الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


واشنطن ..أستراتيجية جديدة لتقسيم العراق الى ثلاثة دول طائفية وقومية

علي جاسم

2007 / 9 / 27
مواضيع وابحاث سياسية


عام1974 قدم هنري كيسنجر مستشار الأمن القومي السابق ومسؤول السياسة الخارجية في عهد الرئيس الامريكي ريتشارد نيكسون دراسة بعنوان "مذكرة الأمن القومي 200" (NSM 200)،يعتبرفيها ان تهديداً للأمن القومي الأمريكي وحلفاء واشنطن الغربيين، يأتي من ازدياد عدد السكان في دول العالم الثالث الغنية بالمواد الطبيعية التي تمثل عصب الحياة بالنسبة للدول الصناعية ، وشكلت الدول النفطية نقطة استقطاب محوري لتطلعات ومصالح الدول المتقدمة لاسيما الولايات المتحدة الامريكية لذلك فان الدراسة اشارت الى ان اية زيادة في عدد سكان الدول النامية سيؤدي إلى استهلاك الثروات المعدنية هناك من قبل تلك الشعوب اما عن طريق التطور التكنولوجي أو بسبب الحاجة إلى إعالة الأعداد المتزايدة من السكان.
وتفترض تلك الدراسة أن هذا الأمر يعتبر تهديدا للأمن القومي الأمريكي وحليفاتها، من الدول الصناعية التي تعتمد في بقائها وتطورها مستقبلاً على تلك الموارد المعدنية في تلك البلدان من العالم الثالث ، ومن بين ما تقوم عليه الفكرة التي اطلقها كيسنجرهي استبدال الدول القائمة بدويلات أصغر تتسم بأحادية الطابع العرقي، وتحييد هذه الدويلات بجعل كل واحدة منها ضد الأخرى على نحو مستمر وبعبارة أخرى، الفكرة تتضمن تدمير الدول القائمة من أجل إنشاء كيانات ضعيفة يسهل توجيهها والتلاعب بثرواتها ومقدراتها.
واخذت الولايات المتحدة تطبق هذه الاستراتيجية ابتداءاً بتفكيك الاتحاد السوفيتي سنة 1991 احد اطراف الصراع الدولي الذي شكل القطب الاخر لتوازن القوى الدولية على مدار عقود طويلة واستطاعت الولايات المتحدة ان تفكك الاتحاد السوفيتي الى دولة متعددة يخضع بعضها اليوم لسيطرة ونفوذ امريكا بل بعضها اصبح ابرز القواعد العسكرية الامريكية.
ويبدوا ان الولايات المتحدة الامريكية بدات تغير في بعض ملامح هذه الاستراتيجة فبالاضافة الى السيطرة على الحقول النفطية فانها تعمل على تطبيق سياسة المحافظين الجدد الرامية الى حماية الامن القومي لاسرائيل فبدات بتمزيق الشعب الفلسطيني من خلال تشجيع الصراع بين فتح وحماس وتحويل الضفة الغربية الى دويلة وسط دويلة وكلها خاضعة لاسرائيل وكذلك الامر بالنسبة للبنان التي شهدت تغيرات جذرية واسعة في الحياة السياسية منذ اغتيال رئيس الوزراء البناني السابق رفيق الحريري حيث اخذ الصراع اللبناني يسير وفق نهج طائفي وعرقي بين حزب الله وحركة امل من جهة واحزاب علمانية سنية ومسيحية من جهة اخرى ممايمهد لانشاء كيانات ودويلات مستقلة تخضع كلها لسياسات واجندات خارجية.
غير ان النهج الامريكي في كل تلك الدول انطلق في اتجاهين الاول لفرض الهيمنة الامريكية من خلال فرض سيطرة القطب الواحد التي يعزز المصالح الامريكي ويوسع نفوذها اما الاتجاه الثاني ياتي من اجل حماية الامن القومي لاسرائل من خلال تفكيك واضعاف دول الصراع مع اسرائيل وهذا يتناغم مع اجندة اليمين المسيحين المتطرف في الادراة الامريكية والمتمثل بالمحافظين الجدد.
واليوم بدات اصوات داخل الكونغرس الامريكي تبشر بتطبيق الاستراتيجية الامريكية في العراق من اجل تأمين مصالحها واطماعها المتعطشة للسيطرة على اكبر الاحتياطيات النفطية في العالم الكامنة في الحقول العراقية اضافة الى خلق اجواء مشحونة وصراعات طائفية وعرقية تنعكس على كافة دول المنطقة ويؤثر على امنها القومي وذلك بتقسيم العراق الى ثلاثة دويلات قائمة على اساس عرقي وطائفي "دولة شيعية واخرى سنية واخرى كردية "اي أعتماد العرق والطائفة معيار لتقسيم العراق على غرار خطة تقسيم البوسنة.
ورغم أن هذا القرار غير ملزم، ولن يجبر الرئيس جورج بوش على تغيير استراتيجيته في العراق حتى لو تمت الموافقة عليه، إلا أنه سيكون اختبارا رئيسيا لفكرة تستقطب اهتماما متزايدا في واشنطن من اجل تنفيذ المشروع الامريكي الذي شرعه له كيسنجر قبل ثلاثة وثلاثين عام واعاد صياغته بطريقة جديدة "ليزي غيلب"خبير السياسية الامريكية في ادراة الرئيس السابق جيمي كارتر.
ان الدستور العراقي اكد على تطبيق النظام الفيدرالي الاتحادي في العراق وكان مجلس النواب قد صوت قبل اكثر من سنة على قانون المحافظات والاقاليم لكن هذه الفدراليات وفق ماشرعه الدستور العراقي تقوم على الاساس السكاني والمناطقي وليس على اساس العرق والطائفة كما يريد المشروع الامريكي ان يقسم العراق
وعلى الرغم من ان الخطة الامريكية الجديدة والتي صاغها هذه المرة "ليزي غيلب"تنص على وضع نظام فدرالي حسبما يسمح به الدستور العراقي مع وجود حكومة في بغداد تتولى امن الحدود وتتحكم في العائدات النفطية والية توزيعها على الاقاليم والمحافظات وزيادة المساعدات لاعادة اعمارالعراق وتخفيف الديون اضافة الى اطلاق جهود دبلوماسية دولية لحشد الدعم الدول الكبرى في العالم والدول الجوار للحكومة الفدرالية.
يبدوا ان الولايات المتحدة الامريكية مازلت تتصور بان العراق ولاية امريكية خاضعة لنفوذها وسيطرتها، اذا كان العراق الان بحاجة الى الالة العسكرية الامريكية لمحاربة الارهاب مما جعل السيطرة العسكرية على ميدان القتال بيد القادة الامريكان فان هذا لايعني بالضرورة ان يكون مستقبل السياسة الخارجية للعراق خاضع للادارة الامريكية ايضاً التي مازالت تتخبط في تطبيق استراتيجية ثابتة في العراق لان الاغراءات التي تقدمها الخطة الجديدة اذا استطاعت ان تقنع الساسة العراقيين فانه من الصعب اقناع الشعب العراقي بها خصوصاً وانه رافض لاية فكرة تهدف الى تقسيم العراق الى جانب ان الشعب العراقي يدرك ان كافة الاغراءات الامريكية هي حبر على ورق، لانه سبق وان عقدت المؤتمرات الدولية و وحُشدت الجهود لدعم الحكومة واطفت اكثر من صف ديون العراق الاان كل تلك الامور لم تحقق اي تقدم في الملف العراقي الشائك .
ثمة معوقات اخرى ستواجه الاستراتيجية الامريكية الجديدة تكمن في دول المنطقة التي ستقف بحزم لاي مشروع يهدف الى تقسيم العراق ليس حباً في العراق او حرصاً على وحدة شعبه انما من اجل حماية مصالحها القومية التي تتضرر مع وجود عراق مقسم فهناك تركيا الحليف الاقوى للولايات المتحدة الامريكية التي ستعترض على هذه الخطة لانها ستثير الاضطرابات مع الاكراد في تركيا اضافة الى ان السعودية وايران سيجدان مشاكل كبيرة مع زيادة الصراعات الطائفية التي قد تنتج بعد انشاء تلك الدويلات الطائفية اضافة الى ان مشكلة توزيع الثروات بشكل عادل سيكون العائق الاخر الذي يقف بوجه تطبيق اي خطط لتقسيم العراق .
لذك فان اية خطة اواستراتيجية امريكية جديدة تتعلق بالرؤى المستقبلية للخارطة العراقية ينبغي ان تمر عبر القنوات العراقية وان يكون للشعب العراقي دور في وضعها ويجب على كافة القوى الوطنية العراقية ان تتصدى لاية استراتيجية امريكية تهدف الى تقسيم وتفكيك العراق .










التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الرئيس الأوكراني: الغرب يخشى هزيمة روسيا


.. قوات الاحتلال تقتحم قرية دير أبو مشعل غرب رام الله بالضفة




.. استشهاد 10 أشخاص على الأقل في غارة جوية إسرائيلية على مخيم ج


.. صحيفة فرنسية: إدخال المساعدات إلى غزة عبر الميناء العائم ذر




.. انقسامات في مجلس الحرب الإسرائيلي بسبب مستقبل غزة