الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الخيارات الاقتصادية في سورية والحركة النقابية الحقيقية

ناهد بدوي

2003 / 10 / 23
الحركة العمالية والنقابية




يكثر الحديث عن الإصلاح الاقتصادي والإداري في سوريا وتتم مناقشة الخيارات الاقتصادية المختلفة والمشاريع الاقتصادية المختلفة سواء التي ترسمها حكوماتنا العتيدة المتعاقبة  أو المطروحة من قبل  الاتحاد الأوروبي( الشراكة الأوروبية) أو من الولايات المتحدة الأمريكية (مبادرة الشراكة بين الولايات المتحدة والشرق الأوسط )... الخ من المشاريع التي تمطر فوق رؤوسنا دون أن نمتلك الوسائل التي تتيح لنا القدرة  على تمييز خيرها من شرها (عبر إطلاق حوار وطني عام مثلا) والأهم من ذلك دون أن يمتلك الشعب السوري الوسائل التي تتيح له قبولها أو رفضها أو مواجهتها. كل المؤشرات تدل على أن سورية تقف على مفترق طرق والخيارات الاقتصادية التي تعني كل فرد في سورية  تناقش أحيانا في بعض الندوات النادرة . وقد أعلن فيها الخبير الاقتصادي السوري نبيل سكر في إحدى هذه الندوات بأن حسم الخيار باتجاه اقتصاد السوق لا يكفي وإنما يجب أن تكون هناك خطة اقتصادية متكاملة وبرنامج للتنمية الاجتماعية. نثمن تأكيد خبيرنا الاقتصادي لعاملين مهمين وضروريين  وبذلك تمايز قليلاً عن الخطاب الرائج في هذه الأيام بالإعلان والتكرار بأن "اقتصاد السوق هو الحل" دون البحث العميق والجدي للمشاكل الاقتصادية ودون دراسة النتائج الاجتماعية المترتبة على كل خيار اقتصادي. ولكنا رغم هذا التثمين يمكن أن نقول أن عاملا آخر لم يذكره في محاضرته وهو مشتق من كلمة "خيارات"  فمن الذي سيختار؟؟؟ من الطبيعي أن الرأي الأهم هنا هو رأي البشر الذين ستطالهم الآثار الاجتماعية المترتبة على هذه الخيارات الاقتصادية والأهم هنا هو رأي الفئات والشرائح الاجتماعية المختلفة ورأي العاملين بأجر والمزارعين  والفلاحين والذين يشكلون الأكثرية السكانية. في كثير من بلدان العالم تناضل هذه الفئات وتعبر عن تطلعاتها ومصالحها وخياراتها عبر النقابات العمالية والمهنية بالإضافة إلى التنظيمات المجتمعية والسياسية المختلفة .        
إذاً النقابات هي طرف أساسي عند طرح  أية حلول وإصلاحات اقتصادية من قبل الحكومة. والنقابات هي القدم الأخرى التي يتوازن فيها المجتمع مع الحكومة. لكن هذا الطرف غائب تماما في سورية. صحيح أنه يوجد لدينا ما يشبه هيكلية النقابات إلا أن مجالسها التنفيذية لا تمثل النقابيين  أمام الحكومة كما هو مفترض بل هي أداة لتمثيل الحكومة داخل النقابات والولاء الأساسي لهذه القيادات النقابية للجهة التي ساهمت بصعودها وتسلمها المراكز القيادية،  وهي عندنا كما يعرف الجميع ليست مصالح ورغبات النقابيين أبداً. وهكذا تقف النقابات عندنا في جهة الطرف الذي يفرض ويخطط ويختاركما يشاء، أي أن المجتمع السوري كله يقف على قدم واحدة عبارة عن الحكومة وملحقاتها وبذلك يكون التوازن قلقا وبعيدا عن الاستقرار،ذلك إذا لم نأخذ بالحسبان آلام المفاصل والنخر الروماتيزمي الذي يعصف بهذه القدم.                           
إن الحركة النقابية الحقيقية والمستقلة هي مطلب وطني ملح وحاجة عضوية وأساس ديناميكية المجتمعات البشرية وحيويتها واستقرارها.  وتزداد الحاجة أكثر فأكثر إلى قوة الحركات الاجتماعية ليس في سورية أو المنطقة العربية فقط وإنما على صعيد العالم بأسره... فالمكتسبات الاجتماعية في كل مكان تتعرض لخطر المصادرة من قبل السياسات الليبرالية الجديدة التي ترى بأن أول خطوة في مواجهة الأزمة الاقتصادية هي نزع المكتسبات الاجتماعية للعاملين وخصخصة كل الخدمات والضمانات الاجتماعية التي كانت تكفلها الدولة وتحويلها إلى سلعة يتم تداولها حسب قوانين السوق لا حسب المصالح الحقيقية لهؤلاء العاملين لذلك نشأت الحاجة لقطب اجتماعي مقاوم ومدافع عن المكتسبات الاجتماعية على الصعيد المحلي والصعيد العالمي تكون النقابات العمالية والتنظيمات المجتمعية رافدها الأساسي. إن دور وأهمية النقابات المستقلة المفترض في سورية مضاعف اليوم كون البلاد تقف على مفترق طرق فهي من جهة معنية بالدفاع عن الضمانات الاجتماعية القائمة على تواضعها والنضال والضغط من أجل تطويرها وتجذيرها. ومن جهة أخرى ضرورة حضورها الفاعل كطرف معني وأساسي في سياق حسم الخيارات الاقتصادية المطروحة من الداخل والخارج على حد سواء.                          

 

البديل








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. 10 طلاب بـ-ساينس بو- يضربون عن الطعام لـ 24 ساعة دعماً لغزة


.. إضراب طلاب في معهد العلوم السياسية في باريس عن الطعام بسبب إ




.. في حصيلة غير مسبوقة.. اعتقال 2200 مؤيد لغزة من الطلاب والعام


.. طلاب وأساتذة بجامعة مانشستر يعتصمون للضغط على إدارتها لقطع ع




.. استمرار اعتصامات الطلاب في جامعة جورج واشنطن