الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


المبادرة السعودية استفزاز للرأي العام العربي

اسماء اغبارية زحالقة

2002 / 3 / 16
اخر الاخبار, المقالات والبيانات



مبادرة ولي العهد السعودي، الامير عبد الله، الاخيرة التي تقضي باستعداد سعودي للتطبيع الكامل مع اسرائيل مقابل انسحابها من المناطق الفلسطينية المحتلة عام 67 والقدس (دون ذكر للاجئين)، تحولت الى حديث الساعة السياسي. فقد تلقفتها الايدي الامريكية والاوروبية والاسرائيلية في محاولة لتحليلها، اما الدول العربية فسارعت لمباركتها، واعتبرتها مصر والاردن والبحرين والامارات مبادرة ايجابية.
عرفات نفسه رحب بالمبادرة، اذ انها بالنسبة له ضوء اخضر ودعم عربي علني غير مسبوق لمواصلة تعاطيه مع اسرائيل، كما انه رأى فيها مفتاحا يساهم في اخراجه من حصار شارون وايصاله للقمة العربية. وفي الحقيقة فان هذه المبادرة تأتي للتوفيق بين ما تطلبه امريكا التي تسعى لضبط الوضع وانهاء العنف، وبين ما يمكن ان يقبله الشارع السعودي الرافض مبدئيا للتطبيع مع اسرائيل، فالسعودية تقول عمليا ان "موقفنا هو الانسحاب من المناطق المحتلة والقدس، ولكننا نرضى بما هو مقبول على عرفات".
في هذا الموقف تراجع سعودي عن الخط السياسي الذي تمسكت به مع مصر في كامب ديفيد، تموز 2000. في تلك المفاوضات امتنع عرفات عن التوقيع مع براك على المعاهدة المؤسسة على تفاهمات كلينتون، بسبب فقدانه الدعم السعودي والمصري اللذين رفضا دعم معاهدة منقوصة الحقوق، تحسبا للرأي العام العربي الناقم وسعيا لتغيير موازين القوى التي اصر فيها كلينتون على انحيازه السافر لاسرائيل.
السبق الصحافي بشأن المبادرة كان لتوماس فريدمان من صحيفة "نيويورك تايمز" (17/2) الذي اجرى حوارا مع الامير عبد الله. المثير في المبادرة انها تبدو وكأنها انتزعت من الامير انتزاعا، فقد سأله فريدمان: لماذا لا تأتون بمبادرة لحل النزاع الشرق اوسطي، فاجاب عبد الله كالمتفاجئ: هل قرأت خطابي؟ ثم اوضح انه كان ينوي في القمة العربية في آذار (مارس) الجاري ان يعلن التزام السعودية بالتطبيع مقابل الانسحاب الاسرائيلي، الا انه قرر كنز الخطاب بعد ان صعّد شارون حدة هجومه على الفلسطينيين.
الصحافي فريدمان المقرب جدا من دوائر صنع القرارات السياسية في امريكا، والمعروف بمواقفه العدائية للانظمة العربية والذي يهاجم السعودية تحديدا صباح مساء، اراد وضع هذه الحجة موضع الاختبار. السؤال المطروح على السعوديين عمليا كان: اذا كان النزاع الفلسطيني الاسرائيلي هو حجتكم، فماذا انتم مستعدون ان تفعلوا لانهائه؟
المبادرة التي تبدو كبالون اختبار لجس نبض الاطراف المعنية والرأي العام منها، هي في واقع الامر محاولة لتخفيف الضغط الكبير الممارس على النظام السعودي. النظام الذي تطالبه امريكا بتصفية البنية التحتية للاسلام المتشدد، يتحجج بعجزه عن ارضاء الامريكان واغضاب شعبه، طالما ان الامريكان منحازين تماما للاسرائيليين وشارون في قمعهم للفلسطينيين.
وموقف الشارع السعودي، المستاء، يعبّر عنه الكاتب السعودي خالد الدخيل في مقاله بصحيفة "الحياة" (24/2). يكتب الدخيل: "كان من الافضل لو ان ولي العهد كشف عن مبادرته من خلال الاعلام السعودي، والصحافة السعودية تحديداً"، وليس من خلال فريدمان "المحكوم بموقف سياسي وثقافي مسبق من العرب، ومن السعودية بشكل خاص".
السعودية التي امتنعت، حتى اطلاق هذه المبادرة، عن الاعلان عن استعدادها للتطبيع مع اسرائيل كانت تتحسب الرأي العام وشريحة المثقفين العرب، والذين تعمق استياؤهم من اسرائيل في الانتفاضة الحالية.
والواقع ان المبادرة السعودية لا تتوجه للرأي العام العربي بقدر ما تستهدف الرأي العام الاسرائيلي الذي يميل نحو اليمين. المبادرة هي محاولة لخلق الانطباع بان هناك تغييرا في الاجواء العربية وان العرب اصبحوا على استعداد للتطبيع مع اسرائيل. الواضح ان المبادرة تتجاهل شارون، وبذلك تجعل منه، وليس من عرفات، عنصرا "غير ذي اهمية".
ولكن، قد تكون المبادرة السعودية ممكنة قبل ان تدخل السعودية الى الازمة الاقتصادية التي ادت لنسبة بطالة مرتفعة وتدني مستوى معيشة المواطن السعودي ووصوله الى درجة افراز ظواهر ارهابية كبن لادن. ان انسحاب اسرائيل الف مرة الى حدود 67 وبضمنها القدس، والذي هو على كل حال امر غير وارد اسرائيليا، لن يحل المشاكل الاقتصادية العميقة التي تعاني منها الشعوب العربية. هذه الشعوب ترى في الغرب الرأسمالي والاستعماري العنوان الرئيسي المسؤول عن معاناتها، واي سلام وتطبيع معه، طالما يستمر وضع المعاناة، لن يكون ممكنا.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. وقفات تضامنية بمدن مغربية عدة تطالب بوقف التطبيع ومقاطعة إسر


.. فايز الدويري: المعارك في منطقة جباليا ستكون صعبة وقاسية




.. ناشطة أمريكية تهاجم المتخاذلين عن نصرة غزة


.. تحذير من المحكمة لمايكل كوهين بسبب مقاطع فيديو على تيك توك ح




.. ميلانيا ترمب تمنع ابنها بارون من الانضمام لعالم السياسة.. فم