الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


السجن بانتظار الصحفيين في مصر

رشا أرنست
(Rasha Ernest)

2007 / 10 / 1
حقوق الانسان


حكم قضائي جديد بالحبس على صحفيين. أصدرت محكمة جنح الوراق منذ أيام حكم بحبس أنور الهواري رئيس تحرير صحيفة «الوفد»، ومحمود غلاب نائب رئيس التحرير، وأمير سالم، المحرر البرلماني بالجريدة سنتين مع الشغل وكفالة ٥ آلاف جنيه لكل منهم لإيقاف تنفيذ عقوبة الحبس مع تغريم كل منهم مائتي جنيه مع إلزامهم بالمصاريف وأتعاب المحاماة. فأصبح عددهم الآن سبع صحفيين في جرائد معارضة ومستقلة. كما تقرر محاكمة الصحفي إبراهيم عيسى رئيس تحرير صحيفة "الدستور" المستقلة أمام محكمة أمن الدولة التي لا تخضع أحكامها للنقض. ثم أعلن مصدر من المحكمة المصرية بعدم صحة هذا الخبر.
إصدار أحكام متتالية على الصحفيين في الأيام القليلة الماضية يعني تراجع واضح في حرية الرأي والتعبير والشعارات البراقة التي تردد داخل مصر. بعد كل محاولات إلغاء عقوبة الحبس للعاملين بالصحافة، واستبدالها بالغرامات المالية يحدث كل ما يحدث الآن، والنتيجة أننا نرجع عشرات السنين إلى الوراء، بل أسوأ من ذلك. التاريخ سجل من قبل من تم نفيهم خارج البلاد لان صوتهم ارتفع عن صوت الحكومة أو الملك وكانوا على حق، أمثال سعد زغلول واحمد عرابي أو بيرم التونسي. وكان النفي هو العقاب بالأمر الملكي أو قرار قوات الاحتلال البريطاني لمن يخالف بالقول أو الشعر أو الهتاف ويندد بالقوات البريطانية أو بالملك. الآن يعود النفي في ثوبه الجديد، النفي داخل الوطن، أصعب وأشد ذلَ. سجن وغربة وتشكيك في الوطنية والسبب أن بعض هؤلاء الصحفيون المحكوم عليهم نشروا إشاعة، والآخرون نشروا كلام قيل على لسان وزير العدل.
بدائل الحبس وإهانة الصحافة في مصر متعددة، لماذا لم يُطالب بالتكذيب فيما نُسب على لسان وزير العدل إن كانوا قد كذبوا فيما نشروه على لسان سيادته؟ ولماذا لم يُطالب بوقف إشاعة مرض السيد الرئيس ونفيها بنفس الأقلام التي نشرتها؟ لماذا لم يُطالب بعقوبة الغرامة كما كان واضحاً من جلسات مجلس الشعب الأخيرة والتي تناولت المناقشة في هذا الموضوع، وكان تصريح صريحاً من الرئيس مبارك؟
هناك أشياء كثيرة قلبت موازين الأمور في هذه الأيام الأخيرة، وكأن هناك قصد من هذه المحاكمات المتتالية والسريعة. انهيار الصحافة المصرية بهذا الشكل، وانقطاع الحوار بين الحزب الوطني الديمقراطي والصحافة والأحزاب المعارضة يقود البلد إلى تدهور سريع في الحريات المكفولة للجميع. مما يشير أن هناك تراجع صريح في حرية الرأي والتعبير وتكميم الأفواه. فما يحدث سيكون بمثابة إنذار بالأقفال لكل من تسول له نفسه أن يبدي رأيه. فهل نعلن وفاة الصحافة الحرة في مصر؟؟ والبداية واضحة خلال هذا الأسبوع في جميع صحف الأحزاب المعارضة والصحف المستقلة، الأصوات مكتومة رغم صراخها، هادئة رغم النيران التي تشتعل بكيانها الصحفي والمهني. الكل اخذ حذره، ويراقب الأمور من بعيد. لأنه أدرك أن السجن والقيود في الانتظار.

هذا الهجوم الشرس والمتتالي للحدّ من حرية كل صحفي تعني أن ليس على احد التكلم أو الكتابة إلا بما يسمح به الحزب الحاكم وهذا ليس صواباً في حق مصر أو المصريين. مازالت مصر تحتضن من كانوا ومازالوا أبطالا شرفاء يسعون لخير وطنهم ويضحون بحياتهم في سبيلها. مازالت مصر أم الدنيا بحضارتها وتاريخها وأبناءها الذين ذهبوا والذين هم اليوم يحملونها في قلوبهم. الحبس ليس هو الحل، ليس حلاً لتلقين هؤلاء الصحفيين درساً في الأخلاق أو تذكريهم بميثاق الشرف. ولن يكون سبباً في تكميم الأفواه إن كان هذا غرضه. فمصر بها سبعون مليون مصري. جميعهم سيستطيعون التعبير يوماً ما، فهل هناك سجون كافية لسبعون مليون؟ صحيح انه لا يؤخذ برأيهم هذه الأيام، وصحيح انه لم يعد هناك ما يسمى بالرأي العام. ولكن الكل يعلم أن المصريون قادرون على ثورة جديدة. فثورة 23 يوليو لم تكن الأولى، فمن قبلها كانت ثورة 19 التي كانت اكبر تحرك للشعب في تاريخ مصر. فالمصريون جاهزون دائماً في الأوقات العصيبة، صحيح أنهم صابرون وقادرون على التحمل والوصول لأقصى مراحل الصبر، ولكن للصبر حدود.
حرية التعبير والنشر وحرية الصحافة وحرية الكلمة جميعهم اليوم في مهب الريح. فإما أن تهدأ الريح، وإما أن تأخذ في طريقها كل شيء. وينبغي للجميع الآن أن يكونوا حكماء، حكماء في القول وحكماء في الفعل. فالحكماء يذخرون معرفة.
نقابة الصحفيين أدانت الحكم القضائي، مطالبة الرئيس مبارك بتنفيذ وعده الرئاسي لوقف هذا التصعيد، الذي يستهدف حرية الرأي والتعبير، ويصادر حق المجتمع في صحافة حرة. هذا المطلب لنا جميعاً، فالجميع يُطالب الرئيس مبارك بان يتدخل لحل هذه المسألة بشكل عاجل. فسيادة الرئيس هو الوحيد القادر الآن على حل هذه المسألة بعد أن تطورت ووصلت إلى هذا الحدّ. والجميع في انتظار قرار سيادته.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. المجاعة تطرق أبواب غزة.. عيد بلا أضاحٍ وطوابير للحصول على ال


.. دولة الإمارات تخصص 70% من تعهدها البالغ 100 مليون دولار للأم




.. شاهد: آلاف الإسرائيليين يتظاهرون أمام الكنيست من جديد للمطال


.. تدهور الوضع الإنساني في السودان في ظل تعثر جهود إنهاء الصراع




.. المستوطنون يتظاهرون أمام مقر إقامة #نتنياهو في #القدس المحتل