الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


حرب الفساد الباردة

وسام النجفي

2007 / 10 / 3
الادارة و الاقتصاد


إن الحديث عن الفساد ينطوي على الكثير من المفاهيم السياسية والإدارية والإجتماعية ، وإذ ما أريد الحد من هذه الظاهرة على جميع هذه المفاهيم أن تتجه الى صياغة برنامج فعال للخلاص من هذه الظاهرة وتحويل دفة الصراع للتخلص من الصبغة البيروقراطية التي ترافق الإجراءات الجامدة في الأساليب الإدارية المتكئة على أنماط وقوالب جاهزة التي تفتح الطريق امام دواعي الفساد وهذه تتناسب طردياً مع أختيار القيادات الإدارية المشكلة وفق الإتجاه السياسي ونمطية الحالة الإقتصادية وتفعيل هذا الكلام الى حالة واقعية يتحرك الجميع في المؤسسة الإدارية أو الدولة المتجهة لتطبيق هذا البرنامج والحصول على نتائجه الملموسة بصورة فعالة ونشطة . كل هذا من شأنه أن يخدم ألية الوصول للحد الأقصى من المستوى النزيه والشـــفاف داخل الأداء الإداري ، إذن هي عمـــلية صــراع مع الذات اي ( الذات المعنوي ) فجسد الدولة يستطيع فلترة ذاته بذاته دون المساس بالخط العام لتسيير شؤن المجتمع بلا توقف أو تلكؤ فالمفسدون هم ليس بائعي سكائر أو أصحاب الأكشاك الصغيرة بل هم بمستوى وزراء ووكلاء وزراء أو مدراء عاميين أي ذوي سلطة إتخاذ القرارات ضمن المشاريع والمنظومات الإدارية ونفوذهم يجعل من سقوطهم في مهاوي الفساد يشكل خطراً عظيماً لسسبين الأول كبر حجم الضرر الذي سيصيب المجتمع والثاني صعوبة الكشف عن حيثيات ومفاصل الجريمة الإدارية وهذا الأخير يعود للإحاطة المسبقة وللتمكن السلطوي من خلال الإتصال العمودي لكبح كل محاولة للكشف او للتحقيق حتى بوجود القوانين التي تتيح للإجهزة الرقابية من القيام بتنفيذ دورها بشكل فاعل خصوصاً إذا ما علمنا إن شكل الفساد أخذ بالتطور مع تطور وسائله فالفساد اليوم لايأخذ شكل الرشوة أو سرقة المال العام بل أخذ شكلاً أخر لم يعهد من قبل وهذا هو الشكل( المغلف للفساد ) وهذا يعني أن يأخذ شكل الفساد مسحة قانونية وغطاء شرعي يتحرك من خلاله بكل حرية وهنا تكمن المشكلة !!
كيف يمكن التوصل للخيوط الأساسية التي تكشف الجهة المتورطة بها وبشخوصها التي بالتأكيد هم قمة الهرم الإداري في أجهزة الدولة والحكومة فالعراق على سبيل المثال يحتوي على ثلاث أجهزة رقابية مختصة للكشف ومكافحة الفساد الإداري هي ( هيئة النزاهة , ديوان الرقابة المالية ، مكاتب المفتشين العموميين ) وبالرغم من وجود هذه المنظومة الرقابية ذات الأبعاد الثلاث نجد إن العراق يقف في مقدمة الدول في الفساد الإداري قد تكون الأوضاع السياسية لها دوراً بارزاً بذلك لكن هناك أوضاع أخرى جعلت من العراق غارقاً في وحل الفساد كالإستعداد الفطري لدى بعض البيرقراطيات للإلتفاف على القانون التي هي من تراكمت الأنظمة السابقة ومن ثم تنفيذ الكثير من المشاريع تحت عناوين براقة كإعادة إعمارأو الحملات العمرانية .
إن الكثير من المشاريع التي نسمع عنها هنا وهناك والتي تبلغ كلفها ملايين من الدولارات هي بحقيقتها عملية تكرارليس إلا وأية تكرار ؟ على سبيل المثال إبرام عقد لزراعة شتلات الزينة في الجزر الوسطية لبعض الشوارع نراه في فترة لاحقة أن غير الى تسيجه بسياج حديدي وهكذا تتكرر العملية بمواقع كثيرة وعلى هذا المنوال وهنا نقف امام مستويين الأول نوع الجودة القديم والثاني نوع الجودة الجديد فمثلاً مشروع قلع الأرصفة في بعض مناطق وأحياء بغداد قد تم وفق عقود مع شركات أو مقاولين كلف الكثير من المبالغ وقليل من الجودة مقارنة مع الرصيف القديم ذو التكاليف المنخفضة والجودة العالية في حين ما زالت شبكات الصرف الصحي بحاجة ماسة لأية محاولة لترميمها اية مفارقة هذه وهل يعقل معالجة المهم قبل الأهم !!!
إن أعلان الحرب على الفساد الإداري يتطلب الكثير من الأسلحة أولها النفس الطويل والدقة في إتخاذ القرارت وخلق إيكولوجية إدارية تتوافق وتنسجم مع مفاهيم النزاهة والشفافية فالحرب ضد الفساد وأشكاله حرب باردة لايمكن حصد ثمار نجاحها بمدة محددة بل هي نتاج مستقبلي أو ( تغذية راجعة ) من الممكن التحسس بمنجزاتها في المستقبل وهنا لايؤخذ القصد بالقضاء على الفساد نهائياً لكونه صفة في النفس البشرية ولكن المقصود هو الحد من مظاهره وأخطاره الى أدنى نسبة يمكن من خلالها أن تكون مؤسساتنا خالية من اي شكل من اشكال الفساد الإداري والمالي .









التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. كيف هي العلاقة بين البنوك الفلسطينية والإسرائيلية؟


.. عيار 21 الآن.. سعر الذهب اليوم السبت 27 إبريل 2024 بالصاغة




.. عيار 21 الآن.. سعر الذهب اليوم السبت 27 إبريل 2024 بالصاغة


.. موجة الحر في مصر.. ما الأضرار الاقتصادية؟ • فرانس 24




.. الرئيس الفرنسي يحث الاتحاد الأوروبي على تعزيز آليات الدفاع و