الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


محاصّصة التوظيّف في الدولة العراقية الجديدة ودور العشيرة....

كريم جاسم الشريفي

2007 / 10 / 7
مواضيع وابحاث سياسية


بعد أن ولّت مظاهر وسلوكيات الولاءات الحزبية، والعشائرية، والمناطقية والطائفية التي اقترنت ممارساتها ،كبنية ومنظومة لنظام البعث السابق في العراق ، حيث كانت سلوكيات العمل والتوظيف في دوائر ومؤسسات الدولة أنذاك تتم عبر الولاء للطاغوت ، والشيخ الذي يتشرف بلقاء أحد أفراد حاشية الطاغوت والسمسار الذي يقدم خدمته الى أبسط أفراد حماية الطاغوت، أو أي جلاد نكرة يعمل في حلقات التزلف والمداهنة القريبة لأحد أفراد عشيرة الطاغوت . هذه كانت الطريقة في الحصول على عمل ، وهي بالحقيقة صورة بشعة للفساد الأخلاقي والإداري ، لأن فيها من الغبّن والتجاوز على حقوق الآخرين. لكن بعد أن ولى النظام السابق الى قمامة التأريخ ، استبشرنا خيرأً برجالات الدولة الجُدد ، لأن أغلبهم كانوا يعيشون في بلدان متحّضرة ، والبعض كانوا لاجئين ومقيمين في دول متناثرة ومتباعدة ، لكن فيها من العدالة الأجتماعية النسبية لأعتماد التوظيف وفرص العمل ، وتكافئ تلك الفرص الى حّد ما . عندما جاءوا هؤلاء الأشخاص توسمنا بهم الخير والعدالة النسبية، وعدم ممارسة الفساد ، والأهتمام بالإصلاح الإداري والإجتماعي والإقتصادي ، لكي ينهضوا بالبلد درجات من الرقي والتحّضر ونحن كنا مستعدين لمشاركتهم هذه المسؤولية ، حيث كنا نعرف البعض منهم على مدى عشرون عاماً ونيف في المنفى . أغلب هؤلاء من قادة الاحزاب السياسية والمنظمات الحزبية والشخصيات الوطنية الذين يؤكدون في مجالسهم الخاصة ومن خلال برامجهم الحزبية على محاربة الفساد الإداري، وبناء دولة عصرية جديدة وديمقراطية ،تعتمد ممارسات تنصف المواطن ، وتخلق فرص العمل المناسبة بالأستفادة من الكفاءات والخبرات ،وتحفظ كرامة الانسان العراقي في دولة المؤسسات ، بعد أن ذاق مرارة التنكيل والإقصاء وعانى الحرمان وتعرض للأضطهاد المتنوع هذا فضلاً عن البرامج السياسية الأخرى لهم التي تحمل أكثرها نصوص على هذه الشاكلة.
يبدو كل هذه الوعود والبرامج تبخرت وأصبحت جزء من تأريخ، بعدما وصلت هذه الجموع الى مراكز الوظائف الجديدة ، وبدأ البعض منهم يمارسون ماهو أقبح وأبشع مما مارسه النظام السابق ،بل زادو عليه ماهو أكثر إستهجاناً وهو الوظيفة مقابل الولاء،والبعض يمارس الرشوة والمحسوبية بشكل فجّ للاستئثار بكل مناصب الوزارة أو المؤسسة، أو المديرية ، أوالشركة أو حتى أصغر دائرة حكومية متواضعة وكأنها ملك صرف له يرشح للتوظيف بها أقربائه من العشيرة أو الحزبيين، أو أبناء عمومته.
لنأخذ مثلاً وزارة الخارجية العراقية..
وزارة الخارجية العراقية كانت مقفلة حسب المحاصّصة (الفرهود) أيام مجلس الحكم المُنحل من بواب الوزارة الى وزيرها السيد ـ هشيار زيباري ـ كانت للكرد. بالمناسبة لاأعرف من أين سطر هذا الوزير تأريخاً نضالياً بهذه الصورة التي نجدها في سيرته الذاتية كوزير للخارجية على موقع الوزارة( بالإنترنت) وهو كان يمثل الحزب الديمقراطي الكردستاني الذي كان يلتقي من وقت الى آخر للتفاوض مع رأس النظام الدكتاتوري السابق (صدام حسين) في بغداد.( وكاتب هذه السطور عربي من الحلة كان في أواسط الثمانينات مع ـ البيشمركةـ وتحديداً في مناطق (ريزان ،وبرزان، ودشت حرير) في منطقة بهدينان مسقط (رأس الوزير) يقاتل جحوش النظام السابق من الأكراد الذين يقاتلون مع جيش الدكتاتور ، وقبل ذلك أمضى تقريباً 7 سنوات في زنزانات النظام الفاشي في قسم الأحكام الخاصة في سجن أبي غريب السيئ الصيت ـ وقتها لم نسمع بفلتت الدبلوماسية العراقية ولانعرف أين كان يناضل السيد الوزير وقتها‍ في فنادق بغداد أوشلالات شقلاوة أو في (الهايد بارك) في لندن ؟
على أي حال نعرف حساسية الأخوة الأكراد وتخوفاتهم حتى من كلماتنا. ظنّي انهم لايحتاجون لهذه المناصب والوزارات الى الأبد ، لكن يريدون الحفاظ على المُنجز التأريخي على الأرض وهو ـ كردستان العراق مع الخريطة الجديدة ـ فهذه دفاعات متقدمة لهم، وهم يعرفون ذلك أكثر من غيرهم لأنهم دفعوا تضّحيات ومساومات وتنازلات لازالو يشعرون إزاءها بالضعف والمسكنة كلما ذكّرهم احداً بها. بعد أن حُل مجلس الحكم ظّل السيد زيباري وزيراً بشرط ان يترك بعض المناصب القريبه له وبعض المديريات في الوزارة للآخرين من أصحاب النفوذ من الأحزاب وتمت التسوية على هذه الشاكلة أليس كذلك سيادة الوزير من هؤلاء وكيلكم المُبجل للتعيينات ،وبعض (سفهائكم) آسف سفرائكم الأُميّين تحديداً في بعض الدول الإسكندنافية اللذين كشفوا عن جهلاً مطبقاً بأبسط الكياسة الدبلوماسية أثناء تقديمهم أوراق اعتمادهم مما جعلهم موضع تنّدر وسخرية ؟
قبل أشهر من الآن تم تعيين أكثر من 110 موظف جديد في وزارة الخارجية ، وعندما تم الأستفسار من مديرية العلاقات في الوزارة وكواليسها تبّين إن هذا العدد جاء بالأسماء عن طريق تزكيات مختلفة أولها العامل العشائري، والثاني بالمحسوبية الحزبية، والثالث بالعمومة والأخوة والرابع بالرشوة. تبيّن إن 70% من هؤلاء لم يعرفوا الأعراف الأجتماعية في الدول الجديدة فضلاً عن القواعد الدبلوماسية . لذلك أقامت وزارة الخارجية دورات مستعجلة لعدة أسابيع لتعليمهم بأشراف أمريكي أساليب وقواعد أوليّة تساعدهم على التعامل في الوظيفة الجديدة. الكثير منهم لم يرى الدولة التي تعيّن بها على الأطلاق. توجد هناك مشكلة آخرى وهي درجات شاغرة لأكثر من 150 درجة وظيفية توزعت هذه الدرجات محاصّصة على الأحزاب والبيوتات هذه المّرة . لكن الكثير منهم لم يلتحق لأنها أصبحت موضع نقاشات داخل الحزب نفسه ، والعشيرة نفسها ، بعبارة آخرى يوجد صراع داخل كل كتلة ، وكل حزب ،أو وزارة ، أو العشيرة والأخيرة هي الصفة الأكثر تأثيراً بالتعيّين . ورغم ذلك لم يُحسم الأختيار على الشخص من داخل الكتلة . لاأعرف كيف يستطيع أن يعمل معلم ، أو مضمد أو عسكري وهو لا يجيد قواعد البروتوكول، والسلوك المتحّضر للكياسة ، ومهارات التعاطي لفن هذه الحرفة ، فضلاً عن ـ الأتكيت الدبلوماسي ـ أن يعمل قنصلاً، أو سفيراً أو ملحقاً ثقافياً. أين السيد وزير الخارجية من هذا الذي يحدث؟ يفترض أن يتم توظيف كوادر الأدارة العاملة في السفارات العراقية من الجاليات المقيمة في الدول التي يتم التعيين بها على الأقل هؤلاء يعرفون تأريخ تلك الدول ، وطبيعة أحزابها ، ومؤسساتها المدنية، وعاداتها الخ... لماذا ياسيادة الوزير لا تأخذوا بهذا السلوك السويّ والديقراطي للنخاع باعتماد التوظيف على أساس الكفاءة والتخصص والعلمية ؟
يؤسفنا جميعاً كعراقيين نحب وطننا أن نرى هذه الممارسات الغير صحيّة تتفشى وتتجذر ، لأن الفساد الإداري بكل أشكاله من المحسوبية الى الرشوة مروراً بالولاءات سيقضي على تطلعاتنا ويعّرض مؤسساتنا الى التخريب والفساد.









التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. هل بدأت معركة الولايات المتأرجحة بين بايدن وترامب؟ | #أميركا


.. طالبة تلاحق رئيسة جامعة كولومبيا نعمت شفيق وتطالبها بالاستقا




.. بايدن يقول إنه لن يزود إسرائيل بأسلحة لاجتياح رفح.. ما دلالة


.. الشرطة الفرنسية تحاصر مؤيدين لفلسطين في جامعة السوربون




.. الخارجية الروسية: أي جنود فرنسيين يتم إرسالهم لأوكرانيا سنعت