الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الشاعر المجهول مهدي جاسم الشماسي

صباح حسن عبد الامير

2007 / 10 / 11
الادب والفن


في حديث جمعني و اصدقاء اعزاء من ادباء كربلاء الشباب المبدعين وكانت صورة معلقه في المكان للشاعر مهدي جاسم احزنني ان الحاضرين لم بعرفوا او يسمعوا بهذا المبدع الذي جابت شهرته الافاق و ظل مجهولا في مدينته كربلاء ، حفزني هذا ان اكتب مقالتي هذه لأفي للشاعر المجهول بعض حقه .عرفت الشاعر صغيرا في الستينات عندما اشاهده قادما من راس سوق العلاوي و هو ينوء في ثقل و هم كبير و عبوس غريب تلف بشرته السمراء قادما ليزور صديقه الاديب التاجر حسن عبد الامير قي خانه و مصطبته الراكنة امام المحل و التي كانت محط لقاءات عديدة جمعت ادباء و سياسين و فنانين منذ الستينات و حتى زوال معالم سوق المهدي ووفاة ابو فلاح .
يلتقي بوالدي ونبرات الحزن تلف حديثه سوى ما يحفزه صديقه ابو فلاح في الحديث عن الادب و الحياة و السياحة ، يتحدث فيها عن سفره المتواصل الى ايران و لبنان حديث شاعر يستلهم من اجواء تلك الاماكن صور شعرية تتغنى بتلك الطبيعة الغناء و الغيد الحسان و كؤوس الدان وابيات كتبها و قصائد مبدعة جادت بها قريحته فيسرق ضحكة من هذا الشاعر المتألم ، ويثير حقدي المراهق بنعيم ذكريات ومغامرات شاعرنا و غزلياته هناك ، و بعد ساعات من هذا المجلس يزيل مهدي جاسم همومه و غربته و معاناته ينهض ثانية حاملا باقي همومه و سوداويته عن الحياة ويمضي.....
و اعترف والدي بعد سنين انه اكتوى ايضا كما اكتويت انا من تجارب و حياة شاعرنا في الثلاثينات و كانت له محفزا في السفر و التجوال .
ورغم قلة ما سمعت من شعره و مقالاته فقد ظلت هذه الشخصية المفعمة بهذا الياس الحميم و التفاؤل الحزين و احساس الغربة المقطع للاوصال
اذا ما ازدهت السهرة و دارت بيننا الخمرة
وزان الدوح اضواء من الحمرة و الصفرة
وطاب الليل و الانسام و الانغام و العشرة
و ابدى فتية الحي تجلبهم على الفطرة
و سال القمر الفضي في الاقداح كالدرة
و صب الورد للندمان في انفسهم عطرة
و ضج الناي بالشكوى و غص الشمع بالعبرة
و مد المطرب الملتاع أهات الجوى المرة
و جاشت أنفس العشاق كل يشتكي أمره
و أدلى كل ولهان بما أستودعه صدره
عضننا السر بالصمت و بالزفرة و الحسرة
و قلنا غربة الاوطان و الشوق الى البصرة
ولد شاعرنا مهدي جاسم الشماسي قي البصرة من عائلة عرفت بالصلاح و التقوى في عام 1920 فكان جده لابيه الشيخ نور الدين من وجهاء المدينة و شيخ طرقة صوفية فيها توفي في الاصاء و بنوا له تلامذته قبرا و قبة و صار مزارا لهم اما والده فكان من قراء المنابر المشهود لهم على مدى نصف قرن و كانت له حضوة في قصر الفيلية و ايرها خزعل امير عربستان ، و مصيبة والده هو هو وفاة بنيه وزوجاته فقد تزوج ثلاثة قبل امة و انجبمنهم ثلاثة عشر فرد ماتوا جميعهم و رحلت زوجاته و كانت زوجته الرابعة ابنه عمة انجبت له بنت و و لد عو شاعرنا و لانه مولود في شهر صفر و لاستطارة والده من هذا الشهر ومن مصائبه السابقة فقد باع ما عنده و رحل الى كربلاء لائذا بقبر الحسين من عاديات الدهر و نوائبه وتوفي والده في 1933 في كربلاء واثر وفاته على الشاعر و غربته و حنينه المتواصل للبصرة صاحبته طيلة حياته و صبغت في ادبه و شعره ذلك الحنين و الغربة ولوفاة والده المبكرة و وضعف قدراته المالية تاثير في نشاته و مسؤليه رعايه عائلته ، يذكر سجل مدرسه الحسين الابتدائيه تخرجة فب العام 1937 – 1938 منها بتفوق و عند اكماله المتوسطة دخل معهد المعلمين العالي في بغداد لوجود قسم داخلي فيه ياويه و يقلل من مصاريف عيشه نجح بتفوق اعاده معلما الى كربلاء ليحل مشاكله المالية و يستفيد من وظيفته كمعلم في القراءة و النبوغ الادبي و دخل حلقة الادب في جمعية( ندوة الشباب العربي ) التي تاسستفي 1940 في كربلاء و كان محررا في صحيفتها يرفدها بمقالاته حتى توقفها عن الصدور ليعاود النشر في جريدة النبا بسم مستعار ( الشاعر المجهول ) و منه كان ديوانه الاول المطبوع في القاهرة ( الحمىء المسنون )
طريدة يائسة مستسلمه
غدت و علها سرت في ظلمة
تجهل من طريقها معالمه
كانها السفينه المحطمة
يجرفها التيار و هي مرغمة
ثم يقال سفرة منتظمة
يقو الناقد و الشاعر أبراعيم نصار عن شعره ( تميزت مطولته هذه بتجلي فكرتي الجبرية و الغيبيةعليها حتى لقد بدتا و كانهما تشدانه اليهما شدا و تجذبانه تجاذب الكرة التي تتلاعب بها الايدي من حيث لا حول و لا قوة ،غير انه يجب ان لا يغرب عن بالنا و نحن نقيم مطولته هذه انها كانت لشاعرنا في حينه كالبلسم الشافي لجراح انسان يعتوره الحزن و يضيق بالوحدة المفزعة انسان يؤدي ما يكره و يكره على ان يؤدي ما يكره في سكناه و عمله وحياته المنزلية.....)
يذكر الكراس السنوي لمدرسة الحسين الابتدائيه في كربلاء عودة الاستاذ مهدي الى المدرسة مديرا لها من العام 1954 -1956 و انتقل بعدها الىالادارة المحلية في اللواء كملاحظ للتعليم الابتدائي فيها .
ونشر مجموعة شعرية جديدة باسم ( أفيون و جبال و فاكهة ) مطبوعة في النجف 1952 ( اعطى فيها صورة حية للتعريف بالشباب الابيقوري ، المتلفح بوشاح الرغبة ، الغاوي الذي يسدر مع الناس و القد المياس ، الساخر بالعرف و الحياة الاجتماعية .)
وفي تلك الايام بدا تصاعد المد الجماهيري الثوري في المنطقة فكانت ثورة 23تموز في مص و حركة مصدق في ايران و انتفاضة الشعب العراقي في 1956 ان تكون لها وقع في نفس شاعرنا رغم بعده عن الاسياسة فاصدر ديوانه ( حدث في الشارع ) غير ان الجهات الحكومية صادرت المطبوع مانعة نشره و بقي حبيس الجدران حتى بعد ثورة تموز 1958 و لكن السلطات منعته كذلك بتعميم رسمي حتى وان طبع خارج العراق الا ان قصيدتين من الديوان ترجمتا الى البلغارية و نشرت في احد الجرائد في صوفيا هما ( الخوف من الذل ) و ( فاكهة ) .
في عام 1952 اصدر الشاعر مجموعته النثريه الاولى ( العمة لؤلؤة )طبعت في ايران ،يتحث عنها الاستاذ ابراهيم نصار( كان شاعرنا جريئا في كتابة المقالات القصار التي ضمنها هذا الكتيب الصغير بما عكسته سطوره من غليان الاحاسيس الجياشة ضد كل ما هو باطل و ظالم في كثير من الوضوح و في بناء درامي متوتر ، ولعل من الطريف ان نذكر هنا ان متصرف كربلا ء في حينه منع تداول الكراس هذا اكثر من كتاب تقدمي وهو لا يخلوا من كفر كما هو واضح من اهدائه وكان الكراس قد اهدي بشكل بسيط بعبارة واحدة هي – الى كل أنسان محب للآخرين - ) .
اصدر بعده كراس( مع الشعب الايراني ) دراسة و تحليل ضمنه و بشكل علمي و من خلال الحوار الذاتي اسلوب النقد الرائج بمفهومه الذي يشيع في جنبات الشارع للمجتمع العراقي ممثلا بالمجتمع الايراني ، رفع القنصل الايراني شكوى ضده و كان ان سحب الكتاب من الاسواق .
وفي العام 1956 نشر اثره المهم رباعيات اسد نخعي ( سنتناولها لاحقا ) وكتب الناقد غالب ناهي في كتابه دراسات ادبية عن شاعرنا ( الاستاذ شاعر من شعراء كربلاء المعدودين و شعره يمتاز بقوة الديباجة و جمال السبك و رشاقة الالفاظ و دلالة المعاني فهو انيق في استعمالاته لذا ترى في شعره عذوبة القراح او نفحة الطيب و للاستاذ قوة خارقة في الابداع بالوصف.
اسد بابل
برغم السنين و رغم الدهر ورغم البقاء و العبر
و رغم الاعاصير في فعلها و رغم الثلوج و رغم المطر
و رغم الفرات و ما كان منه اذا ما طغى من عظيم الخطر
و رغم الحرائق من فاتح يؤججها نقمة حيث قر
ربضت كرضوى قوي الاساس قوي البناء قوي الحجر
شمخت بأنفك نحو السماء وكشرت نابا كناب القدر
وأنشبت ظفرك في غادة تريد النجاة و لا من مفر
و لذت بصمت كصمت القبور وهل كالقبور تصون الخبر ؟
وفي هذه الفترة 1956 – 1961 مرت على الشاعر هموم و مصاعب شخصية و عائليه و اجتماعية و سياسية اثرت على ابداعه و نتاجه صورها بهذه الابيات
كان لي يوما من الايام احلام تغني
ثم ذابت فوق نار الياس و القلب المسن
آه من تهشم كاساتي و من تحطيم دني
آه من ضيعة احلامي و من خيبة ضني
ايها اللائم لو تعلم مابي ،لم تلمني
انا مجموعة حرمان و الام و حزن
ان اكن في الركب ، لكني غبار الركب اجني
و كذلك يتحدث الشاعر عن قصة حب له ( يقول علماء النفس ان المراة تنظر الى علاقتها بالرجل الذي ترتضيه شريكا لها بعين العقل اما الرجل فينظر الى تلك العلاقة بعين القلب ، وبهذه العين نظرت الى مواطن قدمي و انا انسل في زقاق لاكتب القصيدة الاولى و بهذه العين تابعت ضلالتي في الغابة و طرقها المتشعبة لاكتب مائة قصيدة و مقطوعة فيما بعد و لم يحدث لي غير مرة واحدة نظرت فيها بعين العقل و بالتبين لم افعل فلقد قذفت بعيدها بكل اسباب سعادتي المرتقبة و خنقت بيدي حبي العزيز )
بعد هذه الفترة شهدت غزارة انتاج الشاعر الفكري منها
ديوان شعر ( أنسانية الانسان ) يحوي قصائد كتبت بعد تورة تموز 1958 و نشاطة في تحقيق العدالة الاجتماعية حتى انتهى المطاف به متهما بالعداء للزعيم يذكر في احد رباعياته فيها
يا طريدا جاء لا يعرف امسه
مزقت اقدامه الارض و حسه
ليس يعنيه بان الارض سجن
قدر ما يعنيه لو حرر نفسه
ادر الكاس حراما او حلالا
و اضرب البلطة في الصخر نضالا
عقدة الدنيا فؤوس تتعالا
و كؤوس من جناها تتلالا
ايها الطغيان ذو الباس الشديد
ربما المبرد يؤدي بالحديد
و قيود الاسر قد تجس جسما
غير العقل يزري بالقيود
رحت فيما رحت يوما للمقابر
لم يصحني الخوف او وعظ المنابر
انما ابنت للسلطان عبدا لم يمت عبدا ولكن مات ثائر
كتاب ابراهيم محطم الاصنام ( معرب ) 1958 نشر مقاطع منها في جريدة الراي العام البغدادية و هي تعريب لنتاج فلكلوري لشاعر ايراني معاصر اسمه ابو تراب علي سجن على اثرها في سجون السافاك اعدد شاعرنا تعريبها باصول معاصرة و باسلوب ملحمي الموشى بالاسطورة
* ديوان الشعب و السلطان 1967 كتب في مقدمته ( هناك قول متداول يقول ان السادة هم اللذين يكتبون الاخبار اما العبيد فهم اللذين يقراونها فمتى يحل اليوم الذي يكتب فيه العبيد الاخبار للسادة، و يقول في مطولة له في الديوان
سيدي السلطان كم ذا حطم الشعب مثالك
كم نظير لك في التاريخ اسفاه حيالك
لا تقل بهرجي اللامع مالا و رجالا
انما مالك في الازمة يستهوي رجالك
عزة الظالم مأثم ان من يظلم يظلم
ربما عرش بأيدي ناجري العرش تحطم
سيدي السلطان لا يبطرك وعث الملكية
بعض اشباهك ماتوا ميتة غير سوية
سملت اعينهم حينا و ذاقوا النار حينا
في تنانير اقاموها لاحراق الرعية
ثورة الشعب غريبة و هدوء الشعب ريبة
و لقد يصمت احيانا و في الصمت مصيبة
* ديوان الليل و البحر و الصحارى وهي مطولة في رباعيات اخضعها لقوانين علم النفس و نظرياته ، و كأنه يحلل فيها في غير زيف و لا بهرج .....
*ديوان نفايات الطريق ( 1975 )وهي قصائد كتبها الشاعر فاثناء تجواله في شوارع بغداد باحثا عن مادة لقلمه في نماذج بشرية معذبة
شعراء يغردون ( في مجلدين ) وهي ترجمة لكثير من الشعر الفارسي لشعراء قدامى و محدثين
و القائمة تطول كتب و مؤلفات كثيرة اكثرها مخطوطة و تحتفظ بها عائلته علها تجد يوما طريقها للنشر
هد المرض ( الروماتيزم ) صحة شاعرنا وبعد ان احيل على التقاعد و سكن بيتا في الاعظمية و قلت حركته حتى وافاة الاجل في 1979 ...............................

رباعيات الخيام........رباعيات قدس نخعي

الاستا ذ حسين قدس نخعي من رواد الشعر الفارسي الصوفي ، اشتغل بالسياسة و الدبلوماسية في ايران و شغل عدة فيها كسفي لبلده في لندن ، واشنطن ، طوكيو ، العراق و الفاتيكان ، شغل منصب وزيرا للخارجية ثم وزيرا في البلاط الشاهنشاهي ، ورغم كل هذه المهمات ضل لصيقا بالادب و الفن حتى كانت تغلب على صفاته السياية فقد اشتغل بالصحافة و اصدر مجلة ادبية فلكلورية عنيت بالحياة الاجتماعية أضافة لكونه قصاصا و له دواوين شعربالفارسية و له قصة مطبوعة باسم – بهشت - .
و اعتقد انه لاعجابه وولعة برباعيات عمر الخيام اراد ان ينسج على منواله شعرا معاصرا فسافر الى مدينة شيراز الساحرة ، مدينة الورد و الخمرة و الغيد ، أعتزل الحياة السياسيه فيها ثلاث سنوات و عاش مع قلبه الحساس و ادب الثر فجاد بها رباعياته التي كانت غاية في الروعة و الرقة و استحق بحق لقب خيام القرن العشرين ( الذي اطلقه عليه الشاعر مهدي جاسم عندترجمته لها )

أيها الساقي أدرها وأسقنا كأسا و كأسا
علنا نغفل عن ألام دنيانا و ننسى
و عسانا أن نشل العقل ذا الازعاج فينا
آه ، ما أسعد من خدر تفكيرا و حسا
* * *
رحت من أمسي و أبريقي الى قلب فثاني
و شربت الكأس تلو الكأس في ذكرى الوفاة
ثم أسررت لأبريقي بأن القبر زرع
و هو يعطي مثلما فيك كريم الثمرات ( ترجمة مهدي جاسم )
أنجز الشاعر هذه الرباعيات و كان مزهوا بها فطبعها بالفارسية يطبعة جميلة انيقة مزينة بالصور المعبرة ، وفي العام 1956قدم قدس نخعي سفيرا لايران في بغداد ، فأتصل باهل الادب و الفن و العلم و كانت ابواب سفارته مشرعة لهم و لاهل السياسة و رجال الدولة و الدبلوماسيين ، يتدث الاستاذ مير البصري عن احدى هذه الحفلات فذكر ان السفي كان يتحدث الايطالية بطلاقة مع السفير الايطالي و الانكليزيه مع السفير الامريكي و اللامانية مع السفير الالماني و الفرنسيه مع السفير الفرنسي و العربية مع مدعويه بفصحى خالصة ( يذكر الاستاذ مصطفى جواد ان اصول السفير عربية من قبيلة نخع المهاجرة الى ايران ) ، وفي كل دعواته و حفلاته كان يصطحب معه أدباء و فناني بغداد و كانت معهم علاقة وطيدة و كان منهم الاستاذ جعفر الخليلي و الشيخ محمد رضا الشبيبي و الدكتور مصطفى جواد و الاستاذ مير البصري .و عرف نخعي بترجمة الدكتور مصطفى جواد لرباعيات الخيام و اجادته فيها ، و كان يريد ان يترجم رباعياته الى العربية فوسط الاستاذ الخليلي لاقناع مصطفى جواد ،يتحدث الكتور مصطفى جواد عن هذه التجربة ( أما رباعيات حسين قدس نخعي فأني نظمت كثيرها برجاء من صديقي البارع جعفر الخليلي ، فانه أطلع على نظمي لرباعيات الخيام و نشر منها في صحيفته و أنهى ألي رجاء الاستاذ النخعي للامر نفسه ، و أذ كنت أجهل الفارسية أمر نخعي بترجمتها لي نثرا لاجعلها نظما .
و قد أحسست فيها بافكار خيامية فلذلك تاقت نفسي الى الموافقة على ترجمة قسم منها فلما نظمته و و عرض على الناظم استبعده عن مراده و أستغربه في فؤاده و أمر انسانا اخر بترجمته عودا على بدأ فانا اذن قد نضمت النثر الذي قدم الي و لا عهدة بالتزام المعني علي و لكن هو قرا المصور لهذه الصورة اصل الرباعيات الفارسي و وازن بينه و بين النظم مع معرفته بالموازنه على حد قوله .)
بعد هذه التجربة كلف الاستاذ جعغر الخليلي شاعرنا مهدي جاسم بترجمتها الى العربية لمعرفته الجيدة باللغة الفارسية و لصوره الشعرية القريبة من اجواء الرباعيات ، قبل مهدي التكليف و ترجمها كما يقول في اذار من عام 1956 ( مه تفتح قداح البرتقال و براعم التفاح و ازاهير الخوخ البنفسجية و الورود الحمراء و نور الاجواء و نار الافئدة و معها هي ذات الرباعيات أتون العواطف و أحاسيس شاعر فنان )
اعتمد الشاعرفي تعريبها طريقة الشاعر الصافي في عدم التقيد بوزن معين و لا قافية واحدة ، لان كل رباعية وحدة قائمة بذاتها من ناحية الفكرة و الوزن ولكي تكون للترجمة حياة جديدة اعتمد الشاعر تعريب كل رباعية مهمة بثلاث صور ( فقد عرب ثلاث و أربعين رباعية في مائة و اربعين صورة ) طمعا في جلو معانييها و قام بعرض ترجمتها و أصلها الفارسي على عدة من رجال الادب و الشعر و الدين و ذوي الثقافة المتوسطة و العاديين من الناس ،و قرائها كذلك على بعض النساء حتى يستقر على الرباعية التي كانت اخذت اكثر الاصوات.

عش كما تهوى ، و حاذر ان ترائي
رح مع الصهباء او سرب الضباء
و ألثم المحبوب و أشرب كاس خمر
و تعجل فستمضي في المساء
* * *
طالع الانسان من دنياه ما تخبي الليالي
حظه من رزقها البين مجهول المآل
ربما أحدب مجدور و ما أكثر هذا
عيشه اسعد من عيش رشيق ذي جمال
أعترف مهدي جاسم في مقدمة الرباعيات ان اعجابه ببعض رباعيات النخعي هي السبب المهم في أكمال الترجمة ، وكشف الاستاذ الناقد و الشاعر أبراهيم نصار في مقالته عن الشاعر ان اعجابه بهذين الرباعيتين كانت السبب الرئيسي في اكمال الترجمة و هاتين الرباعيتين هما

كلما بان غبار فوق اوراق النبات
خلت في ذراته العشاق خلف العاشقات
و اذا هب على الروضة اعصار شديد
خلت جبارا تهاوى عرشه في الحادثات
* * *
ثم خلف الكون درب لم تطأها خطوات
و لهذي الارض ألغاز كبار غامضات
ان بك القبر لعمري منزلا غير سعيد
ليس فيه حرسي و عيون و قضاة
ترجم الشاعر الرباعيات بحكم اعجابه و شغفه بهاتين الرباعيتين ، دون ان يفكر بجائزة او شهرة او مال بل انه حتى لم يقابل اسد نخعي و لم يلتقي به و رفض اخذ مال عن ترجمته هذا ( رغم سخاء المؤلف المالي و نشره و طبعه الترجمة في هولندا بطبعة راقية مزينة بالرسوم ) و رفض حضور الدعوة المقامة على شرفه في السفارة في بغداد و لم ير احدهما الاخر سوى ما دار بينهما من حديث عبر التلفون او الرسائل ................
يعود ابداع الشاعر ثانية الى رباعيات عنر الخيام ففي العام 1968 ، كتب الاستاذ عبد المجيد لطفي يتسائل كالمنكر في احتجاج الناقد للشاعر ( ماذا صنع الخيام نفسه للبشرية ليصنع خيام القرن العشرين ؟؟ ) .
دفعت هذه الكلمات الاستاذ مهدي جاسم ليعيد قراءة و ترجمة رباعيات عمر الخيام و ينشر دراسة عنها في مقالة بعنوان ( المفهوم الواقعي لرباعيات عمر الخيام ) نشرت في مجلة الاخاء الصادرة في طهران باللغة العربية و مقالة اخرى بعنوان ( عمر الخيام الشاعر الثائر الخائف القلق ) نشرها في حلقتين و ليقوم بعدها بنشر مائه و ثمانية و سبعين رباعية في تلاحم و اضح بين مهدي جاسم و عمر الخيام و عبقرتين متالفتين يقول مهدي جاسم عن الخيام ( انه كان انسان صافي الذهن و اسع القلب كتب اتلبشرية في نفسه و عكسها في أحساسه ، و انه خطط للانسانية موقعها من واقعها ، لقد رسم للانسان في الحياة ، و لن يحتاج الانسان الى كبير ذكاء ليعرف مواطن اقدامه على هدى الاضواء التي سلطها بعقله و حسابه و معادلاته على نجدي الحياة ، هداها و ضلالها على السواء)
و قاده اعجابه و عبقريته بالخيام ان يؤلف مجموعة من الرباعيات بعنوان ( حوار مع الخيام ) نشرها في مجلة العرفان اللبنانية عام 1969 يقول فيها

قر عينا أيها الخيام ما جد جديد
كلما أنكرت من عهدك باق و يزيد
لم نزل نحسو دم الكرم ملاعين سكارى
بينما القاضي الذي يحسو دم الناس مجيد
في حديث حميم بين شاعرنا و صديقة حسن عبد الامير في خانه كشف الشاعر انه كان مع صديقه الملحن محسن فرحان يبحثان عن صوت نسائي يؤدي لحن الرباعيات ويأسوا من ايجادها ، و كانت عادة شاعرنا ان يسير في شوارع و ازقة بغداد يبحث عن فكرة و الهام لقصيدة او فكرة وأثناء مروره في احد فروع المنصور استمع الى صوت شجي خلب لبه و اثار شجونه في صوت مؤديه رباعياته ، كانت لامراة تنظف ممرات حيقتها و تدندن بصوت عذب و ضل جالس على الرصيف يستمع اليها و في اليوم التالي جاء مصحبا صديقه الملحن الى بيت المراة و بحضور زوجها طرحوا الفكرة و مشروعهم الغنائي و افقت المراة وبداوا ثلاثتهم في وضع اللحن و الاداء و لكن ضروف الحياة و مرض الشاعر و انشغال الملحن و ضجر المؤدية حال دون اكمال المشروع .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. بل: برامج تعليم اللغة الإنكليزية موجودة بدول شمال أفريقيا


.. أغنية خاصة من ثلاثي البهجة الفنانة فاطمة محمد علي وبناتها لـ




.. اللعبة قلبت بسلطنة بين الأم وبناتها.. شوية طَرَب???? مع ثلاث


.. لعبة مليانة ضحك وبهجة وغنا مع ثلاثي البهجة الفنانة فاطمة محم




.. الفنانة فاطمة محمد علي ممثلة موهوبة بدرجة امتياز.. تعالوا نع