الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


المصلحة الوطنية الاردنية وتحولات النظام السياسي

خالد سليمان القرعان

2007 / 9 / 28
مواضيع وابحاث سياسية


تتلخص المصالح داخل النظام الملكي في نظرنا ، في تأمين دور فاعل للنظام في المحيط الإقليمي والدولي، على أمل أن يساهم ذلك في خلق شروط تجسيد النظام الملكي ذاته كونه محدث وحديث الولادة على تراب وارض الاردن . وانتهت في آخر المطاف في المحافظة على مظاهر القوة والعظمة الشكلية. والحال أنللنظام مصالح شخصية متعددة ومتنوعة لا بشكل توسيع النفوذ الإقليمي ولا حتى استعادة الأرض المعطاه والممنوحه للدوله العبرية بل وتأكيد السيادة الوطنية، أي ما يمكن أن نجمله تحت اسم المصالح الاستراتيجية للعائله المالكة . والتضحية ببقية المصالح الوطنية، او تجاهلها لحساب نوع واحد منها، حتى لو كان أساسيا وذا أسبقية، لا يضر فحسب ولكن بالمصالح الاستراتيجية ذاتها. فالبلد الذي يفقد فرص التنمية الاقتصادية وتترهل مؤسساته الإدارية والقانونية والعلمية والتقنية، وتتفاقم فيه التوترات والتناقضات والانقسامات الطائفية والسياسية والمذهبية، وتتراجع إرادة أبنائه في الحياة المشتركة، وتغيب روح المسؤولية عنهم، وتتخبط قواه وتتنازع في ما بينها بسبب غياب قواعد واضحة ومقبولة للعمل والتنافس على السلطة وعلى مناصب المسؤولية والوظيفة، وتنهار قدراته على خلق فرص العمل واستيعاب الأجيال الجديدة وتأهيلها وتقديم إطار مقبول للحياة الإنسانية لها في وطنها، وتزيد فيه مظاهر الفقر والبؤس والبطالة، وتنحط ثقافة سكانه ومعارفهم وسلوكهم، وتسوء علاقاته مع جيرانه والمنظومة الدولية، ويصبح مثالا للفشل في تأمين شروط الحياة الكريمة لأبنائه ويتامر على جيرانه ، يفقد بالضرورة أي أمل في الاحتفاظ بقدراته الاستراتيجية ونفوذه الإقليمي والدولي.


هذا يعني أن مصالح العائله الاستراتيجية، سواء نظر إليها من زاوية المقاربة الواقعية السياسية أو من زاوية المثالية القومية، لا ينبغي أن تطمس المصالح الوطنية الاخرى التي لا تقل أهمية عنها، ولا أن تكون ذريعة للتضحية بها. وهو ما حصل للأسف خلال العقود الطويلة الماضية التي تحكمت فيها فكرة استعادة الأرض الممنوحه بكرم من العائله ومواجهة التحدي الاسرائيلي اعلاميا ، اعتقادا بأن كل المصالح الأخرى تستطيع وينبغي أن تنتظر حتى تتحق المصلحة الأكبر والأبدى. وقد كان لهذا الخيار الذي طبع حكم الملك السابق بأكمله منطقه في مرحلة تفجر فيها النزاع العربي الاسرائيلي، على شكل حروب متواصلة، وساد فيها، بعد توقيع اتفاقيات كامب ديفيد بين مصر وإسرائيل، في نهاية السبعينات


الاعتقاد بأن الاردن يعيش لحظة الحل النهائي للنزاع العربي الاسرائيلي الطويل، وفي موازاته انفجار حرب التسوية بين الأطراف العربية التي تريد انقاذ نفسها بحلول منفردة على الطريقة المصرية، وتلك التي تسعى إلى إحباطها لصالح تسوية شاملة ؛حيث الوضع تغير الآن. فلم يعد نوع التسوية، منذ انهيار أسسها في جنيف عام 2000، موضوعا رئيسيا للصراع، بل لم تتحقق وليس في الأفق على ما أظن أي مشروع تسوية نهائية لا شاملة ولا منفردة، لا في فلسطين ولا في سورية ولا في لبنان. وبالإضافة إلى ذلك، زاد ضغط التحديات الاجتماعية والاقتصادية والسياسية وتغيرت التوجهات الوطنية. فلم يعد أحد منا يعتقد بأن تحرير الاردن من يد النظام هو المدخل إلى التنمية الاقتصادية أو إلى تحسين شروط العدالة الاجتماعية والاعتراف بالحقوق الطبيعية المدنية والسياسية للمواطنين. بل لقد انعكس الأمر تماما فصار الرأي العام الاردني يعتقد بأن تحقيق التنمية والرد على حاجات المجتمع الاقتصادية والسياسية والاجتماعية وتعزيز الوحدة الوطنية وبناء اردن قويا سياسيا واقتصاديا، هو المدخل إلى تحرير النفس والارض الاردنية من بطش النظام الملكي ورجالاته ومرتزقته ولا يعني القول بأن أجندة التنمية الانسانية هي التي تسيطر اليوم على مجتمعنا أنه لم يعد هناك أهمية للقضية الوطنية الخارجية، أو أن التحرير وحماية الاستقلال أقل أهمية من خلق فرص العمل للشباب العاطل والمهدد بالضياع. فليس الأمر استبدالا لهدف بهدف آخر، وإنما تحديد نظام الأولويات الذي يؤمن تحقيق الأهداف المترابطة والضرورية جميعا. وهو يعني أن تحرير الاردن من النظام وحماية الاستقلال والسيادة الوطنية يمران اليوم حتما عبر بناء القدرة الذاتية وتحرير المجتمع وإطلاق طاقاته ودفعه إلى المشاركة في المسؤولية والتضحية من أجل إخراج البلاد من الأزمة التي تعيشها. ومن دون ذلك لن يكون الحديث عن تحرير الاردن وحفظ الوحدة والسيادة الوطنيتين، بالرغم من الأهمية الاستثنائية التي يتمتعان بها، إلا دعاية سياسية لا أمل في تحقيقها على أرض الواقع. والسبب أن أحدا لا يهتم بتحقيق سلام مع بلد فاقد لأسباب القوة والمنعة الداخلية، مهما كانت قوة الاوراق التي جمعها أو يمكن أن يجمعها في الخارج.
والحقيقة إن ما ميز عهد عبدالله ونظامه وجعل منه محط آمال قطاعات واسعة من الرأي العام هو تركيزه منذ البداية على هذه الأجندة الوطنية المخفية والمطيعه ، واستعادة ذاكرتها بعد أن دفنت تماما تحت ركام "الحروب أو الفتن الوطنيه .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. فراس ورند.. اختبار المعلومات عن علاقتهما، فمن يكسب؟ ????


.. 22 شهيدا في قصف حي سكني بمخيط مستشفى كمال عدوان بمخيم جباليا




.. كلية الآداب بجامعة كولومبيا تصوت على سحب الثقة من نعمت شفيق


.. قميص زوكربيرغ يدعو لتدمير قرطاج ويغضب التونسيين




.. -حنعمرها ولو بعد سنين-.. رسالة صمود من شاب فلسطيني بين ركام