الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الحشود الأمريكية في الخليج

خالد سليمان القرعان

2007 / 10 / 10
العولمة وتطورات العالم المعاصر


تدق واشنطن طبول الحرب تجاه إيران، وتحشد قواتها اللازمة لذلك، وتجهز المسرح لمعركة عنيفة ضد نظام الملالي في طهران


واشنطن تحشد قواتها حسب خطة معدة بدقة، وحسب الأخبار التي نشرتها الصحف الروسية قبل أشهر، فإن الخطط العسكرية اكتملت، والتجهيزات العسكرية واللوجستية أصبحت جاهزة، ولم يبق سوى ساعة الصفر التي يقترحها العسكريون، ولا يأمر بها سوى الرئيس الأمريكي.


وبالتأكيد، فإن الجانب الإيراني يتابع عن كثب الحشود الأمريكية في الخليج، كما تابع المناورات العسكرية الضخمة للأمريكيين، ولكن يبقى السؤال الإستراتيجي بالنسبة للإيرانيين بلا جواب شاف وواف، ماذا يريد الأمريكيون بالضبط؟ هل يريدون إسقاط النظام؟ هل يريدون تدمير القوة الإيرانية المسلحة وقلع مخالب القط؟ هل يريدون احتلال إيران، والسيطرة على منابع النفط؟ هل ستوجه أمريكا ضربة عسكرية؟ وكيف ستكون؛ قاصمة أم محدودة؟ هل يريدون الضغط على طهران لتنفيذ المطالب الأمريكية؟


كل هذه الأسئلة تطرح في دوائر صنع القرار في طهران، ويبدو أن دوائر صنع القرار في طهران لم تصل لجواب شاف لأي من الأسئلة المطروحة ليتحرك النظام وفقه.


وواشنطن من جهتها، تتعمد دبلوماسية الغموض تجاه طهران حتى تزيد من ارتباكها؛ وكل يوم تحاول تسريب أخبار عن قرب الضربة العسكرية، ثم يخرج مسؤول سياسي ليتحدث عن خيارات سياسية وهكذا.


بالتأكيد، فإن هناك في الجانب الإيراني من يعتقد أن الحرب قادمة لا محالة، ويختلف هذا المستوى على نوعية الضربة وهدفها.


وهناك من يعتقد أن واشنطن لن تشن حربا على إيران، وان ما يحصل هو من باب التهديد حتى ترضخ طهران لشروط واشنطن.


وهناك من يعتقد أن طهران يمكنها أن تكون حليفا لواشنطن وليس عدوا، ويمكن لها تحقيق مصالح واشنطن مقابل بعض المطالب، فيمكن لها ضمان مصالح واشنطن واستمرارية تدفق النفط، ومحاربة القاعدة في العراق وأفغانستان، مقابل بعض النفوذ في الخليج، وقليل من النفوذ في لبنان، والانفتاح على العالم الغربي، وشطبها من محور الشر، وهؤلاء يعتقدون أن هذا بالضبط هو ما تريده واشنطن، وما كل الحشود والتسريبات عن ضربة قادمة إلا من باب تحسين الشروط، كما يعتقد هؤلاء أن السلاح النووي الإيراني لن يكون عقبة أمام العلاقات بين واشنطن وطهران، إذا اتبعت طهران النموذج النووي الباكستاني، والضمانات الكاملة التي توفرت لقبول واشنطن بهذا السلاح؛ وهي ضمانات سرية لا يُعلم عنها شيئا، وستكون أبرز الضمانات هو عدم استخدام هذا السلاح؛ لا عسكريا ولا أمنيا ولا سياسيا ضد إسرائيل.


وهناك في الجانب الإيراني من يعتقد أن طهران قادرة على التصدي لأي هجوم أمريكي، وقادرة على إلحاق خسائر فادحة وغير محتملة في الطرف الأمريكي، ولدى طهران من أوراق القوة ما يجعل واشنطن تفكر ألف مرة قبل أن تشن حربا عليها؛ فالقوات الأمريكية في العراق ستكون في قبضة الإيرانيين، ومنابع النفط في الخليج ستكون في مرمى صواريخهم، وستكون إسرائيل في مرمى صواريخها وصواريخ وحزب الله وربما سوريا.


وهناك في الجانب الإيراني، من يعتقد أن إيران لا يمكنها مواجهة الولايات المتحدة، وهي غير قادرة على احتمال ضربة عسكرية مؤثرة، وقوتها العسكرية مهما بلغت لن تستطيع التأثير على مجريات حرب تشنها واشنطن.


ويرى هؤلاء أن واشنطن لن تقدم على خطوة غير محسوبة، وأن كل أوراق القوة التي يراها البعض في يد طهران، ليست غائبة عن واشنطن، وهي قادرة على تحييدها بالكامل، بل يمكن لواشنطن أن تعكس تأثير أوراق القوة هذه بحيث تنعكس سلبا على الجانب الإيراني، ويضيف هؤلاء: صحيح أن المحافظين الجدد متهورون، ويمكن أن يخوضوا حربا غير محسوبة بدقة، وبالتالي يمكن لطهران أن تلعب بأوراقها ببراعة، لكن النظام الذي تسير عليه الولايات المتحدة لن يسمح لمجموعة صغيرة بأن تتخذ قرارات غير مدروسة بعناية، وعليه فإن واشنطن إذا ما قررت شن حرب على إيران فستكون مدروسة بعناية، وستأخذ كل نقاط القوة الإيرانية بعين الاعتبار، وأنه من السذاجة التفكير بغير ذلك.


ويبقى سؤال آخر يلح على القيادة الإيرانية، وهو إذا ما إذا شنت واشنطن هجوما محدودا على إيران؛ كضربات انتقائية على منشآتها النووية، والحرس الثوري، وبعض المنشآت العسكرية الحيوية، فكيف على القيادة الإيرانية أن ترد؟


هذا خيار وارد جدا، وهو مريح بالنسبة للقيادة الأمريكية، وتفصيله: إعداد مسرح المعركة دبلوماسيا وعسكريا، شن ضربات انتقائية محسوبة بعناية، عدم مس المدنيين، أو البنية التحتية، أو وحدات الجيش غير المقاتلة، أو أركان النظام ومقراتهم، وفي نفس الوقت ترسل رسالة تهديد واضحة وصريحة باستخدام أكبر للقوة إذا ردت طهران على الهجوم.


وهنا، تبدو الولايات المتحدة وكأنها لا تحارب الشعب الإيراني ولا حتى نظامه، وإنما تحارب مخططات إيرانية لن تجلب لشعبها إلا الدمار، وأن الولايات المتحدة ليست ضد الشعب الإيراني، بل ضد فئة قليلة متشددة منه، وتتمنى واشنطن حينها أن يعمل النظام الإيراني بنفسه (الديمقراطية الإيرانية) على تعديل جوهري بنبذ كل القيادات المتشددة، وتقديم قيادات إصلاحية براغماتية جديدة، يمكن لواشنطن التفاهم معها بسهولة، ومستعدة لقبول شروط واشنطن وتكييفها وفق نظام الحكم الإيراني (أيديولوجية النظام)، وهي فئة موجودة في المجتمع الإيراني.


ستكون القيادة الإيرانية أمام خيارات عدة؛ كلها تعتمد على تصور القيادة الإيرانية للخطوة الأمريكية وما سيتبعها، فخيار الرد على الهجوم الانتقائي، بهجوم انتقائي وارد، ولكن ماذا ستكون ردة الفعل الأمريكية، وماذا لو نفذت تهديدها بضربة أوسع وأقسى.


ويمكن أن يكون الرد بهجوم واسع يفقد الولايات المتحدة القدرة على الرد الفعال؛ وحينها يمكن أن يكون الرد الأمريكي واسعا وشاملا، ويمكن أن يكون الرد بطريقة غير مباشرة في العراق أو لبنان، ويمكن أن تبلع طهران الضربة وتحتفظ بحق الرد، ومن ثم تحرك أدواتها في الخارج، وهو أسلوب امتاز به الرئيس السوري الراحل حافظ الأسد، وحافظ من خلاله على نظام حكمه متماسكا.


لكن، هل تفعلها إيران وتبدأ هي الضربة الأولى للاستفادة من مزايا الضربة الأولى التي قد تحسم أي حرب. بالتأكيد لدى القيادة الإيرانية سيناريو عسكري لذلك، لكن قرار تنفيذه يحتاج لمزيد من الجرأة والتهور، وهو صفتان يمتاز بهما الرئيس الإيراني أحمدي نجاد، لكن قرارا كهذا في إيران ليس بيد الرئيس وحده، فهناك دوائر أعلى وأكثر أهمية في النظام الإيراني، على رأسها مرشد الثورة الإيراني علي خامنئي، الذي لا يمتاز بتلك الصفتين، وهناك قيادة عسكرية نافذة خصوصا في الحرس الثوري، ولا ندري أين نصنف قائده الجديد.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مصر تنفي التراجع عن دعم دعوى جنوب إفريقيا ضد إسرائيل أمام مح


.. هيئة البث الإسرائيلية: نقل 300 طن من المساعدات إلى قطاع غزة




.. حزب الله اللبناني.. أسلحة جديدة على خط التصعيد | #الظهيرة


.. هيئة بحرية بريطانية: إصابة ناقلة نفط بصاروخ قبالة سواحل اليم




.. حزب الله يعلن استهداف تجمع لجنود إسرائيليين في محيط ثكنة برا