الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


بشِأن قرار تقسيم العراق الى دويلات..!؟

جاسم العايف

2007 / 10 / 4
مواضيع وابحاث سياسية


في متابعة سابقة تطرقنا الى ان ثمة مؤشرات ترد من هنا وهناك، وان بدرجات متفاوتة بوضوحها وأشكالها، تكشف عن ان الهيمنة الامبريالية وعرّابها الجناح المحافظ الجديد المتصهين في الولايات المتحدة الامريكية يخطط لتقسيم الكيانات الكبرى المتشكلة تاريخيا من اثنيات متنوعة وقوميات متعددة والعمل على تفتيتها على أسس عرقية-طائفية رجعية وان بعض القوى قي الداخل العراقي وفي المنطقة تتناغم مع هذا الاتجاه، وان بدا ذلك مضمرا لحد ما، وان اخفاء اوراقها ، هو مسألة وقت ليس الا ، في العراق الحاضر على اقل تقدير؛ وكان ما قلناه صادر عن مراقبتنا ،على تواضعها، للوضع الرسمي والشعبي المتدهور في العراق و العالم العربي والمتميز بصعود قوى متزمتة ارهابية وافكار استبدادية ظلامية تتميز بالشراسة والقدرة على الحركة مستغلة الانحياز الواضح في سياسة الادارة الامريكية لإسرائيل وما حصل ويحصل في العراق من سياسات وقرارات خاطئة دفع الشعب العراقي وسيدفع ثمنها من مستقبله وشكل وطنه القادم ، وارتهان الأفق السياسي في عراق ما بعد سقوط النظام الصدامي لصعود الخطاب الطائفي وتكريس المحاصصة الطائفية سياسيا واقتسام غنائم(كعكة) مابعد السقوط واقصاء الروح الوطنية العراقية و محاصرة القوى التي تعتمدها بأشكال شتى لعب فيها الفكر الديني-الطائفي دورا واضحا؛ وما تصعيد اعمال العنف المذهبية والقتل على الهوية والتهجير العنصري ، الا نتائج تلك السياسة بالترافق مع التدخل الاقليمي في الشأن العراقي وتحويل العراق الى ساحة جذب للقوى الارهابية الدولية ، وانطوت الآمال العراقية في التقدم والإعمار والرفاه ودولة القانون ومؤسساته وغدا كل ذلك من مخلفات زمن ما يسمى بالـ "يوتوبيات".. ففي خضم الدمار والقسوة التي نعيشها وسط هذا الصراع والعنف والوحشية اليومية الدموية بات الأمن هو الأكثر اهمية في الحياة العراقية الراهنة.. كل ما قلناه وقاله غيرنا نستعيده آلآن في ضوء ان ثلثي أعضاء مجلس الشيوخ الامريكي (75 صوتاً) وافقوا على مشروع قرار المرشح الرئاسي الديموقراطي السناتور بايدن، الداعي الى تقسيم العراق الى ثلاث فيديراليات، ((كردية وسنية وشيعية)) كما جاء في القرار، الذي عارضه (23 صوتاً). وعلى رغم أن هذا القرار ليس ملزماً للإدارة الأميركية الجمهورية الحالية والتي تشير استطلاعات الراي العام الاميركي على رحيلها، بلا أسف من احد ، إلا أن تأييد القرار من شيوخ مرموقين في المجلس يتقدمهم المرشحان الرئيسان عن الديمقراطيين للرئاسة الامريكية القادمة ، هيلاري كلينتون وباراك أوباما وكذلك تأييد ريتشارد لوغار وجون ورنر من الحزب الجمهوري ومعهم النائب من اصول عربية جون سنونو، يعكس التحول في الكونغرس الذي يقبض عليه الديمقراطيون بشأن ((الورطة العراقية)) ومحاولة نفض اليد منها بعد كل هذه الخسائر المالية والبشرية الامريكية دون حساب المصلحة الوطنية العراقية في الشأن ، سوى الاستحواذ على ثرواته و اخضاعها للنفوذ الامبريالي-الصهيوني ومصالحهما المتشابكة و العمل على تكريس هذا المشروع يتم بتواطؤات القوى التي دأبت على النهب والتحكم عبر تكريس البنى المتخلفة اجتماعيا وسياسيا وثقافيا، وسعيها في كل تاريخها و ممارساتها لتهيئة الاوضاع اقليميا لانجاح مشروع التفتيت بغياب فعالية القوى التقدمية التي بات بعضها هامشيا يعاني أزمات بنيوية معقدة جراء عوامل واسباب كثيرة وتحولها لحالة الدفاع الذاتي عن كياناتها بالترافق مع الضغط، متعدد الاتجاهات والتوجهات، وشراسته المتواصلة واليأس من الاوضاع المحبطة و الهجوم الامبريالي وطابعه المعولم الشرس وانفراده بالقطبية الاحادية وعصاها العسكرية الضاربة ، مع غياب التعبيرات والرؤى والرموز الوطنية وتجلياتها وفعالياتها وانحطاط الوعي الاجتماعي وصعود التيارات الأصولية–الدينية التي تحمل مشروعاً مناهضاً لتطلعات التحرر الانساني والاستنارة والتقدم والخدمة الثمينة المقدمة من اطرافها المتعددة عندما تعمل بتحويل الصراع الوطني- الاجتماعي الى صراع ديني- طائفي لتكريس التخلف والنهب والتجزئة والتفكك . ان مشروع مجلس الشيوخ الامريكي -غير الملزم- تباشير لاختبار نوايا الاستراتيجية الامريكية القادمة في العراق من خلال خلق واصطناع كيانات هشة لتأمين مصالحها في السيطرة على الاحتياطيات النفطية العراقية اولا و خلق خارطة سياسية جديدة مشحونة بصراعات طائفية -عرقية تنعكس على كافة دول المنطقة وذلك بتقسيم العراق الى ثلاثة كيانات قائمة على اسس عرقية-طائفية ((شيعية وسنية و كردية)) اي أعتماد الاعراق والطوائف لتقسيم العراق وتغييب هويته الوطنية الجامعة. و بالرغم أن القرار لا يلزم، الرئيس جورج بوش على تغيير توجهات ادارته الحالية في العراق ، غير انه بالون لاختبار نوايا بعض منظري الادارة الامريكية القادمة ، بالتردي مع اوضاع قطعاتها العسكرية وخسائرها المتزايدة في العراق ، ومن اجل تنفيذ مشروع تفتيت الكيانات الكبرى في المنطقة على وفق التوجه الامريكي الذي سبق ان دعا له "هنري كيسنجر" قبل اكثر من ثلاثة عقود واعاد صياغته "ليزي غيلب" خبير الشؤون السياسية الامريكية الخارجية في ادراة الرئيس جيمي كارتر . يلاحظ ان الدستور العراقي ذهب الى اعتماد النظام الفيدرالي الاتحادي الذي يقوم على الاسس السكانية والمناطقية وليس على اسس الاعراق والطوائف مع ان عددا لا يستهان به من العراقيين تحفظ على ذلك، كما ان التوافق بين الكتل السياسية العراقية ،المشاركة في السلطة والعملية السياسية حاليا، قد جرى على اعادة النظر ببعض فقرات الدستور ، والتي لم تفعّل لجنتها حتى آلآن بسبب خلافات جوهرية في طبيعة توجهات الكتل ذاتها تجاه الدستور ، كما ان مشروع الاقاليم الذي مرره مجلس النواب العراقي، بأقلية ضئيلة جدا، شهد ولازال يشهد التباسا و رفضا متواصلا من قطاعات سياسية و شعبية عراقية كثيرة و مؤثرة، و مشروع مجلس الشيوخ الامريكي ينص على وضع نظام فدرالي بموجب ما يحويه الدستور العراقي، دون النظر للتحفظات العراقية بشأنه، مع وجود حكومة في بغداد تتولى امن الحدود وتتحكم في العائدات النفطية والية توزيعها على الـ (دويلات الثلاث) والوعود باطلاق جهود دبلوماسية دولية لحشد الدعم الدولي للحكومة الفدرالية.
بعض القادمين لحكم الولايات المتحدة الامريكية يرون ان مستقبل العراق خاضع للادارة الامريكية وان الاغراءات التي تقدمها خطة الاقاليم الثلاث ستقنع بعض الساسة العراقيين ، خاصة اولئك الذين يحملون المشاريع المضمرة ، الا انه من الصعب اقناع غالبية الشعب العراقي الرافض لهدف تقسيم العراق الذي بات قرارا امريكيا مرفوضا شعبيا لأن العراق ليس (احتياطيا نفطيا) فقط و كل الاغراءات و المؤتمرات الدولية التي التم شملها بقرارات امريكية لم تحقق اي تقدم في الملف الوطني العراقي كما خبرنا ذلك . وسيترافق رفض هذا المشروع كما متوقع وما ترشح حتى آلان حوله من تصريحات عراقية على رفضه ، مع تحفظات بعض دول المنطقة التي ترفض تقسيم العراق ربما ليس حرصاً على وحدة شعبه و انما من اجل حماية مصالحها الامنية–الاقتصادية التي تتضرر مع وجود عراق مقسم ومنها تركيا ومشكلتها مع اكرادها والمملكة العربية السعودية التي تخشى الصراعات التي ستنتج على حدودها مع العراق ، التي ستنقسم بين (دولتين) ؛ و ثمة رفض من طرف خفي تشوبه مخاوف مستقبلية، تخص وضعها الداخلي بالذات ومكوناتها العرقية، لدول اخرى مجاورة للعراق ، مع انها تزعزع امنه بشكل يومي متواتر.. لذا فان اية نوايا او خطط تهدف الى تقسيم وتفكيك العراق دون ان تتعلق بالشعب العراقي ووطنه و مصالحه العامة التاريخية والمستقبلية ستواجه اجراءات عديدة في الرفض وتصاعده الذي يجب ان يعلن بوضوح ودون مواربة لان استصدار قرار مجلس الشيوخ الاميركي بشأن تقسيم العراق وان كان غير ملزم الا انه امر خطير ويمثل تجاوزا لا مجال قطعا لاحاطته بالصمت أو التغاضي عنه تحت أي ذريعة ، لان الولايات المتحدة وادارتها القادمة عندما تفكر بالخروج من العراق لايمكن لها إلا التلويح بتقسيمه ، فعلى كل القوى العراقية الرافضة لفكرة تقسيم الشعب العراقي عرقيا وطائفيا اسـتخدام الوسـائل الشعبية و السياسية المتاحة والمستنبطة لاسقاط هذا المشروع حتى وان كان بالونا لاختبار النوايا او حمل صفة عدم الإلزام.
الآن وفي هذا الوقت ، وهو اكثر اهمية من أي وقت عراقي مضى ، يواجه العراقيون مصيرهم و تاريخهم ومستقبل بلدهم فهل سينتظرون حدوث كارثة تمزيق بلدهم وضياع تاريخهم ونهب ثرواتهم بحجة ان القرار غير ملزم!؟. لنتذكر ان " قانون تحرير العراق" الذي بموجبه اجتاحت الادارة الامريكية العراق عام 2003 صدر من قبل الكونكرس الامريكي عام 1998 ولم يكن ثمة مَنْ سيحسب انه سيغدو ملزما حينها او لا ، ووقف خلفه اطراف تنتمي للحزب الديمقراطي ايضا ، وقد مهد الطريق امام غزو العراق واحتلاله في عهد الادارة الجمهورية..فهل سيتكرر سيناريو القرارات الامريكية غير الملزمة على العراق ثانية!؟.
ليس أمام العراقيين بمختلف هوياتهم وتوجهاتهم سوى خيارين لا ثالث لهما: أما الوقوف بحزم وصلابة وفعالية ضد خطط ومشاريع من هذا النوع مهما كان الثمن المدفوع لذلك ، وأما الاذعان والقبول بـ((كانتونات العراق الثلاث)) الحلم الامريكي بالعراق القادم .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. من هي وحدة عزيز في حزب الله التي اغتالت إسرائيل قائدها؟


.. رئيس التيار الوطني الحر في لبنان: إسرائيل عاجزة عن دخول حرب




.. مراسلتنا: مقتل قائد -وحدة عزيز- في حزب الله باستهداف سيارته


.. حرب غزة حاضرة في مشهد الانتخابات العامة البريطانية




.. سرايا القدس: استهداف آلية عسكرية إسرائيلية في مدينة رفح جنوب