الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الفاتيكان والقضية الفلسطينية موقف و دور

حسام مطلق

2007 / 10 / 5
القضية الفلسطينية


مع إستمرار أزمة القدس وما تاكد للجميع انها عثرة في وجه السلام ونقطة تعنت اسرائيلي ظهرت أصوات عربية واسلامية تطالب بتدخل الكرسي البابوي لدعم الموقف الفلسطيني و ويستند أصحاب هذا الرأي إلى جملة من الحقائق القائمة أو التاريخية منها :
1- العداء التقليدي بين الكاثوليك واليهود .
2- الوجود الكاثوليكي في القدس ولو بشكل أقلية .
3- الممتلكات الكاثوليكية
4- النجاحات التي تمت في قضايا سلم رعاها الكرسي البابوي سواء في أميركا اللاتينية أو لبنان
5- إمتناع الفاتيكان لفترة من الزمن عن إقامة علاقات مع إسرائييل .
هذا كله شكل فهماً لدى هؤلاء بإمكانية تدخل البابا لما فيه صالح الفلسطينين.
ومن المفيد الوقوف أمام حقيقة أساسية وهي أن الكرسي الرسولي لا يستطيع أن يلعب دوراً وسيطاً أو داعماً للفلسطينن فيما هو طرف له حساباته الخاصة تجاه نفس القضية هذه الحسابات التي تتناقض ومصالح الاطراف الاخرى للأسباب التالية :
1- أوضح الفاتيكان موقفه من قضية المقدسات بُعَيدَ قيام الدولة العبرية بما نشر في جريدة المراقب الروماني الناطقة بلسانه تاريخ 14-5-1948 م وجاء فيه ( .. إن الصهيونية ليست تجسيداً لإسرائيل كما وصفت في الكتاب المقدس ,فالصهيونية ظاهرة معاصرة تمنح الحماية للدولة الحديثة ( إسرائيل ) والتي هي عالمية فلسفياً وسياسياً ,فالأرض المقدسة والأماكن المقدسة تشكل في الواقع جزأً لا يتجزأ من العالم المسيحي ...) وما زال موقف الفاتيكان الرسمي لا يعترف بالحق الإسلامي في السيادة على الأماكن المقدسة ولكنه يميز جيداً بين الواقع وتبني المواقف الجديدة .
2- رغم أن ما تقوم عليه الشرعية الدينية الكاثوليكية تجاه اليهود هو
أ - أن الدور اليهودي في التاريخ قد إنتهى.
ب - أن اليهود مسؤولين عن مقتل السيد المسيح.
إلا أن الكرسي الرسولي في جزء منه دولة لها متطلباتها المالية المتداخلة إلى حد بعيد بالمصالح المالية الإيطالية التي تعيش بدورها صراع بين السوق العربي والسيطرة اليهودية على رساميل الأموال العالمية لذلك تضطر دولة الفاتيكان إلى ممارس بعض أنواع المسايرة للمتغيرات السياسية وفقا للقواعد الدولية وموازين القوى وهذا ما يستشف من :
- البراءة البابوية الصادرة في 28 تشرين الثاني 1965م برفع مسؤولية مقتل السيد المسيح عن يهود هذا العصر, والمتأمل لهذه البراءة وأسباب إصدارها يجد أن من يقف ورائها ركائز الضغط اليهودية في العالم وليس تبدلات في قناعات الكاثوليك .
- التعديلات التي أحدثتها الكنيسة الكاثوليكية في طقوسها الدينية بإزالة التعابير غير المحببة لدى اليهود ، فعلى الرغم من أن الليتارجيا هي مفهوم منزل وفقاً لتعاليم السيد المسيح أي أنها ذات صفة أبدية فقد تم تغيرها وكأنها عقيدة وضعية .
- المواجهة الإعلامية التي وقعت بين اليهود والكاثوليك على إثر تحرك كاثوليك بولونيا لإستعادة دير قرب مايدعي اليهود أنه موقع محرقة أوشفيتز وإضطرار البابا للدعوى للتخلي عن الفكرة .
تقود هذه الشوهد إلى أن طبيعة الدولة تغلب على طبيعة الكنيسة عندما يتعلق الأمر :
- الإبتزازتحت غطاء العداء للسامية
- المصالح المالية اللازمة لرعاية الكاثوليك في العالم .
إن الوجود الكاثوليكي في القدس يشكل عثرة أمام تدخل البابا لصالح الفلسطينين وليس العكس لأن الفاتيكان يضع مصالح الأقلية الكاثوليكية فوق أي إعتبار آخر ويستشف ذلك
3- الممتلكات الكاثوليكية التي تقدم الخدمات للفلسطينين لا تشكل أكثر من تعاطف إنساني لا تعني بحال أن الفانيكان لم يعد يطالب بالسيادة على المقدسات .
4- النجاحات البابوية التي تمت في قضايا آخرى حول العالم كانت تتم في مجتمعات مسيحية سواء أكانت ذات غالبية كاثوليكية - كما هو الحال في أميركا اللاتينية إذ يشكل الكاثوليك 50% من التعداد السكاني أو أقلية كاثوليكية في مجتمع مسيحي .
ففي كلا الحالين تسمح الصفة المسيحية لهذا المجتمع بممارسة النفوذ الأدبي اللازم خصوصاً وأن الكرسي الرسولي لا يملك القوة المباشرة أو وسائل الضغط المتبعة عادة لتعديل المواقف السياسية وهو ما يلزم في مثل تعقيدات القضية الفلسطينية . أما الدور البابوي في لبنان فقد إستند إلى دعم التعايش السلمي كطريقة للحفاظ على الجماعة المسيحية التي تبحث عن الإبقاء على دورها وإمتيازاتها المكتسبة والتي تفوق حجمها ووضعها الديموغرافي على حساب باقي الطوائف فهو دعم مكتسبات لطائفة لها وزنها الثقافي والمالي والدولي ( فرنسا- الولايات المتحدة ) أما في مساندته للفلسطينين فهو سوف يواجه هذه الأوزان ولن يقف معها في نفس كفة الميزان .
يضاف إلى ذلك أن الكاثوليك في فلسطين هم أحد ثلاث :
a. أقلية في مجتمع مسلم
b. أقلية في مجتمع يهودي
c. أقلية في مجتمع مسيحي حيث للكنيسة الارثوذكسية نفوذ أوضح نظراً لقدمهما التاريخي و تنامي هجرة الكاثوليك المقدسيين أو الفلسطنيين عموماً عن أرض فلسطين .
أي أن دورهم محدود ولا يسمح بتحقيق تطلعات كبيرة .

d- إن تاريخ التبشير الكاثوليكي في المنطقة مرتبط في أذهان الكثيرين بالتحركات الإستعمارية وخصوصاً الدور الفرنسي مما لايجعله مستساغ
e- الطبيعة الأصولية للعقيدة الكاثوليكية التي لا تقبل بغير نفسها إلا مضطرة فالكرسي الرسولي لم يعتمد إحترام الأديان الآخرى ومنها الإسلام إلا بعد الحرب العالمية الثانية وتحديداً خلال عهد البابا يوحنا الثالث والعشرين في بيان مجلس الأباء الذي جاء فيه ( .. أن مجلس السنودس بالرغم من الحروب الكثيرة بين المسلمين والمسيحين يحث الجميع على نسيان الماضي .. ) فيما كان الخطاب السابق لهذا البيان يستند إلى لغة آخرى وما زال الكثير من المسلمين يؤمنون بأن التغير الذي طرأ سياسي وليس عقائدي بالنظر إلى المنشورات الكاثوليكية التي تصدرها الرعية الكاثوليكية بشكل مستقل- ربما لكي لا تحرج البابا - ولكنها تؤكد حفاظ الكرسي الكاثوليكي على نظرته السابقة التي لا تحترم الشعائر الإسلامية ومنها كتاب الأرشمندت فؤاد الصايغ(الليتارجيا–صلاتنا حياتنا )الصادر في دمشق 1998م وهو من نشطاء الكاثوليك ويتبوء مراكز في الكنيسة الكاثوليكية في سوريا ومدرس الليتارجيا في المعهد الكاثوليكي الذي يخرج أجيال من المتدينين الكاثوليك ويقول فيه أن إتِباعَ القمر في أداء العبادة جهل وأن تقديم الأضاحي وثنية ونحن نعلم أن القمر والأضحية من شعائر الإسلام .
.فالهم الأساسي إذن للكرسي الرسولي هو المصالح الكاثوليكية وهي ليست بالضرورة منطبقة مع المصالح الفلسطينية و الإسلامية بل إنها متناقضة معها بشكل حتمي لو سمحت الظروف بإطلاق العنان للطموحات البابوية في فلسطين .
المراجع التي إعتمدت عليها للشواهد هي :
-الفاتيكان والصراع العربي الإسرائيلي ( دار الكتاب الأردني )
-الأصوليات المعاصرة نشئتها وأسبابها ( غارودي )
-الليتارجيا ( حياتنا صلاتنا ) لفؤاد الصايغ – سوريا
-تاريخ الكنيسة الأرثوذكسية في فلسطين (مطبعة بيت المقدس–القدس- نقولا وشحادة خوري
-نبذة عن نضال الطائفة الأرثوذكسية ( منشورات جمعية النهضة العربية الأرثوذكسية الدكتور –روؤف أبو جابر )








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. القمة العربية تدعو لنشر قوات دولية في -الأراضي الفلسطينية ال


.. محكمة العدل الدولية تستمع لدفوع من جنوب إفريقيا ضد إسرائيل




.. مراسل الجزيرة: غارات إسرائيلية مستمرة تستهدف مناطق عدة في قط


.. ما رؤية الولايات المتحدة الأمريكية لوقف إطلاق النار في قطاع




.. الجيش الاسرائيلي يعلن عن مقتل ضابط برتبة رائد احتياط في غلاف