الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


سايكس بيكو 2007

محمد الفخاري

2007 / 9 / 30
مواضيع وابحاث سياسية


إن المتأمل في المشهد السياسي العراقي لا يجادل في كون الأطروحات الأخيرة سيتم على ضوئها إنشاء نظام فدرالي يقوم على الإقليمية واللامركزية حسب زعم بعض القوى الفاعلة في السياسة العراقية والتي ما فتئت تبدي رغبة جامحة في إدخال العراق في واقع جديد يعتمد على التكتلات والمحاصصة دون الأخذ بعين الاعتبار وحدة البلاد المهددة بالتفكك تماما كما حدث لفلسطين عقب إصدار معاهدة سايكس بيكو سنة 1916. هناك عدة أسئلة أخذت تطرح نفسها بحدة في الآونة الأخيرة خصوصا بعد إبداء الولايات المتحدة نية جادة في تقسيم العراق ولعل أبرزها ما إذا كان التاريخ سيعيد نفسه كما تبين من قبل خلال المد الامبريالي الأوروبي لكن هذه المرة بصيغة أمريكية.

لقد راهنت الولايات المتحدة الأمريكية بعد الفشل الدريع الذي مازالت تواجهه في العراق على تشكيل حكومة عراقية تأخذ فيها الأقليات العرقية مقاعد مهمة في البرلمان وتحصل على وزارات ذات أهمية إستراتيجية كما هو الحال بالنسبة لوزارة الخارجية الممثلة في شخص هوشيار زيباري ذو الجذور والانتماء الكردي بل الأكثر من ذلك انتخاب رئيس كردي مثل جلال الطالباني يدل على مخطط لتقسيم العراق أعد مسبقا مباشرة بعد إعلان الرئيس الأمريكي بوش عن انتهاء العمليات العسكرية في العراق. ليس من الغريب إذا أن يتبنى الكونغرس في شخص المرشح للرئاسة السيناتور جوزيف بايدن وبإجماع من كل الأعضاء قرار تقسيم العراق الذي أصبح ضرورة ملحة بالنسبة للإدارة الأمريكية التي تتزايد الضغوطات الشعبية عليها لتسريع اتخاد قرار يقضي بانسحاب القوات الأمريكية يحفظ لها ماء الوجه من جهة ويجنبها المزيد من الخسائر في الأرواح والعتاد من جهة أخرى.

بما أن مخطط التقسيم يعتمد على تجزيء العراق إلى ثلاث مناطق: كردية وشيعية وسنية مع اعتماد فدرالية ممركزة في بغداد مهمتها الرئيسية حماية الحدود وتدبير شؤون النفط فإن العراق سيصبح مجرد أقاليم ذات سيادة محدودة لا تستطيع أن تحقق في أي حال من الأحوال إجماعا وطنيا حول القضايا الوطنية ذات البعد الاستراتيجي أو التنموي على اعتبار أن مشاريع القوانين التي سيتم إصدارها على ضوء التقسيم لن تساهم إلا في تأزيم الوضع الراهن وإذكاء روح الاختلاف بين الأقليات الإتنية، الشيء الذي سيزج بالبلاد في دوامة جديدة من الفوضى "غير الخلاقة" قد تضفي المزيد من الغموض على مستقبل العراق والعراقيين الذين أصبحوا كمن يتمسك بأي شيء وسط المحيط كي لا يموت غرقا.

لكن ما يضع السياسة العراقية على المحك هو استجابتها لما تمليه عليها الإدارة الأمريكية دون الأخذ بعين الاعتبارالإكراهات التي يفرضها الواقع عليها تجاه الشعب الذي سئم العيش تحت نير الاحتلال وما عاد يأمن على حياته بل هناك من العراقيين من أصبح يترحم على أيام صدام ويحن إليها حيث أنه على الأقل كان ينعم بالأمن والسلام حتى ولو كان ذلك على حساب هامش من حريته. أما وقد شاهد العالم بأم عينيه الخراب الذي لحق بالعراق وبمؤسساته ومحاولة التقسيم التي جاءت بها "سايكس بيكو 2007" فمن المرجح أن تنشأ في العراق دويلات صغيرة بأسماء جديدة وبرلمانات جديدة.

هل أصبحت الوحدة العراقية في خبر كان؟ من المسؤول عن الوضع الذي وصلت إليه البلاد: أمريكا أم المقاومة أم الحكومة الحالية؟ يبدو أن أمريكا لا تهتم كثيرا لمستقبل العراق ما دامت تعتبره مجرد محطة للبترول تتزود منه بالطاقة اللازمة للمحافظة على اقتصادها وبالتالي هيمنتها على العالم، وكما هو الحال في العراق فإن أمريكا لن تتردد قيد أنملة في خلق صراعات في البلدان المجاورة متى دعت الضرورة إلى ذلك قصد غزوها وتقسيمها إلى ما يشبه ولايات صغيرة لا حول لها ولا قوة. سياسة "الكوبوي" شهد لها التاريخ بالعنجهية والجور على مر العصور ابتداء باجتثاث الهنود الحمر في القرن السادس عشر مرورا بهيروشيما ونكازاكي إبان الحرب العالمية الثانية ثم حرب فييتنام وانتهاء بالحرب على العراق. لا بد من صراع ثنائي بين أمريكا ودولة من الدول العالمية كي تضمن استمراريتها، هذه الاستمرارية التي تتمظهر حاليا من خلال نظام جديد يقوم على إمبريالية القرن الواحد والعشرين ستنتهي ما دامت قائمة على الباطل وما يقوم على باطل مآله الزوال من دون شك.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. -أسلحة الناتو أصبحت خردة-.. معرض روسي لـ-غنائم- حرب أوكرانيا


.. تهجير الفلسطينيين.. حلم إسرائيلي لا يتوقف وهاجس فلسطيني وعرب




.. زيارة بلينكن لإسرائيل تفشل في تغيير موقف نتنياهو حيال رفح |


.. مصدر فلسطيني يكشف.. ورقة السداسية العربية تتضمن خريطة طريق ل




.. الحوثيون يوجهون رسالة للسعودية بشأن -التباطؤ- في مسار التفاو