الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


‮»‬تقسيم العراق‮«.. ‬بالون سياسي‮ ‬أم خطر جدّي؟‮!‬

عبد الرزاق الصافي

2007 / 10 / 4
مواضيع وابحاث سياسية


أثار القانون الذي‮ ‬أقره مجلس الشيوخ الأمريكي‮ ‬يوم الاربعاء الفائت،‮ ‬بأغلبية كبيرة‮ »٥٧ ‬مقابل ‮٣٢«‬،‮ ‬وهو قانون‮ ‬غير ملزم للرئيس الامريكي،‮ ‬يقضي‮ ‬بتقسيم العراق الى ثلاثة كيانات،‮ ‬على اسس طائفية وقومية،‮ ‬ترتبط بحكومة في‮ ‬بغداد ذات صلاحيات محدودة،‮ ‬معارضة شديدة من جانب‮ ‬غالبية القوى السياسية العراقية،‮ ‬التي‮ ‬اعتبرته تدخلاً‮ ‬فظاً‮ ‬في‮ ‬الشأن العراقي،‮ ‬على الضد من مصالح شعبه،‮ ‬وخرقاً‮ ‬فاضحاً‮ ‬لكل القوانين والمواثيق الدولية وشرعة الامم المتحدة وجمعيتها العامة وقرارات مجلس الامن التي‮ ‬اتخذت بشأن العراق منذ حزيران‮ »‬يونيو‮« ٣٠٠٢ ‬حتى الآن‮. ‬
ولا‮ ‬يخفى على أي‮ ‬متابع ان هذا القانون،‮ ‬الذي‮ ‬يقف وراءه اللوبي‮ ‬الصهيوني‮ ‬في‮ ‬امريكا،‮ ‬يسعى لتحقيق حلم صهيوني‮ ‬قديم بتقسيم كل الدول المحيطة بإسرائيل الى دويلات هزيلة،‮ ‬على اسس طائفية،‮ ‬تكون عرضة لنزاعات فيما بينها على الحدود والثروات الطبيعية من مياه ونفط وغيرها‮. ‬نزاعات لها اول وليس لها آخر‮. ‬هذه الاسس الطائفية التي‮ ‬تتيح لإسرائيل تحقيق حلم آخر من أحلامها،‮ ‬ألا وهو الخلاص من الاقلية العربية في‮ ‬إسرائيل وطردها،‮ ‬باعتبار ان إسرائيل دولة عبرية لليهود وحدهم،‮ ‬خلافاً‮ ‬لقرار التقسيم الذي‮ ‬كان‮ ‬يقضي‮ ‬بإقامة دولة لليهود في‮ ‬جزء من فلسطين وليس دولة‮ ‬يهودية‮. ‬
لقد أبدت‮ ‬غالبية القوى السياسية العراقية داخل البرلمان وخارجه رفضها الحازم لهذا القانون،‮ ‬الذي‮ ‬يعكس الغطرسة الإمبريالية الامريكية،‮ ‬والاستهتار بمصائر الشعب العراقي‮ ‬حاضراً‮ ‬ومستقبلاً‮. ‬كما اعلنت رفضها للقانون جامعة الدول العربية‮. ‬ولا اعتقد ان اياً‮ ‬من دول الجوار العراقي،‮ ‬عربية كانت ام‮ ‬غير عربية،‮ ‬يمكن ان تقبل بتقسيم العراق،‮ ‬لما‮ ‬يـُمكن ان‮ ‬يهددها من أخطار كبيرة إذا ما تم هذا التقسيم على اسس طائفية وقومية‮. »‬أكتب هذه الأسطر صباح‮ ‬يوم الجمعة المصادف ‮٨٢/٩/٧٠٠٢«. ‬
وموقف دول الجوار هذا معروف منذ أمد بعيد،‮ ‬إذ ورد في‮ ‬عشرات البيانات التي‮ ‬اصدرتها هذه الدول،‮ ‬وبيانات جامعة الدول العربية في‮ ‬اكثر من مناسبة‮.‬
واعلن البيت الابيض رفضه للقانون،‮ ‬رغم كونه‮ ‬غير ملزم،‮ ‬لأنه لو كان ملزماً‮ ‬لتطلب استخدام الرئيس جورج بوش حقه الدستوري‮ ‬في‮ ‬رفض القانون‮ »‬أي‮ ‬استخدام حق النقض‮ - ‬الفيتو‮ - ‬الذي‮ ‬يخوّله له الدستور الامريكي‮«. ‬
غير ان رفض الرئيس جورج بوش للقانون‮ ‬ينبغي‮ ‬ألا‮ ‬يشيع الخدر في‮ ‬صفوف الشعب العراقي‮ ‬وقواه السياسية والشعوب العربية والصديقة،‮ ‬وألا‮ ‬يضعف النشاط المطلوب من قبل الجميع،‮ ‬عراقيين وعرباً‮ ‬واجانب،‮ ‬لتشديد الحملة ضد هذا القانون اللاقانوني‮ ‬والمنافي‮ ‬لجميع الشرائع الدولية،‮ ‬كما سبق وذكرت‮. ‬ذلك ان مجرد إقرار القانون من قبل مجلس الشيوخ الامريكي،‮ ‬وبهذه الأغلبية الكبيرة‮ ‬يشكـّل خطراً‮ ‬جدياً‮ ‬يتطلب حشد القوى ضده من قبل الحكومة العراقية،‮ ‬والكتل البرلمانية والاحزاب السياسية،‮ ‬لإثارة ضجة عالمية ليس ضد القانون فحسب،‮ ‬بل وضد هذه الغطرسة الإمبريالية الامريكية،‮ ‬التي‮ ‬يعكسها إقراره‮. ‬
ان العراق وحدة جغرافية وسياسية قائمة منذ مئات،‮ ‬إن لم‮ ‬يكن آلاف السنين،‮ ‬وإن مصالح كل مكوناته في‮ ‬العيش المشترك على اساس الديمقراطية والمساواة والاتحاد الاختياري‮ ‬بين كل هذه المكونات هو الاساس المتين لدحر كل المؤامرات والمساعي‮ ‬الشريرة لتمزيق هذه الوحدة‮. ‬وقد أقر الدستور العراقي‮ ‬ان العراق دولة موحدة ذات نظام ديمقراطي‮ ‬اتحادي‮ »‬فيدرالي‮« ‬يضمن لجميع مكونات الشعب العراقي‮ ‬المشاركة في‮ ‬السلطة وفي‮ ‬تقاسم الثروة‮. ‬وهذا لا‮ ‬يعني،‮ ‬ولا‮ ‬ينبغي‮ ‬ان‮ ‬يعني،‮ ‬بأي‮ ‬حال من الاحوال،‮ ‬تقسيمه على اسس طائفية،‮ ‬لما‮ ‬يشكله هذا التقسيم الطائفي‮ ‬من اخطار جمة،‮ ‬وما‮ ‬يـُمكن ان‮ ‬يسببه من كوارث جديدة للشعب العراقي‮ ‬بجميع مكوناته‮. ‬
وان اول ما‮ ‬يتطلبه الموقف حالياً،‮ ‬من القوى السياسية العراقية،‮ ‬هو وحدة الموقف،‮ ‬والتعاون الجدي‮ ‬لدفع هذا الخطر الماثل،‮ ‬والاسراع في‮ ‬إنجاز المصالحة الوطنية المتعثرة‮. ‬وذلك بالارتفاع الى مستوى المسؤولية المطلوب،‮ ‬والتحلي‮ ‬بالمرونة اللازمة لتجاوز كل نقاط الاختلاف العالقة حتى الآن وفي‮ ‬مقدمتها قضية تعديل الدستور،‮ ‬وقانون النفط،‮ ‬وتطبيق المادة الدستورية المتعلقة بكركوك،‮ ‬وغيرها من النقاط التي‮ ‬تشكـّل اساساً‮ ‬لمصالحة وطنية حقيقية تضع مصلحة الشعب والوطن فوق كل اعتبار،‮ ‬وتتيح الامكانيات الكبيرة للقضاء على الارهاب والتخريب والعنف المنفلت من عقاله،‮ ‬الذي‮ ‬تقوم به عناصر تنظيم القاعدة القادمة من الخارج،‮ ‬والبعثيون الصداميون الذين لا‮ ‬يزالون‮ ‬يحلمون باسترجاع فردوسهم المفقود في‮ ‬السلطة،‮ ‬والتعجيل بتنفيذ خطط إعمار ما خربته الدكتاتورية وارهابها الدموي‮ ‬وحروبها العبثية والحصار الدولي‮ ‬الجائر والاحتلال البغيض‮. ‬إنه امتحان جديد ولا بد من تكريس كل الجهود والطاقات للنجاح فيه‮.‬








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. القسام يعلن استهداف دبابة -ميركافا- إسرائيلية بقذيفة -الياسي


.. عبر الخريطة التفاعلية.. آخر التطورات في مناطق توغل جيش الاحت




.. كيف تؤثر تهديدات بايدن في مسار حرب غزة؟ نتنياهو إسرائيل ن


.. احذر... الاستحمام اليومي يضر بصحتك




.. مقتل 7 أشخاص في قصف أوكراني على حي سكني في بيلغورود الروسية