الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


بالون ليس للاختبار

ماجد فيادي

2007 / 10 / 9
مواضيع وابحاث سياسية


هو قرار ليس ملزم, هكذا جاء قرار الكونكرس الأمريكي لتقسيم العراق الى ثلاثة مناطق, كردية وشيعية وسنية. لم يكن القرار بالنسبة لي مفاجئ, فقد تدخلت أمريكا في الشأن العراقي سابقا ولا تزال بطريقة فجة, تمثلت في دخول البعثيين الى العراق وتسلمهم السلطة وباعترافهم بقطار أمريكي, كما رعت أمريكا النظام الدكتاتوري الصدامي منذ تسلمه الحكم الى حين انتهاء صلاحية ورقته, ثم تدخلت أمريكا عندما غزت العراق واحتلت أرضه بحجة إسقاط النظام الدكتاتوري الذي أنشأته بنفسها, ولأجل ترسيخ الديمقراطية بواسطة قوة السلاح.
مما سبق لم يعد مستغربا الموقف الأمريكي, لكن هناك ما يدعو الى الاشمئزاز والاستنكار والرفض, فقد أيدت القوى الكردية هذا القرار, طمعا في تحقيق اكبر مكاسب مشروعة وغير مشروعة بأسرع وقت, بحجة تطابق القرار الغير ملزم مع نصوص الدستور العراقي, مع العلم أن هذا غير واقعي وغير منطقي وليس تطابق مع الدستور العراقي ( الكسيح), لان الفدرالية المنصوص عليها في الدستور العراقي, لها طابع مناطقي جغرافي, وليس طابع قومي طائفي, مما يسمح بتكوين إقليم لمحافظة أو أكثر متجاورة جغرافيا. لكن الاحزاب الكردية تحاول الاصطياد في الماء العكر, لكي تخرج من تعقيدات الوضع السياسي العراقي, متجاهلة الكثير من الحقائق التي سأذكرها الآن, علما أنني من المؤمنين بحق الشعب الكردي في تحقيق المصير.
1. أن الاحزاب الكردية ليست جادة في استقلال إقليم كردستان العراق كدولة بحد ذاته, لان هذا الموقف سيفتح باب جهنم على الإقليم من قبل دول الجوار, التي تعارض هذا.
2. الاحزاب الكردية متأكدة من رفض أميركا لاستقلال إقليم كردستان العراق في دولة, لان هذا يتعارض ومصالح أميركا مع دول الجوار العراقي.
3. أن الاحزاب الكردية لا تطمح لإقامة دولة كردستان الكبرى, بضم إقليم كردستان تركيا وإيران وسوريا, لأنهم يشكلون النسبة الثالثة من حيث التعداد السكاني والجغرافي, مما يجعلهم قوة ضعيفة ضمن دولة كردستان الكبرى.
4. في دولة كردستان الكبرى يعتبر إقليم كردستان العراق أغنى إقليم, مما يشكل عبئ اقتصادي عليه ضمن حدود دولة كردستان الكبرى, لفقر سكان الأقاليم الأخرى.
5. لو حصل إقليم كردستان العراق على مكاسب كبيرة في التصرف بموارد الإقليم, ومنها ضم كركوك, لن يعد بحاجة حقيقية للاستقلال خوفا على هذه المكاسب من الجوار القوي عسكريا.
مما سبق يتضح أن مشكلة الشعب الكردي تختلف تماما عن مشكلة الاحزاب الكردية, فهي تبحث عن مكاسب حزبية لا تتوافق مع مصالح الشعب الكردي, وتتاجر بالقضية القومية أكثر مما تدافع عن مصالح الكورد, والدليل على ما أقول, القتال الذي جرى بين الحزبين الكرديين والإدارة السيئة للإقليم خلال الفترة التي تلت تحرر الإقليم من قبضة النظام الدكتاتوري ليومنا هذا. وما صور مسعود البارزاني وجلال الطالباني في الدوائر الرسمية وغير الرسمية, اضافة الى اعتراف الطرفين بالتزوير الذي حصل في عدد من الانتخابات الطلابية وغيرها, إلا دليل على عقلية استبدادية ذات نزعة دكتاتورية.
في المقابل نقرأ ونسمع مواقف من أحزاب طائفية شيعية, ترفض القرار ليس لأنه لا يمثل مصالح الشعب العراقي, بل لأنه تدخل في الشأن العراقي. ولو قرأنا ما بين السطور لهذه الاحزاب لوجدنا فيه رغبة لتقسيم العراق الى أقاليم على أساس طائفي, يدفعهم في ذلك عدم قدرتهم في السيطرة الكاملة على وادي الرافدين ( إذا ما أخرجنا من طموحاتها إقليم كردستان), فتحولت الرغبة الى السيطرة على مناطق تمثل أغلبية طائفية شيعية, تحقق من خلالها طموحاتها في إقامة دولة إسلامية على غرار الجارة ايران, ارتباطا بالمصالح الإيرانية التي تمد يدها حسب المثل العراقي ( مادة أيدها للزردوم) في هذه الاحزاب الطائفية الشيعية.
هذه الاحزاب الشيعية, لم تتمكن من تحقيق طموحات جماهيرها, فقد وعدتها بالكثير, مما لا تملك ولا تقدر على تحقيقه, وأصبح الخطر عليها يكمن في فشلها بكسب الأصوات خلال الانتخابات البرلمانية القادمة, ومنافسة القوى العلمانية, التي تقدم برنامج بعيد عن الطائفية, كما يرجح تخلي السيد علي السستاني من تقديم الدعم لهذه الاحزاب مما يضعف رصيدها لدى الجماهير, ومن المرجح عدم تمكن الاحزاب الشيعية من جمع لم شملها في قائمة انتخابية كما جرى في الانتخابات السابقة, نظرا لعمق الخلافات فيما بينها وتضارب المصالح, ومن الأسباب الأخرى خروج عدد من الشخصيات الشيعية السياسية من أحزابها وانشقاقها رغبة في إقامة أحزاب سياسية جديدة.
الاحزاب التي تدعي تمثيلها للسنة ظلما, اعترضت على القرار ليس حبا في العراق, بل خوفا على مصالحها ودورها الذي اخذ في التضاؤل, بعد صحوة عشائر الانبار واتضاح تأيد الأمريكان للعملية السياسية واستمرارها وفشلها في استقطاب الأغلبية في البرلمان العراقي لإسقاط الحكومة العراقية, فما عاد أمامها سوى التشدق بالادعاءات الوطنية, لجمع من انفك من حولهم.
أخيرا أمريكا لم تطلق بالون اختبار, لان أصحاب هذه الفكرة, وجدوا أن القوى المتصدية للعملية السياسية في العراق, خاصة ذات النفوذ الكبير في الحكومة, لم تقدم للعراقيين نموذج واعد يخرج بالعراق من وضعه المأساوي, وهي لا تقد لليوم برنامج يوضح حقيقة رغبتها في تصحيح الأمور, فتبنى طرف من القوى الأمريكية مهمة حل مشاكل الشعب العراقي دون أن يتناسوا مصالحهم, فكان القرار بالشكل الذي طرح.
كل من يعترض على الوجود الأمريكي في العراق عليه أن يسأل نفسه لو لم يعطي صدام الذريعة للأمريكان بدخول العراق, ولو لم تقدم اغلب الاحزاب المتبنية للعملية السياسية والمعترضة عليها نموذج سيء, هل كان سيجد الأمريكان موضع قدم لهم في العراق؟؟؟








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الحوثيون يعلنون بدء تنفيذ -المرحلة الرابعة- من التصعيد ضد إس


.. مصادرنا: استهداف مسيرة إسرائيلية لسيارة في بنت جبيل جنوبي لب




.. تصاعد حدة الاشتباكات على طول خط الجبهة بين القوات الأوكرانية


.. مصادر عربية متفائلة بمحادثات القاهرة.. وتل أبيب تقول إنها لم




.. بروفايل | وفاة الداعية والمفكر والسياسي السوري عصام العطار