الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


آخر .. ما بعد الحداثة

عصام عبدالله

2007 / 9 / 27
مواضيع وابحاث سياسية


يشدد جاك دريدا على أن : "الآخر باعتباره آخرًا غير الذات، أي الآخر الذي يقابل الهوية الذاتية، ليس شيئًا يمكن رصده وتمثله داخل الفضاء الفلسفي للاستعانة بنبراس فلسفي. ذلك أن الآخر سبق الفلسفة، وهو يحتوي مستثيرًا بالضرورة "الذات" قبل أن يكون في مستطاع أية مساءلة عبقرية أن تبدأ. وفي سياق هذا الارتباط بالآخر يفصح التأكيد عن ذاته."
وبذلك يعتبر هذا التأكيد للذاتية كما يقترحها دريدا محصلة الصدام بالآخر. فهو في البدء والمنتهى صدام أنطولوجي بين الذات والآخر.
إن كتابات ما بعد الحداثة، كما هو شأن كتابات ما بعد الاستعمار، تتبنى نزوعًا عامًا نحو تفضيل انتشار ["الاختلاف" Differ(a)nce-] أكثر من إنتاج الثنائيات المتعارضة، وهو ما يقوض "الحضور" من أساسه.
ولعل هذا ما عناه "جيل دولوز" - Deleuze بقوله: "إن الآخر ليس هو ذلك الموضوع المرئي، وليس ذلك الآخر. إن الآخر بنية الحقل الإدراكي، كما أنه نظام من التفاعلات بين الأفراد كأغيار. فحين تدرك الذات شيئًا ما، فإنها لا تستطيع أن تحيط به في كليته إلا من خلال الآخرين، فالآخر هو الذي يتمم إدراكي للأشياء".
أما جاك لاكان - Lacan فقد أعتبر "الآخر" البؤرة التي تتشكل داخلها "الأنا" الذي يخاطب الآخر الذي يستمع. وبعبارة أخرى، تبنى الهوية والغيرية، والذات والآخر، داخل فضاء التمثيل … يقول "لاكان" في كتابه "لغة الذات" - Le langage du soi: "في حدود أن "أنا الذات" مدمجة في جدليات النرجسية والتماهي باعتبارها مراحل حاسمة في حياتها، يمكن القول أن الذات مدرجة في موضوعية المحور المتخيل في الوقت نفسه بما هي علاقة رمزية ولا واعية بين الذات والآخر."
بيد أن فلاسفة الاختلاف قد ذهبوا إلى ما هو أبعد من ذلك، إذ عمدوا إلى التشويش على وحدة الميتافيزيقا، وذلك من عدة وجوه، منها محاولة دريدا الرامية إلى جعل "الحلم" يتشكك في صفاء "الوعي"، واعتماد دولوز "الفن" كطريقة لدحض "التمثيل"، وايلاد فوكو اعتبارًا "للمنبوذ" من حيث تهديده المستمر لوحدة الدولة السعيدة.
فقد انخرط فوكو في تعرية مؤسسات الحضارة الغربية بشكل أركيولوجي - Archeologie عميق، كمؤسسة المصح العقلي والسجن والمدرسة والجامعة، وسائر المؤسسات البورجوازية التي تهدف إلى تدجين الناس وتطويعهم فكريًا وجسديًا؛ أي أن منهجه الاركيولوجي مكنه من الكشف عن "الآخر" المقموع من خلال تعرية آليات القمع.
وفي كتاب "الكلمات والأشياء" - Les Mots Les choses الصادر عام 1966، أثبت فوكو أن العلوم الإنسانية هي التي خلعت المشروعية على النظام الحديث مثلما أن الفكر الديني المسيحي كان يخلع المشروعية على "قمعية" النظام القديم. وهكذا حاول الكشف عن أنه في كل حقبة تاريخية هناك خلفيات هي الأساس الذي تبنى عليه المعرفة، والبحث عن مجمل هذه الخلفيات يشكل "القبلية التاريخية".
يترتب على ذلك أن هناك نظامًا خفيًا وراء الظواهر هو الذي يشكل الشرط الحقيقي الذي بدونه لا يمكن أن يكون هناك خطاب حول الأشياء يعكس حقيقتها أو بالأحرى يعترف به كخطاب مطابق للحقيقة."
ان التفكيك Deconstruction - عند دريدا قد أضاء بعدًا جديدًا، أكثر عمقًا وأبعد أثرًا، وهو أن أية بنية تنظم تجربتنا - أدبية أم سيكولوجية أم اجتماعية أم سياسية أم دينية - إنما تتشكل وتنمو وتستمر من خلال عملية "إقصاء". ففي عملية خلق شيء ما سيكون حتميًا إغفال شيء آخر. وهذه البنى الاقصائية، قابلة أن تصير "قمعية"، وهو قمع تترتب عليه "آثار".
وكما سبق ونبهنا "فرويد" إلى العلاقة بين القمع والتخفي، يؤكد دريدا على أن ما يقمع لا يختفي لكنه يعود دائمًا كي يزلزل كل البناء القائم، مهما كانت درجة الاستقرار التي يبدو عليها.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. إسرائيل تضطر لاستدعاء فرقة -تشكيل النار- مجدداً للقتال في جب


.. ليس الحرب الحالية.. ما الخطر الذي يهدد وجود دولة إسرائيل؟ |




.. مجلس النواب العراقي يعقد جلسة برلمانية لاختيار رئيس للمجلس ب


.. هيئة البث الإسرائيلية: توقف مفاوضات صفقة التبادل مع حماس | #




.. الخارجية الروسية تحذر الغرب من -اللعب بالنار- بتزويد كييف بأ