الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ت. س. ايليوت

رحيم العراقي

2007 / 9 / 26
الادب والفن


مؤلفا كتاب ( ت. س. ايليوت ) هما كريغ رين ودوغلاس ب. فراي، الأول شاعر وناقد انجليزي معروف. وكان أستاذاً في جامعة أوكسفورد قبل أن يتفرغ للنشر والكتابة. وهو المؤلف الأساسي للكتاب. أما الثاني فهو أستاذ أيضاً في أوكسفورد وصاحب العديد من المؤلفات.
ويرى كريغ راني منذ البداية أنه قد انتشرت إشاعات كثيرة عن أشهر شاعر في القرن العشرين: ت. س. ايليوت. فقد اتهموه بالغموض، والتطرف في التجريب الشعري والخروج على المألوف، الخ. ولكنه في الواقع كان كاتباً واضحاً يعرف ماذا يريد.
فهناك وحدة عضوية تربط بين شعره ومسرحه وكتاباته النقدية. وشعره على الرغم من الغموض الذي يكتنفه وولعه بالتجريب والتجديد كان يحتوي على معنى محدد مثله في ذلك مثل الشعر العادي أو التقليدي. ولكن ينبغي أن نعرف كيف نقرأه لكي نصل إلى هذا المعنى.
ثم يردف المؤلف قائلاً: لقد ولد توماس ستيرنز ايليوت في الولايات المتحدة عام 1888 ومات في لندن عام 1965 عن عمر يناهز السابعة والسبعين. وكانت عائلته غنية لأن والده كان رجل أعمال كبيراً وأمه مدرسة قبل أن تنخرط في كتابة الشعر.
وكان آخر العنقود في عائلة تضم ثلاثة أطفال آخرين، بنتين وصبي. وقد درس ت. س. ايليوت في أفضل المدارس قبل أن ينتقل إلى جامعة هارفارد الشهيرة بين عامي 1906-1909 حيث نشر أولى قصائده وعمره لا يتجاوز الثامنة عشرة.
وفي عام 1910 تخرج من الجامعة وسافر إلى فرنسا حيث درس في السوربون بين عامي 1910-1911. وبالتالي فكان يعرف الفرنسية، وهذا ما ساعده على قراءة الشعر الفرنسي بلغته الأصلية والتأثر به وخاصة شعر الحداثة.
وبعدئذ عاد إلى هارفارد حيث واصل دراسة الفلسفة، وقد شغف بالفلسفة الهندية-الآرية وكذلك بالعقيدة البوذية. وفي عام 1914 حصل على منحة للدراسة في جامعة أوكسفورد بانجلترا، وكان هذا أكبر ما يطمح إليه المثقف الأميركي في ذلك الزمان. فانجلترا تظل الوطن الأم بالنسبة للأميركان، وتظل مصدر الآداب الانجليزية ومهدها.
وكان يريد أن يذهب إلى ألمانيا لمتابعة دراسة الفلسفة في جامعاتها ولكن اندلاع الحرب العالمية الأولى حاله بينه وبين تحقيق هذا الهدف. ولكنه لم يكن سعيداً في جامعة أوكسفورد، ولذلك فلم يجدد منحته للعام القادم. وراح يشغل نفسه بكتابة أطروحة الدكتوراه وإرسالها إلى جامعة هارفارد.
وقد قبلتها الجامعة. ولكن بما أنه لم يكن موجوداً أثناء مناقشتها فإنه لم يحصل على شهادة الدكتوراه! وفي أثناء هذه السنوات تعرف على بعض الشخصيات الهامة من أدبية وفلسفية. نذكر من بينهم: الفيلسوف الفرنسي هنري بيرغسون، والفيلسوف الانجليزي برتراند رسل.
ثم يردف المؤلف قائلاً: وبعدئذ تزوج ت. س. ايليوت من سيدة انجليزية عام 1915 تدعى فيفيين هين وود. وقد كتب عندئذ رسالة إلى أحد أصدقائه يقول فيها: لقد أقنعت نفسي بأني مغرم بفيفيين لكي أبقى في انجلترا بكل بساطة. فأنا لا أريد العودة إلى أميركا.
وقد اقتنعت هي تحت تأثير عزراباوند بأنها عن طريق هذا الزواج سوف تنقذ إنساناً أو شاعراً ضائعاً وتجبره على البقاء في انجلترا. ولم يقدم لها الزواج أي سعادة. أما أنا فقد وضعني في حالة نفسية أدت إلى كتابة: الأرض الخراب! وهذا يعني أن زواجه كان سعيداً جداً ولا يقل خراباً على الأرض الخراب نفسها.
وفي عام 1927 حصل ت. س. ايليوت على الجنسية البريطانية واعتنق المذهب الانجليكاني، أي مذهب أغلبية الانجليز. ثم انفصل عن زوجته عام 1933. ولكنها لاحقته، بل وانضمت إلى الاتحاد البريطاني للفاشيين حباً به لأنها عرفت أنه ميال إلى أطروحاتهم ومعجب بموسوليني.
وكانت تحضر محاضراته العامة لكي تذكره بوجودها وتدعوه للعودة إلى البيت. وقد جنت في نهاية المطاف ووضعوها في المصح العقلي طيلة السنوات التسع الأخيرة من حياتها دون أن يكلف نفسه شاعرنا الكبير زيارتها ولو مرة واحدة. وقد كشف بذلك عن انعدام في الحس الإنساني لديه.
ثم يردف المؤلف قائلاً بما معناه: أما زواجه الثاني فكان سعيداً، فقد تزوج سكرتيرة منذ عام 1949 يوم عشرة يناير 1957 عندما كان عمره سبعين عاماً تقريباً. وكانت تصغره بثمانية وثلاثين عاماً. ولم يعش معها أكثر من ثمان سنوات لأنه مات عام 1965. ولكنهما كانا سعيدين جداً.
وقد أمضت هذه الزوجة الثانية عمرها في رعاية أعماله الأدبية والاحتفال بذكراه بعد أن مات وأصبحت هي أرملة. وهذا وفاء منقطع النظير وبخاصة بالنسبة لامرأة أوروبية. فهي التي أشرفت على نشر رسائله والتعليق عليها وشرحها.
هذا وقد دفن ت. س. ايليوت في نفس القرية التي كانت لهم قبل أن تهاجر عائلته إلى أميركا. وبالتالي فقد عاد إلى أصله في نهاية المطاف. في الواقع أن ت. س. ايليوت أمضى معظم حياته في انجلترا. ولكنه أقام في باريس أيضاً في العشرينات من القرن الماضي حيث تعرف على كبار الشعراء والفنانين الذين كانت تحفل بهم العاصمة الفرنسية آنذاك من أمثال اندريه بريتون زعيم السورياليين أو بيكاسو أو سواهما.
وقد انهمك عندئذ في دراسة اللغة السنسكريتية والأجيان الشرقية القديمة: أي أديان الهند على وجه الخصوص. ينبغي العلم بأن أشهر قصيدة لإيليوت، أي أرض الخراب، كتبها وعمره لا يتجاوز الثالثة والثلاثين. كان ذلك عام 1922، وقد كتبها وهو في أشد حالات المعاناة مع زوجته الأولى حيث لم يكن سعيداً على الإطلاق كما ذكرنا.
وبالتالي فقد انعكست هذه الأحداث الشخصية على القصيدة بشكل أو بآخر. كما وانعكست عليها خيبات جيل بأسره: وهو الجيل الذي خرج محطماً من الحرب العالمية الأولى. من هنا جو التشاؤم الذي يخيم على القصيدة. إنه جو العبث والضياع والعدم. ومع ذلك فقد أصبحت هذه القصيدة المثل الأعلى للحداثة الشعرية البريطانية. بل ويعتبرها البعض أهم قصيدة في القرن العشرين أو على الأقل من أهمهما.
ولكنه فيما بعد راح يأخذ مسافة عنها لأنه وجدها كئيبة أو مظلمة وسوداوية أكثر من اللزوم. وقد كتب بهذا الصدد يقول: فيما يخص الأرض اليباب (أو الأرض الخراب) فإني أعتبرها شيئاً من الماضي. وقد تجاوزتها الآن وأنا مستدير في هذه اللحظة نحو المستقبل، أي نحو شكل جديد أو أسلوب جديد للشعر.
ولكن على الرغم من شكلها المزعج والصعب والمعقد والمتشتت فإن هذه القصيدة هي التي خلّدته بعد أن أصبحت منارة للشعر الانجليزي بل وللحداثة الشعرية ككل. فعندما يذكر اسم ت. س. ايليوت تخطر على البال فوراً قصيدة الأرض اليباب. لقد ارتبط اسمه بها رغماً عنه.
والواقع أن القصيدة خليط من الأزمنة والأمكنة والمرجعيات الثقافية المستعارة من الحضارات البشرية أخرى . إنها عبارة عن فوضى خلاقة إذا جاز التعبير. وقد أصبحت بعض فقراتها عبارات شائعة في اللغة الانجليزية اليومية. نذكر من بينها قوله: نيسان أقسى الشهور؛ أو سوف أريكم الخوف في حفنة من الرماد، الخ.
ثم يردف المؤلف قائلاً: بعد أن اعتنق ت. س. ايليوت المذهب الانجليكاني أصبح متديناً لأول مرة، وأصبح متعلقاً بالتراث البريطاني وقيمه العريقة التي تضرب بجذورها في أعماق الزمن. باختصار لقد أصبح رجلاً محافظاً بل ورجعياً بحسب رأي البعض. وقد عرّف نفسه آنذاك بأنه: كلاسيكي من حيث الفن والأسلوب، وملكي من حيث القناعات والأفكار السياسية، وانجليكاني كاثوليكي من حيث العقائد الإيمانية.
وقد شهدت هذه الفترة ظهور كتاباته التالية وبالأخص: أربعاء الرماد، رحلة السحرة، وأربع رباعيات. وقد اعتبر ايليوت هذه القصيدة الأخيرة بمثابة رائعة أعماله. وهي مبنية على العناصر الأربعة وعلى الجوانب الأربعة للزمن: أي الزمن اللاهوتي، والزمن التاريخي، والزمن الفيزيائي الطبيعي، والزمن البشري.
ثم ألف ايليوت مجموعة مسرحيات معظمها مكتوب شعراً لا نثراً. نذكر من بينها: جريمة قتل في الكاتدرائية (1935)، وحفلة كوكتيل (1950)، ورجل دول عجوز (1958). هذا وقد اختير «ت. س. ايليوت» كعضو في لجنة كبيرة مكلفة بترجمة الكتاب المقدس إلى اللغة الانجليزية الحديثة، وهذا أكبر دليل على أنه كان قد أصبح متديناً فعلاً ويوثق به من هذه الناحية.
وفي عام 1948 توجت حياته الأدبية بمنحه جائزة نوبل للآداب وكان في الستين من عمره. وقد صرحت لجنة استوكهولم الموقرة بأنها منحته الجائزة تقديراً للإنجازات الكبرى التي حققها بصفته رائداً للشعر الحديث.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. رحيل الممثل البريطاني برنارد هيل عن عمر 79 عاماً


.. فيلم السرب يتخطى 8 ملايين جنيه في شباك التذاكر خلال 4 أيام ع




.. الفنان محمد عبده يكشف عبر برنامج -تفاعلكم- أنه يتلقى الكيماو


.. حوار من المسافة صفر | الفنان نداء ابو مراد | 2024-05-05




.. الشاعر كامل فرحان: الدين هو نفسه الشعر