الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


إفتراض الغباء : سياسة الجهلاء

محمود الزهيري

2007 / 10 / 1
الحركة العمالية والنقابية


حينما تدار الدولة من منظومة سياسية يعتقد المسؤلين في هذه الدولة أن حاكمهم يمثل الإله الحاكم , أو علي أقل تقدير نصف إله , وحينما تعلم بدرجة من درجات اليقين أن الحاكم يسعده ذلك الأمر , وتظل نفسه مسرورة سعيدة لمجرد نظرة المستعبدين من الشعب له علي أنه إله أو نصف إله , مما يتيح الفرصة لأن تدار الأوطان ليس بعقلية آلهه , لأنه لم يظهر لنا أن كان هناك في الحكم والسلطة بشراً آلهة إلا في مجتمعات شعوبها من الخصيان , وكذا لم يكن هناك من أنصاف آلهة , إلا حينما تكون الشعوب أنصاف حيوانات أو أنصاف بشر ركبت لهم ذيول الحيوانات !!
وهناك من الأمثلة التي تنفر من المستقبل وتقرب البشر والمسؤلين وأبنائنا من الإعتقاد بفكرة الحاكم الإله البشر أو نصف الإله , الذي نطلب له الحياة المستمرة , ونتمني لنا الموت , مما يجعل أمر معارضة الحاكم , أو مطالبته بأي مطالب تعود بالنفع العام علي الشعوب من المستحيلات , لأننا نحن الذين إخترناه وقدسناه , ولايمكن أن نطالبه بتداول الحكم والسلطة في ظل نظام ديمقراطي يبيح ذلك ويحرض عليه رفضاً لفكرة الحاكم البشر الإله , ولكننا , لأننا نحن الذين إخترناه , بالرغم من أننا لم يكن لنا رأي في إختياره , بل وأراد أتباعه أن يجعلوا الخريجين من شبابنا أن يشعروا بأنهم أصبحوا علي قدر من المسؤلية تتيح لهم تحمل تبعة قيادة وطن , إلا أنه ووسط رؤساء الجامعات , وعمداء الكليات ورؤساء الأقسام والأساتذة والأساتذة المساعدين والمدرسين والمدرسين المساعدين , أي من بداية الكادر التعلمي حتي نهايته بوزير التعليم , يقف الطلبة من الخريجين حسب مانشرت المصري اليوم في العدد 1204 :
حيث شهدت جامعة القاهرة الثلاثاء الماضي احتفالا بمناسبة انتهاء الأنشطة الطلابية الصيفية ، حضره عدد كبير من رؤساء الجامعات ، قدم خلالها أوركسترا وكورال شباب الجامعات عدداً من الأغاني الوطنية والعاطفية ختموها بأغنية « اخترناه » .
الطريف أن الطلاب أضافوا كوبليهاً في أول الأغنية يقول : « رمضان جانا وراح يرعانا .. وحيفضل ريسنا معانا .. وحنفضل طول عمرنا في خطاه .. وعشان كده احنا اخترناه » .
والذي أريد أن أقف علي حقيقة الأمر فيه , هو الشعور النفسي للطلاب وهم يؤدون هذه الأغاني وهم الخريجون الذين ننتظر من سواعدهم الفتية بناء وطن ؟
وهل هؤلاء الشباب هم الذين إختاروا هذه الأغاني وهم الذين أضافوا إليها تلك الإضافات لتكون أغنية رمضان جانا كما أراد لها وزير التعليم ورؤساء الجامعات وعمداء الكليات والأساتذة الدكاترة , والدكاترة , وهم يستمعون إلي هذه الأغاني , ولايشعرون بحمرة خجل , أو كسوف , أو حياء , ثم ينادوا بضرورة تطوير التعليم , الذي يكرس في الأساس لإلغاء الرأي ويهدم أسس الديمقراطية , بتكريسه لبقاء الحاكم في السلطة والحكم من القصر إلي القبر دون إعمال لمبدأ تداول الحكم والسلطة طوال حياة الحاكم , فكيف ينظر الطلبة والأساتذه والوزراء لأنفسهم في المرآة , وهم يرون نظرات أبنائهم ونسائهم وأقاربهم ,جيرانهم , بل وأصدقائهم ؟!!
بل ويوجد في المقابل مشهد آخر وحسب مانشرته المصري اليوم في نفس العدد عن إعتصامات عمال المحلة , حيث أكد : حسين مجاور في مؤتمر صحفي عقده عقب إنهاء الاعتصام بمقر الاتحاد أمس في حضور عائشة عبدالهادي وزيرة القوي العاملة رفض الاتحاد لأي تدخلات خارجية في شؤون عمال مصر مستنكرا تصرف بعض القوي السياسية المحظورة التي حاولت تسييس قضية اعتصام العمال.
وقائلاً كذلك رامياً بالحجر في بحيرة غير البحيرة التي أدت إلي تفجر الإضرابات والإعتصامات العمالية في المحلةمحذراً : الجهات التي تحاول التدخل في شؤون العمال المصريين وقال إنه سيتخذ جميع الإجراءات ضد المنظمات والهيئات التي تحاول التدخل في شؤون مصر الداخلية خاصة أن اتحاد العمال المصري لا يتدخل في شؤون الاتحادات العمالية الأخري ومن ثم فمن غير المقبول أن تتدخل المنظمات الأخري في شؤون العمال المصريين.
متناسياً أن هناك في الأفق العالمي منظمة العمل الدولية والإتحادات العمالية الدولية التي تنظم العمل وتحدد عدد ساعاته , وأن العمال لهم أسر وأقارب وعائلات ويمثلون نسيجاً هاماً في المجتمع المصري الذي له إرتباطات دولية حسب الإتفاقيات والمعاهدات الدولية والمواثيق والعهود الدولية التي وقعت عليها لمصر .
فكيف به يرمي بالكرة في مرمي غير المرمي الذي أجج الإشتعالات العمالية , مع أنه هو الذي أعترف : بوجود خلل إداري في الشركة أدي إلي تصاعد الأزمة نتيجة عدم الاتصال بين الإدارة والعمال.
وأشار مجاور إلي الاتفاق علي تشكيل لجنة من ممثلي العمال والنقابة والشركة القابضة لوضع الضوابط اللازمة لزيادة الحوافز إلي جانب الموافقة علي اقتراح العمال بإنشاء شركة نقل جماعي علي أن يتم تدعيمها من الشركة القابضة بنحو مليون جنيه. وهو الذي أكد :
أن مطالب عمال المحلة مشروعة وعادلة وأن الذي جعل الأزمة تتفاقم هو الخلل الإداري الذي لعبت عليه بعض التيارات التي ضمت الأزمة وقامت بتوزيع منشورات وأمدت الرأي العام بمعلومات مغلوطة عن الأحداث.
بل إن الوزيرة عائشة عبد الهادي أكدت : وجود خلل إداري في الشركة هو الذي أدي إلي تفاقم الأزمة والمطلوب من الجمعية العمومية للشركات مراجعة نشاط الشركات لاتخاذ الإجراءات اللازمة لتطوير إدارة شركات قطاع الأعمال العام.
بل ولماذا : طالب العمال بعدم التقاعس عن تنفيذ باقي المطالب خشية تجدد الاعتصامات، مع ضرورة محاسبة رئيس مجلس الإدارة والمسؤولين بالشركة عن المخالفات المالية الجسيمة التي ارتكبوها، وإحالتهم إلي النيابة العامة، وانصرف العمال في هدوء تام إلي منازلهم، ولم تتدخل الأجهزة الأمنية إلا في تأمين خروجهم بسلام من الشركة
إن الأزمة ليست كامنة في عقلية الطلاب الذين تغنوا لمبارك الأب مطالبين ببقائه في الحكم حتي آخر نفس في حياته , كما أنها ليست لدي العمال المعتصمين , وباقي فئات المجتمع المهمشة , ولكنها أزمة النظام الحاكم , إنها ازمة منظومة حكم مبارك الأب والإبن والأسرة الحاكمة , ومن عاونهم في إستمرار مسلسل الفساد والإفساد .
وحينما يطالب الشعب بإنهاء هذه الأزمة تصبح نغمة القوي الخارجية والعملاء والمتواطئين ضد الوطن والمصالح الوطنية هي التي يتم عزفها علي منظومة آلات الفساد الوطني الحاكمة بأمر الأب والإبن والأسرة بمساعة أعداء الوطن في السلطة وممن هم خارجها .
فماذا تنتظر سلطة الفساد , سوي الحريق الإجتماعي الهائل المدوي الذي لانعرف كيف يكون أثره أو كيف يكون مداه ؟
فهل سيظل الشعب علي موعد فقط في إنتظار هذا الحريق ؟!!
فإلي متي يتم تفعيل سياسة إفتراض الغباء , من عقول الأغبياء في الحكم والسلطة وإتباع سياسة النعام في مواجهة الأزمات ؟!!








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. منافسة خالية من الانبعاثات السامة.. موناكو تحتضن سباق القوار


.. دول تفضل العمل لـ 4 أيام لزيادة الإنتاجية وتحسين نفسية الموظ




.. الحكومة العمالية الجديدة في بريطانيا تعقد أول اجتماع لها في


.. الحرب تفاقم أعباء أهالي غزة ونسبة البطالة تتجاوز 89%




.. خبراء: البيت الأبيض يتعامل بواقعية مع تطورات ملف المفاوضات ب