الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


9 أكتوبر، يوم المواجهة بين ثورة الحرية و الإمبريالية

بولات جان

2007 / 10 / 10
مواضيع وابحاث سياسية


الأفكار لا تموت، لا تصيبها الرصاص و لا تبترها السيوف و لا تخترقها النبال،

الأفكار لا تحترق و لا تُطمر في التراب و لا تغرق في البحر،

الأفكار لا تضمحل و لا تُفنى،

الأفكار أقوى من كل القوى و أمدى من كل سلاح،

كذا فكر الحرية،

هذا الفكر الذي يدغدغ أرواح كل المحرومين منها منذ تيقن أول إنسان إلى إنسانيته و حتى هذه اللحظة،

رحل الكثير و لكن فكرة الحرية بقيت و ستبقى طالما تشرق الشمس و لطالما تلمع النجوم و تحلق الطيور في الفضاءات الرحبة،

الآلاف قضوا في درب هذا الفكر العذب، رحلوا و نفوسهم مطمئنة بأن هذا الفكر لن ينتهي معهم بل ستتجدد بهذه النهاية.

الفكرة تخلق الرجال و تخلدهم و تسمو بهم إلى عروش السموات. الأفكار العظيمة هي التي تخلق العظماء، و هي التي قد تثير عاصفة جبارة في أي مكان من العالم...

هكذا كانت العاصفة الثورية العظيمة لكل من القائد أوجلان و تشي غيفارا.



المناضل الثوري الكبير أرنستو تشي غيفارا قد ربطته الأقدار مع القائد الثوري عبد الله أوجلان في أكثر من مفصل و لكن الرابط الأقوى هو الرقم تسعة. ففي التاسع من شهر أكتوبر سنة 1967 و في إحدى مناطق بولوفيا النائية تحررت روح هذه الأسطورة الثورية من جسده المنهك من التعب و الغدر و الربو لتحل هذه الروح الجبارة في أفئدة الملايين من الثوار الذين تحرقهم نار الحرية و الثورة الاشتراكية في كافة أصقاع المعمورة. الإمبريالية و الرجعية الإقليمية و الخونة و الانتهازيين تخلصوا من جسد غيفارا العظيم و لكنهم بذلك جعلوا منه راية لكل ثوار العالم. هذا الـ غيفارا الذي ثار في عدة بلدان من العالم ضد النظام الامبريالي و أذنابه المحليين، و حاربهم دون كلل و لا ملل، لم يقبل كذلك وصاية الدب –السوفيتي- العقيم على الحركات الثورية، و لم يقبل بالانتهازية و الحياة البرجوازية و التمتع بالتربع على الكرسي في وقت يئن فيه الملايين من البشر تحت جبروت الاستعمار و الجوع و الاستغلال. هذا الـ غيفارا قد علّم الجميع كيف يجب أن تكون الثورية و ماهية الحرية و الاستقلال الحقيقي.

غيفارا كان عائقاً أمام الأطماع الإمبريالية و كان محارباً لا يُقهر ضد الحكومات الرجعية و العميلة للإمبريالية و كذلك كان ساخراً أبداً بالبيروقراطيين البدينين الروس الذين جعلوا من أنفسهم أرباب الثوار في العالم و كذلك كان ضد الانتهازيين الذين يقومون بالثورة إنطلاقاً من أحلامهم بالسلطة ليس إلا. الجميع كانوا مستاءين من هذه الروح/الثورة التي لا تكل و من هذه الحركة الدءوبة في بلدان العالم و هذا الرومانسي الذي ألهم الشبيبة الثورية في كل مكان. و ألهب حماستهم و إقدامهم. لذا كان يجب التخلص منه في أسرع وقتٍ ممكن.

تخلى عنه الجميع و غدر به أقرب المقربين و استشهد الصادقون معه فلم يبقى إلا لوحده يصارع عناصر الجيش البولوفي المدرب خصيصاً في قلب الامبريالية أمريكا لمحاربة غيفارا بالذات. بعد سنوات و سنوات صمتت بندقيته أيضاً لكي تفصح المجال أمام أصوات الملايين من البنادق في أيدي الثوار في كل مكان. في التاسع من شهر أكتوبر عام 1967 استشهدت الأسطورة الثورية و لكن الروح الثورية اتقدت أكثر فأكثر في كل مكان. * * *



بعد ثلاثة عقود من ذلك اليوم، أي في التاسع من شهر أكتوبر عام 1998 حشدت الإمبريالية كل قواها و أتباعها و أذنابها للبدء بمؤامرة عالمية ضد الثائر العظيم عبد الله أوجلان. لم يكن من الصدفة أن تكون بداية المؤامرة الخسيسة ضد أوجلان في الذكرى السنوية لاستشهاد غيفارا. فأوجلان قد دوّخ العالم و قَلَبَ كل موازين القوى و خلط كل السياسات الدولية و الإقليمية. فقد كان يمثل القلعة الصامدة و الأخيرة للروح الثورية و الاشتراكية في وجه الهيمنة الإمبريالية على العالم. القائد الثوري و صاحب نظرية الاشتراكية العلمية و الاستقلال و الذاتية كان ضد الهيمنة الامبريالية و الرأسمالية على العالم و خاصة على منطقة الشرق الأوسط، و كان ضد كل التيارات الرجعية في المنطقة و في كردستان و مناهضاً للتبعية العمياء للخارج. هذا الثوري المبدئي الذي خاض أكبر ثورة في تاريخ الجمهورية التركية و أرسل كل الشعارات الفاشية و الشوفينية التركية إلى مقبرة التاريخ و لم يكتفي بذلك بل جعل من تنمية الإنسان و سموه و عظمة المرأة و تحرير المجتمع شغله الشاغل و همه الذي لم يفارقه في أي حين. ملهم الثورة و صديق الشعوب لم يكن مناضلاً وطنياً فحسب بل تخطى نضاله و طموحاته الثورية إلى العائلة الإنسانية جمعاء.



الإمبريالية و الرأسمالية حاولتا الكثير كي تزيحه عن نهجه الثوري و الاشتراكي، و لكنهما باءتا بالفشل الذريع و لم تقدرا على زحزحته عن نهجه هذا رغم كل الوعود التي بذلتهما له. بعد أن يئِست القوى الرأسمالية و الرجعية من دحر ثورة القائد أوجلان و من سحبه إلى نهجها؛ سعت إلى القضاء عليه بأي شكلٍ من الأشكال. حيث تعاونت القوى الرأسمالية و الرجعية و الخيانة الداخلية و الأكراد الخونة فيما بينهم للقضاء على القائد أوجلان كخطوة أولى و من ثم شل تأثير حركته أو حتى تحييدها عن نهجها الثوري و بذلك تزول آخر و أقوى القلاع الثورية في منطقة الشرق الأوسط و التي تمثل عائقاً جدياً أمام الأطماع الامبريالية في الشرق الأوسط.



هذه القوى المتآمرة قد خططت و بدأت بتنفيذ مخططها منذ سنوات بعيدة و لكن آخرها بدأت في التاسع من شهر أكتوبر سنة 1998 بخروج القائد أوجلان مضطراً من سوريا نحو جهة و قدر مجهولان في رحلة مليئة بالمشاق و المؤامرات و الأخطار و المتاجرات بين الدول العديدة حول إيواء أو إخراج القائد الثوري الذي شهد التاريخ بأنه ليس لهذا العظيم مكان على وجه المعمورة المليئة غدراً و خيانة و سفالة، حيث تطغى المصلحة المادية الباردة على كل القيم الإنسانية النبيلة. هكذا بقي الثائر أوجلان وحيداً يطوف بلدان العالم و القارات بحثاً عن شبر أرض و مكانٍ يعبر فيه عن طموحات شعبه المضطهد و المحروم من حق إنسانيته. هذا القائد و الملهم قد تكالبت عليه عدة دول عالمية و مخابرات كبرى الدول دون رحمة أو أي اعتبار للقيم و الأخلاق الإنسانية. فقد جعلوا قضيته ورقة مساومة بين طغاة العالم على التعهدات الاقتصادية و التنازلات السياسية...



هكذا كان الثائر أوجلان مثله مثل غيفارا ضحية المصالح الإمبريالية و وقاحة ما يسمى الشرعية الدولية.



التاسع من أكتوبر يوم لفظ غيفارا آخر أنفاسه بات ذلك اليوم يوماً للثورة و مقارعة الأعداء و تمريغ أنوفهم في الوحل. كذا يوم التاسع من أكتوبر حيث بدأت المؤامرة الدولية على القائد أوجلان، لم يكن يوماً لانهزام الاشتراكية أو انتهاء الروح الثورية، بل تحولت بفضل روح أوجلان الثورية إلى يوم لمحاسبة العالم و فضح وجه الإمبريالية القبيح.

فما زال القائد أوجلان يناضل و بكل قوة لفضح القتلة و الجناة الذين اغتالوا غيفارا و المئات من ثوار العالم البارحة، و لتستمر راية الثورة الاشتراكية و الحرية ترفرف على كل القمم و تبقى بنادق الحرية تلعلع ببهجة ضد الطغاة الغاشمين.



لتقرّ عيناك يا (تشي)، فأصوات أقدام الثوار الأوجلانيين تقضي مضاجع الطغاة و تحرم عليهم لذة النوم و سيظل أزيز رصاصهم يمزق كفن الصمت و العبودية...








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. تغطية خاصة: قيس سعيد رئيسا لتونس لولاية ثانية بـ90.69% من ال


.. التداعيات الكبرى.. كيف غير 7 أكتوبر المشهد الجيوسياسي في الش




.. أتراك يحيون ذكرى مرور عام على طوفان الأقصى بإسطنبول


.. مراسل الجزيرة يرصد اللحظات الأولى بعد قصف إسرائيلي على مخيم




.. مسيرة داعمة لفلسطين ولبنان في شوارع ميونخ الألمانية