الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


إنسانة والمرآة

سعيدة لاشكر

2007 / 10 / 7
الادب والفن


حملت المرآة مجددا لتتأمل شكلها وما كادت تلمحه حتى أبعدت المرآة في نفور, تم توجهت للباب خرجت وجدبته معها في عنف.
نشأت كريمة في بيت متواضع, مع أسرة مكونة من أبوين وأربع بنات, كلهن جميلات أو مقبولات الشكل, إلا هي كانت مختلفة عنهم, ذات وجه منفر وملامح منفرة, ينفر منها كل شخص قبل حتى أن يقترب منها, و دائما كانت تسأل والدتها لمن تشبه إن لم تكن لم تشبه لا لها ولا لوالدها, فكانت أمها مرة تجيبها أن لا يهم فكثر هم قبيحات الشكل يلدت أطفالا أية في الجمال ومرات تتجاهلها وتحتها على الذهاب والإهتمام بشؤونها.

ألفت كريمة هذه المعاملة من أسرتها ومحيطها وتعودت عليها وتتذكر حين كانت في المدرسة, كانت جد متفوقة ورغم ذلك لم تجد قبولا عند زملائها, كان هناك أستاذ يحتها على الإستمرار في الإجتهاد لأنه السبيل الوحيد لتكوين مستقبل أفضل وكثيرا ما تتذكر حين يناديها لتستلم ورقتها ذات العلامات الجيدة, فتستمع من ورائها لهمهمات الزملاء وهم يهمسن: " أنظرو إليها إنها قبيحة", "كم هي قبيحة", " علامتها جميلة وهي قبيحة", تم الضحكات المتوالية فتتمنى لو أنها لم تحصل على علامة جيدة لكي لا تهان هكذا, ولا تؤلف عليها النكات هكذا, أما إن تشاجرت مع أحد فلن يلبت حتي يلقي بالقنبلة التي تدمرها وتحولها إلى أشلاء, يواجهها بشكلها أمام الكل, فتنخرص غصبا عنها, وما إن تعود للبيت حتى ترتمي على سريرها باكية, تدرف الدموع علها تطفئ لهيب الذل والمهانة والخجل الذي ما فتئت تتعرض لهم في كل يوم, تستمر في البكاء إلى أن تجف مقلتيها, لكن الجرح في قلبها لا يجف دائما مفتوح, دائما ينزف, ودائما توجه له الضربات في الصميم.

كانت تحب أن تقرأ عن جمال النفس, تحمل كتاب أو مجلة فتقرأ عن هذا الجمال الذي لا يموت, فجمال الجسد مهما دام فسيموت مع الوقت ستقضي عليه التجاعيد والسنين, لكن جمال النفس باق مع بقاء الروح, ومن كانت نفسه نقية فستبقى نقية.... تقرأ وتسقط ما قرأته على نفسها فما تلبت أن تلقي بالمجلة بعيدا عنها وتضحك ساخرة من حياة الواقع وحياة الكتب والمقروء وتفكر إن كان كل هذا صحيحا فأين محبي هذا الجمال, لماذا إلى الآن لم تحصل على أصدقاء حقيقيين يقدرون نفسها الجميلة.


والآن كبرت لكن لم يتغير شيء, فمازالت كريمة ذات الوجه المنفر , استعملت مساحيق عديدة, خففت من قبحها لكنها لم تخفيه أبدا مازال واضحا جدا, حتى أنها تقف أحيانا أمام المرآة تتكلم مع نفسها فتقول: " أنت قبيحة, ولدت قبيحة وستموتين هكذا قبيحة, لن يقترب أبدا منك أحد, لن يفهمك أحد, قبحك يمنع أي شخص من أن يصل إلى نفسك الجميلة, الفتيات أمتالك يتمتعن بأوقاتهن, يمرحن, يرقصن, يغنين, يحببن, يجدن من يحبهن, يخطبن, يتزوجن وأنت ستظلين هنا قابعة في غرفتك التي أخدت القليل من قبحك, ستظلين قبيحة وقبحك سيظل حاجزا بينك وبين حياتك, مهنية كانت أو شخصية" وما إن تسأم حتى تبعد المرآة في نفور, تم تتوجهت للباب تخرج وتجدبه معها في عنف.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. أمسيات شعرية- الشاعر فتحي النصري


.. فيلم السرب يقترب من حصد 7 ملايين جنيه خلال 3 أيام عرض




.. تقنيات الرواية- العتبات


.. نون النضال | جنان شحادة ودانا الشاعر وسنين أبو زيد | 2024-05




.. علي بن تميم: لجنة جائزة -البوكر- مستقلة...وللذكاء الاصطناعي