الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


هل كان لدى واشنطن نموذج-ياباني-ألماني-للعراق؟

محمد سيد رصاص

2007 / 10 / 10
مواضيع وابحاث سياسية


اعتبر بعض الكتاب العرب، في فترة الازمة والحرب على العراق (ايلول 2002 ـ نيسان 2003)، ان الولايات المتحدة تتجه، من خلال طرحها الجديد للديموقراطية اثر 11 ايلول وبعد ان اعتبر بعض منظري الادارة الاميركية ان (الارهاب) نابع من (الاستبداد)، الى عملية تكرار لما حصل في اليابان والمانيا بعد الحرب العالمية الثانية عندما تم بناء نموذج في البلدين، بعد هزيمة الطغمة العسكرية اليابانية والنازية الالمانية في الحرب، تميز بالازدهار الاقتصادي وبوجود ديموقراطية سياسية ناجحة في حالتين، كانت الطغم العسكرية، المتحالفة مع القصر الملكي، حاكماً تقليدياً، كما حصل في اليابان حتى عام 1945 (وفي المانيا بين عامي 1871 ـ 1918)، فيما اتت التجربة الالمانية بالحالة الثانية من انقاض النازية والخراب الذي جرته على المانيا عبر الحرب العالمية الثانية.
لم يحصل ذلك في السنوات الاربع والنصف التي تفصلنا عن سقوط بغداد بيد واشنطن، ولم تجر اية مؤشرات تدل على فتح الاميركان لطريق يتجه الى ذلك المنحى، فيما يلفت النظر محاولة الرئيس الاميركي في خطابه يوم (22 آب 2007) استعادة ذلك التفكير الذي كان موجوداً عند بعض مفكري المحافظين الجدد، بعد طول صمت عنه خلال السنتين الماضيتين، قائلاً ان "مصالح ومبادئ اميركا حولت خسارة اليابان الى نظام ديموقراطي، وهو ما سنفعله في افغانستان العراق".
في هذا الصدد قال ايديولوجيو المحافظين الجدد بأن انفجار الصراع مع تنظيم (القاعدة) قد أعاق ذلك، وخاصة بسبب محاولة الزرقاوي تفجير صراع سني ـ شيعي يشعل النار تحت ارجل الاميركان، كما قالوا بأن اتجاه الدول "الممانعة" الى استخدام الساحة العراقية للمجابهة مع واشنطن، من اجل حسابات وغايات اقليمية، قد جعل ارض بلاد الرافدين في حالة من انعدام السيطرة الامنية والسياسية بالنسبة للولايات المتحدة، ثم اضافوا في هذا الصدد بأن تلك المحاولات، مع متاجرة كل مرحلة "انتقالية" بعد ديكتاتورية طويلة الامد وعنيفة، قد جعلت "المكونات" العراقية في حالة تصارع على الحصص في "العراق الجديد"، وهو "ما ادى" الى فوضى كبيرة جعلت الاميركي في حالة عجز عن "تحقيق مهمته".
من الملاحظ هنا ان هناك الكثير من الاعتذارية الايديولوجية في تلك الطروحات، وانها لا تلامس وقائع عملية الغزو والاحتلال الاميركي للعراق، ولا مجرى ما حصل بعدهما: لا يمكن معالجة ذلك من خلال نقاش فكري، وانما يجب ان يكون ذلك عبر معالجة قضية: (لماذا اتت اميركا الى العراق)...
بغض النظر عن نزعات اميركية وجدت عند اتجاه المحافظين الجدد الى نظرية "إعادة بناء الامم"، وهو ما يمكن تلمس ارهاصات جنينية عنه عند الرئيس الاميركي ويلسون في نهاية الحرب العالمية الاولى ـ فان المخططين الكبار للغزو الاميركي للعراق (ريتشارد بيرل ـ رامسفيلد ـ وولفوفيتز... الخ) قد ارتبط الموضوع عندهم، لما ضغط الاخيران في الاجتماع الذي عقده مجلس الامن القومي الاميركي باليوم التالي لـ(11 ايلول) من اجل "جعل العراق الهدف الرئيسي للجولة الاولى من الحرب على الارهاب" بوب وودورد: "بوش في الحرب"، طبعة نيويورك 2002، ص 49، بالسيرة المباشرة على منطقة اصبحت تصدر اللهب الى داخل العالم الغربي، وفي القلب منه الولايات المتحدة بعاصمتيها الاقتصادية والسياسية كما جرى في يوم (11 اليلول 2001).
كان هذا تفكيرا جديدا (لم يكن موجودا عند بوش الاب في شهر شباط من عام 1991 لما منع قائده شوارزكوف من المتابعة شمالاً نحو بغداد، مكتفياً بـ"الاحتواء" تجاه النظام العراقي، وتاركاً بغداد في وضعية الحاجز الغربي أمام إيران، في متابعة لما جرى من قبل ادارة ريغان في سياستها تجاه الحرب العراقية الايرانية) من الارجح انه كان استغلالا لوضع جديد دراماتيكي، ولدّه ضرب البرجين ومقر البنتاغون، من اجل تحقيق اهداف موضوعة قبل ذلك للسيطرة على منابع النفط واحتياطاته الكبرى، للوصول الى وضع استراتيجي للقطب الواحد للعالم، يستطيع من خلاله التحكم بحنفية النفط العالمية مستقبلاً تجاه القوى الكبرى المهددة لماكنته في القرن الجديد، اي الصين واليابان واوروبا، اضافة لتطويق روسيا من الجنوب بعد ان تم تطويقها غرباً عبر السيطرة على "حديقتها السابقة" في اوروبا الشرقية والوسطى بعد انهيار الكتلة الشرقية في خريف 1989.
ويلاحظ، في هذا الاطار، تركيز الاميركان بعد ان دخلوا الى داخل المنطقة عبر "البوابة العراقية"، لمحاولة استغلال هذه المنصة من اجل تطويق او إحباط عوامل قوة الدول الاقليمية المجاورة للعراق، يشمل ذلك حتى تركيا من خلال العلاقة الملتبسة لواشنطن مع حزب العمال الكردستاني الذي تغمض واشنطن عينيها عن وجوده في شمال العراق، لانشاء مشهد جديد في اقليم الشرق الاوسط، فيما لا يلاحظ منهجية واضحة في "إعادة بناء" العراق "الجديد" عند واشنطن، بخلاف ما جرى في اليابان والمانيا ما بعد عام 1945وهو ماكان متعلقا بالادوار المرسومة لها في مرحلة الحرب الباردة، فيما توجد تلك المنهجية الواضحة الاجندات الاميركية تجاه النفط العراقي، مع سياسة مرافقة عند واشنطن لا تتعدى ادارة الوقائع العراقية في مناخ لا تعيق الاستراتيجيات الاميركية القائمة حيال(النفط) و(اقليم الشرق الاوسط).
كخلاصة، من الجلي، أنه عبر مرحلة (ما بعد 9 نيسان 2003)، ان واشنطن لا تتجه الى بناء نموذج في العراق، او لم يظهر إتجاه اميركي واضح نحو ذلك ليتم إجهاضه من قبل العوالم الداخلية العراقية المتفجرة، او من قبل القوى الاقليمية المتصارعة مع الاميركان في الساحة العراقية وغيرها، ولا من قبل تنظيم (القاعدة)، الذي اتفق منظره، الدكتور ايمن الظواهري، مع الرئيس بوش، على كون العراق قد تحول الى الساحة الرئيسية للمجابهة بين (الايمان) و(الكفر) وفق تعبير الظواهري، و(الخير) و(الشر) حسب مصطلحات الرئيس الاميركي.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. في هذا الموعد.. اجتماع بين بايدن ونتنياهو في واشنطن


.. مسؤولون سابقون: تواطؤ أميركي لا يمكن إنكاره مع إسرائيل بغزة




.. نائب الأمين العام لحزب الله: لإسرائيل أن تقرر ما تريد لكن يج


.. لماذا تشكل العبوات الناسفة بالضفة خطرًا على جيش الاحتلال؟




.. شبان يعيدون ترميم منازلهم المدمرة في غزة