الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الجماعيـة المطلوبـــة

حزب الوحدة الديموقراطي الكردي في سوريا

2003 / 10 / 25
اخر الاخبار, المقالات والبيانات



 
  يبدو أنّ التاريخ البشري الحافل بالنجاحات أحياناً والمكتظ بالانتكاسات أحياناً أخرى والزاخر بالدروس والتجارب والعبر , سيثبت ، عاجلاً أم آجلاً، مدى فشل وعدم جدوى كل منهجيات وأساليب القوة التي سلكتها الأكثريات القومية لتطويق وصهر الأقليات التي تتاخمها أو تعيش وسطها .
   ويبدو أنّ مثل هذا الفهم الصحيح لمثل هكذا مسألة إنسانية , لا يزال غائبا" عن عقول بعض الأوساط الشوفينية في هذا البلد الذي هو أحوج ما يكون في هذا الوقت الحرج إلى التحلّي بالفهم الديموقراطي لتحقيق المزيد من التحولات الإيجابية واحترام الآخر وإنصاف حقوق الإنسان والانفتاح على الأهل السوري ، بعربهم  وأكرادهم وباقي الأقليات الأخرى .
   لكن يبدو أنه باتت تبرز في الآونة الأخيرة بوادر أملٍ إلى حدٍّ ما , توحي إلى أنّ هنالك البعض  في هذا البلد      ( داخل السلطة وخارجها ) , قد أصبحوا يتقبلون المسائل ويتعاملون معها بشكل إيجابي، مما يبعث على الارتياح والتفاؤل بمستقبل أفضل , وخير مثال على ذلك هو التجاوب والاستقبال الذي لقيه المعتصمون المحرومون من الجنسية من قبل رئيس مجلس الوزراء السوري السيد محمد ناجي عطري في يوم 5/10/2003 أمام مبنى المجلس في دمشق العاصمة , بغض النظر عن مدى مقدرته على تنفيذ الوعود التي أعطاها للمعتصمين .
   ومما يبعث على الارتياح أيضا هو مشاركة العديد من الشخصيات والمثقفين الديموقراطيين ، والنخب السياسية، ولجان إحياء المجتمع المدني ، وجمعيات حقوق الإنسان، وغيرهم من أبناء الأكثرية العربية , في ذلك الاعتصام الكردي الهادئ والحضاري ، والذي قد يحفز كل السوريين للمبادرة إلى تفعيل العمل السياسي الديموقراطي الممكن والمطلوب في ظل هذه الحالة السورية الراهنة ، التي عنوانها الأبرز غياب الحريات الأساسية للمواطنين تحت سقف قانون الطوارئ والأحكام العرفية المعمول بها من أكثر من ثلاثين عام .    
   ورغم أنّ مثل هكذا بوادر إيجابية في الفهم والسلوك لازالت شحيحة وقاصرة , إلاّ أنّ دائرتها ستتوسع مع الزمن والتواصل ، وقد تقطع الطريق أمام محاولات الشوفينيين للّعب بالأوراق وتعكير أجواء الألفة الوطنية المطلوبة ,خاصة و أنّ المراحل السورية الماضية ، شهدت على الدوام تعرّض الكرد لجملة من السياسات والتدابير الاستثنائية التي اختلطت فيها الأطماع الشوفينية برائحة هيمنة القوي على الضعيف وسلب الحقوق والممتلكات ، والإساءة إلى الكرامة القومية وباقي المقدسات الأخرى , ليأخذ مثل هذا الاختلاط أبعاداً جديدة في هوية اضطهاد قومي استطاع أن يسيء لطبيعة العلاقات الإنسانية بين الشعبين ويلطخها بظَلم الأبرياء وإنكار دورهم وحقوقهم  , و وفق هذا المنطق من الشمولية والسيادية جرى اضطهاد الكرد طيلة أزمانِ مضت .
    لكن ذلك الاختلاط الفوقي وذاك المنطق الأرعن سيبقى مرفوضاً لدى كل الفرقاء مهما كانت أغطيته ومبرراته المخفية والمعلنة , وهو سوف لن يتمكن من مواصلة قهر إرادة شعب صاحب حق بمستوى إرادة شعبنا الكردي في الوجود والبقاء والحياة الأفضل... , والذي أبدى أسمى آيات الشجاعة والتضحية دفاعاً عن مختلف الظلمات التي تعرض لها خلال تاريخه النضالي الطويل ...., ودافع ولا يزال عن أمن وحدود وتطور هذا البلد في مختلف المحن والمراحل الصعبة التي  مرّ بها ماضياً وحاضراً .
   فحقوقنا القومية كانت ولازالت تستباح فوق هذه الأرض التي توارثناها عن آبائنا وأجدادنا ,على يد أدوات الشوفينية في تحدٍّ فاضح لشرعية حقوق الإنسان وأمام أعين البشرية جمعاء ..., ندفع اليوم فاتورة ذلك منذ عقود ، وغداً سيدفعه أبناؤنا ، ماداموا مواطنين من الدرجة الثانية وماداموا محرومين من أبسط الحقوق كالثقافية والسياسية وغيرها .
   ومادام الأمر كذلك، أي مادامت مظاهر الحرمان قائمة، فإنّ من الواجب ومن الطبيعي جداً أن يستمر أبناء الكرد السوريين في نضالهم المشروع وفق المناسب والمتاح , ومن الضروري أن يلموا شملهم المشتت ، ويهيؤوا أنفسهم حسب الممكن ليتحركوا بِأخلاقية سياسية حضارية وجديدة ، كي ينالوا ما فقدوه عبر السنين ...فجسدنا الكردي لا زال قوياً وحياً ويحمل رصيداً لا بأس به من الصمود والجَلَدْ ضد أيّة أساليب فوقية و تمييزية..., والصوت الكردي، الذي واجه بنبرته القوية والمحقة كل حملات القهر القومي المتتالية، لا زال بمقدوره أن يتوحد ويعلو وينشد الديموقراطية وحقوق الإنسان ليس في المناطق الكردية فحسب بل في بقاع أخرى كثيرة من العالم.
   ورغم هذا الغبن وذاك التنكر، فإنّ الحركة السياسية الكردية في سوريا لا زالت تعتمد الواقعية السياسية في طروحاتها ومطالبها، وتتمسك بالثوابت الوطنية السورية وتربط حل القضية الكردية بالحل الديموقراطي العام في البلد .
   وفي ظل هذه الأوضاع  العالمية والإقليمية الجديدة بشكل عام والسورية بشكل خاص , فإنّ الجانب الكردي يعتبر أنّ التهديدات التي يتم توجيهها ضد سوريا هي مرفوضة كونها مخيفة وقد تجلب بالمجهول لكل مكونات الشعب السوري الذي سيدفع وحده فاتورة أية إجراءات سياسية ـ اقتصادية محتملة وقادمة , ونؤكد بأن عوامل درء الخطر تكمن في تحصين الوضع الداخلي من خلال إجراء إصلاح سياسي فعلي يضمن إطلاق الحريات العامة والاعتراف بالآخر وإطلاق سراح المعتقلين السياسيين ...الخ , هذا إلى جانب الإقرار الدستوري بالحقوق الديموقراطية للشعب الكردي ضمن إطار وحدة البلاد .
  وأخيراً ، لابد من تنبيه وتذكير كل السوريين بعربهم وأكرادهم وباقي أقلياتهم الأخرى , إلى مدى دقة وحساسية الحالة الراهنة التي تنتظر الجميع أفرادً وجماعات , إذ حريّ بنا جميعاً أن نسعى صوب الفعل السياسي الواعي والحراك الجماعي المطلوب والحوار الديموقراطي الواجب , خدمة للصالح العام وضمانة لمستقبل سوري أكثر تقدماً ومنعةً وديموقراطيةً ودون أي تمييز ديني أو قومي.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
* مقال- نقلاً عن جريدة الوحدة التي تصدرها حزب الوحدة الديموقراطي الكردي في سوريا ( يكيتي ) – العدد 123 تشرين الأول 2003








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. ماذا وراء سجن المحامية التونسية سنية الدهماني؟ | هاشتاغات مع


.. ا?كثر شيء تحبه بيسان إسماعيل في خطيبها محمود ماهر ????




.. غزة : هل توترت العلاقة بين مصر وإسرائيل ؟ • فرانس 24 / FRANC


.. الأسلحةُ الأميركية إلى إسرائيل.. تَخبّطٌ في العلن ودعمٌ مؤكد




.. غزة.. ماذا بعد؟ | معارك ومواجهات ضارية تخوضها المقاومة ضد قو