الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


اللغة الدخيلة وإشكالية التواصل

صالح اهضير

2007 / 10 / 11
الادارة و الاقتصاد


لا يخفى على لبيب أن اللغة أداة تواصل واتصال، وبها يستطيع الإنسان أن يعبرعن مختلف أفكاره وحاجياته وشؤونه الحياتية في تعامله مع الآخرين.
ونحن هنا بالطبع لا نعني تلك اللغة المرموزة .. بل حتى لغة الإشارات، وإنما نعني اللغة المكتوبة بالدرجة الأولى ثم المنطوقة في الدرجة التي تليها.
لكن اللغة قد تصبح هي ذاتها عائقا للتواصل وأمرا يستعصي على الفهم والإفهام إذا ما استحالت إلى فضلة أو حشو- على حد تعبير النحاة- بحيث تصبح دخيلة على اللغة الأم فلا يتم التمييز في ذلك بين الذين يعلمون والذين لا يعلمون.
إنك لتتصفح اليوم في مغربنا الحديث جل الوثائق الإدارية وغيرها مما تتعامل به الشركات والمؤسسات العمومية وشبه العمومية والأبناك والمصارف ..إلخ والموجهة للموطن يوميا أو كل شهر، فتجدها وثائق محررة باللغة الفرنسية ..
ما عليك للوقوف على صحة ما أوضحناه إلا أن تقرأ متأملا فاتورات الكهرباء والماء والهاتف والضريبة وشبكة الانترنت وكذا العقود ومراسلات الأبناك وغير هذه النماذج من الوثائق كثير..إنك حتما ستجدها مكتوبة بلغة " موليير" الذي لم يسبق له هو ذاته أن كتب بلغة غير لغته أوتكلم بلسان غير لسان بني جلدته.
إذا ما تسنى لك مثلا أن تتطلع على فاتورة الماء ، فإنك ستجد في تفاصيلها الداخلية معلومات خاصة بالاستهلاك محررة من اليسار إلى اليمين باستثناء ترجمة محتشمة لبعض رؤوس الأقلام إلى العربية. وفي نهاية هذه الوثيقة ذاتها يمكن أن تقرأ بالفرنسية هذا التحذير" في حالة عدم أدائكم لواجب الاستهلاك، فإنكم ستتحملون تبعات حجز عدادكم بتاريخ..... "
وقد لا يعير المستهلك أهمية لذلك أو قد لا ينتبه لهذه الملاحظة أو قد لا يفهم المعنى المقصود حتى وإن كان على شبه دراية بالخطاب المفرنس.
وفي أحايين أخرى ، حينما ترغمه ظروفه إلى أن يلجا للاشتراك أو الانخراط في شركة من الشركات أومصلحة من المصالح ، فإنه يضطر إلى التوقيع على عقد من عقودها تحت بنود أو مضامين لا يفهمها ولا يدري ماهيتها أو قد تستعصي على الشرح ، بل إن معظم هذه البنود تكون لصالح صاحب العقد . ولا نزال نرى في وقتنا الراهن عقودا ذات أهمية قصوى كالعقود التجارية والعقود المتعلقة بالعقار توثق باللغة الفرانكفونية . صحيح أن الممضي يتحمل مسؤولية ما يمضي عليه ، غير أنه يصبح من غير المقبول أن نحيل المواطن على وسيط للترجمة في بلد يتبجح بأن له دستورا من أسمى القوانين ينص في سطوره الأولى على أن اللغة العربية هي اللغة الرسمية للبلاد..مع ما يمكن ملاحظته في هذا الباب من إجحاف في حق اللغة الأمازيغية التي تتحدث بها معظم الساكنة في ربوع الوطن...
أما عن اللغة المنطوقة فحدث ولا حرج؛ ففي بعض برامج التلفزة المغربية بالعربية وثائقية كانت أو إخبارية، لا بد أن تثير انتباهك شخصيات مغربية مرموقة ، في مقابلات أو لقاءات صحفية ، تجيب في اطمئنان وهدوء عن الأسئلة العربية بردود فرنسية، وقد يقع بعضهم في حيص بيص ليجيب بهذه وتلك في آن واحد.
إني لا اقصد في حديثي هذا إلى النيل من شـأن هذه اللغة الدخيلة أو الدعوة إلى الحط من مكانتها أو نبذها ، فتعلم اللغات مسألة مستحبة بل هي من الضرورات القصوى . والرسول الكريم نفسه يقول " من تعلم لغة قوم أمن شرهم". ونحن لن نأمن شرور قوم فقط وإنما سنحيط علما بما لديهم من خيرات ونطلع على الظاهر والخفي من شؤونهم ومختلف أحوالهم.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الأسبوع وما بعد | قرار لبوتين يشير إلى تحول حرب أوكرانيا لصر


.. بنحو 50%.. تراجع حجم التبادل التجاري بين تركيا وإسرائيل




.. العربية ويكند الحلقة الكاملة | الاقتصاد مابين ترمب وبايدن..و


.. قناطير مقنطرة من الذهب والفضة على ضريح السيدة زينب




.. العربية ويكند | 58% من الأميركيين يعارضون سياسة بايدن الاقتص