الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


بدعة جديدة للقتل إسمها ( السلاح الطُعُم ) !!

خليل الجنابي

2007 / 10 / 2
الارهاب, الحرب والسلام


منذ العصور الحجرية تفنن الإنسان في طرق صيده وأقتناصه للحيوانات , حيث كانت في بادئ الأمر لا تعدو أكثر من الإختباء وراء الصخور والأشجار والإنقضاض على الحيوانات التي كانت تقترب منه , وتقطيعها وأكلها وهي نيَّة قبل أن بكتشف النار , وخلال مسيرته الطويلة توصل الى بعض الطرق التي وفرت له الكثير من الصيد الدسم , كحفر الحفر وتغطيتها بألقش وأوراق الشجر والأغصان , وسقوط الحيوانات فيها حين مرورها من فوقها , وتطورت تدريجياً أدواته التي كان يستخدمها للصيد , فمن الأحجار الى جذوع وأغصان الأشجار وتحويلها إلى رماح وسهام خشبية إلى أكتشاف المعادن وتطويعها تحول الى القوس والنشاب والسيوف والدروع , ثم الى البنادق والمسدسات والرشاشات والديناميت والقنابل , والدبابات والطائرات , بكل أشكالها وأنواعها , وكذلك الأسلحة المحرمة دولياً من أدوات الدمار الشامل والقنابل الذرية والهيدروجينية وغيرها , وأدوات الفتك لا تُعد ولا تُحصى , وبعد أن كانت في بداية الأمر لصيد الحيوانات وأكل لحومها لمساعدته في العيش والبقاء على الحياة أصبحت لصيد الإنسان وقتله , وبعد أن شبع من أكل اللحوم الحيوانية , جاء دور الإنسان ولحمه ودمه , على إعتبار أن ( الإنسان أثمن رأسمال ) , ومعذرة لماركس لأن العالم قلب ماكان يعنيه من القيمة الحقيقية للإنسان من أنه أثمن شيء في الوجود , وتحول الشعار إلى ( الإنسان أرخص رأسمال ) !! .
وبقدر ما يتعلق الأمر بالصيد والإصطياد نأتي ألى مايفعله صائد الأسماك ووضعه ( للطُعُم ) في سنارته كي يجلب الأسماك حولها لتبتلع بعدها ( السنارة والخيط ) . وما أشبه اليوم بألبارحة .
ومن هذا المدخل نأتي الى الأخبار التي تُشير الى أن القوات الأمريكية تضع أسلحة وبعض المعدات في مناطق معينة لإصطياد العراقيين , وإستناداً الى الوثائق التي عُرِضت في إحدى المحاكم الأمريكية , من أن الأوامر قد صدرت للقوات الأمريكية في العراق بوضع ( طُعُم ) يشمل أسلحة ومتفجرات وذخيرة وقتل من يأتي لإلتقاطها , على أعتبار أن من يأتي لأخذها هو من الإرهابيين أو الذين يقاتلون القوات الأمريكية . وتجري في الوقت الحالي محاكمة ثلاثة جنود أمريكان متهمين بقتل عراقيين بهذه الطريقة , وإستناداً الى جهاتهم الرسمية , فإن هناك برنامج سري مُعد لهذا الغرض . وقال ( بوريس ) الناطق الرسمي بإسم الجيش الأمريكي ( إننا نناقش أساليب محددة نعتمدها في إستهداف المقاتلين الأعداء حتى نحرم العدو من الإطلاع على تكتيكاتنا وإجراءات تدريبنا ) . كما يصف الكابتن ( ماثيو ديدير ) وهو قائد مفرزة أمريكية متخصصة في عمليات القنص في إفادة نشرتها له صحيفة الـ ( واشنطن بوست ) , قائلاً
( وضع الطُعُم للعدو يعني أنه إلقاء السلاح في مكان ما نعلم أن العدو سيستخدمه , ويكون الهدف هو تدمير العدو ) . وقال في إفادته أيضاً ( في حال عثر أحد الأشخاص على السلاح وإلتقطه وحاول أن يغادر المكان وفي حوزته السلاح , فإننا سنشتبك معه , لأننا نرى أن أخذه السلاح دلالة على أنه سيستخدمه ضد القوات الأمريكية ) . ويقول أحد المحامين الذين يترافعون عن الجنود المتهمين ( بأنهم تصرفوا طبقاً للأوامر الصادرة إليهم , وأنهم لم يقوموا سوى ماطُلب اليهم رؤساؤهم القيام به ) , ويقول ( جاميس رايس ) وهو مدير الشؤون القانونية في منظمة ( هيومان رايتس ووتش -- أن نشر القوات الأمريكية للأسلحة والذخائر والمتفجرات لإستهداف المتمردين من شأنه طرح مشكلات واضحة تخص إنتهاك حقوق الإنسان ) وأضاف قائلاً ( أن هناك أسباب كثيرة تجعل المدنيين يرغبون في ألتقاط هذه الأسلحة الملقاة على الأرض ) .
وهذا بألطبع هو المنطق السليم , فألظروف التي يمر بها شعب العراق , هي ظروف قاسية تفوق حد التحمل , فإلى جانب كل شيء تقف الحالة الإقتصادية على رأس البلاوي التي تحيق بهم من كل حدبٍ وصوب , نتيجة البطاله والغلاء الفاحش للأسعار , ولا يجد المرء ما يعتاش عليه هو وعائلته وأطفاله , لذا فإن أي شيء يلقاه في أكوام القمامة سيعتبره مكسباً يسد به رمقه , وهذا مايفعله الآن الأطفال والنساء , فما بالك من أن يجد الإنسان أسلحة على قارعة الطريق , بالتأكيد سيأخذها للإستفادة المادية منها , حتى يستطيع أن يُطعم أطفاله الجوعى ,
لكن العمى قد أصاب المخططين لهذه العمليات , وإن دلَّ هذاعلى شيء فإنما يدل على الإستهانة بألشعب العراقي ألذي ذاق الأمرين من التصرفات الهوجاء لقوات الإحتلال .
ولابأس من التذكير , بأن القوات الأمريكية إستعملت في الحرب الفيتنامية ما يشابه ( السلاح الطُعُم ) , فكانت ترمي مع فضلات الطعام من السموم والمتفجرات , حيث راح ضحيتها الآلاف من الأطفال والنساء وهم يبحثون في فضلات الجنود الأمريكان عما يسد رمقهم من الجوع .
هذه هي مآسي الحروب في كل أنحاء العالم , قسوة ووحشية وهمجية , وموت بأشكال مختلفة وبعيدة كل البُعد عن الرحمة والإنسانية والشفقة , ومخالفة لكل الشرائع الإنسانية التي كتبها الإنسان بنفسه وخطها في الوثائق الدولية . فمن مشكلة بلاك ووتر إلى مشكلة السلاح الطُعُم والحبل على الجرار ... والله في عونك يا شعب العراق !! .

30 / 9 / 2007








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. تشييع شهيد سقط برصاص الاحتلال الإسرائيلي في بيت فوريك بالضفة


.. رغم سيطرة الاحتلال على المنطقة.. القسام تنجح في تنفيذ كمين ض




.. موكب دراجات نارية بمسيرة لدعم غزة في النرويج


.. نازحون في غزة يستغيثون: -تحملنا فوق طاقتنا وكل يوم ناكل رمل-




.. وزارة الصحة السعودية تؤكد للعربية عدم تسجيل أي أمراض معدية ب