
اِحْتَرَقَتْ قواربُها وعادتْ مرَّةً أخرى لتسألَ : كيفَ تحترقينَ ؟والميناءُ تمتمةٌ لنُطقٍ أخرسٍ،باللهِ ماذا كان يجري ؟ لم تُجِبْ والحوتُ يضحَكُ، بئرُ زمزمَ هُدِّمَتْ ؟بعدُ ،اِنتظرْ من إرثِكَ الكلماتِ ، " والهذيانُ ؟ _ تسميةُ القصيدةِ في الليالي !.." لي نسائي كلما أسريتُ ينهبنَ الطريقَ فأستحي من خطوتي الأولى وأجفلُ ، غيرَ أنَّ البحرَ كانَ توعَّدَ الماشينَ إنْ وصلوا الشّواطىءَ..بالنهايةِ..
- هل تظنُّ البحرَ دميتَكَ الصغيرةَ ؟..
- لا أظنُّ..
ولي نسائي : يحتفلنَ بما يُشاعُ عن البطولةِ في الأُنوثةِ ، كانَ صوتي في محافلهنَّ ينثرُ ذعرَهُ ، يبكي وتبكيه الطبولُ ، أتستريحُ الآنَ ؟ يسألُ كلَّ يومٍ..كانَ يعرفُ طقسَهُ الوحشيَّ ، يعرف خدعةَ الأفعى إذا مرّتْ قريباً منهُ.. والحيوانُ ، يتركُهُ يناصرُ حائطَ المبغى.. ويبكي. هكذا كانَ : الشوارعُ أفقُهُ ، والنهرُ دميتُهُ.. ويهتف كانَ إنْ مرَّتْ فتاةُ الدغلِ في عينيهِ أنْ عودي إليَّ. ولي نسائي..مرَّةً قالَ المهرّجُ: إنما هنَّ المرايا فاستغثتُ بصورة الذكرى..وهَشّمتُ المرايا هكذا..وجهاً فقلباً..أينَ يمكنُ أن تكونَ ؟
- أكونُ في البيتِ القديمِ، وأينَ يمكنُ أن تكونَ ؟
- أكونُ في البارِ القديمِ ، وأينَ يمكنُ أن تكونَ ؟
- أكون فيَّ..
ولي تماثيلٌ من الفخّارِ تهبطُ كلَّ حينٍ تسألُ المدنَ القريبةَ والبعيدةَ : هل أتحتِ لنا حياةً ؟ كانت المدنُ القريبةُ والبعيدةُ لا تُجيبُ، لنا جِناسُ اللفظِ ! ماذا تقصدُ ؟ الطينُ ، الخرابُ ، وحائطُ المبغى..وأينَ هوَ الجناسُ ؟ لنا التماثيلُ الخفيّةُ : فالمدينةُ بعدُ لم تلد المدينةَ ، لم تزلْ أخبارها تترى علينا : الروحُ أشبَهُ بالخديعةِ والدخانُ دليلُ مبغانا ، تريَّثْ : طفلةٌ سألتْ قواربَها لماذا ينحني بحرٌ على الميناء ؟ نائمةٌ على الأوقاتِ، ترسمُ في المنامِ تلولَها ليمرَّ حطّابُ الخريفِ ويوقظَ القمرَ الوحيدَ، الدامعَ العينينِ ، قبَّرةٌ تمرُّ ، الفجرُ يُطلقُ نايَهُ ، الكلماتُ تغفو والنساءُ رحلنَ عني ، والقصيدةُ تنطفي..
هي ذي نهايتُها وأنتَ قتيل.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مت فى 10 أيام.. قصة زواج الفنان أحمد عبد الوهاب من ابنة صبحى


.. الفنانة ميار الببلاوي تنهار خلال بث مباشر بعد اتهامات داعية




.. كلمة -وقفة-.. زلة لسان جديدة لبايدن على المسرح


.. شارك فى فيلم عن الفروسية فى مصر حكايات الفارس أحمد السقا 1




.. ملتقى دولي في الجزاي?ر حول الموسيقى الكلاسيكية بعد تراجع مكا