الحوار المتمدن
- موبايل
الموقع
الرئيسي
لعبة السموم
بولات جان
2007 / 10 / 8الارهاب, الحرب والسلام
ليست هذه المرة الأولى التي أقف أمام مثل هذه الحالة التي قد تبدو للبعض مثيرة و بوليسية، و لكن النقطة المغايرة في هذه الحالة هي بث القضية على شاشات التلفزة الفضائية و بشكل صريح للغاية. الدولة التركية و دوائر حربها الخاصة و تشكيلات المخابرات المللية التركية لم تفتأ يوماً في تجنيد الشبان و الشابات الكرد و تدريبهم و إرسالهم إلى جبال كردستان كي ينخرطوا في صفوف المقاتلين الكريلا التابعين لحزب العمال الكردستاني بهدف إثارة البلبلة أو التآمر على اغتيال القادة أو تسريب الأخبار و المعلومات إلى المخابرات التركية بطرق و سبل مدّربة عليها مسبقاً.
المخابرات التركية و دائرة الحرب الخاصة و عصابات الجيش السري كانت تستخدم العديد من السبل و الأساليب المختلفة في جذب و إيقاع الشبان الكرد في أفخاخها و من ثم الضغط عليهم و ترهيبهم و ترغيبهم و بذل الوعود بحياة وردية لهم في حال نجاحهم في المهام التي سيتم تلكيفهم اياها. و لم يخلو الابتزاز و التهديد بالفضيحة من بين هذه السبل القذرة التي لم تتورع المخابرات التركية في سلكها مع الشبان الكرد الذين يتم تحضيرهم للتجسس و العمالة لصالح المخابرات ضد أبناء جلدتهم من الثوار الكرد.
منذ اليوم الأول من تأسيس أو حتى قبل تأسيس حزب العمال الكردستاني و الدولة التركية تحاول تسريب عملائها في صفوف الحزب و قد تم فضحهم جميعاً قبل قيامهم بالمهام التي جاؤوا لأجلها. الحالات التي نجح فيها العملاء في تنفيذ مهامهم لا تتعدى أصابع اليدين. فالمهم بالنسبة إلى دائرة الحرب الخاصة التركية ليس نجاح أو فشل هؤلاء العملاء، المهم بالنسبة لها هو جعلهم عملاء قبل كل شيء. فالهدف هو إفساد المجتمع الكردي و غرس الفتنة و نشر العمالة و قتل الثقة و الأمانة بين أفرادها. فالشخص الذي يقبل أن يكون عميلاً لعدوه ضد أبناء وطنه و أخوانه الثوار، يعني بأنه قد فقد كل قيمه الأخلاقية و الوطنية و الاجتماعية و حتى الإنسانية. هذا هو الهدف الأول من إيقاع الشبان و الشابات الكرديات في مصيدة الجاسوسية و الهدف الآخر هو إثارة البلبلة بين صفوف المقاتلين الأنصار و دب الشكوك و الظنون فيما بينهم من خلال هؤلاء العملاء. فليس مهماً إن تم الكشف عن هؤلاء العملاء أم لا، فحتى لو تم اعتقالهم أو ماتوا أثناء هجوم ما، فهذا الأمر لا يرف جفناً للطغمة التركية. فالميت و المستهدف كليهما كرديان و موت أي منهما يفرح الدولة التركية. طبعاً في حال نجاح أحد هؤلاء العملاء في تنفيذ مهمته على أكمل وجه فهذا يُعتبر نصراً للمخابرات التركية و لا يهم إن عاد عميلهم حياً أم مات في مكان ما.
الملايين من المشاهدين كانوا و طوال أسبوع كامل يجلسون أمام شاشة الفضائية الكردية روج ليشاهدوا برنامج لعبة السموم حول اعترافات الجواسيس و العملاء الذين وقعوا في أيدي القوات الأنصارية لحزب العمال الكردستاني. هؤلاء العملاء الستة كانوا أمثلة و نماذج مصغرة لشبكات كثيرة تم اكتشافها و شل تأثيرها جميعاً في فترات متفاوتة و هذه كانت آخرها و ليست أخيرتها. هؤلاء الجواسيس الستة كانوا جميعاً في بداية عمرهم و في أكثر الفترات المنتجة في حياة الإنسان،و جميعهم أكراد سقطوا بأشكال مختلفة في براثن المخابرات التركية و تم تحويلهم إلى عملاء و أُرسلوا إلى جبال كردستان للقيام باغتيالات ضد القادة الكبار في الحزب. و لكن قد افتضح أمر الجميع و خلال التحقيقات تم اكتشاف كافة أفراد الشبكة و شبكات أخرى مرتبطة بالمنظمة الغير رسمية المسمى بـ(JİTEM) المكونة من عناصر الجندرمة والمخابرات و الضباط الشوفينين و بعض الخونة و الفارين من صفوف الحزب.
ظهر من التحقيقات ومن اعترافات العملاء بإنهم كانوا يهدفون إلى قتل أكبر عدد ممكن من المقاتلين بتسميمهم أو تفجيرهم بالقنابل أو اغتيالهم بالأسلحة و كذلك اغتيال القادة الكبار مثل مراد قره يلان و جميل باييك و دوران كالكان...الخ. و لم تكن مهامهم محدودة في هذا الإطار فحسب، بل كان قد تم تكليفهم بزعزعة الروح الرفاقية و الثقة المتبادلة بين المقاتلين و إفساد حياتهم الطبيعية و إحداث المشاجرات و الفتن و القلاقل بين القاعدة. إن إفساد حياة الحزب و زرع القلاقل و القضاء على الروح الجماعية و الثقة و المودة الروحانية بين أعضاء الثورة و افتعال وخلق الأكاذيب يعد هدفاً أساسياً للمخابرات التركية و دائرة حربها الخاصة. فالخطر لا يأتي من القوة العسكرية لحزب العمال الكردستاني على النظام الفاشي التركي، بل الخطر يكمن في أسس الحياة الثورية و المبادئ الاشتراكية و القيم الأخلاقية لحياة هذا الحزب و التي تجذ القاصي و الداني إلى سحرها و طبيعيتها.
نفس هذه الحياة التي كان العملاء يهدفون إلى زرع الديناميت في أسسه قد فضحت أمرهم و أوقعتهم في الحفرة التي كانوا قد حفروها للثوار. فمهما كان العميل خبيراً و مدرباً و قوي الشخصية و بارد الأعصاب إلا أنه لا يستطيع التشاطر على هذه الحياة الطبيعية التي لا تقبل بينها أي دخيل أو متظاهر أو منافق مرائي. لذا فإننا نجد بأن أعظمية العملاء و الجواسيس يُكشفون منذ الأيام الأولى من مجيئهم إلى صفوف المقاتلين. فالحياة الثورية قد اكتسبت أشكالاً و معاني عميقة جداً لا يعرف مغزاها سوى أهلها الحقيقيين و لا يستطيع أي شخص التمويه على نفسه لمدة طويلة بينهم. و أكبر دليل على ذلك كل هذه الشبكات الجاسوسية التي تُفتضح في بداياتها و آخرها الشبكة التي شاهدها الملايين على شاشة الفضائية روج.
كما قلتُ في بداية المقال بأن هذه ليست المرة الأولى التي أقف أمام هذه الحالات، فمنذ عشر سنوات قد شاهدنا العديد من الحالات المشابهة و كذلك نهاياتها مشابهة أيضاً. و مع ذلك فقد تأثرت بالجاسوسة (دريا). هذه الفتاة الكردية من مدينة حكاري التي رأت الفواجع و المعاملات الجهنمية و التي لا تعير القيم و الأخلاق و الإنسانية أي أهمية. فقد تم تهريبهم و تدريبه رغماً عنها و تم اغتصابها عشرات المرات و بأشكال منحطة و قذرة جداً و تم ضربها و تعذيبها و الحط من إنسانيتها لكي تقبل بالجاسوسية لدى (JİTEM) ضد حزب العمال الكردستاني و قتل القادة الكبار بالسم أو اغتيالهم بالسلاح. هذه الفتاة كانت قد وقعت في مستنقع ضحل و قذر لا تعرف كيف وقعت و كيف ستخرج. فأخوها عميل أيضاً للدولة التركية و كذلك عمها و زوجها و ابنة عمها و الشخص الآخر باسم إدريس أوزر الذي يتظاهر بأنه مؤيد لحزب العمال الكردستاني و بأنه المسئول عن إيصال المقاتلين الجدد إلى الجبال. دريا تثق بهذا الشخص لكي يوصلها إلى الجبال كونها تعشق الأنصار و لكنها لا تعرف بأن هذا الشخص عميل خطير جداً في المخابرات التركية و بأنه وحش قذر في شكل آدمي. هذا الوحش يمارس كل الأساليب الوحشية و القذرة لكي يجبر دريا على القبول بالعمالة.
لقد انزعجت كثيراً و أنا أستمع إلى حكاية دريا و رحتُ أحادث نفسي و كيف يجب التعامل مع هذا الوحش. تأسفتُ لحال دريا و لم أشعر بالحقد عليها على الرغم من إنها كانت قد جاءت بهدف قتل أي من رفاقي أو قادتي أو حتى قتلي. تأسفت لحال فتياتنا اللواتي تقعن في أيدي هؤلاء الوحوش. فالمرأة الكردية لا تستحق كل هذا الغبن. تلك الليلة بقيتُ ساهراً مع رفاقي و نحنُ نتأسف لحال المرأة الكردية و نصب جام غضبنا على هذا العدو القذر الذي يتلاعب بشرفنا...
بعد يومين من الاستماع إلى اعترافات دريا أخبرني أحد الرفاق بأنه تم إلقاء القبض على السفاح القذر إدريس أوزر العميل التركي في الشارع و تم جلبه إلى الجبل. حينها فرحتُ كثيراً و قلتُ بأن العدالة ستتحقق من هذا السفاح...
إنها حكاية مأسوية طويلة... طويلة و متشعبة و أليمة و جارحة للكرامة الإنسانية و المشاعر الوطنية. إنها حكاية شعب يصعد أبنائه إلى الجبال لمقارعة العدو و يلحقهم آخرون من أبناء جلدتهم للقضاء عليهم و التجسس عليهم. هذه الحالة ليست موجودة في تركيا فحسب، بل كان هنالك المئات من المتآمرين و (الجحاش) المرتزقة الكرد في العراق الذين وقفوا بجانب صدام ضد الشعب الكردي و كذلك الأمر في إيران و في سوريا أيضاً.
هنالك سياسة سورية منهجية في الإيقاع بالشبان الكرد و جعلهم جواسيس عاملين لها في جمع المعلومات و الوشاية على جيرانهم و أهلهم و كذلك التسرب إلى داخل الحركات الكردية و نخرها في الداخل. و أنا متأكد بأن هؤلاء الجواسيس و العملاء في سوريا أيضاً سوف يقعون فيما وقع فيه شبكات الجواسيس التركية. حتى ذلك الحين الفرصة سانحة أمامهم للتراجع و التوبة و الاعتذار من الشعب الكردي و كل الشرفاء الذين دخلوا السجون بوشايات هؤلاء العملاء.
|
التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي
.. هل يساند حزب الله الأسد قبل سقوطه؟ | الأخبار
.. مذيعة CNN للجولاني: ما هو موقفكم من وجود قوات أمريكية في سور
.. ماذا تخطط إيران والعراق لتطورات الأوضاع في سوريا؟ | #التاسعة
.. -مرفوض أمنيا-.. منع طفل غزي مصاب بورم في عينيه من السفر للعل
.. قوات النظام تسلّم -قسد- مواقع في الرقة