الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


قصائد نيويورك

سعدي يوسف

2007 / 9 / 28
الادب والفن


أولُ الكلام
لو كنتُ سائقَ تاكسـي
واتّـخذتُ ، كما شاءتْ ليَ المهنةُ ، اســماً
صرتُ: روبَرْتــــو !
لا تَعْجَبوا !
الأمرُ أني في المطارِ
وأنني الـمُضَيَّـعُ حتى جاءَ روبرتو ...
ألقي علي الشمسِ سيلاً من شــتائمِــهِ
وجاءني بسلامٍ منهُ ...
أنت تري أن الطريقَ طويلٌ
أن عاصفةً كانت ستأتي ...
ولكني أتيتُ !
دعِ الـمَلامةَ ...
الآنَ نمضي ، ولتكُنْ رجُلاً بين الرجالِ ،
فماذا سوف تكسبُ إنْ أقمتَ في الظلِّ ؟
شمسُ الظُّهرِ غادرةٌ حقاً ...
ولكنكَ الـمَعْـنِـي ُّبالشظَفِ !
نيويورك 01.08.2007
---------------------
في واشنطن سكوَير

غاريبالدي يُغْــمِدُ سيفَ الثوريّ ،
وثَمَتَ مصطبةٌ تتمدّدُ فيها طالبةٌ ســوداءُ
وتَعْــرَقُ تحت الشمسِ .
ورُقــعةُ شطرنجٍ ذاتُ بيادقَ في حجمِ السنجابِ
يحيطُ بها بضعةُ أشياخٍ .
قالت سيدةٌ :
ما أجملَ كلبَ القحبــةِ !
.................
.................
.................
في 20.11.2008
سيُغادرُ مبني البيتِ الأبيضِ
في واشنطنَ
كلبٌ .
نيويورك 02.08.2007
--------------------------
مطعم الخنزير الأعمى

يقع " الخنزيرُ الأعمى " في الشارع 14
بين الآفِنيو الثاني ، والآفِنيو الثالث ...
ليس هناك مطاعمُ أو حاناتٌ كبري في هذا الحيّ من نيويورك ...
إلاّ هذا " الخنزير الأعمى " !
قالت لي الساقيةُ الإيرلنديةُ ذاتُ الثوبِ الأســود ِ:
نحن هنا إيرلنديّون
إيرلنديّونَ أميركيون ،
أنا إيرلنديّةْ ...
قلتُ لها : هل ستزورينَ بلادَكِ هذي السنةَ ؟
ارتبكتْ كالغصنِ المقطوعِ الساقيةُ الإيرلنديةُ .
قالتْ : لم أفهمْ ما تعني ...
وأنا أيضاً لن أفهمَ حين تقولينَ :
ألستَ تزورُ بلادَكَ هذي السنةَ ؟
...................
...................
...................
" الخنزيرُ الأعمى " يوشكُ أن يكتظَّ ...
وساقيةُ البارِ الإيرلنديةُ تركضُ نائسةَ الـخُصُلات .
نيويورك 02.8.2007
---------------------------
حديثٌ في اليونيون سِكْــوَير

لا ...
ليسَ بإمكانكِ بيعُ حُــلِــيٍّ كاذبةٍ في اليونيون سكوَير !
- لكني لستُ أبيعُ حُلِـيّـاً كاذبةً ...
أنا أنسجُ أقراطاً وقلائدَ
من خيطٍ قُطنٍ !
- حتى هذا لا يُمْكِنُ ...
فالساحةُ ليست سوقَ حُـلِـيٍّ
إن الساحةَ لي ، ولأمثالي ...
مثلاً : هذا الهنديّ الأحمرُ
يعرضُ قمصاناً فيها الأسلافُ وقوفٌ وبنادقَهم ،
والأسلافُ يقولون :
وقفْنا ضدّ الإرهابِ جميعاً
منذ 1492 ...
هل أدركتِ المعني في قمصانِ الهنديّ الأحمرِ ؟
- لا أدري ...
لكنّ لديّ حُـلِـيّاً للبيعِ .
أنا امرأةٌ تأكل خبزتَها بيدَيها ...
- إن أصررْتِ خسرتِ !
الشرطيّ المتخفِّي في هيأةِ زنجـيٍّ ذي سبعِ ضفائرَ
سوف يصيدُكِ مثل السمكةْ !
نيويورك 03.8.2007
-----------------------------
طـبـيـعــةٌ 2

عند مكتبةِ الجامعةْ
يختفي الشجرُ الضخمُ تحتَ مياهٍ مجلجـلةٍ
ورياحٍ تصيحْ .
عند مكتبةِ الجامعةْ
كانت امرأةٌ تحتمي بالمظلةِ ، مسرعةً ،
ثم تسقط مثلَ جوادٍ جريحْ .
لم نكن نتمرّغُ في مُزْنةِ الصيفِ ...
بَرْقٌ بدا ، يصِلُ النجمَ بالأرضِ .
والرعدُ يأتي ، كأنّ المدينةَ قد قُطِّعَتْ في شِعابِ الجبالِ
............................
............................
............................
تقولُ ليَ امرأتي :
آنَ للطيرِ أن يســتريحْ !
نيويورك 04.8.2007
----------------------
مســبح

Hamilton Fish Park

مبنيً قديمٌ للجماركِ
هكذا يبدو لأّولِ وهْلةٍ ،
لكنه ســرعانَ ما يجلو المياهَ خفيفةً
خضراءَ
زرقاءَ
المياهُ خفيفةٌ
يلهو بها الأطفالُ :
صينيّـينَ
سوداً
أو هنوداً من معابدِ مكسيكو
ومَتالِعِ البيرو
وقرطاجنّــةِ الأحراشِ ...
....................
....................
كيف تقولُ : لستُ الآنَ في نيويوركَ ؟
أنت الآنَ في نيويورك .
أي أن المدينةَ هكذا كانت
وظلّتْ .
فاقترِبْ منها ...
ودَعْ بستانَكَ الورقيَّ يغرقُ في الميــاه !
04.8.2007 نيويورك
--------------------------
الحــيّ الصيــنـيّ

يأخذكَ الحيُّ الصينيُّ إلي الحيّ الإيطاليّ
(إلى ما يُدْعى إيطاليا الصغرى (
Little Italy
إذّاكَ تحسُّ بأنّ عليكَ العودةَ نحو الـحيّ الصينيّ
كأنّ الإيطاليين اتفّقوا أن مطاعمهم هي عالَــمُـهم
أن الإنسانَ هو الحيوانَ الآكلَ
أن العالَمَ مجبولٌ من إثنينِ :
السارقِ
والمسروق ...
.................
.................
.................
سأعودُ إلي الـحيّ الصينيّ
لأري لُعَبَ الأطفالِ
وأسماكَ الســوق !
نيويورك 05.8.2007
-----------------------------------
الطيَــرانُ الحربيُّ

قد تبدو كلُّ المُدُنِ ، الصبحَ ، جميلةْ
ذاتَ شوارعَ لامعةٍ
ومتاجرَ لم تَفتَحْ أبوابَ مصائدِها ، بَعدُ
ومقاهٍ قد فُتِحَتْ للتوّ
وسيّاراتٍ ماثلةٍ ، كتماثيلَ من الـمعدِنِ في قاعةِ عَرضٍ ...
...............
...............
...............
قد تبدو كلُ الـمدنِ ، الصبحَ ، جميلةْ
حتى لَكأنَّ التاريخَ يغادرُها عند الفجرِ
لكي تأتينا
بيضاءَ
مُباغِــتَــةً
خارجةً من أسوارِ محارتِها
خارجةً عمّا اعتدنا أن نكتبهُ ...
...............
...............
هل تبدو نيويورك كذلك ؟
قد تبدو ...
لكنّ هديرَ الطيَرانِ الحربيّ
يخطفُ لحظةَ غفْلتِنا
وبراءتِنا
ويقولُ مديداً : لـ - ا- ا -ا- ا- ا - لا !
نيويورك 05.8.2007
-------------------------------
الساحةُ في الصباح الباكر

محطّــةُ تحتِ الأرضيّ
في " اليونيون سِكْــوَير "
لم تَرسُمْ ، بَعدُ ،خطوطَ الصورةِ :
كان الركّابُ قليلينَ
وعشّاقُ الشطرنجِ بعيدينَ
وسوقُ الفلاّحينَ ، ستشهَدُ ، لكنْ بعدَ قليلٍ ،أُولي العرباتِ ...
الساحةُ تعرفُ أن مصاطبَها
تتحوّلُ ، في الفجرِ ، أسِــرّةَ نومٍ
كان زنوجُ الساحةِ يفترشــونَ غليظَ ملابسِــهِم
ووســادَ حقائبِهم
ويَغِـطّونَ عميقاً ...
.......................
.......................
........................
في الشارعِ ، يشتدُّ ضجيجُ العرباتِ الشاحنةِ
الزنجيُّ الأعمى يفتحُ عيناً واحدةً
يُغْمضُها ...
يفتحُ عيناً ثانيةً
يُغمضُها ...
يفتحُ كلتا عينيهِ ...

الساحةُ سوفَ تكونُ الساحةْ !
نيويورك 06.8.2007
------------------------------
بــوّابةُ جامعةِ نيويورك
NYU Gate

بُـومَتــا حَـجَــرٍ حـطَّـتا فوقَ بَــوّابةِ الجامعـةْ
بُـومَتانِ بِحجــمِ طيورِ الجحيمِ
النحاسُ القديمُ
صَدِئٌ ،
والنباتُ الذي قُــدَّ من حَــجـرٍ حائلِ اللونِ
قد صارَ مثلَ الترابْ ...
ليس من أحدٍ عند بوّابةِ الجامعةْ ،
وطيورُ الحديقةِ غيرِ البعيدةِ
قد هجرتْ ، منذُ قرنٍ مضي ، مدخلَ الجامعةْ ...
) إنه البومُ ...(
كان الصباحُ يَعُــدُّ الثوانيَ ...
هل ينطقُ الطيرُ عندَ المســاء ؟
نيويورك 07.8.2007
----------------------------
صــباحٌ مختلـفٌ

كانت في السوق الصيفيّ ، بقايا من عاصفة الليلِ الـمـطَريّـةِ
ثَـمَّ نسيمٌ رطبٌ
وغصونٌ أعمقُ في خُـضرتِها
وفواكهُ تبدو قد قُطِفَـتْ قبل دقيقةْ ...
كم أهوي أن أجلسَ في مصطبتي
أكثرَ
أكثرَ
أكثرَ من ساعةْ !
لكنّ الشمسَ الصيفيةَ تقتربُ ،
وعَــلَــيَّ ، أنا الخاســرَ ،
أن أبحثَ عن ظِـــلٍّ
أن أبحثَ عن شـــجرةْ .
......................
......................
......................
لَكأني في الصحراء !
نيويورك 08.8.2007








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. وفاة زوجة الفنان أحمد عدوية


.. طارق الشناوي يحسم جدل عن أم كلثوم.. بشهادة عمه مأمون الشناوي




.. إزاي عبد الوهاب قدر يقنع أم كلثوم تغني بالطريقة اللي بتظهر ب


.. طارق الشناوي بيحكي أول أغنية تقولها أم كلثوم كلمات مش غنا ?




.. قصة غريبة عن أغنية أنساك لأم كلثوم.. لحنها محمد فوزي ولا بلي