الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


حزب الله حرّر جنوب لبنان فهل يستطيع إعادة الكهرباء إلى الضاحية؟

فرح قبيسي

2007 / 10 / 4
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي


عند أول لفظة لكلمة "الضاحية الجنوبية" تستحضر الأذهان واحدة من أكثر أحزمة البؤس المحيطة ببيروت الإدارية اكتظاظاً وفقراً. هذه المنطقة تشهد منذ زمن بعيدٍ أزمة كبيرة مع انقطاع التيار الكهربائي المتكرر ولساعات طويلة، فتأتي الفاتورة فاتورتين بدل الواحدة عند آخر كل شهر. فاتورة للدولة "العليّة" وفاتورة أخرى لمولّد كهرباء الحي، مما يزيد من الأعباء الاقتصادية على أكتاف القاطنين.

وقد ارتفعت الصرخات في 22-7-2007 عندما توجه أهالي منطقة الشيّاح إلى الطرقات وحرقوا الإطارات معبّرين عن سخطهم الشديد بعد أن وصل معدل انقطاع التيار إلى 20 ساعة يومياً في عز زمن الحر واللهيب.

بررت إدارة شركة الكهرباء تدني الإنتاج الحالي وساعات التقنين الطويلة بالمعارك الدائرة في مخيم نهر البارد بين الجيش اللبناني وما يعرف بـ"فتح الإسلام". الأمر الذي يمنع البواخر من الرسو وتفريغ حمولتها من الفيول، وبانقطاع التغذية المشتراة من سوريا لأسباب تقنية!

إلا أن أزمة الكهرباء وانقطاعها المستمر ليسا بالشيء الجديد على القاطنين في ضواحي بيروت وبعيداً عن المناطق السياحية. وضاحية بيروت الجنوبية لا تشكل استثناءً لهذه الضواحي. تاريخياً، تعرف "الضاحية" بكونها تشكل إطار الحرمان الأكبر، فهي لم تشملها سياسات التنمية الاجتماعية والمناطقية للحكومات المتعاقبة وهي أيضاً معروفة بكونها المركز الأساسي لتواجد حزب الله، ولذلك تم استهدافها بشكل مركّز ومباشر من قبل إسرائيل في الحرب الأخيرة فاستحالت ركاماً ودماراً كبيرين.

أزمة الكهرباء ليست هي الوحيدة التي يعاني منها السكان، فهي غيض من فيض نسبة إلى الوضع الاقتصادي السيئ الذي يعانون منه. وبالرغم من أنهم يشكلون جمهور حزب الله الأساسي، نراه بعيداً كل البعد عن قضاياهم ومطالبهم الاقتصادية والاجتماعية الأساسية.

منذ عدة سنوات والضاحية تشهد عدة إضرابات واعتصامات، خاصة مع انتهاء الحرب الأهلية وما تلاها من ورش إعمار وتخطيط مدني وتنمية اقتصادية لم تعرف الضاحية منها شيئاً. لعلّ أبرز هذه الإضرابات ذلك الذي حصل عام 2004 في حي السلم احتجاجاً على ارتفاع أسعار البنزين وراح ضحيته خمسة مدنيين بنيران الجيش اللبناني.

حزب الله لم يؤازر مطلب المضربين، بل أعطى الإضراب طابعاً سياسياً وأبعد عنه كل طابع مطلبي خافياً بذلك الوضع الاقتصادي المر الذي يعيشه سكان هذه المناطق. وبعد ست سنوات من التحرير وبعد الانتصار المهم الذي حققته المقاومة، وبعد أن كان الشعب باختلاف ألوانه وأطيافه مسانداً للمقاومة وله الدور الأساسي في انتصارها، شاهدنا "حي سلم" جديد في منطقة الرمل العالي حيث ترك حزب الله مناصريه وجماهيره فريسة للقوى الأمنية التي أطلقت النار، مجددا، على المتظاهرين بحجة وقف مخالفات البناء التي بنيت عشوائياً خلال وبعد سنين الحرب. فقُتل طفلين بنيران القوى الأمنية، ومرة أخرى ترك دم الأبرياء ليجف من دون محاسبة ومطالبة بوقف التعدّيات على حياة المواطنين. ومرة أخرى تم إهمال المطالب المعيشية لاعتبارات سياسية ضيقة.
ما يظهر جلياً للعيان أنه إلى جانب دوره الأساسي كحركة مقاومة، هناك غياب لأي مشروع اقتصادي جدي ومستقل وشامل لحزب الله على الرغم من دخوله ميدان السياسة الداخلية اللبنانية من بابها العريض. ولكن، ما نستطيع استنتاجه من خلال أدائه السياسي أنه موافق على السياسة الاقتصادية التي انتهجتها وما تزال تنتهجها الحكومات المتعاقبة.

فهو مرر لحكومة الرئيس السنيورة مشروع الورقة الإصلاحية المعروفة ب "باريس 3"، ما خلا احتجاجات شكلية وهزيلة نفّذها الاتحاد العمالي العام بدعمٍ من قوى المعارضة. وهو، كمؤتمر باريس 1 وباريس 2، يهدف إلى استبدال الدَين الداخلي بآخر خارجي وزيادة الارتهان إلى البنك الدولي ومنظمة التجارة العالمية، ويتضمن أيضاً زيادة الضريبة على القيمة المضافة إلى 15%. كما يتضمن مشاريع الخصخصة ورفع الدعم عن المحروقات والمزروعات وإلغاء تعويضات نهاية الخدمة وتعويضات الصرف في القطاع العام والتعاقد الوظيفي...

كل تلك، بالتأكيد، سياسات تزيد الأعباء على الشرائح المتوسطة والفقيرة والتي يشكل سكان الضاحية الجنوبية جزءاً مهماً منها. ورب قائل يقول أن لحزب الله مشاريع اقتصادية كمؤسسة الشهيد والإمداد ومدارس كالمهدي والمصطفى ومؤسسات خيرية وإعلامية عدة. وذلك صحيح، إلاّ أن هذه المشاريع تبقى ذات طابع خاص ومحدود، تستفيد منها شريحة من الناس ذات انتماء سياسي وطائفي معيّن ولها أهداف سياسية وطائفية معيّنة، وهي بذلك لا تتسم بالشمولية.

وبالعودة إلى الاعتصام الأخير الذي نفّذه سكان الشيّاح في الضاحية الجنوبية احتجاجاً على انقطاع الكهرباء، اكتفى حزب الله بتطويق المظاهرة وتفريقها ومنع امتدادها، بحسب جريدة السفير. ولم يمتنع حزب الله هذه المرة أيضاً من تسييس المطلب وذلك عبر ما جاء على لسان أحد مراسلي تلفزيون المنار التابع للحزب عندما قال: "جمرة انقطاع الكهرباء التي شعرت بها الضاحية الجنوبية أولاً تبين أنها أحرقت أيضا مناطق المعارضة دون مناطق زعماء السلطة".

هكذا، تطغى السياسة ويضيع المطلب، في زمن تُختزل فيه "السياسة" بصراع عصبيات طائفية ومذهبية. وبين هذا وذلك أناس ينتظرون عودة تيار الكهرباء بعد أن قارب تيار الثقة على الانقطاع.









التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. لمحة عن حياة الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي


.. بالخريطة.. تعرف على طبيعة المنطقة الجغرافية التي سقطت فيها ط




.. شاهد صور مباشرة من الطائرة التركية المسيرة -أكنجي- والتي تشا


.. محاكاة محتملة لسقوط طائرة الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي في م




.. أبرز حوادث الطائرات التي قضى فيها رؤساء دول وشخصيات سياسية و