الحوار المتمدن
- موبايل
الموقع
الرئيسي
ثقافة البحث العلمي في دوائر الدولة.....الى ابن؟
كامل القيّم
2007 / 9 / 29الصحافة والاعلام
اذا كانت بعض الاعتقادات تميل الى ان تجعل من الاكتشافات المختبرية والتجريبية خط الشروع العلمي والأيمان به ، فان حضارات العالم القديم قد أوكلت وعظّمت ملامح العلم وممارسيه ، من كهنة وعرافين وحكماء ، بشكل يفوق التصور ، وهذا بطبيعة الحال ناتج عن وقائع حياتية سايرت بدايات السعي لتفسير الظواهر ولإيجاد ( غائية ) وقوعها، ببساطتها وغرابتها.بعدما تيقنت أن التأمل العقلي والفلسفي يجلب( الحكمة ) وهذه الحكمة هي التي تضع للغموض والتساؤلات ثمة أجوبة ،هكذا سارت وحتى اليوم عظمة التساؤل لدى الإنسان باعتباره كائناً استطلاعياً ، يتوق الى المعرفة.
لاشك ان المعطيات التقنية الحديثة قد أفردت جملة من البراهين على ان البحث العلمي يتيح مجالاً أوسع للمعرفة المنظمة ، وهذه بدورها تعمل ( بأسلوب التراكم ) على ان تجعل من طرائق وحقائق العلم ميداناً خصباً للتفوق والرقي ، والنماء الاجتماعي ، وفي أحيان كثيرة تقود إلى الهيمنة الحضارية .
ولاغرابة ان نذكر ان حقائق التفوق في هذا العصر ، لم يعد بالمال والسلاح وعدد الرجال ، بقدر ما يتعلق الآمر بإنتاج المجتمع من معلومات وطرائق تختزل الطاقة ، والجهد ، والزمن ، لقد هوى ( العدد ) أمام اختزاله وتبويبه وتوظيفه ، بالدقة والسرعة ، والكفاءة ، الذي أوجدها البحث العلمي بوصفه جهداً مرابطاً لكل دقائق وانشطة الحياة المجتمعية .
وإذا كانت مساحة الاستخدام العلمي وتطوراته تستدعي الكثير من الكلام والوصف ، فاني سأدخل الباب من الواقع الحالي ، الواقع والتغيير الذي نحن بأمس الحاجة إلى أن نتكلم فيه حول العلم والإصلاح العلمي وشجونه جنباً إلى المتغيرات التي تنتظرنا كشعب يبغي الكثير من التغيير .
ولا يخفى على أحد من ان جميع المؤسسات على اختلافها وتباين ميادينها بأمس الحاجة إلى مراكز بحوث او تطوير كما جرت التسمية ، تقوم بالدراسات الميدانية والكشفية ، سواء ما تعلق الأمر بنتاجها ، ام العاملين فيها،أو معها من شرائح المجتمع المختلفة ، أي إنها بحاجة دورية إلى دراسة واقع عملها ، ومشكلاتها المستجدة .
وإذا كان البحث العلمي هو الميدان والطريقة التي بموجبها تستخلص هذه المشكلات أو بوادر التطوير، فانه بذلك قد اصبح القناة الأساس لصواب القرارات ، واحسب أن ( الحقيقة العلمية ) ماهي إلا معادل موضوعي لشطط ( متخذي القرارات ) الفردية ، وان صدق بياناتها يعجل بنا سنوات في تحقيق أهدافنا المترامية والمؤجلة .
وإذا ماعدنا إلى مسببات كبوات بعض المؤسسات وفشلها في أحيان كثيرة ، لوجدنا إنها تعود الى ( افتقاد الدراسات التقويمية للأداء ) ، فضلاً عن النزعة المركزية الفردية ، المبنية على التصورات والجهل الوظيفي التي أرساها النظام السابق ( القاحل علمياً).
ان ضمور النشاط العلمي والبحثي في أروقة الدولة يعّد امراً مخيفاً ، ومحبطاً ، لحياتنا في عراقنا الجديد ، وان المحزن في الأمر يتزايد تراجعاً حتى على المؤسسات المختصة به والحاضنة له ، كالجامعات ومراكز البحوث ، ومكاتب العلاقات العامة .
فمن خلال المتابعة ، وميدان العمل ، والتساؤل العلمي ، أمكن لي استجماع المؤشرات في أدناه تبين حالة القصور في هذا المنحي منها:
1. القطيعة التامة بين موضوعات البحوث الجامعية ومشابهتها ( والدوائر المعنية بها ) ، فلو أحصينا الرسائل الجامعية التي نوقشت ، او قرأت بحضور المعنيين في موضوعها ، لكانت النسبة لا تتجاوز الـ( 5%) وكان الطرفان لا يجمعهما شيء.
2. ضمور المؤتمرات العلمية في القطاعات البحثية ، بحيث غدت ميداناً لمنح الشهادات ، وتحول الكثير منها إلى دوائر تلقين وتعليم ليس إلا، في حين ان دورها يمتد الى تدريب مهارة البحث والاستنتاج العلمي .
3. ضمور النشر العلمي ، وضعف الإتاحة والتداول للبحوث والدراسات المنجزة للباحثين ، وقطاعات المجتمع الأخرى المعنية، واتخذ من الاختزال لأغراض إدارية ، دون النظر إلى جدواه الحقيقية ( ترقيات ، مكافآت ، مؤتمرات خارجية ، أخرى ).
4. لازلنا نتعامل مع البحث العلمي تعاملاً وظيفياً ، او بؤرياً ( وكأنه يخص طائفة او طبقة دون أخرى ) علماً ان المجتمع عليه ان يمارس دوره في هذا الجانب سواء أكان منتجاً علمياً ام مستهلكاً ( أي نشر الثقافة والوعي بالبحث العلمي وطرائقه في المجتمع ) .
5. جهل او عدم أيمان الكثير من المسؤولين ، واصحاب المناصب الهامة ، بأهمية دور البحوث العلمية ، فالأخطاء تبقى والقرارات الشخصية تسير على هوى قلة من أصحاب القرار.
6. تهميش أساليب الثقافة البحثية في المدارس والجامعات ، والذي جعل من التدريس الجامعي ( تلقيني ) وليس استقرائي ، بعدما كان تدريب طرق البحث والاستكشاف الذاتي في فترة الأربعينيات والخمسينيات ، يبدأ منذ المرحلة الابتدائية ( كما تثبت المطبوعات والنشرات المدرسية للفترة المذكورة ).
7. عدم الاهتمام بالدورات التأهيلية والتطويرية لتدريب المنتسبين ، فنحن كما ميدان العمل بحاجة إلى تطوير و، وإضافات تجعلنا نواكب ما يدور في مجتمعات العالم من تجدد ونمو.
وإذا كنا نريد اللحاق بهذا العصر الفجائي المسير ، كان لابد من نتسلح بثقافة العلم وطرقه واشاعته بين الناس ، لانه خلاصنا الوحيد لخوض معترك الصراع الحضاري مع الآخر ، ولابد لنا بعد ( القحط الثقافي السابق ) ان نشيع الوعي بهذا المنسي للكثيرين .....وأكثرهم مسؤولين في شرايين الدولة .
واخيراً اعتقد أن الوزارات بمجملها معنية بالأمر ، وعليها ( إذا أرادت أن ترقد من هذا السبات ) أن تعيد النظر بطرق اتصالها مع المجتمع ، وهذا الاتصال الجديد ( المفترض ) عسى أن يكون علمياً ، تحكمه كما نتمنى ( الضرورة العلمية ) وهي الأقدس والاحق لأنها لا تحيد ، او تفكر بالانا.....وهذا سمو نجاحات البعض . فالبلد يحتاج الكثير الكثير أولها التربية والثقافة في ضرورات وآليات البحوث والدراسات ، واحترام نتاجات العلم ، والكفاءة والتفكير المنظم ، وصولاً الى مسؤولية الجامعات ومؤسسات المجتمع المدني على إشاعة وتعاطي ثقافة البحث الاجتماعي التنموي ....لان استمرار القطيعة بين الباحث والمجتمع ، غير منتجة ، وبائسة ، ولنتوكل في سلوك جديد..وعطاء جديد إبطالها ثلاث، العلم ، والمجتمع ، والجامعة، لبناء عراق يؤمن أبناءه بتسريع التنمية وسباق الزمن وتحشيد الجهد البشري ،....وإلا فان الطامة كبرى.
|
التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي
.. إسرائيل تهدد بحرب واسعة في لبنان وحزب الله يصر على مواصلة ال
.. المنطقة الآمنة لنازحي رفح | #غرفة_الأخبار
.. وثيقة تكشف تفاصيل مقتل الناشطة الإيرانية نيكا شكارامي عام 20
.. تقرير إسباني: سحب الدبابة -أبرامز- من المعارك بسبب مخاوف من
.. السعودية تسعى للتوصل لاتفاقيات شراكة أمنية مع الولايات المتح