الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


هل تريد اسرائيل تسوية الصراع العربي الاسرائيلي؟

محمد سيد رصاص

2007 / 10 / 9
مواضيع وابحاث سياسية


في تعليق مكتوب على (مشروع موضوعات المؤتمر الخامس للحزب الشيوعي السوري-المكتب السياسي)،الصادر في ربيع عام1978،كتب الأستاذ الياس مرقص يومها مايلي،فيمايتعلق بنص كان يفترض أن(التسوية)هدفاً اسرائيلياً سيتم فرضه على كافة العرب:"بعد زيارة السادات للقدس،ستقوم اسرائيل بعزل(الرأس)عبر التسوية،لكي تنفرد بباقي الجسم العربي للسيطرة عليه بعد تعفنه،ولكن من دون تسوية معه".
بعد أشهر من زيارة الرئيس المصري للقدس(19تشرين الثاني1977)قامت اسرائيل بالإجتياح الأول لجنوب لبنان(14آذار78)،في محاولة أولى لاستخدام المنصة اللبنانية من أجل السيطرة على آسيا العربية،وخاصة بعد أن أصبحت"لاعباً لبنانياً"إثر انحياز قوى(الجبهة اللبنانية )إليها ،عقب حادثة ثكنة الفياضية-8شباط78-،ضد سوريا ،التي كانوا متحالفين معها ضد قوى المقاومة الفلسطينية واليسار اللبناني في يوم الدخول السوري إلى لبنان(1حزيران76).كما يلاحظ ،في هذا الصدد،بأنه،بعد أربعين يوماً من اكتمال انسحاب اسرائيل من سيناء(25نيسان82)،قامت دبابات تل أبيب باجتياح لبنان الثاني،في خطوة موجهة للسيطرة الكاملة على لبنان،ولاستخدامه ضد سوريا،وباقي العرب المشرقيين الذين كان ظهرهم إلى الحائط ،عراقيين وخليجيين،بعد أن انتقلت ايران إلى حالة هجومية في حربها مع العراق منذ شهر أيار من عام1982.
لم تهدف اسرائيل للوصول إلى التسوية عبر الإجتياحين،اللذان قامت بهما للبنان،رغم(اتفاق17أيار1983)‘بل أرادت استخدام الصاعق اللبناني لتفجير المنطقة،وهي بعد أشهر من ذلك كانت على مسافة متساوية من طرفي حرب الجبل التي حصلت في شهر أيلول،وهي لم تعر انتباهاً أواهتماماً للموت التلقائي الذي جرى لذلك الاتفاق في العام التالي،وقد كانت تل أبيب مدركة،طوال عقد الثمانينيات،بأن الاشتعال اللبناني وكذلك اللهب ،الذي حصل طوال ذلك العقد في الخليج،سيجعلان القضية الفلسطينية،وكذلك كل الصراع العربي الاسرائيلي،في البراد.
لذلك لاحظنا كيف أصبحت اسرائيل في موقع الرفض لمَا أرادت الولايات المتحدة الوصول ل(التسوية) ،عبرمؤتمر مدريد-تشرين أول1991-،في مقايضة أميركية مع ثالوث(الرياض-دمشق-القاهرة)الذي وقف ضد صدام حسين بعد اجتياح الكويت،وقد تحدث رئيس الوزراء الاسرائيلي يومها اسحق شامير عن أن الدولة العبرية لن تقبل"بتكرار ماجرى مع الصليبيين"،الذين وقعوا اتفاقية مع السلطان(الكامل الأيوبي)،في عام1229م،تنازل لهم فيها عن صيدا وعكا والناصرة ويافا وبيت لحم والقدس(ماعدا المنطقة المحيطة بقبة الصخرة)،إلاأن الزمن لم يطل حتى اقتلعهم المماليك من المنطقة بعد سقوط آخر معاقلهم في عكا عام1291،فالعقل الاسرائيلي مثقل ب"الذاكرة"،وهذا لايقتصر على(الهولوكوست)،حيث هم بسبب ذلك يخططون ليس ل"سلام"،يعرفون أن من يوقعه لايمثل غالبية المجتمع العربي،بل ل"أوضاع عربية ملائمة "لهم،يمكن أن يعقدوا معها"تسوية"،ستتضمن الهيمنة وليس السلام.................
وعملياً،فإن اسحق رابين،الذي خلف شامير في صيف1992،قد اتبع أسلوباً اختلف عن سلفه،انتقل فيه من الرفض اللفظي إلى الرفض العملي ل(التسوية)،ولكن مع القبول اللفظي بها،ليوقع (اتفاقية أوسلو)مع الفلسطينيين في 13أيلول1993،التي قال شريكه شيمون بيريز للرئيس الفرنسي ميتران،وفق مارواه محمد حسنين هيكل،بأنها ستحتاج لعقود من أجل التفاوض على بنودها،وهو ماحصل خلال عقد من تاريخ توقيعها،عندما لم تؤدي إلى أكثر من انشاء"سلطة فلسطينية" لم تكن سلطتها تتجاوز ماكان لبلديات الضفة وغزة في السبعينيات،مع بقاء كافة السلطات الفعلية في يد اسرائيل،فيما بقيت كافة"مواضيع الحل النهائي"-القدس-الحدود-اللاجئين-المستوطنات.............إلخ-بدون حل،في وقت كانت قد فرضت فيه تل أبيب واقعاً جديداً على الأرض لصالحها أصبح مختلفاً تماماً عن يوم توقيع تلك الاتفاقية................
كان التكتيك التفاوضي الاسرائيلي مع دمشق في إطار(اللاتسوية)،وهو مايشمل لبنان أيضاً،فيما كان توقيع(اتفاقية وادي عربة)مع الأردن ،بخريف1994،في إطار احتوائه والهيمنة عليه،لاستخدامه اسرائيلياً كمعبر إلى الخليج والعراق،وهو مايحصل الآن اقتصادياً،ويبدو أن (خط تل أبيب-عمان-بغداد)لن يكون فقط فاصلاً بين بلاد الشام ومصر،وإنما أيضاً بينها وبين بلاد الرافدين وبلدان الخليج والجزيرة العربية،وهو ماتوحي كل المؤشرات بأنه سيكون من مستتبعات احتلال العراق،إن نجحت الخطط الأميركية هناك ولم تصل إلى الفشل...............
اليوم،مع اقتراب الذكرى الثلاثين لخروج مصر من الصراع العربي الاسرائيلي عبر زيارة السادات للقدس وماتبعها من (اتفاقيات كامب دافيد)-17أيلول78-و(المعاهدة المصرية الاسرائيلية)-26آذار79-،يبدو الجسم العربي في حالة متسارعة الإتجاه نحو الوصول إلى حالة فراغ القوة،فيما كان وضعه،خلال الفترة الفاصلة عن عام1977حتى احتلال العراق في عام2003،في حالة انحدارية،حيث أدى سقوط بغداد بيد الأميركي لجعل العرب في حالة أسوأ من انحدار القوة ليصلوا إلى حالة فراغ القوة،ليصبح الوطن العربي الآن بمعظمه ملعباً للآخرين أوميداناً لسيطرتهم:كيف يمكن للعرب أن يتجاوزوا وضعهم الراهن؟...........................










التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. أحداث قيصري-.. أزمة داخلية ومؤامرة خارجية؟ | المسائية-


.. السودانيون بحاجة ماسة للمساعدات بأنواعها المختلفة




.. كأس أمم أوروبا: تركيا وهولندا إلى ربع النهائي بعد فوزهما على


.. نيويورك تايمز: جنرالات في إسرائيل يريدون وقف إطلاق النار في




.. البحرين - إيران: تقارب أم كسر مؤقت للقطيعة؟ • فرانس 24 / FRA